الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرور الفكري .. لماذا ؟

حسين الصالح

2012 / 12 / 1
المجتمع المدني


الانسان هو ذلك الكائن الجميل المغرور الذي تسيد الارض ويتطلع دوما الى افاق بعيدة مستفيدا من مخيلته وملكته الفكرية للابحار في عوالم دائما تفوق الواقع الذي يعيشه, لكن لكل مخيلة وجهان احدهما حلو يدفع بعجلة التطور الى الامام والاخر مر يثقل الانسان بكم من الامنيات والاحلام التي في متاهاتها ينسى الانسان نفسه ويبدأ بوضع صورة تخيلة عن الانسان المثالي ويبلورها في شخصه ومن ثم يتعدى ذلك الى فرضها على شريكه الانساني تحت تاثير نزعة التسيد التي يمتلكها الجنس البشري.

فجذور التسيد تبدأ منذ اللحظات التاريخية الاولى التي استقام فيها الانسان القديم وبدأ يرى الاشياء من حوله بصورة مغايرة, فاول مظاهر التسيد ظهرت عندما بدأ الانسان بتنمية قدراته العقلية واستثمارها لتطويع الطبيعة ومصادرها التي كانت ومازالت تشكل التحدي الاكبر له, وفي رحلة البحث عن الغذاء تعلم تطويع الحيوانات بعد ان ادرك تفوقه العقلي عليها وعندما تعلم اسلافنا فكرة الجماعة لم تغب عنهم فكرة الزعامة والتسيد , وعلى مدى تاريخ الانسان الطويل على الارض قدم هذا الكائن مفاهيم مختلفة للتسيد ابتداءا من القوة والعضلات الى دور الالهة ودعمها للمقدسين وصولا الى العقل والحكمة وفي كثير من الاحيان كان السوبر مان او الانسان المثالي الافتراضي يجمع كل هذه الصفات في شخص واحد .

في واقع الامر ان مايقوم به الانسان هو ليس الا جزء بسيط لكنه فعال من دورة حياة الكوكب او ديناميكية الطبيعة , فكل مايدور من حولنا في الطبيعة هو في حالة صراع لكن الغلبة دائما ماتكون نسبية وذلك بسبب اهمية كل عنصر من عناصرها فلا المناخ تغلب على التربة ولا الاشجار خسرت صراعها مع الطقس من جهة والانسان والحيوان من جهة اخرى فكل اطراف الطبيعة تؤلف جزء مهما من جسد واحد متناهي في الصغر امام الكون الواسع الذي يحطينا.

من هنا ممكن ان نستنتج بان الانسان جزء لايمكن عزله عن الطبيعة التي غيرت حتى في لون بشرته وتفاصيل جسده لذلك هو كان ولازال ابن بيئته ومن هنا ياتي الاختلاف والتنوع الذي تارجح هو الاخر بين السلب والايجاب , فالبيئة والطبيعة والظروف المجتمعية اضافة الى الامكانيات المادية المتمثلة بالغذاء والمال كلها عوامل مؤثرة في بناء الشخصية البشرية, وهذا بحد ذاته يبرء الانسان الى حد ما من تهمة التقصير الفكري.
فنحن عندما نمارس تسيدنا الفكري ونحكم على الاخر بالتخلف والرجعية والجهل او الموت العقلي احيانا فاننا ننسى دوما الظروف التي ادت بهذا الانسان او المجتمع الى هذه الحالة !!
فنحن المتشدقون باادراكنا للوقائع ننسى دوما اننا لو تبادلنا الظروف والبيئات منذ اللحظات الاولى للولادة مع الاخر المغيب عندها وبكل بساطة ستكون احتمالية تبادل الادوار واردة جدا .. وهنا لم اجزم مطلقا بتبادل الادوار احتراما للقدرات الذاتية لكل فرد والتي تميزه عن الاخر من الناحية الجينية والفسلجية.

فكيثيرا من الاحيان نسمع عن تحديات عظيمة يقوم بتجاوزها بعض الافراد في ظل ظروف صعبة ترافق رحلة حياتهم وهذا بالتاكيد يعود لعامل الصدفة اولا والقدرات الجسدية والعقلية ثانيا , مع الاخذ بنظر الاعتبار ان كثير من القدرات العقلية المكتسبة تنمى بالتجربة.

فياعزيزي الانسان بعيدا عن النظرة الاحادية والتسيد, اعلم ان الاخر المتراجع عنك ماهو الا انعكاس لصورتك لكن تحت مؤثرات سلبية تختلف عن صورتك الظاهرية الان , وان احداث التغيير لا يتم بانقلاب فكري اشبه بالانقلابات العسكرية دونما يكون عن طريق تهيئة مناخ وظروف افضل من سابقاتها لتدفع بهذا الانسان الى تطوير نفسه بنفسه دون تدخل خارجي او على الاقل تفتح افاق جديدة امام الاجيال القادمة التي يعول عليها دوما في بناء المجتمعات وتقدمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار