الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية العمياء والاستبداد المبصر .. كارثتين

سامي بن بلعيد

2012 / 12 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يبدو وكأننا أمام مشهد درامي حزين في حال النظر الى حركة الحياة بفعلها الثقافي والسياسي والاجتماعي والفكري على واقع العرب الذي أصبح خليط من الزوبعات التي نشرب منه كؤوس الحنظل على الدوام , والشيئ المضحك المبكي هو ذلك المشهد الحزين الذي يمثله غالبية أتباع الحرية ومن يصنفون أنفسهم ثوررين وضد التخلف والفساد

يحزن المرء حين يرى الفساد والتخلف قد أستشرى في واقعنا العربي على مر القرون الطويلة وكأنه لا يوجد من يقاوم ذلك , ويزداد الحزن عندما يلاحظ المرء إن ثورات الاجيال التي تحاول جاهدة الخروج من ذلك النفق المظلم تبوء بالفشل , وينهض أمامها كل أعداء الحياة في الخارج والداخل , ولكن ما يضاعف الحزن والكمد هم أولئك الناطقون بإسم الحرية الانسانية وحقوق الانسان ممن يتحركون بعقول تم إستنساخها من نسختين .. نسخة تعمل بنفس طريقة أرباب الفساد من حيث نارية الشعارات والرفض للآخر وإستخدام الحديد والنار بطرق إنفعالية تضر ولا تنفع .. والنسخة الثانية هي تلك العقول المغتربة عن الواقع العربي والتي تم إستنساخها لتعمل خارج إطار الذات الثقافية وتلك هي الاخطر على الاطلاق لانها ترفع شعارات الحرية والعدالة والمساواة وهي لا تعمل بها وليس لديها أستراتيجية عمل مجتمعي موحد وليس لها صلات جامعة ولا حدود معروفة , تتحرك بشكل هامشي وفردي في الغالب

ثورات وأحرار بغالبيتهم يمثلون الحرية كما يمثل الفاسدون فسادهم , شعارات جوفاء ومقطوعة الصلة عن العقل والواقع , ظاهرة صوتية على مر العقود , رفض للآخر , سلوك لا يميز الاحرار كثيراً , سلوك لم يصل الى عقول الجماهير ولم يرتقي الى درجة الوعي الثوري الناضج والمرحّب به والذي يضمن تكاتف الجماهير حوله , للاسف إنه أصبح سلوك تفكيكي في الغالب وتتويهي وتعصبي وقائم على الصراع ولا تفرق المسألة ان يقرأ الانسان للسيدة نوال أو للشيخ القرضاوي أو لغيرهم من الجانبيين

أين ما يميز الاحرار ؟ كيف نستطيع أن نحلل الوجه الوسيم للحرية والاستقرار الاجتماعي العام محل الوجه القبيح للاستبداد والاضطراب الاجتماعي العام ؟
كيف يمكننا تطبيق ما جاء في تلك المقدمة الرائعة لادارة الحوار المتمدن في الصفحة التي أقيمة لاحياء الذكرى الحادية عشرى لتأسيس هذا الموقع
وتلك المقدمة الرائعة تقول

عملَ الحوار المتمدّن منذ تأسيسهِ في العام 2001 على نشر وترويج الفكر اليساري والعلماني والديمقراطي، وإشاعة ثقافة احترام الرأي والرأي الآخر، وكذلك تنشيط الحوارات بين القراء والكتاب من النساء والرجال وضمان تنشيط النقاشات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والبيئية، بهدف الوصول إلى أرضية إنسانية عادلة صالحة لبناء مجتمع مدني ديمقراطي علماني حديث يضمن المساواة والعدالة الاجتماعية، و يُحترم فيه حق الإنسان في الحياة والعمل والعيش الكريم وحرية التنظيم والتعبير والتظاهر والإضراب , وحرية المعتقد والانتماء ... الخ، إضافة إلى تنشيط الحوار السياسي و الثقافي والفكري بين الأطراف المختلفة، لتحقيق الأهداف التي وضعتها مؤسسة الحوار المتمدّن عند انطلاقتها الأولى. وخلال السنوات المنصرمة أصبح موقع الحوار المتمدن منبراً إنسانياً عاما مفتوحاً للجميع وبالأخص للتيارات العلمانية والليبرالية والديمقراطية كافة , بل حتى للاتجاهات الدينية المتنورة.

نستطيع أن نقول إن هناك إستراتيجية عظيمة مرسومة هنا وعلى من يحسبون أنفسهم إمراء أقلام أن يتواضعوا ويعملوا على إعادت بناء حلقات الوعي الانساني الجامع بين أوساط الشعوب , ويقوموا بثورة تغيير مع أنفسهم كما قال الجابري إصلاح العقل بالعقل ولا يعلوا من الحرية سلاح يقتل الشعوب ويمزقها ويجسد الكراهية والتعصب بين صفوفها لاننا سنكون في هذه الحالة أمام حرية عمياء لا عقل لها وستكون شريك فعلي للعقل العربي الاستبدادي الذي يظهر عليه الحنكة في الالتحام والاصطفاف مع الشر وتابعيه , حينها ستكون الجماهير هي الضحية وسوف تصبح قوى الاستغلال أكثر قوة مما كانت عليه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟