الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهمة سب الذات الملكية ,السلطانية ,الأميرية ,الملوخية

نبيل هلال هلال

2012 / 12 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الفقيه يجهل التاريخ ولا يعرف منه غير مواقيت الغزوات وربما عدد القتلى وأوقات الفتوح ووفيات الأعيان , ولكنه يجهل وبصورة فاضحة السنن التي صنعت هذا التاريخ في الماضي وهي أيضا التي تصنعه في المستقبل , وحسبه أن يظن أن النصر يتحقق بالدعاء وأن الهزيمة والأوبئة سببهما كثرة ذنوب المذنبين (قال أحد مشايخ الفضائيات : إن أنفلوانزا الخنازير, وهي وباء حذرت منه كل الدوائر الطبية في العالم , لن يمكن اتقاؤه إلا بالتوبة وتجنب المعاصي , والدعاء إلى الله , لا باللقاحات والأدوية ! وفي القرون الوسطى أرجع كهنة الكنيسة انتشار وباء الطاعون إلى ارتداء الناس للأحذية ذات المقدم المعقوف , وبسبب حضورهم حفلات الأوبرا , والباطل بعضه من بعض ) وأن ظلم السلطان قدَرُ الرعية المذنبة - كما تكونوا يولَّى عليكم - وغابت عن الفقيه موازين القُوى الحقيقية وحسابات النصر الدقيقة التي تحدث في واقع الناس لا في عالم غيبي مسحور تحكمه لغة صبية المساجد ووعاظ المنابر .
وكان الجامع في العهد الراشدي هو الصيغة الأولية لممارسة التحاور وتداول الأمر وتبادل الآراء دون مؤاخذة كالبرلمان في الدول الديمقراطية المعاصرة , وكان منبرا لمزاولة نقد الإدارة ومساءلة مَن يحكم , ومنه كان المواطن العادي يقدم طلبات الإحاطة إلى الخليفة نفسه . وسجَّل لنا التاريخ أحد هذه الطلبات التي قدمها مواطن عادي من عامة الناس يسأل فيها الخليفة عمر بن الخطاب مسألة "عظيمة" : لم يسأله عن مليارات الجنيهات المسروقة من خزينة الدولة , أو عن مليارات الدولارات المنهوبة من أموال النفط, أو عن إهدار الأموال الطائلة من خزينة الدولة فيما لا طائل وراءه من مشاريع فاشلة , وإنما كانت المساءلة عن سبب استئثار الخليفة بثوب أطول من باقي الأثواب الموزعة من بيت المال على عامة المسلمين ومنهم الخليفة نفسه !!
واستدعى الخليفةُ " المتهمُ " ابنَه الذي بيَّن على رءوس الأشهاد أنه قد تبرع بثوبه إلى أبيه , ووصَل الثوبين معا فلبسه عمر الذي لم يغضب على من قدم طلب الإحاطة ولم يعتبره مشككا في ذمته المالية , ولم يطلب محاكمته كما يحدث الآن بتهمة سب الذات الملكية .
كانت تلك إحدى وظائف الجامع الذي أصبح بعد ذلك مقرا للقُصَّاص الذين جندهم الخليفة ليروجوا الأكاذيب عن صلاح السلطان وتقواه ونظافة يده . واقتصر دور الجامع على أداء الشعائر, ثم تُغلَق أبوابُه عقب الصلاة مباشرة في بعض البلاد , وفي بعضها الآخر يدخله المصلون ببطاقات ممغنطة يحدد فيها جامع بعينه للمصلي ولا يجوز له دخول غيره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran