الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2013 هل نفهم شيئاً؟

وليد فاروق

2013 / 1 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مستهل عام جديد،، وقبل أن نحاول ثانية فهم ما يحدث يجب أولاً أن نفهم شيئا أساسياً... يجب أن نعلم أننا لا نعلم شيئاً.. يجب الاقتناع بأننا على قدر كبير من الجهل والظلام.. فما نعلمه ولو كان كثيرا هو مجرد نقطة في محيط لا متناهي.

سيفيدنا كبشر أن نعلم أننا جاهلون في معظم الأحيان.. فنحن نخطئ أكثر مما نصيب ونكذب أكثر مما نصدق ونتراخى أكثر مما نشتد.. ونتكبر أكثر مما نتواضع.. هذه هي حقيقتنا التي لن تتغير لأنها ثابتة في نفوسنا لكن المراد هو إدراك ذلك النقص فينا.. أن نقتنع بأننا لسنا بهذه المثالية التي نوهم أنفسنا بها. أن نتجرأ يوماً على أنفسنا ونعريها من ذلك الرداء الزائف الذي نتخيله وهو للأسف لا يخفي من عوراتنا شيء.

الإنسان في حالة من الضعف والتشويش لدرجة أنه لا يدرك كم الظلم الساكن في نفسه.. يمضي به الزمن ويشهد عليه التاريخ بأنه كان مجرماً في حق نفسه وبيئته وكوكبه، لكن عيب الإنسان القاتل أنه لا يتعظ ولا يتعلم، بل يصر على رأيه الثابت بأنه مازال أفضل خلق الله.

تعاقبت ذرية الإنسان على الأرض بغرور وبثقة زائدة بالنفس حتى أصبحنا لا نرى إلا أنفسنا ولا نثق إلا بعقولنا ومعتقداتنا التي قالت عنهما الكتب السماوية أن العقل ليس كامل وأن المعتقدات تتشوه إن توارثتها الأجيال بدون تفكير.

نحن لا نستطيع حتى تقييم أنفسنا بطريقة صحيحة.. فكيف ندعي كامل الرؤية والفهم بل ونتحدث باسم الله وكأننا نحن إرادته العليا القادمة من السماء .. أي جهل هذا؟
يجب أن نتخلّى عن قليل من ثقتنا العمياء في نفوسنا .. يجب مراجعة أشياء كثيرة بداخلنا ووضعها ثانية تحت الاختبار والتساؤل.

لماذا لا نحاول النظر مرة أخرى في معطيات الحياة؟ لقد أمرنا الله أن نقرأ فجهلنا، أمرنا بأن نرحم فقسونا، أمرنا بالعطف واللين فتجبّرنا، قال لنا الله أن هذا العالم هو وهم كبير.. فصدقنا الوهم ولم نصدق الكبير، فكيف بعد كل ذلك أن ندعي الفهم المطلق والثقة الزائدة بالنفس والتي أودت بحياة كل الأمم السابقة فنفعل ذات المهلكات ثم ننتظر نتيجة مختلفة .. أي جهل هذا؟

كلنا نحيا باقتناع تام أننا من أصحاب الجنة المؤمنون بينما لم نسأل أنفسنا يوماً من أين أتينا بذلك اليقين، أن الله سيغفر لنا بينما نحن لا نغفر ولا نرحم ولا نفهم شيئا!!

ليس مطلوباً الآن سوى القليل من التخلي عن نظرتنا الأحادية للأشياء.. ليس مطلوباً منا سوى أن نشعر في بعض الأحيان بأننا عاجزون عن الفهم.. وأننا لسنا على حق مطلق لمجرد أننا نحن. ونحاول دائما أن نعلم .. أننا لا نعلم شيئا.

ودمتم
وليد فاروق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة