الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية ....خارطة طريق المجتمع المصري

مؤمن عشم الله

2013 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبيل القرن السابع عشر لم تكتسب مصطلحات كالطائفية او التعصب والمتعصبون بريقا .بل ولم تحدث صخبا قبل ذاك ولم يهتم الكثير من المفكرين والفلاسفة بأثارة المعني او التعرض لتفنيد تلك المصطلحات وكنهها.
وبالرجوع للظهور الأول في كتب الفلاسفة والفكر الغربي لمثل تلك المصطلحات يكتب جون لوك ( فيلسوف وطبيب أنجليزي ) ويشجب لأول مرة هؤلاء مسميا أياهم" اصحاب الحمية " ويؤكد علي ضرورة وقف سيطرة المتعصبين علي المجتمع .وينطلق جون لوك من قاعدة علمانية يرسخ لها لأول مرة وهي محدودية العقل. فالعقل الأنساني مهما كانت سعة مداركة فهو محدود لا يستطيع ادراك المطلق واللامحدود.ومن هنا وجب الأختلاف بين البشر داخل الأطار المجتمعي الضيق –يشمل ذلك أي نطاق حتي داخل الجماعة الواحدة حتي تلك ذات الأنتماء الأيدولوجي الواحد.
السطور السابقة كانت مدخلا للأنطلاق منها الي مقاصد هذه السطور......
ونبدأ بطرح سؤالنا ....هل العلمانية هي الحل لمشكلات مجتمعنا المصري ؟!!
ونرد بسؤال استدراكي..وما هي مشكلات المجتمع المصري؟
تعلمنا من اساتذتنا أن تشخيص المرض هو نصف العلاج. فأن تضع يدك علي السبب الحقيقي لمرض ما معناه أنك تقطع شوطا طويلا يغنيك عن علاج أعراض المرض مما لا يفيد بل قد يرهق المريض ويحمله مزيدا من الأعباء الصحية و الأقتصادية.
لذا فأن وضعنا أيدينا علي أمراض المجتمع المصري صار من السهل كتابة روشتة العلاج
اخشي أن تغضب كلماتي البعض . لكننا هنا ندق ناقوس الخطر .أنا لست من القائلين –أو لم أعد منهم- بأن الشخصية المصرية هي شخصية وسطية والمصري محب للجميع وغير ذلك من الصفات الجميلة التي يحاول البعض بها تجميل الصورة المصرية. كما أنا ايضا ضد تشويه الصورة ....ولكني ايضا لا أرتدي نظارة سوداء.
أنه من الغرور بل والغباء ايضا أنكار ما طرأ علي الشخصية المصرية خلال العقود الخمسة الماضية. لن أكرر ما سبق وقرأناه وسمعناه في كل وسائل الاعلام المرئي والمقروء عن الهجرة للخليج ودور البترودولار في نشر الفكر الوهابي في مصر وأضمحلال دور الأزهر وسعي الأخوان لتقليص دور حزب الوفد علي الساحة السياسية....الي الكثير مما سمعناه في كل مكان.
أظن اننا نعمل بمبدأ النعامة التي دفنت رأسها في الرمال عندما نردد نفس الكلام عن وسطية وروعة الشخصية المصرية .وهنا نضع ايدينا علي أصل المشكلة و سبب الداء. الذي لايري أننا اصبحنا نعيش في مجتمع طائفي أقصائي متشدد فهو أما أعمي أو جاهل أو ربما متجاهل . وعن هؤلاء ساكتب وأتحدث !!!
في شتاء عام 1992 ... وقف المستشار مأمون الهضيبي وصرخ متحمسا وسط الألاف من مؤيديه والاف أخري من معارضيه في معرض القاهرة الدولي للكتاب أبان المناظرة الشهيرة التي دار سجالها بين القطب الأخواني والمفكر العلماني الشهير والأشهر د/ فرج فودة- رحمه الله- صرخ المستشار قائلا : نحن نتقرب الي الله بأعمال النظام الخاص وصفقت القاعة وضجت بالتهليل ( ملاحظة :كان يحضر هذه المناظرة الشيح محمد الغزالي والدكتور محمد عمارة وكانوا ممن صفقوا )
وفي عام 1955 طلب قداسة البابا كيرلس مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر لمناقشة بعض من مشاكل الاقباط فنهره عبد الناصر قائلا : مالهم الأقباط عايزين ايه أكتر من كده. وكان ماكان وقتها .
وأمام المؤتمر الأسلامي الذي تم التعتيم عليه قال الرئيس الراحل السادات انه بعد 20 عاما لن يبقي من أقباط مصر غير ماسحي الاحذية!!!
والسؤال هنا هل هذه قيادات تعي معني المواطنة أوتعمل علي تأصيلها في مجتمع يعاني نصفه او مايزيد من الجهل والأمية؟.
أم انهم يتحدثون عن وطن ملكية خاصة لهم –وطن قطاع خاص؟. هل هذا يتفق مع ما أقسم عليه هؤلاء من احترام للدستور الذي ينص علي المساواة . ام انه كلاما لا ضريبة يتم تحصيلها عليه.
ترسخت الطائفية والتعصب ومشاعر الكره بين أطراف المجتمع لأسباب عدة .وأذا أستمر أهمال ترسيخ مبادئ المواطنة فهذا طريق اللاعودة. تلك قنابل موقوتة علي وشك الأنفجار في وجه الجميع. واللعب بفتيل الطائفية سيقضي علي الأخضر واليابس بل هو كفيل بتدمير المجتمع من أساسه.
المواطنة لاتحتاج الي كلاما واقسام يحنث البعض بها ، المواطنة تحتاج الي مبادرات يتبناها من يحمل علي عاتقه صناعة القرار. ويتحمل صناع القرار وحدهم مسئولية أنتشار الكراهية بين طوائف المجتمع .
منذ أقل من مائة عام كان المجتمع المصري مجتمع تعددي لا يعرف التفرقة ظهر ذلك في الفن والسياسة والأقتصاد وكل المجالات .فتجد فنانا قبطيا يقوم بانتاج وأخراج فيلما عن قصة اسلامية وتجد غيره من رواد الأقتصاد في مصر وتجد أخر يخطب في جامع الأزهر في جموع الحاضرين .لم يكفر أحد الأخر أو يسال أحد عن ديانة ذاك .
كتبنا في مقالات عدة عن اسباب ذلك باستفاضة.وهناك المئات من المفكرين كتبوا وفندوا اسباب الطائفية في مصر. ولعل الأسباب ليست بخافية عن أحد يعلمها الملايين ولا ينكرها ألا من يريد الانكار.
أذن ما الحل؟ وما خارطة الطريق للخروج من الأزمة الحالية؟
لن اضع هنا أجندة العمل ولكني سادون بعض النقاط التي أعتقد انه لو تم الأخذ بها والعمل علي تطبيقها سيكون لنا المخرج مما نحن فيه :
أولاـ ترسيخ مفهوم المواطنة في المجتمع حيث لا تفرقة بين مواطن وأخر. ويتسني لنا ذلك من خلال عدة أجراءات
1- رفض دعاوي التكفير
2- التعامل بقوة مع أفكار الكراهية وأعمال القانون علي المحرضين ومن ينشرون أفكار تؤجج الفتنة وتروج لروح الكراهية بين المواطنين.
3- المبادرة باصلاح مناهج التعليم التي تحوي سموم تعمل علي تسميم أفكار البراعم الصغيرة فتنشئ جيلا طائفيا متعصبا يحمل من الكراهية ماهو كفيل بنسف جيلا كاملا.
4- التعامل بحزم من خلال القانون مع الأعلام المحرض و مروجي الفتنة

ربما لا يقع علي عاتق المواطن شئ مما ذكرنا بقدر ما يقع علي عاتق الحكومة والقيادات فما هو دور المواطن؟
علي المؤمنين بالمواطنة كمبدا اساسي للتعايش السلمي –مصطلح التعايش السلمي لنا عليه بعض المأخذ ولكن ليس مجال ذكرها الان- أن يخرجوا من قوقعتهم ، ينتشروا في المجتمع ، يتخلوا عن عزوفهم عن النزول الي الشارع. نناشدهم بالنزول من عزلتهم .لا تكتفوا بالكتابة .المجتمع لايقرأ. الشعب المصري أقل الشعوب العربية قراءة. لو كان هذا الشعب يقرأ لما كررنفس أخطاءه علي مر التاريخ حيث تاريخنا حافل بتجارب أخطانا فيها ولم نتعلم من أخطائنا بل كررناها.
الأصلاح يحتاج الي النزول الي المواطن البسيط في قريته، في مسكنه في الحي العشوائي، في حقله، في الحواري ، في الأزقة، وفي النجوع والكفور. الأستكانة والخضوع لا تجلب حقوقا ولا تصنع مواطنة. ما علي الأفراد عمله هو الأندماج في المجتمع في السياسة والفن والأقتصاد وكل مناحي الحياة المدنية. تعامل من منطلق اقتناعك بالعلمانية والمواطنة والديموقراطية. ستثور الأسئلة ضدك وهذا مدخلك للحوار والتوعية !!

ثانيا- النقل والتمصير للتجارب العلمانية التي أخذ بها غيرنا من المجتمعات :
لما للمجتمع المصري من خصوصيته وتقاليده فلن يقبل كل ما يخالف طبيعته .وليس من العقل ان نأخذ تجارب الشعوب لتطبيقها والعمل بها لمجرد أنها نجحت هناك،فليس معني ذلك أنها تناسبنا. العلمانية بالفعل تصلح لكل مكان وزمان ، ولكن علينا أن نتبني العلمانية بعد تطبيعها علي مقاس مجتمعنا.
لابد لنا ان ندرك أن العلمانية كغيرها من التجارب الأنسانية تطبق بقدرفهم المجتمع لها وبقدرتوافقها مع طبيعة وعادات وتقاليد الشعوب فالعلمانية في فرنسا مثلا ليست كمثيلته في أنجلترا.حيث أنفصال الدين عن الدولة كاملا في فرنسا تجد راس الدولة هو نفسه راس الكنيسة ممثلا في شخص الملك .
يعجبني كثيرا ما كتبه رائد الفكر وشهيد الكلمة د/فرج فودة عن قبول المجتمع المصري للعلمانية فيقول:
المؤكد أن العلمانية في مصر لاتعني فصل الدين عن الدولة حيث توجد مساحة لتداخلهما وقد استقر ذلك وأرتقي الي مرتبة العرف ، فالدولة ترعي المؤسسات الدينية وتختار قياداتها، وتحتفل بصورة رسمية بالاعياد الدينية وتفرد للدين مساحة واسعة في الأعلام والتعليم ولكن ذلك كله يتم في أطار محدد ومحدود لايدخل مصر بالقدر الكامل في الدولة العلمانية ولا يدخلها أيضا في الدولة الدينية( حوار حول العلمانية-فرج فودة).
نفهم من هذه الكلمات أن العلمانية تجربة نسبية فكل مجتمع يأخذ منها القدر الملائم لطبيعته فلا ينقل الكل فينفر المواطنين ولا يخالف اساسياتها فيشذ عن جوهر التجربة وهو الديموقراطية والمواطنة.

ثالثا- وأخيرا... ضرورة الأسراع قبل تفاقم الأمر فالبيئة قد تكون ملائمة جدا الأن قبل غد – فلنعمل مادام هناك نهار. لنتعاون قبل فوات الأوان. فما ندفعه من ضريبة لتحقيق التجربة الأن قد لا يكفي دفع أضعافه في الغد القريب. أعتقد أنه يجب أن نكون متفائلين بالقدر الكافي مؤمنين بالتجربة وقدر المسئولية الملقاة علي عاتقنا وعاتق كل من يؤمن بالمباديء السامية لتحقيق وترسيخ مفاهيم أنسانية رفيعة مامن شانها أعلاء قيمة الأنسان.
الحياة اما أن تكون مغامرة جريئة أو لاشئ ...هيلين كيلر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب