الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجارة بالشهداء

محمد البدري

2012 / 12 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يبقي من ثورة المصريين سوي شبابها في شوارعها وقضاتها في محاكمهم يقفون من اجل استكمال المشوار الطويل لثورتهم. لم يمس أحد بعد اركان الدولة بكل فسادها بل العكس كان صحيحا ففي قمة الهرم أتي من لا يحترم المصريين علي الاطلاق. إنهم جماعة الاخوان المسلمين بمنظومتها الدينية الحاملة لكل انواع الفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي علي قاعدة اسستها الجماعة تحت شعار الاسلام هو الحل. فهل يسمع أحد الان من يردد هذا الشعار من الاخوان بقدر ما تسلمه السلفيين والجماعات الاصولية كمصيدة وفخ لاصطياد وتحييد من بقي من القوي الاجتماعية وتدجينها تحسبا لاي تغيير لا يستطيع الاخوان السيطرة الكاملة عليه.


وعندما بدات معركة كتابة الدستور اتضحت الصورة وكأن كاميرا الرصد اقتربت بشدة من المشهد حيث تحالف الطرفان علي شعب مصر تكسيرا وهدما في منظومته الحضارية التي بناها علي مدي ما يقرب من 200 عام الاخيرة. معظم الشخصيات التي اوكل اليها كتابته لا تعترف اساسا بالحق السياسي للمواطن. فكل اصحاب اللحي وهم كثيرين في الجمعية التاسيسية يتلقون في تعاليم احزابهم السلفية ان الخروج علي الحاكم ليس من الشريعة ويعلموهم ايضا ان يكذبوا يداهنوا بالمشاركة في كتابة دستور رغم ان القرآن هو دستورهم وان يدعوا انهم شاركوا في الثورة خروجا علي الحاكم الذي لا تجيز الشريعة الخروج عليه. كانت آخر المشاهد المخجلة ان تحاول جماعة الاخوان المسلمين (جدا) شراء جثة أحد شهداء الاتحادية "محمد السنوسي" وهي لازالت في المشرحة برشوة اهله ودفع التكاليف مقابل القول بانه كان من مؤيدي الرئيس مرسي الاخواني وليس من المعارضين، تضليلا للراي العام والصاق تهمة القتل في المعارضة التي خرجت من اجل دستور يحق للمصريين حقوقهم ويمنعهم من الغش والتضليل والكذب ... والقتل.

هذه واقعة واحدة فقط لها الكثير من مثيلاتها في الاسلام السياسي السني بمجمله علي مدي التاريخ، جاء ذكركثير من احداثه علي قاعدم الدم في كتاب هادي العلوي "الاغتيال السياسي في الاسلام". فعلي مدي الثورة المصرية حدثت اغتيالات دموية في ميادين الثورة وتجري الان اغتيالات من نوع آخر كلها بهدف التخلص من الضمير المصري وصوت الحقيقة. وهذا هو السبب في محاولة واضعي الدستور تمييع المادة الثانية باغتيال الاسلام الذي توافق المصريين علي تبنيه طوال تاريخهم الذي جعل مبادئ الشريعة مصدر من مصادر التشريع في دستور 71 . لكن الاخوان وحلفائهم من الجماعات السلفية آثروا علي طريقتهم من القتلة وسفك الدماء بان يصوغوا بندا أتي متأخرا – من اجل التمويه والتضليل - في ترتيب مواد الدستور برقم 219 يشرح البند الثاني ويقول: مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة.

ولا نعرف لماذا لم يتفتق ذهن احد من المنسحبين، قبل انسحابه من الجمعية باقتراح ان تضيف الجمعية التاسيسية بندا آخر ليتسلم نسخته الدكتور الرئيس مرسي كاملة مكتملة حسب مذاهب اهل السنة والجماعة توصي بجعل السرقة ضمن شرائع الاسلام. اليس احتجاز مبادئ الشريعة الاسلامية (وأي شريعة أخري وهي الحق والخير والجمال) وجعلها حكرا علي مفاهيم اهل السنة والجماعة هو سرقة ونهب للثروة الدينية للمصريين البسطاء في تدينهم. فالمصريون لم ينهبوا أحدا طوال معاصرتهم للدين الاسلامي ولم يستولوا علي اوطان الاخرين ولم يحكموا احدا باغتياله ثقافيا ومعنويا.
يقول المصريون في حسهم الشعبي امام ظاهرة الموت "إكرام الميت دفنه"، لكن الاخوان واهل السنة والجماعة لهم راي آخر بان التجارة بالميت لها عشر امثالها، ربما لان 99% من الربح في التجارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال موضوعي ومحترم
محمود يوسف بكير- مستشار إقتصادي ( 2012 / 12 / 19 - 19:12 )
أتفق مع كل ما ذكرت ما عدا رأيك في أن القضاء المصري يمثل جزءا من ضمير الثورة. القضاء المصري تعرض لحملة إفساد كبيرة من قبل نظام مبارك . بالطبع هناك الكثير من القضاة الشرفاء ولكن لا صوت ولا قيمة لهم لان الرؤرس الكبيرة فاسدة ومنافقة.
مع أطيب تحياتي


2 - الإستفتاء يعبر عن رفض وقبول الأخوان عزيزى البدرى
سامى لبيب ( 2012 / 12 / 19 - 21:30 )
أتمنى أن أشاهدك الأن صديقى البدرى بعد أن شاهدتك منذ عدة سنوات وأنت تفضح المتأسلمين بكل تمكن وقوة فى إحدى البرامج الفضائية ولم تقع حينها الفاس فى الراس. اثق واحترم نضالك فمازالت ذلك الفارس الذى لا يخشى شيئا
لم أتوقع ياعزيزى أن تكشف الوجوه عن قبحها فى شهور قليلة.. كنت أظن الأخوان المسلمين أكثر الفصائل قدرة على التلون وإبداء المرونة والليونة لحين التمكين ولكن ماشهدته مصر يدل أننا أمام فصيل غبى بكل معنى الكلمة لا يمتلك الذكاء لسحب البساء بالتدريج
اقول لك بالرغم من تلك المشاهد البشعة إلا أننى متفائل وعندى ثقة أن نهايتهم فى المستقبل القريب لتنظر موقف الشعب المصرى البسيط وكيف الأمور تحولت إلى الرفض والغضب والكراهية-انظر من كانوا يظنوا فى الأخوان ومرسى خيرا ومنحوهم أصواتهم وقد تحولوا إلى حالة إستهجان ورفض
مايقومون به من أعمال بلطجة هو دليل أن البساط يسحب من تحتهم ونسبة الرافضين للدستور بالرغم من التزوير تدل على رفض الشعب لهم
عزيزى البدرى فى تحليلى أرى الشعب المصرى لم يستفتى على الدستور لأن المعارضين والموافقين بنسبة 99%لم يقرأوه ببساطة شديدة ولكنه يعبر عن رفض وقبول الأخوان
تحياتى ايها الفارس


3 - الي الفاضل الاستاذ بكير
محمد البدري ( 2012 / 12 / 19 - 22:19 )
اشكرك ايها الفاضل الاستاذ / بكير لتفضلك يزيارة مقالي والتعليق الذي صحت فيه كلماتك عن القضاء، الذي ناله مثل ما نال باقي اجهزة الدولة بل والروح المصرية من فساد. ولم يبق لنا الا الاجزاء السليمة والتي ثبت انها ليست أجزاء بل كتلة ضخمة حيه تنبض وانفجرت في 18 عشر يوما لتحقق كثيرا مما كان يعتبر حلما. وهذا ما اعول عليه انا في مؤسسة القضاء فبدون الامل لن يبقي لنا شئ نتمسك به فالاعداء كثيرون اولهم من يملي عليهم دساتيرا من الرياض والدوحة ويكرهون ثقافة لها اسس مغروسة منذ قديم الزمان في تربة لازالت اسطورة العدل الاوزيرية تفعل فعلها في الروح المصرية. تحية لك وشكري واعتزازي بتعليقك الكريم.


4 - الي الفاضل الاستاذ بكير
محمد البدري ( 2012 / 12 / 19 - 22:29 )
اشكرك ايها الفاضل الاستاذ / بكير لتفضلك يزيارة مقالي والتعليق الذي صحت فيه كلماتك عن القضاء، الذي ناله مثل ما نال باقي اجهزة الدولة بل والروح المصرية من فساد. ولم يبق لنا الا الاجزاء السليمة والتي ثبت انها ليست أجزاء بل كتلة ضخمة حيه تنبض وانفجرت في 18 عشر يوما لتحقق كثيرا مما كان يعتبر حلما. وهذا ما اعول عليه انا في مؤسسة القضاء فبدون الامل لن يبقي لنا شئ نتمسك به فالاعداء كثيرون اولهم من يملي عليهم دساتيرا من الرياض والدوحة ويكرهون ثقافة لها اسس مغروسة منذ قديم الزمان في تربة لازالت اسطورة العدل الاوزيرية تفعل فعلها في الروح المصرية. تحية لك وشكري واعتزازي بتعليقك الكريم.


5 - الي اخي سامي لبيب
محمد البدري ( 2012 / 12 / 19 - 23:34 )
اعتزاز خاص بمرور اخي العزيز سامي لبيب وتعليقه، ومن ذلك الذي يأمل يوما في حياة كريمة ولا يقف بالمرصاد ضد العسكر والدين. بعد الثورة وبكل صلافة وبرود سلم الاول الوطن المصري للثاني ضاربا بالشباب والثورة عرض الحائط. فلم يستطع كلاهما تغطية نفسه من الفضيحة. فوجه الاسلاميين ليس فقط قبيحا لكنه لا يحمل اي حياء يكذبون علنا ويتلفظون بالقبيح وينسبوه لالههم الذين يعبدونه كما في حالة الداعية الحاصل علي دكتوراة في القرآن (في السب والتجريح) الذي سيحل ضيفا مع مبارك لزفارة لسانه ولولا أدب المصريين ومحاولة احتفاظهم بالاوهام لرفض تلك الثقافة التي تنضح من بين اشداقهم. أما عن الاخوان والسلفيين فهم ليسوا فقط أغبياء بل اندفاعهم للعنف دليل فقرهم قبل غبائهم والتخوف الحقيقي لا ياتي منهم انما من القوي الاخري التي تدعمهم من الخارج. واتفق معك في مسألة الدستور التي لم تنتهي جولاتها بعد فهناك إرث قديم وآخر جديد لن يتمكنوا بسببهما من تمرير الجاهلية العربية مرة أخري. تحياتي لك وشكري واعتزازي.


6 - أخر الكلام .. مر الكلام ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 12 / 21 - 04:36 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي ألأستاذ محمد البدري ، وتعليقي ؟

1: كلام في الصميم ، ولكن ثق وأقولها بالفم المليان أن هؤلاء النصابيين والمنافقين ، سيكون قتلهم كما يقول العراقيين عمل شعبي ، وزد أيضا مطاردتهم ورعادتهم إلى حيث كانو ؟

2: ليتأمل كل ذي عقل وبصر وبصيرة الرئيس محمد مرسي ، سيستنتج بما لايقبل الشك بأنه إنسان مريض نفسيا ومهزوز ، أي مصاب بمرض الوسواس القهري الذي يؤدي بصاحبه إما إلى الجنون أو ألإنتحار ، ومن أبسط بديهيات ودلالات ألإصابة بهذا المرض إنحراف الفم مع بعض الوجه بسبب الشد العضلي بسبب الخوف المستمر من ألأخرين ، أمثال هؤلاء يؤمنون بنظرية المؤامرة ؟

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب