الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام القبلي وصراع الزعامة . قراء في كتاب سيدي شمهروش : الطقوسي و السياسي لحسن رشيق (الجزء الثاني )

جواد التباعي

2013 / 1 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يجمع الباحثون في الجغرافيا وعلوم الاقتصاد على أنه كلما ارتفع عدد افردا الأسرة الواحدة كلما قلت إمكانيات الرفع من مستواها المعيشي . هذه النظرية قد تكون صحيحة بنسبة تفوق التسعين بالمئة في الأوساط الحضرية . لكنها ليست كذالك في البوادي و المداشر المغربية فكثرة أبناء الفلاح تعني توفير يد عاملة اكبر، وتأمينا للأب على شيخوخته في ظل نظام بدوي يحتاج إلى التكتل العائلي لمواجهة مصاعب الحياة في البادية . وفرض القوة في القبيلة في ظل نظام قبلي معقد .
يبدأ النظام القبلي بالسلالة (تيخصامت) و المدشر (تادشرت) و الدوار ثم القبيلة حيث تمنع الأعراف( القوانين الشفوية ) الانتماء لجماعتين أو سلالتين أو دوارين .ويتكلف بالشؤون الدينية فقيه منتدب ( أمشارط) لمدة سنة كاملة قابلة للتجديد بشروط محددة مسبقة (الشرط).
في الفترة الاستعمارية كان المراقب المدني وممثلو السلطة المحلية يقدمون هدايا فاخرة للقبيلة في ظل النظام الإقطاعي الذي كان سائدا خاصة وأن هؤلاء يأخذون من الفلاحين ضريبة " الترتيب الزراعي خاصة خلال فترة الموسم بالموسم السنوي في شهر غشت . والذي يكون تتويجا لسنة طقوسية تبدأ بذبيحة الحرث الجماعية في بداية شهر اكتوبر
" . ومع حصول البلاد على الاستقلال (من الهيمنة العسكرية فقط ) تحول المقدم و القائد و الباشا إلى وظائف إدارية تأخد رواتبها من الإدارة المركزية مما زاد من ثقل مصاريف الموسم مقارنة مع مداخيله. فتزايدت النزاعات بين الدواوير الثلاثة الساهرة على الطقوس ابتداء من ستينات القرن الماضي ، حيث عمد البعض إلى إضافة منازل وهمية للرفع من حجم الاستفادة من ارباح المقام . ارتفاع حدة الصراع بين دواوير تسيرها الأعراف دفعها الى طلب تطبيق السلطات للقانون ، لكن السلطات توصي دوما بالتراضي في ظل غياب قانون مكتوب كفيل بإرضاء جميع الأطراف في مثل هذه الحالات، وغياب وثائق ادارية تثبت أحقية هذا الدوار أو ذاك
يتولى من يعرفون ب "الزعماء" اتخاذ القرارات الكبرى داخل القبيلة ، فالزعامة هنا لا تعني ممارسة ادوار إدارية بقدر ما تكتسب من الشهرة العائلية ، و المكانة الاقتصادية ، و "روح المبادرة" في انجاز مشاريع ذات نفع عام للقبيلة . فالزعماء هم مالكوا مساحات زراعية شاسعة، ورؤوس مواشي كبيرة، ومعرفة جيدة بالوسط الإداري والسياسي والقدرة على الإقناع . وفي ظل الرغبة في فرض الزعامة تنشأ داخل القبيلة "جماعة المصلحة" التي تعتمد على التفاوض و المساومات ، لوجود مصالح واستراتيجيات متناقضة . لتظل العلاقة بين الزعماء الهادفين إلى السيادة ، و السلطات المحلية الهادفة إلى الحفاظ على الوضع القائم هو من يحدد ويحسم عناصر القوة داخل القبائل .
وعموما فالعمل تعتريه بعض النواقص لعل أبرزها اعتماد كاتبه على مرشيدين أو مخبرين كما سماهم أكثر من رصده الشخصي لبعض الظواهر لكونه غريبا عن الدواوير من جهة، و لقلة معرفته باللغة المحلية خاصة وأن الكتاب صدر باللغة الفرنسية وأعيدت ترجمته للغة العربية . لكن الباحث لحسن رشيق نجح في سبر جزء كبير من أغوار الموسم الطقوسية وربط بينها وبين الاقتصادي و السياسي في سلالة واضحة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ عقود.. -إسرائيل- تخرج من قائمة أفضل عشر وجهات ل


.. ما مصير صفقة تبادل الرهائن؟.. وهل يتجه نتنياهو للعمليات الع




.. الذكاء الاصطناعي يقتحم سباق الرئاسة الأميركية .. فما تأثير ذ


.. نتنياهو يطالب بمزيد من الأسلحة.. وبلينكن: نحاول تضييف الفجوا




.. منع إسرائيل المشاركة بمعرض يوروساتوري للأسلحة بفرنسا بقرار ق