الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شواهد من خطب الاسلام العربي .. عبد الملك السعدي انموذجا

ماجد عبد الحميد الكعبي

2012 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم تلق خطبة الشيخ عبد الملك السعدي التي القاها بين الحشود الانبارية المطالبة بالإفراج عن المعتقلات يوم الاحد المصادف 30/12/2012 كثيرا من الاهتمام من لدن الاعلام ، باستثناء بعض الاخبار القصيرة في الصحف الالكترونية واللقطات السريعة في بعض الفضائيات العراقية والعربية ، في حين نالت خطبة العلواني الجوفاء ! كثيرا من التحليل والتعليق والنقل في مقاطع (يوتيوب )على الرغم من انها مجرد عواء ونعيق عاطفي غير منضبط . وهذا يؤكد ويؤشر في الوقت ذاته ان حواس الاجهزة الاعلامية مبرمج لالتقاط الموجات الطائفية والمذهبية فقط والتي تكرس مفهوم العنف والانتقام والثأر الاعرابي ، اما النبرة الوسطية العقلانية فلا مجال يحتويها ولا حيز متوفر لاستقبالها ، وهذا الامر يؤشر خللا كبيرا في تلك الاجهزة ينبغي الانتباه اليه ، فالصوت الوسطي بات خافتا وغير مسموع في وسط الضجيج المتطرف ووسائل اعلامه المؤدلجة.
لقد تطرقت الخطبة الى موضوعات مهمة دون ان تثير اي نوع من الحساسية لدى متلقيها من كل الطوائف ، فقد كان الخطيب حكيما بما يكفي للتعبير عن ما يشعر به وتوصيله الى جمهوره بعبارات وجمل منتقاة ، وهذا الامر قلما نجده في معظم الخطب التي يلقيها المشايخ من اخواننا ابناء السنة والجماعة الذين غالبا ما يرددون عبارات وجملا محفوظة عن ظهر قلب ، ملتها الاسماع من كثرة ما كررتها الافواه وما لهجت بها الالسن . انها خطبة خالية من السجع والتشدق والشعرية الغنائية والزخارف اللفظية الشكلية . لقد كانت العفوية والصدق والبساطة والوضوح السمات الغالبة على اسلوبها ، فضلا عن مضامينها الوطنية و الاسلامية و الانسانية التي تدعو الى الوحدة ورص الصفوف من اجل الحفاظ على البلاد والعباد .. هذا صوت الحكمة الغائب الذي يجب ان يعود ويتكرر على اسماع هذه الامة ليعلو على كل زعيق نشاز . هذا الصوت الخفيض المهموس وتلك النبرة الخافتة التي تدعمها روح المشاعر الصوفية المرهفة شكّلا رادعا لكل صوت عال يبدر من هدير اصوات الحشود المتلاطمة ، الامر الذي خلق مفارقة ملحوظة على مستوى التقبل . هذا الصوت الذي يجب ان تُجاهر به كل الاسماع ، ليشعر الناس بالطمأنينة والهدوء ، فتطبع على محيا المسلمين سيماهم المتسامحة , كفانا اثارة وتحفيزا للمشاعر غير المنضبطة التي تكون سببا في اندلاع الكوارث بالحرث والنسل .
فالعراق اليوم بحاجة الى اكثر من ( غاندي ) ليعيد اليه هدوءه وحكمته واستقراره ، بعد ان عاثت به ايادي الجبابرة والطغاة - دهرا طويلا - قتلا وتشريدا .. العراق بحاجة الى نفوس سامية ترى كربلاء (سنية ) قبل ان تكون (شيعية) وان الانبار (شيعية) قبل ان تكون (سنية) ، فلا فواصل او عوازل او موانع جغرافية بين المدينتين .. لقد برهنت الجغرافية انها اشفق منا ( نحن البشر) بالمدينتين.
ان العراق بحاجة الى حكماء يصلحون ما افسدته السياسة ، و ليس بحاجة الى ردّاح يرقصون على حبال منافعهم ومتشدقون يعبرون عن اهوائهم الشخصية والطائفية. وبعد سماعنا لتلك الخطبة المرهفة بالمشاعر الجياشة النبيلة والحافلة بالقيم الاسلامية الانسانية الرفعية ، هل يكون الشيخ عبد الملك السعدى (غاندي) العراق ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah