الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وا أسفاه يا سعيد ! .. لقد صدق المستشرقون ولو كذبوا.

ماجد عبد الحميد الكعبي

2012 / 12 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


..الأعراب لا يستطيعون تمثيل انفسهم . لأول مرة في تاريخ البشرية يصبح شأن العرب مدار نقاش المفكرين ومثار جدل بين النقاد والدارسين بهذا الاتساع وبتلك الاهمية ، فهم عينة صالحة للدراسة والتحليل ، و اذا اضيف لهم الاسلام بوصفه موضوعا ملازما للعرب فان مصداقية النتائج ستعزز ما قاله عنهم ثلة من المستشرقين الاولين !.
في السياسة وعلومها وفي الفن ونشاطاته و- ايضا - في النقد ومذاهبه ، اصبحنا نماذج عليا وعينات مثلى للبحث والدراسة . لقد ترك نعوم جومسكي نظريته النحوية التحويلية من اجل عيون العرب لينبري في الدفاع عنهم وعن قضاياهم ، فغيّر اختصاصه من علم اللغة الى فن السياسة ، ولقد ترك جورج غالوي شعبه في سكوتلندا الذي يروم الاستقلال عن بريطانيا وهبّ لنجدة العرب ، فيشرح لشبابهم ما لم يكن قد عاصروه من اسباب التقسيم في اتفاقية سايكس- بيكو الاولى ، موضحا بأمثلة مما يجري في عالمهم العربي المعاصر ، ومحذرا اياهم من مخاطر نسخة ثانية من اتفاقية سايكس - بيكو.
ويعقد المفكر الغربي سلافيو زيزك ندوة يحلل فيها – نفسيا واجتماعيا – ( ربيع الثورات العربية ! ) ، مشبّها اياها بمشهد جنسي مشهور في احد الافلام الغربية ، ثم يقتبس هومي بابا لوحة عن معاناة بعض العرب في سجون الحرية ليكون مثالا على الذاكرة المعطوبة في ظل العولمة ، وحتى تيري ايغلتن في بحثه ( موت النقد) قد ضرب مثلا مما يجري في بلاد العرب.
لقد كنا وما زلنا مادة خصبة للدراسة ، فالآخر هو الذي يحتاج الى ان يتعرف علينا ونحن لسنا بحاجة الى فهم الآخر بل لسنا بحاجة الى فهم انفسنا و ثقافتنا . و اذا اردنا ان نعلّم ابناءنا شيئا من تاريخنا وثقافتنا وديننا فما علينا إلا استحضار المناهج والمذاهب الغربية وما قاله الغربيون عنا في مدارسهم ليكونوا شهداء علينا. وأمّا بعض المتفيقهين العرب الذين تعرفوا على ثقافة الغرب عن قرب وعاشوا فيها ، فانهم اذا تكلموا عن انفسهم فلا يحسنون التحدث إلا بلغات الغرب (الفرنسية او الانكليزية أو الاسبانية ) لان الغربيين ليس لديهم استعداد على ان يفهموا لغتك ايها الاعرابي التي عجزت انت عن التحدث بها. وكلما كان العربي بليغا وفصيحا بالانكليزية - وبغض النظر عن لهجته الامريكية أو لهجته الانكليزية التي يتكلم بها الانكليز في جنوب إنكلترا- فهو الذي يعد المفكر والباحث الموضوعي الذي ينصت اليه. وفي هذا السياق يقول احد اللغويين المعاصرين : ( اذا نشأت ولم تتكلم لغتك ، فانك لن تعرف من انت ) ، وبناء على ذلك تكون النتيجة واحدة : ان الأعراب لا يستطيعون تمثيل انفسهم).
لقد صدقوا يا سعيد عندما قالوا : ( في الواقع كانت الحرب لا السلم هي ما يمثل الوضع الطبيعي في المجتمع القبلي العربي ( وهو المصدر الذي خرجت منه القيم العربية ) لان الغزو كان احدى الدعامتين الرئيستين للاقتصاد) .. وها نحن اليوم نرى ثقافة الغزو هي السائدة في مجتمعاتنا الأعرابية بعدما اُلبس مصطلح الغزو ثوبا اسلاميا ليصبح (الجهاد ) عنوانا لكل صراعاتنا المذهبية والطائفية تحت شعار ينادي به كلا الطرفين المتحاربين : ( الله اكبر ) و (سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين) !! وسيدنا (المستر ليفي) بديلا عن سيدنا (المستر لورنس)..
لقد صدقوا في توصيفهم لأحوال الأعراب بعدما اشاعوا ثقافة الصحراء وهللوا وطبلوا لها واعتبروها الثقافة السائدة لهؤلاء القوم الذين يقطنون جزيرة العرب ، لكنهم كذبوا على العرب وأسهموا في محو كل ثقافة عربية مدنية حضرية اصيلة ، فعززوا في النفوس قيم الاسلام الأعرابي الجاهلي وطمسوا كل معالم الاسلام العربي الانساني المدني المتحضر ، فلا غرابة من ان نسمع نابليون يصيح بأعلى صوته : ( نحن المسلمون الحقيقيون ) ليشهد له بعد ذلك المصلح محمد عبده بقوله المعروف عندما زار فرنسا : ( وجدت اسلاما ولم اجد مسلمين) وعندما عاد الى مصر و قال : ( وجدت مسلمين ولم اجد اسلاما).
حقا لم يكن هناك مسلمون ولم يكن عندنا اسلام ، لان الثقافة الأعرابية القت بظلالها على كل قيمة انسانية سامية في الاسلام فحجبته عن الناظرين ، ولكنها لم تستطع طمسه إلا الى حين ..
(ملاحظة الى القارئ الكريم : ربما تجد تداخلا في تسمية الأعراب والعرب في هذا المقال الذي قد يحيل الى سوء الفهم في بعض الاحيان ، لكن المصطلحين يفترقان جذريا عن بعضيهما كما وضحنا في مقالات سابقة)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah


.. 254-Al-Baqarah




.. 255-Al-Baqarah