الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر المحروسة .. عند مفترق طرق

نجيب الخنيزي

2012 / 12 / 8
المجتمع المدني


مصر المحروسة .. عند مفترق طرق
شهدت مصر ، ولا تزال تشهد ، على مدى الأسبوعين الماضيين ، أحداثا وتفاعلات وتطورات متسارعة ، هي الأخطر من نوعها ،منذ نجاح ثورة 25 يناير، في إسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك و رموز نظامه . بالطبع لا نستطيع تجاهل حال الاحتقان والتوتر والانقسام العميق، الذي يسود المشهد السياسي المصري ، منذ تصدر التيار الإسلامي ( جماعة الأخوان المسلمين ) الحركي لمواقع السلطة التنفيذية ، وغيرها من المواقع الهامة ، غير إن حدة الاستقطاب والتخندق المتبادل ، بين السلطة والمعارضة ،انتقل في الوقت الحاضر و بسرعة إلى الشارع المصري، الذي يشهد انقسامات أفقية حادة وعميقة ، تجسدت في اتساع حجم المظاهرات والاعتصام ، التي يشارك فيها مئات الالاف من القوى المناوئة ، أو المؤيدة للنظام على حد سواء . هذه الأحداث والتطورات الأخيرة ، فجرها إصدار الإعلان الدستوري المؤقت ، في 22 نوفمبر 2012 ، من قبل الرئيس المصري محمد مرسي ، والتي رفضتها وتصدت لها المعارضة المصرية ، بكل أطيافها الليبرالية واليسارية والقومية ، وكذلك الجسم القضائي ، والاتحادات المهنية ، والنقابات العمالية المستقلة، والهيئات والقوى المدنية ، إلى جانب الكنيسة المصرية ، ناهيك عن قوى شباب الثورة . قرار الرئيس محمد مرسي في الدعوة لتنظيم استفتاء شعبي في 15 من شهر ديسمبر الجاري على مسودة بنود الدستور المصري الجديد الذي أقرته الجمعية التأسيسية، والتي يسيطر عليها بالكامل التيار الإسلامي ( بشقيه الأخواني والسلفي ) كان بمثابة من يصب الزيت على النار ، من وجهة نظر المعارضين لهذه الخطوة ، حيث اعتبرته بأنه خطوة استباقية ، والتفافية ، من قبل الرئيس ، لقطع الطريق على أي قرار من قبل المحكمة الدستورية العليا ، للبت في مدى شرعية الجمعية التأسيسية وما يتفرع ( مشروع الدستور ) من عملها ، وكذلك مدى مشروعية مجلس الشورى ، وقد تعزز ذلك مع قيام أنصار الرئيس بحصار مقر المحكمة الدستورية العليا ، والمطالبة بحلها ، والتهديد باقتحامها، والاعتداء على أعضائها ، الأمر الذي اضطرت معه المحكمة إلى إعلان تعليق عملها إلى أجل غير مسمى ، حيث جاء في بيان أصدره قضاة المحكمة، التي تفصل في شرعية القرارات والقوانين في مصر ومدى دستوريتها، أعلنت فيه "تعليق جلسات المحكمة الى اجل يقدرون فيه على مواصلة رسالتهم والفصل في الدعاوى المطروحة على المحكمة بغير أية ضغوط نفسية ومادية يتعرضون لها". واعتبر البيان الاعتصام ضد المحكمة بانه "كان يوما حالك السواد في سجل القضاء المصري على امتداد عصوره". وفي المقابل تعهدت قوى المعارضة التي تجمعت في إطار جبهة الإنقاذ الوطني ، ومعها القوى المدنية العمل على إسقاط الإعلان الدستوري، وقرار الاستفتاء على مسودة الدستور ، من خلال النضال السلمي وعبر مواصلة وتصعيد الاعتصام في ميدان التحرير ، وغيرها من الميادين والأماكن العامة ،بما في ذلك قصر الاتحادية الرئاسي ، ووصولا إلى إعلان الإضراب العام و العصيان المدني. وعلى صعيد متصل ، احتجبت 11 صحيفة مصرية يومية حزبية ومستقلة عن الصدور، يوم الثلاثاء الماضي ، كما قررت قنوات فضائية مصرية تسويد شاشاتها ، وذلك احتجاجًا على ما وصف بأنه "انتهاك الحريات ومصادرة حرية الرأي والتعبير وعدم الوفاء بالحد الأدنى لما أقرته دساتير مصر السابقة " . وفي السياق ذاته رفض 13من خبراء القانون والمستشارين الاعتراف بمشروع الدستور الجديد ودعوا إلى وضع دستور جديد دائم يؤسس لبناء مجتمع حر وعادل ، وهو لن يتحقق إلا من خلال التوافق المجتمعي والسياسي ، وليس على المغالبة السياسية ، معتبرين أنه لن ينجح دستور قام على مغالبة حزبية . اللافت أن موقف كلا من المؤسسة العسكرية المصرية ، ووزارة الداخلية المصرية من الأحداث الجارية كان متوازنا إلى حد معقول ، حيث أكد مصدر عسكري " أن القوات المسلحة ليست طرفا فى أي صراع سياسي دائر خلال الفترة الحالية ومهمتها الأساسية تأمين حدود الدولة المصرية ضد أى عدائيات خارجية ، وتنحاز للشعب المصري وحده دون الميل ناحية فصيل أو تيار بعينه " في حين جاء في بيان أصدرته وزارة الداخلية المصرية " أنها لن تتعرض للمتظاهرين، طالما اتسمت مشاركتهم بالسلمية. وناشدت الوزارة " الداعين والمشاركين فى تلك المظاهرة تحمل مسؤولياتهم بالعمل على تنظيمها بما يحول دون اندساس آخرين بها ".
في ظل غياب الحلول التوافيقة ، من قبل الفرقاء والأطراف كافة ، على قاعدة الحوار والتوافق الوطني، حول القضايا المركزية التي تواجهها مصر في المرحلة الانتقالية ، يتجه الصراع المحتدم بين المعارضة بمختلف مكوناتها من جهة ،ومؤسسة الرئاسة وتيار الإسلام الحركي من جهة أخرى ، ليأخذ منحى لي الذراع ، وكسر العظم المتبادل . التساؤل هنا: من يصرخ أولا في هذا الصراع المحتدم والمعقد والمتداخل ، على الصعيدين المحلي والخارجي ، وما هي انعكاساته على مصير الثورة ، بعد ان تشتت وتصدعت أطرافها ومكوناتها ؟ وقبل كل شيء ما هو تأثيره على مستقبل مصر ، والتطلعات المشروعة لشعبها ، في الحرية والعدالة والكرامة والمساواة والسلم الأهلي ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصفدي: الأونروا ما زالت بحاجة إلى دعم في ضوء حجم الكارثة في


.. مفوض الأونروا: 800 ألف من سكان رفح يعيشون في الطرقات.. ومناط




.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف