الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الغزو العثماني ولكن بطريقة تكنولوجية.......

نادية تعبان محمد غني

2012 / 12 / 2
المجتمع المدني


إن الأمة العربية كانت ولا تزال عرضة لكل أنواع الغزو العسكري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي ولكن بعد انحسار الغزو العسكري من النصف الثاني من هذا القرن اخذ الغزو أشكالا ثقافية متعددة.والغزو الثقافي هو استلاب للعقل وإيقاعه في دائرة الأخر وفرض عليه ثقافته بالقوة.وبات الغزو الأساسي الذي يعول عليه الغرب في وقتنا الحاضر.هذا الغزو أصبح كاسحا وبشكل مخيف في وقتنا الحاضر وهو يشكل حجز الزاوية في سياسية الغرب لاسيما بعد سيطرة الولايات المتحدة الامريكية على الثروات النفطية في الوطن العربي وأصبحت الأمر الناهي في منطقة الخليج العربي والعراق. والغزو الثقافي هذا يعد بمثابة السرطان الذي ينخر جسم الإنسان ويحاول القضاء عليه من خلال استقراره في الدم وفي العظام ولكن الخوف حينما يستقر في الدماغ .لأنه إذا استقر في الدماغ لا ينفع معه إي علاج.
ومن إشكال الغزو الثقافي هو عودة الغزو العثماني للأمة العربية و لكن بطريقة تكنولوجيا(الإعلام والاتصال). وكلنا يعرف تاريخ الغزو العثماني الذي بقى مسيطرا على معظم دول العالم,إذ دام حكمه على ما يقارب 300 عام,إذ بلغت الدولة العثمانية ذروة مجدها وقوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر،وأصيبت الدولة بالضعف والتفسخ وأخذت تفقد ممتلكاتها شيئا فشيئًا،وانتهت الدولة العثمانية بوصفها دولة قائمة بحكم القانون سنة 1923 بعد توقيعها على معاهدة (لوزان) وإعلان الجمهورية التركية التي تعد الوريث الشرعي للدولة العثمانية,وهذا معناه إن العثمانيين لديهم نزعة حب السيطرة على العالم لذلك عاد الغزو العثماني ولكن بطريقة تكنولوجيا للسيطرة على العالم مجددا ولكن بطريقة اشد خطورة واشد شراسة وأكثر ذكاء وتخطيطا من الغزو العسكري والذي لم تعهده من قبل.غزو لاختراق العقول والأبدان ومحاولة ترسيخ نوع من القيم والعادات,وتوجيه الخيال وتغيير الأذواق والأفكار.والهدف منه هو تصفية حسابات مع الحضارات العربية الإسلامية التي أثبتت ديمومتها لسنوات طويلة,وهذا يعد اختراقا وهيمنة واستعمارا ثقافي لم نشهده من قبل,والذي ساعد هذا الغزو الثقافي على اختراق الفكر العربي هو جميع تكنولوجيا الاتصال المتواجدة في بيوتنا والمفتوحة على العديد من محطات الإذاعة والقنوات الفضائية ألعالمية وشبكة(الإنترنت).والإعلام بمختلف وسائله له قدرة خاصة في نشر المعارف والأفكار,وله قدرة التأثير في العادات أو محاربة أراء أو إجراء عملية استبدال يستعان فيها عن أراء ومواقف بآراء ومواقف مستجدة,ومن هنا انتبهت الدولة التركية إلى خطورة الإعلام وأهميته في تشكيل الوعي أو تغييبه فأخذت تركز على الإعلام أكثر من أي وسيلة أخرى واستغلت هذه التكنولوجية وخصوصا (التلفاز) في نشر ثقافتهم من خلال بث المسلسلات التركية وتسويقها عربيا وبشكل ملفت للانتباه,وفي البداية كانت هذه المسلسلات قليلة جدا ولكن بعد نجاح الأتراك في استقطاب المشاهدين إليها من العرب من خلال إبطالها وأزيائهم والقصص الرومانسية المثيرة وأماكن التصوير المبهرة.أصبحت هذه المسلسلات الشغل الشاغل لكثير من الفئات العمرية ومن مختلف الجنسين.إذ نجد العائلة من كبيرها إلى صغيرها متصلبين أمام التلفاز غير مبالين بما تعرضه من مشاهد خلاعة ومجون وصور الانحلال الخلقي,والفساد والصراعات وسفك الدماء.وبذلك استطاع الأتراك الاستحواذ على العقول والأذواق والتأثير في قيم الشباب وممارساتهم اليومية وقد يتحول بعضهم إلى شاذين وناقمين على مجتمعهم وخارجين عن قوانينه وقيمه وأخلاقه , كما وان الأسواق العراقية قد أملئت بالبضائع التركية وبات التجار يتباهون ببضائعهم التركية ويبيعونها بأغلى الأسعار,بل والى ابعد من ذلك اخذ المشاهدين ينبهرون بالدولة التركية من خلال مناظر التصوير مما جعل المشاهدين يتمنون السفر إلى تركيا وهذا ما حصل ويحصل فعلا إذا زادت معدلات السفر إلى تركيا في هذه الأيام وبذلك نجح العثمانيين بالترويج للدولة العثمانية مرة أخرى وهذا يعد مؤشرا خطرا على هويتنا العربية,والخطورة تكمن في أن هذه المسلسلات مدبلجة باللغة العربية والأطفال أو المراهقين أو كبار السن والذين تعد خبراتهم محدودة يتصورن بأنهم عرب وإنهم مسلمين لذلك من السهولة التطبع بانطباعهم وعاداتهم وتقاليدهم. لان اللغة العربية هي اللغة المشتركة التي يتحدث بها جميع أبناء الأمة العربية،وهي لغة التراث المشترك،ولغة العلم والثقافة. إنها الرابطة المتينة،ونحن بذلك نجعل من اللغة العربية جسراً تعبر عليه ثقافات الغرب ألينا دون استئذان.وتشير بعض الإحصائيات أن هذه المسلسلات لها اثأر سلبية وخصوصا على فئة الشباب إذ أنها تعمل على انبهارهم وتشتيت أفكارهم و تخليهم عن قيمهم الايجابية مما يؤدي إلى التعصب والطائفية والتخنث والتبرج والاغتراب والصراع ,وهذا بدوره يؤدي إلى قتل طموحاتهم واستقرارهم في مجتمعاتهم والتعرض إلى الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية,وبذلك تصبح سلوكياتهم متضاربة مع ما تريده الأمة العربية من شبابها.ومن هذه السلوكيات صراعات الموديلات من ملابس وقصات الشعر وأساليب الكلام المصطنعة.إذن أصبح من الواجب علينا تحصين أنفسنا من عودة الغزو العثماني الثقافي وذلك من خلال التعاون بين مؤسسات المجتمع كافة(وسائل الإعلام,المدرسة,الأسرة,الجمعيات,والمنظمات الشبابية).ومن خلال هذا التعاون يتم التأكيد على ضرورة جعل أسلوب الحوار لغة الشباب للتعبير عن أفكارهم وقناعتهم ومناقشتهم من خلال تلك المؤسسات.كما إشراك الشباب في وضع السياسات والبرامج التنموية التي تكون بمستوى طموحاتهم وتعمل على إشباع حاجاتهم.كما يجب علينا توعية الشباب لخطر ما يبث لهم عبر وسائل الإعلام مع محاولة إيجاد البدائل عبر الوسائل المحلية.ومحاولة ملئ أوقات فراغ الشباب من خلال الأنشطة المختلفة التي توجه قدراتهم وقابليتهم نحو المجالات العلمية والثقافية والاستفادة من ايجابيات التكنولوجيا والانتباه لمخاطرها السلبية ومحاولات هيمنتها على العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط