الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحدّيات الحفاظ العمراني المستدام لشواخص العراق التأريخية

عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

2012 / 12 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ملخص البحث:
خلّفت حضارة وادي الرافدين شواخص معمارية ومدناً تاريخية فاق عددها الإثني عشر ألفاً، وتعدّت أهمّيتها العراق لتمثّل بجدارة حضارةً للإنسانية جمعاء، لذا فان الحفاظ عليها والعمل على صيانتها وإيداعها بأمانة للاجيال القادمة مسؤولية تاريخية ينبغي على الجميع تحمّلها.
بيد أنّ تلك المهمة تواجه على أرض الواقع تحدياتٍ هائلة لعلّ في مقدمتها مظاهر التدمير والسلب التي طالتها منذ إحتلال بغداد في نيسان 2003م، ودفعت مجلس الآثار العالمي الى إدراج العراق ضمن المواقع الأثرية المعرضّة لخطر الإزالة، وهي المرة الاولى في التاريخ التي يتجاوز فيها تعريف "خطورة الإزالة" ليشمل بلداً كاملاً كالعراق، فجاء في تقرير المجلس سنة 2006م (هناك عمليات نهب واسعة واحتلال عسكري ونيران مدفعية وتخريب متعمّد وأعمال عنف وتدمير فيما يبدو انها عملية تدمير للحضارة الإنسانية).
وفي ظل إستمرار تلك المظاهر حتى اللحظة بأجندات وتخطيط ومشاركة بعض الجهات الخارجية والداخلية..
يركزّ بحثنا على أبرز تحدّيات الحفاظ العمراني المستدام المتمثلة بسيناريو إستهداف الذاكرة الحضارية العراقية، والخطوات الترقيعيّة في التعامل مع هذا الملف الخطير من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، وضعف الوعي الشعبي بأهمية الشواخص التاريخية، ويهدف البحث على الصعيد المحلي الى حثّ المخططين العمرانيين والحضريين والباحثين على بلورة خطط الحفاظ المبنية على مبادىء إستدامة العمران، والى دعوة الجهات الإقليمية والدولية المعنيّة الحاضرة في مؤتمر دبي الحالي بالتدخل العاجل والجدّي لإنقاذ ماتبقى من التدمير والنهب بما يضمن التواصل الحضاري لشعبٍ ضربت جذوره أعماق التاريخ، وقدّمت أرضه أوضح الصور عن ولادة الحضارات الإنسانية وتعاقبها.
وتكمن أهمية البحث بكونه من الدراسات النادرة لتقصّي عمليات نهب تاريخ العراق وسلبه هويته، وروحه الكامنة في موروثاته الحضارية، وهو مالا يقل خطورةً عن عمليات "الصدمة والترويع" التي أستهدفت عاصمة الرشيد إبان إحتلالها قبل أكثر من تسع سنوات.
وتشير النتائج الأولية للبحث الى أن التحرك الحكومي الفاعل بتأمين الموارد المالية والبشرية اللازمة، وتشكيل مجلس وطني أعلى للحفاظ على التراث العمراني، وتفعيل القوانين والتشريعات، ونشر الوعي الجماهيري كفيل بالحدّ من تلك العمليات، فيما يتطلب الأمر على الصعيد الدولي التعاون مع المنظمات المعنية لإسترداد أكبر عدد ممكن من القطع المنهوبة الموجودة في شتى ارجاء دول العالم، وإستثمار الخبرات العالمية لإحياء المواقع الأثرية العراقية وتأهيلها ثقافياً.
الكلمات المفتاحية: الحفاظ العمراني، الإستدامة، المواقع الأثرية، السياحة الثقافية.
.مقدمة:
لم يتسنّ للكثير من المتخصصين بالحفاظ العمراني حتى اليوم قراءة القصة الحقيقية لعمليات الدمار التي حلّت بالعراق (الجديد) بنيةً وثقافةً وتاريخاً وإنساناً ما يؤكد اننا ازاء حدث لم تكن فصوله كما يطلق عليها في مصطلحات الحرب قتل غير مباشر بل كان نتيجة لتخطيط ودوافع مبيّتة لتجريد البلد من ذاكرته التاريخية.
فمع بدء الحرب على العراق سنة 2003 م, تفاخر أحد مخططي المدن عبر الإذاعة "الإسرائيلية" بأنه تبرّع بتقديم خرائط مفصلة عن المواقع الأثرية العراقية للقوات الأميركية (دون مقابل) آملاً أن يبادر طيّارو التحالف الى قصف هذه المواقع من البر والبحر والجو لأنها أخطر من أسلحة الدمار الشامل!، ولا يمكن التخلص من الإرهاب الشرقي إلا بتدمير شامل للتاريخ... ومما قاله حينذاك "احرموا سكان هذا الجزء من العالم تاريخهم الحضاري المتراكم وحرروهم من تراثهم واتركوهم بلا ثياب داخلية"!
مشكلة البحث:
تتمثل بالتحديات الهائلة التي تعترض خطوات الحفاظ العمراني المستدام للمواقع الأثرية العراقية لعل في مقدمتها عمليات التدمير والسلب منذ 2003م والمستمرة حتى بعد إنسحاب القوات الأميركية من العراق ما يعكس إهمالاً وقصوراً واضحاً من قبل الجهات المعنية في إدارة ملف التراث العمراني للبلد.
أهداف البحث:
يأتي بحثنا الحالي ليطلق العنان لجميع المعنيين على المستويات المحلية والاقليمية والدولية للتدخل بصورة عاجلة وتقديم الدعم الفني والمادي لإنقاذ ما تبقى من شواخص الحضارة البشرية القائمة على ارض الرافدين، والحفاظ عليها بعيداً عن الخطوات الترقيعيّة للحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003م، كما يهدف البحث الى حث المخططين العمرانيين والحضريين والباحثين على تبنّي مبادىء استدامة العمران في خططهم المتعلقة بالحفاظ على التراث العمراني.
فرضيات البحث:
يفترض البحث أن تخليّ القوات المحتلة عن واجباتها (المنصوص عليها دولياً) بحماية المواقع الاثرية العراقية كانت خطوة مقصودة ذات أبعاد سياسية وتاريخية وآيديولوجية، كما أن تلكؤ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ ذلك الحين وحتى اللحظة في إسترداد الاثار المسروقة والحفاظ على ماتبقى منها أنما يعكس فشلاً وتواطؤاً ذي مصالح شخصية وحزبية ضيقة تقود دفة الأمور نحو مزيد من التراجع في أداء العراق لدوره في البناء الحضاري والإنساني.
منهجية البحث:
يتّخذ البحث منهجاً وصفياً- تحليلياً لتتبّع تفاصيل ما تتعرض له المواقع الأثرية العراقية منذ إحتلال بغداد في نيسان 2003م وحتى الآن، ويقدّم الأدلة والمؤشرات التي تؤكد أن ذلك يقع ضمن عمل ممنهج ومخطط لإستهداف الذاكرة الحضارية العراقية.
أهمية البحث:
يكتسب البحث أهميته من كونه إحدى الدراسات النادرة التي تتناول جريمة العصر التي استهدفت الشواخص الحضارية العراقية، وتركزّ على الأساليب الكفيلة لإنقاذ ماتبقى منها من عمليات التدمير والسلب المتواصلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي