الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسي يثلج صدورنا !!!

فاضل عزيز

2012 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثلج الرئيس المصري مرسي صدري بقراراته الأخيرة التي أثارت الشارع المصري ولم تقعده.. تنفست الصعداء كما يقولون وأنا أتابع في نشرات الاخبار اشتعال الثورة في ميدان التحرير احتجاجا على تلك القرارات الغبية ورفضا لها.. انتشيت وأنا اشاهد مرسي وهو يصارع ويصدح بترهاته وأكاذيبه المنمقة وسط الجموع المغيبة عن الواقع بفعل جماعات التضليل والتطبيل التي تتخندق في مساجد وزوايا وشوارع وعزب مصر تجلجل السنتهم بكتاب الله ، وينتهكون بممارساتهم كل ما حرمه الله نصا في كتابه.. انبسطت اساريري وانا أرى مرسي يتراجع ويناور ويداور لانقاذ سلطته التي ستكون أداته الوحيدة لإعلان نفسه فرعونا على مصر، وزاد حبوري وانا اسمع تلك العبارة التي ابتدعها اليمنيون واسقطوا بها دكتاتورهم "ارحل ارحل ارحل" في ميدان التحرير وأمام قصر الرئاسة.. حينها تيقنت أن مصر لن تعود للقيود، وإن مرت عليها أياما سود..

استعرضت تلك المشاهد ، وارسلت العنان لخيالي، استدعيت مشاهد قديمة لهذا التيار الهدام الذي سعى ولا زال يسعى لوراثة الدكتاتوريات ممارسة وفكرا.. استدعيت من الذاكرة ما أطلقه الاسلاميون في الجزائر بعيد ظهور مؤشرات تؤكد فوزهم برئاسة البلاد في اول انتخابات حقيقية تشهدها الجزائر قبل عقود، عندما كشفوا عن نواياهم الخبيثة بوأد الديمقراطية فور استلامهم للسلطة وإعادة الجزائر الى ظلام القرون الوسطى تحت لافتة حكم الشريعة، وكأن الجزائر تدار بتلمود بني صهيون.. وكان مصيرهم السقوط على يد العسكر وتآزر غالبية الشعب الجزائري الذي ارعبته تصريحات مدني وعصابته، وكان ذلك تصرفا مجاف للديمقراطية، لكنه يظل أهون الضررين..

انتقلت الى تونس وهي تتخبط في وحل تلاميذ مدرسة الغنوشي منظر النهضة الكاذبة وتاجر الدين المفلس .. وتمثلت امامي مشاهد لدكتاتورية مكشرة عن أنيابها الطرية بطراوة النايلون وهي تحاول في عناد غير مجد نهش قبب رخام التنوير والحداثة التي صقلتها عقود الحقبة البورقيبية.. ولا زالت المعركة دائرة، فثعلب النهضة استبدل وسيلته للاتهام تلك القبب بلعقها بلسانه بعد أن تاكد من صلابتها أمام أنيابه البلاستيكية الرخوة، معولا على عامل الزمن، متمثلا أمامه المثل الشعبي "الدوام يذوب الرخام"، ناسيا او جاهلا أن لسانه قد يذوب مع طول الوقت قبل ان يزيل القشرة الخارجية لتكل القبب..

صورة المغرب.. تبدو مشوشة وغير واضحة المعالم.. فالمغرب لا يتوفر على البيئة الصالحة لنشر تعاويذ هذه الجماعات المتاجرة بالدين.. المغاربة مسلمون بالفطرة، وحاجتهم لضروريات الحياة تفوق حاجتهم لفقه مالك وابن حنبل وفتاوى القرضاوي وزمرة تجار الدين من حزب الخيَّان المسلمين.. ورغم ذلك يصر مرشدهم القابع في دهاليز القاهرة على بن كيران بتفجير المغرب وإدخال مجتمعه في نفق مظلم يقوده لتقبل دكتاتورية الدين.. لكنني ارى المغاربة أقوى من أن يطوعهم هذا الملتحي، فعواء أجواف ابنائهم المتعطشة للغذاء وعقولهم المتطلعة للمعرفة لا تسمح لهم الاستماع الى تلك الخطب والمحاضرات الجوفاء التي تتحدث عن الغيب، وتتجاهل وقعهم المرير موكلة أمره لله الذي دعانا صراحة وبالنص للعمل "وقل اعملوا...." .

ومصر اليوم تشتعل، ونارها ستلتهم تلك اللحي الشعثاء التي يحاول هؤلاء الدجالين الاختفاء وراءها، ستلتهمهم نيران أنانيتهم .. معتقدين ان تلطيهم بالاسلام ورفعهم لشعارات مدثرة برداء الدين يمكن ان تخيف الجائعين في مصر وترعبهم وتجعلهم يتقبلون الموت جوعا على مواجهة وكيل الله المزور الذي يرفع فزاعة الدين ويلوح بمفاتيح جهنم في وجه كل من يقف في ضد أطماعه التي لا حدود لها..

هذه المشاهد حقا تثلج الصدر لأنها تنبئ بأن موجة الدكتاتوريات الثانية التي تمر بها هذه الأمة لن تطول لأن صانعيها وسدنتها أغبى من ان يؤجلوا معركة نهايتهم الى أمد بعيد.. هذه المشاهد أثبتت وتثبت لكل ذي بصيرة أن الدكتاتوريات مهما تلونت ومهما رفعت من شعارات أرضية او سماوية ستسقط حتما ، لأنها مشاريع شخصية لا تستهدف صالح الناس بل تستهدف استغلالهم وسرقة جهدهم واستغفالهم بكل الحيل.. الدكتاتوريات الدينية التي تيبست زهورها قبل ان تتفتح في دول عالمنا العربي لم تكن سوى مشاريع شخصية يستعجل صانعوها ورعاتها على قطف ثمارها ، لأنهم يرونها ملكا لهم، ولا يقبلون بالشعب كشريك لهم فيها ، بل هو مجرد جسر يعبرون عليه الى برجها العاجي ثم يزيلونها باي وسيلة تتوفر لهم ولو بالتفجير كما يجري اليوم في مصر.. وهذا ما يحاول المصريون اليوم افشاله بصمودهم في ميدان التحرير ومحاصرتهم لقصر الفرعون الجديد، لأنهم سئموا الدكتاتوريات المتألهة ويريدون دولة مدنية ديمقراطية مماثلة لما تنعم به جيرانهم على الضفة الشمالية للبحر المتوسط.. وهذا ما سيكون شاء تجار الدين في مصر وتونس والمغرب وليبيا والخيج وبلاد الرافدين أم ابوا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انهم يحفرون قبورهم بايديهم
صباح ابراهيم ( 2012 / 12 / 12 - 19:55 )
اشاطرك الرأي في كل ما قلته واضيف ، ان فرعون مصر يحفر قبره بيديه ، وان قراراته الصادرة من مكتب المرشد وتنقيح خيرت الشاطر وخريجي سجون مبارك ستساهم في قبر الاحزاب الاسلامية والسلفيين ، انهم بافعالهم وتصرفاتهم الهمجية جعلوا العالم وشعب مصر وسوريا والعراق كله يكره الاخوان المسلمين والسلفيين والمتاسلمين واصحاب اللحى اجمعين .

اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا