الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسماء مثاليّة.. نضال، جهاد، ناصر ومنصور!

خلدون الشامي

2012 / 12 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يا ترى، من أين يلتقط الآباء كل هذه "القوة" عندما يمنحون اسما "جديدا" لابنائهم؟! ... القصة قصيرة!

لم يكن يتردد في أن يخبر زوجته وابناءه عن ثلاثة واربعين عاما لم يحقق فيها شيئا مما كان يحلم به منذ كان فتاً، لكنه رغم ذلك كان سعيدا جدا بولده البكر "نضـال".. متفائل حد الغثيان..

نضال في السادسة عشرة من عمره، لا ينقصه شيء.. الحيوية و"النشاط" يملآن وقته..
أمه تناديه "باش مهندس" وكذلك أبوه وأخواته.. وهو استساغ الفكرة وأحبها.. يريد أن يصبح مهندسا.. بالرغم من أنه لا يحب مسائل الرياضيات ولا الكيمياء وبالطبع ولا الفيزياء الى جانب حصة "العربي" خاصة درس الإعراب والقواعد فهو لا يطيقها. يحب اكثر منها درس التاريخ وشكل الخرائط وحكايات الشعوب .. غير ان احدا لم ينتبه لذلك ولا حتى هو ذاته..

بعد كل إكليل أو حفل زفاف .. العبارة المكررة حد الاستهبال .. "عؤبالك يا نضال.. لما نشوفك عريس‼"..
كان يشعر بنمنمة جميلة في صدره.. تخطر "سلمى" على باله.. تسكن في البيت المقابل.. يراها في الصباح عندما يذهب للمدرسة او عندما يفتح الباب لها مع امها في زيارتهم لأم نضال.. وكان "يطير من الفرح" ايضا (التعبير مكرر) عندما يلمس يدها او تتبسم له من بعيد!

يسمع باستمرار من خاله، الطيار في الخطوط الجوية، عن اسفاره وتجواله.. احب منه الطيران والسفر وزيارة البلاد والنواحي.. ومشهد جبال خضراء تختلط ببحر ازرق واسع (صوره ذهنية وتعبير مكرر).. كان يتشوق لرؤية ذلك..

أمام شاشة "التي في" كان نضال ينقلب رأسا على عقب.. صور الهدم والدمار، القصف وقتل جماعي.. "اسرائيل" واكثر منها انظمة قمعية شمولية هنا "وهنا"، لم يتركوا شيئا.. يغضب! يرغب! يحلم بصنع "شيئ ما" لينعم الاحياء قبل فنائهم والأطفال بسلام ما..

انتهى حفل الزفاف.. أم نضال سلمت نضال لعروسه "فداء" (ابنة عمه ابو جهاد) وسط "فرحة" الاهل والاصدقاء..
نضال انهى دراسته الجامعية.. كان قد درس –الجيولوجيا- ولكنه لم يجد نفسه هناك فانتقل لـ "مجال" آخر..
يعمل اليوم مدرسا للغة العربية في مدرسة حكومية نائية.. غاية امله ونقاشه مع "فداء" أن يحصل على نقل لمدرسة أقرب مع مجموعة أو فرصة للعمل في (الخليج).. يسمع أن الرواتب والحياة هناك افضل..

نضال اليوم يقتل وقته بين المدرسة والمنزل وفي أحاديث غير مترابطة ولا موضوعية يسميها "نقاشاً" وأحيانا "حوارا".. أمام "التي في" بالساعات لا يزال يتابع برامج السياحة والسفر والمسلسلات خاصة المصورة في اسطنبول وبيروت.. حتى الان لم يسافر ابعد من المدينة التي تقع فيها مدرسته.. حتى البحر لم يره مرة واحدة في حياته..
البرامج الاخبارية جزء عضوي في اكتئابه.. لم يخطر بباله حتى اللحظة اي خاطر يمكنه من التقاط شيء من رغباته رغم أن آثار كل الأخبار أصبحت اقرب اليه مما يتصور..
نضال ينتظر هذه الايام "خبرا سعيدا" ... سيسميه على اسم ابيه... "ناصر"..

"ناصر" لا ينقصه شيء.. الحيوية والنشاط يملآن وقته.. وأمه تناديه من الآن "باش مهندس"‼

يا ترى، من أين يلتقط الآباء كل هذه "القوة" عندما يمنحون اسما جديدا لابنائهم؟

ام انهم "مبكرا" ينتزعون منها معانيها، شيئا فشيئا، يوما بعد يوم، ليصبح التشابه والتكرار "بقدّه وقديده وغبائه" سيد الحضور والغياب!

يبدو أن على عشاق لعبة اطلاق الاسماء والاحوال المتشابه، وعلى من لا يجدون في اسمائهم شيئا منهم، أن يستعيدوا تانيا صالح وهي تقول: "بلا ما نسميه.. باتت كل الأسامي"، وبالتأكيد السيدة فيروز: "عِناينا هنه اسامينا" ... "غيروا أساميكن إزا فيكن ... واهربوا"!

الثبات ليست فضيلة دائما، والموروث ليس فضيلة أبدا!

مع وافر الاعتذار لأصحاب الاسماء الواردة أعلاه، لذا اقتضى التنويه..

*أستاذ الصّحافة التلفزيونية والإعلام المرئي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟