الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تلعب الجماعة ضد مصالحها؟

نادين عبدالله

2012 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وصلت جماعة الإخوان إلى سدة الحكم من خلال رئيس منتخب ديمقراطياً فى إطار مرحلة انتقالية خطرة، وقد تمركزت استراتيجية الإخوان على ركيزتين: الأولى تكمن فى تحقيق نمو اقتصادى معقول، ليس فقط لضمان توسيع قاعدتها الانتخابية، بل أيضا لخدمة مصالح رجال الأعمال القائمين على الجماعة أو المساندين لها أما الثانية فتمثلت فى تحقيق الاستقرار بالبلاد، على الأقل لضمان دعم حلفائها فى الخارج «الولايات المتحدة»، وعدم انسلاخ المؤسسة العسكرية، المحايدة تجاهها، عنها. واقعيا، تحقيق هاتين الركيزتين يحتاج إلى توافر حد أدنى من الديمقراطية والإصلاح ودولة القانون، لكن العجيب هو أن النهج الإخوانى سار بالضبط عكس المسار، وذلك على مستويين متلاحقين:

فعلى المستوى الأول، حلت سياسات الهيمنة والاستئثار محل الديمقراطية والإصلاح. فمنذ اللحظة الأولى لتولى الجماعة السلطة بدت وكأنها فى حالة خصومة مع مؤسسات الدولة «القضاء والشرطة بالأساس»، وغير قادرة على إجراء ما يلزم لإصلاحها. فالتغيير الوحيد الذى كانت تنجح فى إجرائه على مستوى الأجهزة أو الهيئات الوزارية هو تبديل قياداتها بقيادات إخوانية بلا تغيير للقواعد القديمة الفاسدة. بالطبع خلقت هذه الطريقة تعنتاً مؤسسياً رافضاً للسيطرة الإخوانية والإصلاح معا. نعم، يمكن إرجاع هذا الفشل، ولو جزئيا، إلى نقص خبرة الجماعة فيما يتعلق بإدارة أجهزة الدولة، ولا يخفى علينا أيضا تأثير تاريخ علاقة بعض هذه الأجهزة القمعية معها - فصار القهر والانتقام دوارا.

وكنتيجة طبيعية للفشل الأول، شرعوا مؤخرا فى بناء دولة ميليشيات موازية فى مواجهة دولة قانون متأرجحة ومجتمع ينزف من الانقسام. قطعا، الدعوة لتسليح أعضاء الجماعة لحماية مقارها لا تدعو للشفقة بقدر ما تعنى عجز النظام الإخوانى الحالى عن إصلاح أجهزة الدولة.

وبغية التبرير، تبنى الإخوان منحى استقطابياً، وكأنهم طائفة مضطهدة فى المعارضة «كما كان الحال سابقا»، وليسوا سلطة فعلية حاكمة. وقد بدا هذا الخطاب الطائفى وكأنه الوسيلة الوحيدة للحفاظ على تماسك الجماعة الداخلى، ولكن ماذا عن باقى البلاد التى يحكمونها؟ للأسف هى تنفرط منهم كالعقد. والحقيقة هى أن دولة العنف هذه تضر بمصالح السلطة الحالية على ثلاثة أصعدة مترابطة: فعلى الصعيد الاقتصادى، الفوضى المعممة غير جاذبة لأى استثمارات داخلية أو أجنبية، بل حتى هى غير قادرة على الحصول على القروض اللازمة لحل أزمة السيولة المالية، علما بأن عجز الموازنة قد وصل إلى حوالى 11%. أما على الصعيد السياسى فتآكل شرعية حكم يؤكد يوماً بعد آخر لشعبه أنه طائفى لن يمكنه من الحصول على التأييد الاجتماعى اللازم لقرارات «التقشف» الاقتصادى القادمة، وبالتالى ستزداد الاحتجاجات الشعبية، ولن ينجو الاقتصاد كما لن تستقر البلاد وأخيرا، على الصعيد الاستراتيجى، سيعلى غياب الاستقرار من مقدرة المؤسسة العسكرية على التدخل فى الشأن السياسى الداخلى، ولن يرى الحليف الخارجى معنى من دعمه نظاماً ذا شرعية سياسية ومجتمعية متآكلة.

يبدو أن قيادات الجماعة أخطأت فى حساباتها حين اعتقدت أن أجهزة الدولة «المحتاجة إلى الإصلاح» لا تقاليد مؤسسية لها «كما الحال مع القضاء»، أو أنها لم تع الدرس «كما الحال مع الشرطة»، كما أنها أخطأت لأنها لم تدرك أن المجتمع المصرى، الذى رفض سابقا قمعا سياسيا، لن يحتمل لاحقا إرهابا مجتمعيا. لذا لا مناص لضمان الاستقرار والرواج الاقتصادى الذى تحلم به الجماعة، سوى الحوار الجاد بين النظام الإخوانى الحالى من جهة والمعارضة السياسية ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة القضائية من جهة أخرى. فلا يمكن لأى حكم فى الدنيا أن يخطو إلى الأمام، ويحظى بتأييد اجتماعى لقراراته وهو فى حالة خصومة مع مجتمعه ومكونات نظامه السياسى. فالحوار ليس سوى تجسيد للديمقراطية «بمعنى المشاركة فى صنع القرار»، وهو أمر يعلى من قدر النظام وشرعيته ولا يقلل أبدا منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ


.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها




.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال


.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة




.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا