الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن أوهام الفاشية الدينية

فريدة النقاش

2012 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بأسرع مما تصورنا نحن دعاة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وبأسرع مما تصور السياسيون الإسلاميون أنفسهم بعد أن وصلوا إلي السلطة بأشد الطرق التواء وانتهازية، سقطت الأوهام التي ارتبطت بهم والتي راهنوا علي جرجرة المصريين خلفهم باسمها.

أشاعت قوي الإسلام السياسي أنها مفوضة من الله – سبحانه وتعالي – لهداية الشعب المصري وقيادته إلي الجنة علي الأرض أولا وفي الآخرة ثانيا، وانقاد وراءهم في البداية جمع غفير من المواطنين البسطاء المتدينين بسماحة وصدق، ولكنهم سرعان ما اكتشفوا أن أبناء الله هؤلاء مزورون وكذابون بل ومتوحشون في الدفاع عن سلطتهم، وسقط القناع الذي وضعوه علي ممارساتهم، واختبرت أعداد كبيرة من المواطنين – وبخاصة شباب ثورة 25 يناير – اختبروا ازدواجية الإخوان المسلمين وحلفائهم الذين كان بعضهم رفاقا لهم في بعض أيام الثورة، هذه الثورة التي التحق الإسلاميون بها متأخرين ثم تركوها مبكرا لينخرطوا في ألاعيب سياسية، كثير منها غير أخلاقي بل وشديد الغباء والانتهازية، وكانت عيونهم دائما علي السلطة «وطظ» في الثورة «وطظ» في مصر وشبابها المناضل.

اكتشف ملايين المصريين أن قوي الإسلام السياسي إنما تتلاعب بهم وتضللهم بل وتعتدي بأساليبها البذيئة علي تدينهم المنفتح الواسع والمتسامح حين تؤجج أشكال التعصب الطائفي، وتعادي المسيحيين وتسعي لمحاصرتهم وصولا إلي تقسيم البلاد وتمزيق نسيجها المتين الذي جري غزله من كل مكوناتها الثقافية والدينية والحضارية والشعبية عبر العصور ليخرج هذا التكوين الفذ الفريد المسمي بمصر، مصر التي هي وطن يعيش فينا علي حد تعبير البابا الراحل شنودة الثالث الذي شنت عليه جريدة «الحرية والعدالة» الناطقة باسمهم مؤخرا هجوما كاسحا، وصولا إلي مطالبة المواطنين أو المسلمين بالأحري بمقاطعة البضائع التي تنتجها مشروعات المسيحيين المصريين، تمهيدا لإشعال الفتن الدينية التي من المؤكد أن ملايين المصريين لن يسمحوا لهم بها بعد أن تكشفت لهم حقيقة الأوهام التي أغرقوا بها الناس.

وكان أول الأوهام التي جعلت مرشدهم السابق يقول إنه يقبل أن يحكمه ماليزي أو أندونيسي مادام مسلما وطظ في مصر، هو وهم إحياء الخلافة الإسلامية بعد ما يقارب التسعين عاما من تحلل الخلافة العثمانية، التي مارست كل أشكال الاستبداد والاستغلال والفساد في الولايات التي حكمتها، وسقطت هذه الخلافة بفعل تآكلها الداخلي حتي قبل أن يتعاون العالم الاستعماري ضدها، واندلعت الانتفاضات والثورات في البلدان التي حكمها العثمانيون قبل أن يشيعهم التاريخ إلي مثواهم الأخير.

والآن، وبالتقرب إلي تركيا التي يحكمها حزب أصولي إسلامي وتنتعش فيها نزعة إمبراطورية عثمانية جديدة، يتصور حكامنا أنهم يخطون في اتجاه إحياء الخلافة بصرف النظر عن حركة التاريخ، ورغم عضوية تركيا في حلف الأطلنطي وهي المكلفة إلي جانب إسرائيل بحماية المصالح الإمبريالية في المنطقة.

ومع ذلك ورغم هذا التهافت للالتحاق ببقايا الخلافة فإنهم ودعوا «رجب طيب أردوغان» بعد زيارته لمصر باللعنات، لأنه قال إن في الإسلام أسسا قوية للعلمانية، وأنه ليس هناك تناقض بين الإسلام والعلمانية، وهو ما سبق أن قال به «مهاتير محمد» زعيم ماليزيا الحديثة الذي أكد أنه مسلم علماني، وأن فصل الدين عن السياسة ضرورة، ولكن دعاة الخلافة في مصر انتقائيون ولا يرون تناقضاتهم.

وقد تآكل وهم الخلافة الذي يغذيه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين مع انكشاف حقيقتهم أمام ملايين المصريين الذين سخروا من أحلامهم الإمبراطورية ورفضوا أسطورتهم الأممية البائسة التي عجزوا تماما عن تسويقها.

أما الوهم الثاني فهو ادعاؤهم احتكار الدين وتمثيلهم له، وقد علمهم المصريون درسا بليغا ندعو الله أن يستوعبوه، وذلك في شكل الإصرار المتزايد من قبل جماهير بسيطة علي أن «الدين لله والوطن للجميع» وليس هناك من هو مفوض باسم الله – سبحانه – لكي يقودهم إلي الجنة، وأثبتوا أنهم أعلم بشئون دنياهم، ورفضوا تحويل الجوامع إلي منابر للدعاية السياسية بعد أن أثمرت جهود القوي المدنية الديمقراطية التي دعت بكل السبل لفصل الدين عن السياسة التزاما بشعار ثورة 1919 المجيدة «الدين لله والوطن للجميع».

وثمة وهم آخر يتمثل في تصوراتهم حول إعادة الشعب المصري إلي ما قبل 25 يناير 2011، ناسين أن المصريين بإسقاطهم لمبارك قد أسقطوا حاجز الخوف إلي الأبد، وأن الإرهاب الأسود الفاشي باسم الدين لن يعيدهم إلي الوراء وإن عطل مسيرتهم مؤقتا نحو تحقيق أهداف ثورتهم التي سطا عليها الإسلاميون بادعاء أنهم كانوا شركاء فيها، فارضين دستورهم الباطل الذي ولد ميتا.

إن متابعة مظاهر الإفلاس الفكري المعنوي والسياسي في ممارسات الإسلام السياسي الحاكم لابد أن يفتح لنا باب الأمل لاستعادة الوطن المخطوف وإسقاط حكمهم كما سبق أن سقط حكم «مبارك» حتي تواصل الثورة مسيرتها من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وإن غدا لناظره قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رهانات
فؤاد النمري ( 2012 / 12 / 26 - 08:49 )
راهنت جبهة الإنقاذ على الوعي في الشعب المصري وراهن التأسلمون على الأمية والجهل فنجح المتأسلمون وفشل الإنقاذيون
مشروع الدستور ليس شرعياً طالما أنه دستور أقل ةمن 12% من الشعب المصري أو 20% من الهيئة الناخبة. أي أنه دستور الأقلية بينما شرعية الدستور هي أن يكون الدستور هو دستور مجموع الأمة
جبهة الإنقاذ ساءت المواجهة إذ ظلت تنادي بمقاطعة الاستفتاء وقبل 24 ساعة فقط قبلت المشاركة وهو ما لا يفعله إلا الأغرار
أطردوا جماعات 6 ابريل من صفوفكم فلولاهم لما وصل المتأسلمون لسدة الرئاسة. طردهم يعبر عن أصالة الجبهة مما يزيدها قوة ـ ما فيش في السياسة عفواً إحنا غلطنا


2 - الانتخابات نقيض الفاشية
عبد الله اغونان ( 2012 / 12 / 26 - 14:28 )
الفاشية هم من يرفضون الاحتكام الى الشعب
أجريت الانتخابات وظهرت النتيجة
تعلموا ولو قليلا من الدمقراطية


3 - يا حسرة
خالد ( 2012 / 12 / 26 - 15:13 )
المثقفون المصريون لا يستفيدون إلا من تجربتهم هم ، أما تجارب الآخرين فيا حسرة لا يستفيدون منها ..الأخوان المسلمون مزورون من الدرجة الأولى ، كذابون من الدرجة فوق الأولى ، تجارب السودانيين معهم أنهم عندما يصلون للسلطة يفعلون ما لا يخطر على بال . ماذا ننتظر من قوم اعترف زعيمهم الترابي بأنهم كذبوا ؟ اعترف (المحبوب عبد السلام) في كتابه (دائرة الضوء ...) ىأن الحال وصل بهم لتزوير انتخاباتهم الداخلية بعد أن تعودوا على التزوير في كل انتخابات خاضوها .. عندما أشاهد زعماءهم يتكلمون في المحطات الفضائية بوداعة مصطنعة و نزاهة كذوبة و إيحاء بالديمقراطية ، عندها أصاب بالغثيان و أعرف أنني أشاهد فيلما شاهدته من قبل بكل تفاصيله ... إنهم يكذبون مرضاة لله ، بل يمكن أن يفعلوا أي شيء بغض النظر عن أخلاقيته ... سيزورون أي انتخابات يدخلونها و بوسائل شيطانية لا تخطر على بال ، لا تستغربوا إذا قلت لكم أنهم بدلوا صناديق كاملة و من الطريف أن مترشحا ضدهم أدلى بصوته و معه زوجته و أبنائه و لكنهم عند إعلان النمتيجة كان نصيبه صفر صوت .. بدلوا الصناديق أكثر من مرة بوسائل لا تخطر حتى لإبليس ... الأخوان سرطان العصر و قتلته


4 - أطردوا جماعات 6 ابريل من صفوفكم
محمد بن عبد الله ( 2012 / 12 / 26 - 17:26 )
أتفق مع الأستاذ النمري في قوله:

(((أطردوا جماعات 6 ابريل من صفوفكم فلولاهم لما وصل المتأسلمون لسدة الرئاسة)))

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب