الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان و اغتيال القضاء ...كلاكيت تانى مره

رشا ممتاز

2012 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يكن الإخوان عداء شديد للقضاء المصري عداء يمتد جذوره للأربعينات من القرن الماضي وبالتحديد لعام 1947 حيث بدأت الجماعة الإجرامية تاريخها الدموي باغتيال القاضي أحمد الخازندار وكيل محكمة استئناف القاهرة فى واحدة من أبشع الجرائم التي أدانها الرأي العام في ذلك الزمان .

كان القاضي الخازندار مشهود له بالكفاءة والحزم والجرأة وعدم الخضوع لأي تهديد أو وعيد ..

وفى يوم الاثنين 22 مارس ,الثامنة والنصف صباحا فى مدينة حلوان و أثناء توجهه لمحطة القطار ليلحق بعمله في القاهرة اغتيل القاضي غدرا ب9 رصاصات في الصدر على يد شابان ينتميان لجماعة الإخوان المسلمين وهم محمود زينهم وحسن عبد الحافظ وبتدبير مباشر من قائد التنظيم السري عبد الرحمن السندى .

نفى حسن البنا المرشد والمؤسس للتنظيم علاقته بالحادث بل ونفى في بادئ الأمر صلة المتهمين بتنظيم الإخوان !كما نفى توجيه أي أوامر بقتل القاضي الخازندار ولكن ووفقا للمحاضر المسجلة فقد تم إحداث تغيير على خطة القتل من قبل رئيس التنظيم الخاص عبد الرحمن السندى أى أن هناك خطة موضوعة مسبقا وقام السندي بتعديلها فمن يا ترى وضع هذه الخطة وهل يتصرف الإخوان دون الرجوع لمرشدهم ؟

وفقا لاعترافات السندى فإن المرشد قد صرح على الملأ فى احد الاجتماعات العلنية بأن القاضى الخازندار يستحق القتل عندما سمع بالأحكام الصادرة ضد أشخاص من الإخوان اخترقوا القانون , فهل أعضاء التنظيم يعتبرون أنفسهم فوق القانون ؟؟

الإجابة نعم فجماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات الإسلامية تعتبر نفسها فوق القانون فهم من ناحية لا يعترفون بهذا القانون فكيف يحترمون ما لا يعترفون به ؟ ومن ناحية أخرى يرون أن ما يقومون به من اغتيالات وجرائم في حق الدولة المدنية الحديثة وفقا لأفكارهم واجبات شرعية وجهاد في سبيل الله ويعتبرون أنفسهم أبطالا وليسوا معتدين لذا يرفض الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان الالتزام بأحكام القضاء ويعادون القضاة المدنيين إلى حد تصفيتهم إذا وجب الأمر!

و حتى لو افترضنا عدم علم البنا المسبق بتلك الجريمة سيظل الدافع على ارتكابها موجود إلى يومنا هذا ومتأصل في أدبيات الإخوان ومتجذر في أفكارهم, دافعا يكشف عن سر آخر من أسرار كره وعداء الإخوان للقضاة على مدار تاريخهم فبالنسبة لهم قضاة مصر على ضلال لأنهم لا يحكمون وفقا لما انزل الله ولكنهم يحكمون بالقانون الوضعي وبالتالي فهم في نظرهم كفار وحماة للجاهلية على حد تعبير سيد قطب منظر الإخوان ..

ويتجلى هذا الدافع في السؤال الذي وجهه المدبر للجريمة للمرشد العام عن رأيه وفتواه فيمن يحكم بغير ما أنزل الله ويمالئ الكفار والمشركين فأجابه المرشد إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ...)

فأعتبره القتلة إذنا وتوجيها لهم لارتكاب جريمتهم تماما كما أفتى الشيخ الغزالى وجبهة علماء الأزهر بردة فرج فوده فأقدم أحدهم على قتل المرتد لينال الشرف والفردوس الأعظم .

ومن الملفت للنظر والصادم في الوقت ذاته هو تطابق رد فعل المرشد مع رد فعل الغزالي فور علمهم بالجريمة فقد صرح كلاهما بأن القتل فى كلتا الحالتين قد تم بحسن نية !! فالأول ضال وعلى قاتله دفع الدية فقط !!!!والثانى كافر لا دية له !!!!

وهاهو التاريخ يعيد نفسه وتعيد جماعة الإخوان نفس المشهد الإجرامي في 2012 مع تعديل طفيف وهو اشتراك حركة حماس الفلسطينية الجناح العسكري للإخوان في الجريمة ضد قضاء مصر وأحد رموز سيادتها و يأتي استهداف القضاة وخاصة المستشار الشجاع أحمد الزند لأنهم يقفون حائلا صلبا أمام مشروع التمكين الاخوانى الذي يسعى لهدم دولة القانون وأخونة مصر, فلم تعد محاولات الإخوان الدءوبة لاختراق القضاء والسيطرة عليه ليكون تابعا لمكتب الإرشاد خافية على أحد خاصة بعدما ظهرت ما تسمى بحركة قضاة من أجل مصر والاسم الصحيح لها هو قضاة ضد مصر وهى حركة ترفع شعارات الاستقلال والنزاهة !في الوقت الذي كانت فيه أول من أعلن نتيجة الانتخابات معتدية بذلك على اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات ! وفى الوقت الذي تصدر فيه بيانات مؤيدة لقرارات الرئيس محمد مرسى بشكل مطلق حتى الإعلانات الدستورية التي تمنحه سلطات مطلقة بما فيهم السيطرة على القضاء !! وفى الوقت الذي تتعدى فيه على حكم المحكمة النافذ بحق مجلس الشعب المنحل وتطالب بعودته !

ومن المضحك أن يرفع الإخوان فى محاولاتهم السيطرة على القضاء شعارات مثل تطهير القضاء والاسم الصحيح هو( تركيع القضاء ) فشعارات التطهير والفلول تطلق على كل من لا يركع للإخوان ويقف ضد مخططاتهم للسيطرة على البلاد سواء أكان من الكتاب أو الإعلاميين أو القضاة بينما من يتحالف معهم أو يتبعهم فلا أثم ولا حرج عليه !وربما يفسر ذلك مكانة محمود مكي القاضي الذي عمل مستشارا لأمير قطر لمدة 6 سنوات ليعود بعدها نائبا للرئيس المبارك من قطر محمد مرسى ويحظى بمكانة مرموقة لدى الإخوان رغم استقالته ولعل اختيار المرشد لمحمود مكي اختيارا دقيقا ليكون نموذجا مشجعا لغيره من القضاة الأحرار لعلهم يحذون حذوه ويسلمون رايتهم له !! وترتفع وتيرة البجاحة لدى من يرفعون شعارات التطهير فلا مانع من تكريم من كان يتصدر قائمة الفلول والفساد في الأمس القريب ويصوب ضده الشتائم وتكال له التهم من قبلهم , بل ومنحه الأوسمة والنياشين فور تسليمه الراية والسلطة لهم ! فدعوات الفلولية والفساد لا تطال إلا من يرفض التبعية والانصياع للجماعة ومرشدها !

وعلى الرغم من نفى الإخوان صلتهم بمحاولة الاغتيال الفاشلة والادعاء بأنها مسرحية ومؤامرة ملفقة ضدهم تماما كما أنكر حسن البنا مؤسس جماعتهم صلة الإخوان بمقتل الخازندار فيما مضى! إلا أن هذه المرة الأمر مختلف فالتحريض على الجريمة من قبل الرئاسة مسجلا بالصوت والصورة فلم تأت محاولة اغتيال المستشار الزند مع غيره من قضاة مصر الأحرار محض صدفة وإنما أتت بعد محاولات متكررة من اغتيال القضاء المستقل ودولة القانون والتحريض المستمر عليهم من جانب محمد مرسى الذي حلف اليمين الرئاسية أمام المحكمة الدستورية العليا ومع ذلك لم يتردد في أن يضرب بذات اليمين عرض الحائط في سابقة هي الأولى من نوعها لرئيس جمهورية , تعكس مدى استهتاره بالقضاء وباليمين معا ! تبعها برفضه لحكم حل مجلس الشعب على رغم من قدسية أحكام القضاء فى كل دول العالم ! ولم يعد العداء للقضاء بعد ذلك مستترا بل أصبح معلنا حيث اتهم مرسى صراحة في أحد خطاباته القضاة بتسريب الأحكام قبل صدورها ! وأصدر قرارا يطيح فيه بالنائب العام (المعصلج) ليحل محله نائبا آخر تابعا للإخوان ! و بلغ عداء الرئيس وحصاره للقضاء الحر ذروته بتحريض المرشد لميلشياته وأنصاره لمحاصرة مبنى المحكمة الدستوريا العليا في تصرف همجي كان له صدى سلبي داخليا ودوليا منذرا بتداعي دولة القانون في مصر واستبدالها بشريعة الغاب ...

ولم يعد بعد تلك الاغتيالات المعنوية والضغوط المتكررة سوى الاعتداء الجسدى والاغتيال المباشر ! كحل أخير.

وبرغم تشابه الجريمتين في الماضي والحاضر إلا أن هناك شيئا مختلف , شيئا ما في نسيج المجتمع المصري تغير... شيئا ما جعل المصريين يرون الحق باطلا والباطل حقا ... شيئا ما جعلهم يفتحون عقولهم ويمدون أياديهم لتجار الدين بدلا من عزلهم... شيئا ما جعل الانتماء للدين الذي هو علاقة في ضميرالإنسان أساسا للانتماء للوطن... شيئا ما جعل بعض المصريين يسعون مع المجرمين فى حصار دولة القانون وهدمها ...شيئا ما جعلهم يبررون بدلا من أن يستنكرون !...شيئا ما جعلهم يكرهون أنفسهم ووطنهم ....

فهل نجح حسن البنا فى مهمته بعد أكثر من 80 عاما واستطاع اليوم أن ينال من مصر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في