الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا لأخونة الدولة المصرية

وصفي أحمد

2012 / 12 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البداية , لا بد من طرح سؤال مشروع مفاده : هل ثارت الجماهير المصرية على نظام حسني مبارك لأنها أحست بأن دينها مهدد بالخطر , أم أنها أسقطت هذا النظام بسبب أوضاعها المعيشية الصعبة ؟
فالمتابع للشأن المصري يعلم أن الثورة المصرية كانت حصيلة لتذمر جماهيري طويل الأمد عبرت عنه الطبقات المسحوقة من خلال قيامها بجملة من الإضرابات و الاعتصامات و غيرها من وسائل النضال السلمية كرد فعل على سياسات النظام المباد التي ساهمت في زيادة إفقار هذه الطبقات على الرغم من قيام هذا النظام في فتح العديد من المؤسسات ذات التوجه الإسلامي في محاولة منه لخدع المصريات و المصريين خصوصا المتدينات و المتدينين منهم .
كما أن الزلزال المصري لم يأت بجهود أي من القوى السياسية التقليدية , الأخوان و غيرهم , بل جاء بفعل تحرك جماهيري غير منظم سياسيا و كان في معظمه جهد عفوي للجماهير الساخطة على أوضاعها الاقتصادية و الاجتماعية المتردية . فمن قام بالثورة أراد فقط التخلص من نظام حسني مبارك دون أن يخطط لطبيعة الدولة الجديدة التي ستتشكل بعده.
و ما أن بدأت تباشير سقوط المستبد , حتى تحرك الأخوان و قدموا أنفسهم على أنهم البديل الطبيعي القادر على تخليص البلاد من حالتها المتردية مستغلين قدراتهم التنظيمية و المالية الهائلة وفي الدعاية الايجابية لتجربة الإسلاميين الأتراك .
و لتحقيق هدفهم الأساسي في السيطرة على الدولة المصرية الجديدة , لم يتورعوا عن مهادنة المجلس العسكري – على قاعدة ( تمسكن لحد ما تتمكن ) . و كانت النتيجة أن تمكنوا من تحقيق ما خططوا له , بعدها استطاعوا كسب ود الناخب المصري البسيط في انتخابات مجلس الشعب المنحل مستغلين ضعف القدرات الإعلامية لمنافسيهم , يساريين أم لبراليين و قوميين و غيرهم , لتحقيق نتائج جعلتهم يتسيدون الجمعية التأسيسية .
هنا قرروا خطف الدولة المصرية من خلال استخدام خطاب مخاتل يدغدغ المشاعر الدينية لبسطاء المصريات و المصريين من جهة و تطمين مخاوف الأقلية القبطية لتحييد الدول الغربية كي لا تتدخل بحجة حماية حقوق الأقليات .
لكن الجماهير المصرية سرعان ما انتبهت لما يحاك لها , فقد ظهر ذلك من خلال الانتخابات الرئاسية , إذ لم يتمكن مرشح الأخوان الدكتور محمد مرسي من الفوز إلا بأغلبية بسيطة على منافسه اللواء أحمد شفيق بعد أن نعتوه بشتى النعوت كمرشح الفلول ومن ثم تهديداتهم المبطنة بالقيام بأفعال لا يحمد عقباها إن فشل مرشحهم .
و على الرغم من هذا و من حل مجلس الشعب من قبل المحكمة كونه مؤلف من أغلبية ذات لون واحد و هذا لا يصح في الفترات الانتقالية , إلا إن الأخوان قرروا المضي بمشروعهم القاضي بأخونة الدولة المصرية من خلال الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي والقاضي بمنح قراراته حصانة دستورية على اعتبار أنه"الجهة الوحيدة المنتخبة في البلاد" .
وهنا برهنت مصر أنها عصية على أي قوة سياسية تسعى لتوليد دكتاتورية من نوع جديد من خلال الاستنفار التي قامت به القوى المدنية و دعوتها لجماهيرها بالتوجه نحو الساحات العامة لإسقاط مشروع الإسلام السياسي في إقامة دولة ثيوقراطية .
على حد علمي فإن كل القوى المدنية و قواها الحية في عموم المنطقة تتوجه بأنظارها صوب ما يجري من أحداث في مصر , لأن نجاح مشروع الإسلام السياسي هناك سيجر المنطقة إلى صراع طائفي سوف يؤدي إلى زعزعة استقرارها , لما تتمتع به مصر من ثقل جيوسياسي كبير يلقي بظلاله على كل الدول العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري