الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور قادة الأديان

امال رياض

2012 / 12 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يسود لدينا الاعتقاد بأن قادة الأديان ينبغي عليهم مجابهة هذا التحدي التاريخي إذا أرادوا للقيادة الدينية هذه أن يكون لها أي معنى في المجتمع العالمي الذي بدأ يبرز إلى الوجود نتيجة ما مرّ به من تجارب التحوَُّل والتغيير التي أحدثها القرن العشرون. فقد بات من الجليّ أن أعداداً متزايدة من الناس قد وصلت إلى قناعة بأن الحقيقة الكامنة في الأديان السماوية كلها حقيقة واحدة في جوهرها، وما كان لمثل هذه القناعة أن تصدر نتيجة أي حلّ لمجادلات فقهية، ولكنها صادرة عن وعي وجداني أغناه ما توفر للآخرين من خبرات واسعة ونتيجة تولّد الإعتقاد بوحدة العائلة الإنسانية ذاتها. فمن مزيج معتقدات وطقوس دينية وأحكام شرعية تمّ توارثها من عوالم عفا عليها الزمان، بدأ يبرز هناك شعور بأن الحياة الروحية، مثلها مثل الوحدة التي تجمع مختلف القوميات والأعراق والثقافات، تشكل في حدِّ ذاتها حقيقة واحدة مطلقة ميسور لكل إنسان سبيل الوصول إليها. ولكي يتأصل هذا الشعور الذي بدأ يعمّ الناس ولكنه لا يزال في بداية أمره وليتمكن من الإسهام إسهاماً فاعلاً في بناء عالم يسوده السلام، ينبغي عليه أن يحظى بالتأييد القلبي الكامل من قبل أولئك الذين تتوجّه إليهم جماهير الناس في كل أنحاء العالم طلباً للهداية والرشاد حتى في هذه اللحظة المتأخرة. - من "رسالة بيت العدل الأعظم إلى قادة الأديان في العالم" – نيسان/أبريل 2002م
ففي كل يوم يمر بنا يتفاقم الخطر من أن النيران المتصاعدة للتعصبات الدينية سوف يستعر لهيبها ليحرق العالم كله مخلّفاً من الآثار المدمرة مالا يمكن أن يخطر على بال. ولا سبيل لدرء هذه المخاطر من قبل الحكومات المدنية بمفردها دون أي معونة. ولا ينبغي أن نخادع النفس فنعتقد بأن مجرد المناشدة لقيام التسامح المتبادل باستطاعتها وحدها إطفاء نيران العداوة والبغضاء والقضاء على التعصبات التي تدّعي أنها مشمولة بتأييد إلهي. وتهيب الأزمة الراهنة بالقيادات الدينية لقطع الصلة بالماضي بالحزم والصرامة ذاتها التي انتهجها أولئك الذين مهدوا السبيل للمجتمع الإنساني لمجابهة تعصبات ماضية بالنسبة للعرق والجنس والوطن تتساوى في شراستها المدمرة مع التعصبات القائمة في عالم اليوم. ومهما كان المبرر لمحاولة التأثير في قضايا تتعلق بحرية الضمير فليس هناك سوى مبرر واحد هو حث الفرد على السعي في سبيل خير الإنسانية وصلاح أمرها. فعلى هذا المفترق الذي يعدّ أعظم نقطة تحوّل في تاريخ الحضارة الإنسانية ليس هناك من حاجة أوضح وأمسّ من حاجة العالم إلى مثل هذه الخدمات. لذلك يحثنا بهاءالله أن ندرك جيداً بأنه ’لا يمكن تحقيق إصلاح العالم واستتباب أمنه واطمئنانه إلا بعد ترسيخ دعائم الاتحاد والاتفاق.‘ - من "رسالة بيت العدل الأعظم الموجهة إلى قادة الأديان في العالم" - عام 2002م
فلنتمعّنْ بكلمات حضرة شوقي أفندي التي تبشرنا ببدء دخول البشرية عهد النضوج والبلوغ بقوله:
لم تكن غاية رسالة بهاءالله سوى الوصول إلى كعبة هذا الاتحاد العقلي والروحي لكافة أهل العالم، ويجب علينا إذا كنا لتعاليمه مخلصين أن نعتبر ظهورها وسيرها رمزاً على بلوغ الجنس البشري قاطبة ولا يجوز أن ننظر إليها بأنها مجرد مظهر من مظاهر الانتعاش الروحي الذي يصيب بني الإنسان في حظه المتغير، أو بكونها مرحلة أخرى في سفر الوحي المضطرد أو باعتبارها بمثابة ختم لدورات النبوة، بل يجب أن ننظر إليها بأنها رمز المرحلة الأخيرة والعليا لسفر التطور الهائل للحياة الإنسانية الجامعية على هذه الأرض. فالشعور الفجائي بالجامعة العالمية، والإحساس العام بالحقوق العامة لأهل العالم، والاتجاه العام نحو تأسيس مدنية وثقافة عالمية. هذه العوامل التي تتصل وتعمل في مجموعها مع المرحلة الأولى في التمهيد لظهور العصر الذهبي للدور البهائي تُعتبر في طواياها وخصائصها أبعد مدى وأعمق أثراً مما قد يتراءى لأول وهلة في تنظيم الهيئة الإنسانية على هذه الأرض، ولو أن الإنسان من الناحية الفردية سوف يستمر في التقدم والترقي نتيجة لهذا التنظيم، وهو ما يجب أن يسير فيه قُدُماً بلا نهاية. ونحن إذا أدركنا حقيقة بيانات بهاءالله نرى أن هذا التغيير الكلي المُعجِز غير المحدود المقترن بمرحلة البلوغ في حياة الفرد ونضوجه -وهو ما لا بد منه– يجب أن يأخذ طريقه جنباً إلى جنب في الاتجاه المحاذي لسير التطور الحادث في تنظيم الجامعة البشرية، ونرى أيضاً أن هناك مرحلة مماثلة أخرى من وجهة حياة العالم الجامعية يجب الوصول إليها إن عاجلاً أو آجلاً، يكون من شأنها إحداث ظاهرة أشد بروزاً في العلاقات العالمية، والإغداق على عموم البشر من أوجه النِّعَم والخيرات ما سوف يظل على تعاقب الأجيال المشوّق الأعظم والباعث الأكبر لهم فيما يحتاجون إليه لاستكمال مصيرهم الرفيع... - الكشف عن المدنية الإلهية ، ص 6–8








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي