الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايمانويل كانط والواجب لذات الواجب

عمران سفيان

2012 / 12 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لقد بنى الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط الأخلاق على اساس عقلي ، وذلك لان العقل هو الخاصية الإنسانية الوحيدة التي تمكنه من التمييز بين الخير والشر ، واعتبارا لذلك فالأفعال الأخلاقية لا تقاس بنتائجها اللذيذة أو النافعة ، إنها ليست وسيلة لبلوغ غاية مــا، فهو الذي كان يقول دائما : " اعمل دائما على أساس تعتبر فيه الشخص الإنساني في نفسك وفي الآخر غاية لا مجرد وسيلة " ، فمجرد ربط المنفعة بالأخلاق تلغي الآخر ، لأن ما يعده بعض الناس خيرا لا يعده بعض الآخر خيرا ؛ لذلك فيما قال (بوترو) : " لم يمنح (كانط) فكرة الغائية إلا قيمة ذاتية محضة ، انه ألغاها من الأخلاق " أما المقياس الذي تقاس بــه الأخلاق هو مقياس عقلي يرتبط بالواجب ، هذا الأخير يعتبر إنسانا خاضعا لقانون ما كلي وشمولي ؛ فالإنسان الكانطـي لا يؤدي واجبه الأخلاقي كانسان معزول ، وإنما يؤديه كممثل للإنسانية برمتها إنه في أدائه للواجب كأنه يشرع لنفسه وللإنسانية ؛ قال (كــانط) :" اعمل كما لو كنت تريد أن يصبح عملك قانونا عاما وكليا " ، مما يجعل الواجب لذات الواجب ، و هذه الشمولية تجعله يصدر عن العقل باعتباره موجودا لدى جميع الناس ، أو على حد تعبير الفيلسوف الفرنسي (رونيه ديكارت) :" العقل أعدل الأشياء توزعا بين الناس" وهو الواجب الذي يرتبط بالإرادة الخيرة. هذه الإرادة المتحدة اتحادا كليا مع العقل إنها حسب ما يقول (كانط) : " ان شيئا واحد يراه الناس جميعا طيبا بلا قيد هي الإرادة الخيرة" ؛ تلك إرادة المرء التي تدفعه إلى القيام بالواجب ، لأنها في حرب دائمة مع الاستعدادات الطبيعية ، منطلقة مـن القول التقليدي المشهور :" سلام على الأرض لأصحاب الإرادة الخيرة " ، هذه الإرادة التي تجعلك تميز بين نوعين من الأوامر ، وتدفعك إلى القيام بأمر ، وتبعدك عن الآخر إنها تدفعك للتمييزبين الأوامر الشرطية : وهي الأوامر المرتبطـة بما يحققه الفعل من نـتائج مـثل الأمر التالي : " اجمع الـمال لـكـي تـشـتـري مـنـزلاً " ، أو الأمر الـتالي : " أهـتم بأي مـريـض كي أنال ثروتـه بـعد وفاته ". و الأوامر القطعية : وهي الـتي تطيعها الإرادة لذاتها، مـن أجل ما يـنطوي عليه من خير في ذاتها مثل الأمـر الـتالـي : " أفـعـل الـواجـب لـلـواجـب " ، والإرادة الخيرة تدفعك إلى القيام بالأوامر القطعية وتصرفك عن الأوامر الشرطية لأنها ذاتية لا تخلق إلا الشر .
وفي الأخير قال أحد الباحثين :" يدا (كانـط) نقيتان لكنه لا يملك يدان " . إن الأخلاق الكانطية أخلاق مثالية لا يمكن أن تتجسد عن ارض الواقع ، أنها صالحة لتوجيه إنسان عاقل عقلا خالصا لا إنسان يملك مشاعر وعواطف ولكن من الإنسان الذي لا يملك المشاعر والعواطف ، أما عن الإرادة الخيرة فهي تدعوا إلى القيام بأعمال عامة وشمولية إنها للإنسانية جمعاء ، وغيرها من الأعمال يعتبر مرفوضا ؛ وهنا تصبح إرادة فارغة لا تريد شيئا أو كما يقول (جاكوبي) " إن الإرادة الخيرة عند (كانط) إرادة لا تريد شيئا " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا