الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظيفة القرآن

محمد علي عبد الجليل

2013 / 1 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لقد أحدثَت النظريةُ التفكيكيةُ التي طوَّرَها الفيلسوفُ الفرنسيُّ جاك دريدا (Jacques Derrida) (1930 – 2004) ثورةً في مجال النقد الأدبي وتحليل النصوص. فبعدَ أنْ كانت المَدْرسةُ البُـنْـيَـوِيَّة التي أسَّسَها عالِـمُ اللغويات السويسريُّ فردينان دي سوسير (Ferdinand de Saussure) (1857 - 1913) تَـنْــظُر إلى النصِّ على أنه مستقلٌّ ومغلَــقٌ ونهائيٌّ وذو سُـلْطةٍ وذو مؤلِّفٍ محدَّدٍ ومعنىً ومركزٍ ثابتَينِ ونظامٍ منسجِم ومتناسق، أَصبحَ النصُّ بحسب النظرة التفكيكية مفتوحاً غيرَ منسجم ولا مؤلِّفَ له، ولا معنىً ثابتاً له، بل له دلالات لانهائية، ولا مركزَ ثِقَــــلٍ ولا سُلْطة له، بل أصبحَتْ السلطةُ للقارئ وحدَه، لأنَّ القارئ هو مَن يحدِّد دلالاتِ النص. وبهذا المعنى، لا يهمُّ، لتحليلِ النص، معرفةُ من هو المؤلِّف، هذا إذا كان هناك مؤلِّفٌ أصلاً. فكلُّ مؤلِّفٍ هو في الحقيقة جامِعٌ لأفكارِ محيطِه وبيئتِه إذْ يستوحي ويستقي أفكارَه مِن اللاوعي الجَمْعيِّ [أو الخافية الجمعية] لمجتمعه. أيْ أنَّ المؤلِّفَ الحقيقيَّ للنصِّ هو الجماعةُ اللغويةُ التي ينتمي إليها الكاتبُ.

يشيرُ النصُّ، بحسب التفكيكيين، إلى عدد لانهائي من المعاني؛ ويتلقَّى كلُّ قارئ معنىً على قدر استعداده ووعيه. ما يهمُّ إذاً هو كيف يقرأ قارئٌ ما أو جماعةٌ ما نصاً ما. تبيِّنُ إحدى القِصص الصوفية أهميةَ السامع (أو القارئ) في عملية التواصل وليس المتكلِّم (أو الكاتب)، فتروي أنَّ ثلاثةً سَمِعوا منادياً عَشَّاباً يبيع السعترَ البرِّيَّ فيقول: "يا سَعْتر بَرِّي"، ففهِمَ كلُّ واحد منهم مخاطبةً مختلفةً عن الآخَـر. فسَمِعَ أحدهم: "اِسْعَ تَــرَ بِــرِّي"؛ وسَمِعَ الآخر: "الساعةَ ترى بِرِّي"؛ وسمع الثالثُ: "ما أوسعَ بِرِّي". فالمسموع واحد واختلفَت الأسماع. (المِنَح القُـدُّوسِيَّة بِشَرح المُرشد المعين على طريقة الصوفية، "بيان فهم القوم من اللفظ الواحد معان مختلفة"، الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي المستغانمي). وفي مثل هذا المعنى أيضاً يقول الإمام الجيلي في عينيته المشهورة:
- إذا زمزمَتْ وَرْقَــاْ عَلَى غُصْنِ بانةٍ / وجاوبَ قُــمْريٌّ على الأَيكِ ساجعُ،
- فأُذْنيَ لم تسمعْ سوى نغمةِ الهوى / ومنكم فإنِّي لا من الطير سامعُ.

المتلقِّي إذاً هو الأساسُ في عملية التواصل اللغوي وليس الناقل. وهذه الفكرةُ هي إحدى الأُسُس التي يبني عليها الدعاةُ المسلمون نشاطَهم الدعوي والدعائي معتمدين على حديث محمد: "رُبَّ مبلَّغٍ [بفتح اللام] أوعى من سامِعٍ [ناقل]" وعلى حديث: "رُبَّ حَامِلِ فقهٍ إلى مَن هُوَ أفقهُ مِنْهُ."

فإذا قيل بأنَّ القرآن نصٌّ مليءٌ بالتناقضات ويدعو إلى العنصرية والعنف واحتقار المرأة والعقل فليس المؤلِّف هو من وضعَ هذه الأفكارَ بل القُرَّاء. قد يكون لدى واضع النص أفكار عنصرية مشابهة وربما يكون قد وضعَ النصَّ لأسباب عنصرية أيضاً. ولكنْ ما يهمُّـنا هو كيف يُــفَـــعَّــلُ النصُّ، كيف يُستخدَم، كيف يُقرَأ. لا يهمنا أنْ نعرِفَ ماذا كان هدفُ من اخترعَ الإنترنت ولكنْ كيفَ ولماذا يستخدمها شخصٌ ما أو جماعةٌ ما في وقتٍ ما. النصُّ كالمرآة يعكسُ صورةَ قارئه النفسيةَ والفكريةَ والروحية.

إنَّ المؤلِّفَ الحقيقي لأيِّ نصٍّ هو الجماعةُ اللغوية التي ينتمي إليها واضعُ هذا النص. لقد أكَّـدَ القرآنُ نفسُه والموروثُ الإسلاميُّ على أنَّ القرآن هو وحيٌ من الله. أيْ أنَّ مؤلِّف القرآن هو الله. ولكنْ من هو الله؟ يعرِّفونه بأنه المُطْــلَق. ولكنْ لكلِّ فردٍ تصوُّرٌ خاصٌّ عن الله-المُـطْـلَـق. هذا التصوُّرُ الفرديُّ عن الله هو جزءٌ من التصوِّر العامِّ عن الله لدى الجماعة التي ينتمي إليها ذلك الفرد. يمكنُ إذاً أنْ نُعَــرِّفَ اللهَ بأنه اللاوعيُ الجمعيُّ للجماعة اللغوية، بحسب تعبير كارل غوستاف يونغ (Carl Gustav Jung) (1875 – 1961). وهكذا يكون المؤلِّفُ الحقيقي للقرآن هو الخافية الجمعية للجماعة اللغوية الناطقة بالعربية. إيْ ليس هناك مؤلِّفٌ محدَّدٌ له، بل هو جمعٌ وغربلةٌ وتطويرٌ لمعتقدات الجماعة التي تتكلَّمُ العربية. وبذلك يعكِسُ القرآنُ تناقضاتِ هذه الجماعة وأفكارَها ووعيَها في عصر محدَّد. كما يعكسُ من جهةٍ أخرى وعيَ قارئه. فإمَّا أنْ تكونَ القراءةُ ارتقاءً وإما أنْ تكون انتكاساً ونكوصاً. وهنا نعذر من ينتقد القرآنَ ليس لأن مؤلِّـفَه فلانٌ أو فلان، بل لأنَّ كثيراً مِن قُرَّائه لم يرتقوا بعدُ في قراءاتهم ووعيهم، مع أنَّ نبيَّهم قد وردَ عنه أنه قال لكلِّ فردٍ منهم: "اقرأْ وارْقَ".

ولكنْ للتقليل من شأن النص القرآني، يحاولُ كثيرٌ من غيرِ المؤمنين به أنْ ينسبوه إلى ورقة بن نوفل أو إلى جماعة من المبشِّرين الأبيونيين أو إلى مُـسْــلِم بن حبيب الحنفي الملقَّب برحمان اليمامة والذي لقَّبَه خصمُه في الــنُّـــبُــوَّة قُـــثَـــمُ بنُ عبد اللَّات (محمَّد) بـ"مُسَيلَمة الكَذَّاب" ضمن حرب إعلامية لتشويه سمعته والقضاء عليه إيديولوجياً وسياسياً وعسكرياً. فكان النصرُ فيما بعدُ للأقوى عسكرياً لا فكرياً. بالمقابل، يحاولُ المؤمنون بالقرآن، للرفع من شأنه، أنْ يُثبِتوا نسبتَه إلى الله. ولكنْ ليست المشكلةُ مشكلةَ مؤلِّفٍ، بل مشكلة قراءة. إذْ لا سلطةَ للمؤلِّف على النص، بل السلطةُ كلُّها للقارئ. ما يهمُّنا في دراسة القرآن هو كيف قرأه قُـــرَّاؤه والمؤمنون به في الماضي وكيف يقرؤونه اليوم. ينبغي إذاً دراسةُ القرآن وتقييمُه ونقدُه مِن حيثُ أثرُه وقراءاتُه لا من حيث مؤلِّفُه. فسواءٌ نُسِبَ القرآنُ إلى محمَّد أم ورقة أم رحمان اليمامة أم حاخام يهودي أم الجن أم الشيطان أم الله فإنَّ ذلك لا ينتقصُ من قيمته ولا يزيد فيها شيئاً. إنَّ قيمته في قراءاته. القرآنُ، كأيِّ نصٍّ لغويٍّ، هو مجموعةٌ من الإشارات التي لا قيمةَ لها في ذاتها، بل تستمدُّ قيمتَها من الاستعمالات التي يحدِّدُها لها المستخدمون. النصُّ الدينيُّ أداةٌ فكريةٌ وإيديولوجيةٌ حادَّة قد تحيي وقد تقتل وذلك تبعاً لِنيَّة مستخدمها ووعيه. وبما أنَّ التجربة قد أثبتَت عبر التاريخ أنَّ النصوص الدينية قد استُخدِمَت أدواتٍ للقتل أو لشرعنة القتل إلى جانب السيوف والأسلحة الأخرى فالأَولى إِبعادُها عن متناول البشر الذين مازالوا أطفالاً من حيث الوعي.

تأتي إذاً قيمةُ النصِّ الدينيِّ من استخداماته لا من نجاحه وانتشاره واستمراره. فليس الكِتابُ الذي يحقِّقُ أعلى نسبة مبيعات (best-seller) هو بالضرورة قيِّم. فنجاح القرآن لا يعود إلى قيمته العلمية أو الأدبية أو اللغوية ولا إلى بلاغته ولا إلى إعجازه المزعوم بل إلى القوة العسكرية للطبقة السياسية التي وضعَــتْه وروَّجَت له. فبعد جمع القرآن وتثبيت النص نهائياً ليخدم مصالحَ الطبقة الحاكمة آنذاك، تلاعبوا فيما بعد بتفاسير بعض الآيات التي لم تعد تصلح ووضعوا لذلك قواعدَ الناسخ والمنسوخ. وكلُّ من عاندَ ويعانِدُ إرادةَ السلطة ويشكِّك في صحة القرآن أو حتى في صحة تأويله يُهدَّد أو يُــقتَـــل. وهكذا، لفرض القرآن كدستور سياسي وديني للجماعة، قضى واضعوه على خصوم القرآن سواء أكانوا أفراداً أم أفكاراً. فحاربوا الشعرَ والموسيقى والغناءَ والرسمَ لأنها لا تُـنافِسُ دستورَهم فحسبُ بل تُهدِّد وجودَه. سرُّ نجاح القرآن يعود إذاً إلى عواملَ سياسيةٍ وتاريخيةٍ وسوسيولوجيةٍ أكثرَ منها لغوية ودلالية وأدبية وفنية.

يؤكِّد المنقولُ الإسلامي في مواضعَ كثيرةٍ على أنَّ القرآن كتاب يحتمل معانيَ شتَّى. هذا يعني أنه قابل لاستخداماتٍ شتَّى بحسب هدف المستخدِم. لقد أدرك عليٌّ بن أبي طالب هذه الفكرة مشيراً إلى أنه نصٌّ حَـــمَّــالُ أوجُهٍ (أو حمَّالٌ ذو وجوه، تقول ويقولون...) فرفض التفاوضَ على أساس القرآن مع خصومه الذين رفعوا المصاحفَ وشعارَ "لا حُـــكْـــمَ إلَّا لله"، ذلك لأنَّ القرآن، نظراً لأنه يقبل التأويلَ، يصلحُ بامتيازٍ غطاءً شرعيًا لأنجس الأفعال فهو أَشْبَهُ بخطابات الطُّغاة عن حقوق الإنسان. وأصبحَتْ مثلُ هذه النصوص أدواتٍ للصوص. وقد ذكرَ مقاتِلُ بن سليمان البلخي حديثاً عن محمد يؤكِّد فكرة قبول القرآن لأكثر من معنى إذْ يقول: "لا يكون الرجل فقيهاً كلَّ الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة."

وبما أنَّ القرآنَ يحتملُ معانيَ لا حصرَ لها فإنَّ وظيفته لا يمكن أنْ تكونَ إيصالَ رسالةٍ محدَّدةٍ أو هدايةَ قومٍ. لقد كانت إحدى وظائف القرآن الحَـمَّالِ المتعدِّدِ المعاني (polysémique) هي شرعنة أفعال الطبقة الحاكمة وتأسيس مشروع دولة قومية دينية. ويمكن للقارئ الأَرِيب أنْ يدركَ من خلال قراءته للقرآن والتاريخ الإسلامي أنَّ وظيفة القرآن لم تكن لتبليغ رسالة روحية أو "هداية" البشر أو العرب المشركين بل كانت سياسيةً بحتة بدأَتْ بتوحيد الآلهة في إله واحد مما ألغى التنوُّعَ وأسَّسَ لعصور الدكتاتوريات. وهذا يعني أنَّ المعنى لم يكنْ بالأساس مهمًّا لجامعي القرآن، أو بتعبير أدق لم يكن ذا أولوية. فعندما جمعَ عثمانُ وفريقُه القرآنَ الحاليَّ اختاروا ما يشاؤون من المصاحف الموجودة بما يتناسبُ مع مشروعهم القومي ومصالحهم السياسية. وما يؤكِّد على عملية الانتقاء هذه هو قولُ ابن عمر: "لا يقولَّنَ أحدُكم: قد أخذتُ القُرآنَ كُلَّهُ. وما يُدريه ما كُلُّه! قد ذهب منه قُرآنٌ كثير، ولكن ليقُــلْ: قد أخذتُ منه ما ظهر." كما أنَّ رَفْضَ عثمانَ وفريقِه مصحفَ علي بن أبي طالب (مع أنَّ علياً كان يُــعَــدُّ بابَ مدينة علم الرسول) وكذلك إحراقَ النسخ الأخرى الموجودة هما دليلان على وجود معايير أخرى في الانتقاء ليست لغوية ولا دينية، بل سياسية وسوسيولوجية. ولكنْ يمكن فهمُ قول ابن عمر ("قد ذهبَ منه قُرآنٌ كثير") بمعنى أنَّ معنى النص القرآني ليس ما تنقله الكلماتُ فقط بل أيضاً السياق والمَشهد العام والحركات والإيماءات. "المعنى هو سياق"، كما يقول ديــﭭــيد بيلُّوس (David Bellos) (في كتابه Le poisson et le bananier: une histoire fabuleuse de la traduction [السمكة وشجرة الموز: تاريخ رائع للترجمة]، ص 83). ومن المعروف أنَّ جمع عثمان للقرآن خلقَ سياقاً مختلفاً عن السياق الواقعي والتاريخي للأحداث التي يشير إليها النصُّ القرآني (ترتيب النزول وأسبابه). وبذلك يمكن أن نفهم أنَّ ترتيب عثمان للمصحف الحالي بحسب طول السُّوَر لا بحسب التسلسل التاريخي يشير إلى أنَّ المعنى لم يكنْ ذا أولوية بالنسبة له لأنَّ ترتيبه أضاع السياقَ الذي قيلت فيه السُّوَرُ وبالتالي أضاع كثيراً من المعنى وخلقَ معنىً جديداً. بتعبير آخر، إنَّ ترتيب عثمان للنص القرآني بحسب طول السورة ليس عبثاً، بل لإخفاء شيء وإظهار آخر. لقد رتَّبَ عثمانُ القرآنَ ليكونَ له وظيفةٌ أخرى أو ليُبرِزَ وظيفةً دونَ أخرى من بين وظائفَ عِـدَّةٍ للنص.

وظيفة القرآن الأولى والأساسية التي كان يريدها له جامعوه هي: (1)-التركيز على العربِ والعربيةِ ("خير أمة"، "قرآنًا عربيًا"، إلخ.) و(2)-معارضة اليهود والنصارى الذين كانوا يَسْخَرون من الذين لا كتابَ لهم ولا نبي (الأميين gentils) و(3)-المحافظة على مصالح الطبقة الحاكمة في قريش آنذاك. فكان القرآن مؤسِّسًا لهوية دينية وقومية معاً. وهكذا نلاحظ من الآيات التي تؤكِّد على عروبة القرآن أنَّ هذه الرسالة المسمَّاة قرآناً موجَّهةً للناطقين بالعربية حصراً وبشكل خاص لمن ليس لهم كتاب (الأميين)، أيْ ليست موجَّهةً لليهود والنصارى الذين كانوا يُــعَـدُّون مرجعاً للقرآن وللمؤمنين به آنذاك. فالقرآنُ أساساً يقول عن نفسه أنه تذكرة وذِكْر وتذكير لمن يعرِف العربية من غير اليهود والنصارى. ومن أراد التوسُّعَ أو التأكُّــدَ فليرجع إلى الكتب المقدَّسة السابقة. وما توسيعُ جمهوره المتلقِّي إلا ناتج عن التوسُّع العسكري للمؤمنين به حتى أصبح المؤمنون به يظنُّون أنَّ كتابهم موجَّه إلى البشرية جمعاء.

وظيفةُ القرآن إذاً ليست إيصالَ رسالةٍ أو نقلَ معنىً، بل تأسيس قومية. المهم ليس رسالته اللغوية بل وظيفته السياسية فهو وُضِعَ ليجعلَ من العربية لغةً رسمية، أيْ لتأسيس اللغة العربية وتقعيدها والاعتراف بها، كما فعل فيما بعد مترجمو الكتاب المقدَّس عندما ترجموه إلى لغاتهم المحلية الأوروبية، وهو ما أكَّده كلٌّ من جان ديليسل (Jean Delisle) وجوديث وُودزوُورث (Judith Woodsworth) في كتابهما Les traducteurs dans l’histoire [المترجمون في التاريخ] (1995) وأكَّدَته باسكال كازانوﭭــا (Pascale Casanova) في كتابها La république mondiale des lettres [الجمهورية العالمية للآداب] (ص 81 وما بعدها). وهكذا فإنَّ الحاجة إلى كتابة القرآن بالعربية (والذي ليس سوى ترجمةٍ لأفكار عصره وبيئته) تشبه كثيراً الحاجةَ إلى ترجمة الكتاب المقدَّس إلى اللغات المحلية في أوروبا. وبذلك تكون وظيفةُ الكتب المقدَّسة جميعاً وظيفةً سياسيةً وسوسيولوجية. فهي جمعٌ لثقافة جماعةٍ ومعتقداتها وتراثها الشفهي في ما يشبه الدستور في الشريعة (canon). وإذا قلنا أنَّ وظيفة القرآن هي سياسية وقومية فإنَّ ذلك لا ينتقصُ شيئاً من قيمته. على العكس، هذه الوظيفة تجعل منه أحدَ أهم كتب الأساطير تأثيراً في التاريخ. وأهميته تنبع من هذه الوظيفة تحديداً لا من ادِّعاء احتوائه على الحقيقة التي لا يمكن لكتاب أن يحتويها ولا لدرب أو دين أنْ يصل إليها.

إيكس-أون-بروفانس، 30/12/2012









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس المهم البحث عن مؤلف ولكن عن مصادر القرآن
سامي الذيب ( 2013 / 1 / 2 - 18:35 )
اشكرك اخي على هذا المقال الذي يهمني باعتباري أقول أن القرآن هو من تأليف حاخام يهودي مسطول. وبرهان انه من تأليف حاخام المصادر التي اعتمد عليها، وبرهان انه مسطول الخربطة الكبيرة التي وقع فيها.
انا شخصيا لا يهمني من كتب القرآن ولكن مصادره باعتبار أن كل مؤلف مهما كان لا يمكن ان يكتب من الصفر، وكل مخترع لا يمكن ان يخترع من الصفر. وأهمية معرفة مصادر القرآن تكمن في وجود نصوص ناقصة أو مقتضبة لا يمكن فهمها إلا إذا رجعنا إلى مصادرها. وهذا امر اهم بكثير من معرفة اسم أو رقم تلفون مؤلف القرآن. وكل ما هناك ان تلك المصادر تدل على ثقافة ذاك المؤلف اليهودية المطعمة بالنصرانية.
بطبيعة الحال اذا ما قلنا ان القرآن منقول من كتب يهودية ونصرانية، فهذا يلغي صبغته الإلهية، وبإلغاء تلك الصبغة، تسقط شرعيته كم يسقط واجب الطاعة له عند المؤمن. وهذه نقطة تخص رجل القانون... وهي مهمة في عصرنا. وهذا لا يعني انه يمكن فهم القرآن كما فهمته انت وعلى حق.


2 - بل المهم هو البحث عن مؤلف الإنجيل!
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 2 - 20:33 )
حضرة الأستاذ محمد علي عبد الجليل المحترم
تحيّة معطّرة وبعد
أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نبدأ في البحث عن مؤلف الإنجيل وربّما قبل ذلك عن مؤلف التوراة فهذا ربما يُقدّم الدليل لنا على أن أحدا ما قد وضع القرآن على غرار وضع التوراة والإنجيل!، ومن جانب آخر فإننا لو كنا وجدنا أو أثبتنا أن القرآن مستوحى أو مأخوذ من الأنجيل أو من التوراة فإن واجب الطاعة له يسقط ولكن بنفس الطريقة كما يقول أهل الهندسة والرياضيات والمنطق يكون الباب مفتوحا لإثبات أن الأنجيل بالتالي منقول أو مستوحى من التوراة ومن بعد ذلك سنرى ممن سنثبت أن التوراة مأخوذة أو مستوحاة وسيسقط واجب الطاعة لهما أيضا
أستاذي العزيز إن مواصلة السير بهذا المنطق لن يُفضي إلى أي نتيجة لأننا بالطريقة التي نسقط بها الطاعة للقرآن ستسقط بها الطاعة للأنجيل ومن بعد ذلك للتوراة وفي الوقت الذي نفكر فيه بمن وضع القرآن يجب أن نفكّر أيضا بمن وضع أي كتاب مقدّس آخر
على أنني لم اطّلع على دراسات مماثلة عن كيفيّة تلقّي الكتب المقدّسة الأخرى ويُثير اهتمامي التركيز على القرآن فقط
لماذا القرآن ؟
تقبلوا تقديري


3 - لا يوجد مؤلف أصلاً حتى نبحث عنه
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 4 - 17:14 )
حضرة الأستاذ سنان أحمد حقي المحترم،
تحية طيبة،
تؤكد النظرية التفكيكية على أن المؤلف لا يهم أبداً بل القارئ. حتى إن رولان بارت كان قد أعلن موت المؤلف وانبعاث القارئ. فالذي يصنع النص هو القراءة. فلو لم يكن هناك أحد يقرأ القرآن لما كان هناك قرآن أصلاً. وبالتالي من العبث البحث عن مؤلف للإنجيل وللتوراة وللقرآن. وهكذا ليس المطلوب أن نفكر بمن وضع أي كتاب مقدس بل أن نفكر بتحليل قراءات الكتب المقدسة لنعرف كيف تلَقاها القُرَّاءُ. بالنسبة للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد فقد أشبعوه نقداً وتحليلاً. حتى أصبح من النادر أن ترى في أوروبا وهنا في فرنسا بشكل خاص أحداً يؤمن بأن الكتاب المقدس هو وحي من عند الله (باستثناء شهود يهوه وبعض المتشددين). أغلب الباحثين مقتنعون تماماً بأن الكتب المقدسة (أو المكدَّسة بحسب التعبير الجميل للأخ سامي الذيب) ليست سوى صنع البشر.
ولكن لماذا القرآن؟ لأنه الكتاب الذي أعرف عنه أكثر ولأنه الكتاب الذي لم يتعرَّض بعد للدراسة والنقد الموضوعيين. وكل الدراسات حوله (باستثناء بعضها مثل دراسة كريستوف لوكسنبرغ) ليست سوى دفاع إيديولوجي ديني عنه وعن إعجازه الوهمي.
تقبل احترامي


4 - مصادر التوراة والإنجيل؟
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 4 - 17:58 )
كما يقول الأستاذ سامي المهم هو معرفة مصادر الإنجيل والتوراة فإذا قدّمتم لنا رؤيتكم عن تلك المصادر وتوفّرت لدى القارء القناعة يُمكن أن نبحث في مصادر القرآن بعد ذلك
ونحن بالمناسية لم نحصل لحد الآن على أي جهد منشور ورصين يقوم على نقد الإنجيل والتوراة
وبالمناسبة ايضا أنا غير مقتنع أن الأستاذ سامي مقتنع تماما أن الكتب المقدّسة جميعا هي من صنع البشر لأنه لا يتكلّم عن الإنجيل ولا التوراة بل أن كل أبحاثه ودراساته منصبّة على الحط من شأن القرآن فقط ولا يمكن أن تكون مصادفة فقط هي التي تجمع بينكما من حيث انكما تعرفان عن القرآن أكثر مما تعرفان عن سواه
لكي نرى فيما رآى غيرنا نحتاج أن نحصل على نفس الدراسات ولكن بالنسبة للإنجيل والتوراة بالخصوص وإلاّ فإن جهدكما سيصبّ في أغراض إنتقائيّة ليست عادلة وغير محايدة
تقبّلوا وافر تقديري واحترامي


5 - كل الكتب المقدسة صناعة بشرية
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 4 - 18:34 )
تحية،
يمكن الاطلاع على إحدى مقالات السيد سامي الذيب في الحوار المتمدن بعنوان: -كيف يمكن حماية البشرية من مضار الكتب المكدسة (المقدسة)؟- على الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=311961
والتي تبين أن الأستاذ سامي مقتنع بأن الكتب المقدّسة جميعا هي من صنع البشر. ويمكنه هو أن يدلي برأيه. بالمناسبة هناك الكثير من الدراسات الرصينة في نقد الإنجيل والتوراة باللغة الفرنسية والإنكليزية ومنها أعمال إرنست رينان وبول ريكور ونيتشه وغيرهم الكثير. أنوه أيضاً إلى أنني حاولتُ قدر الإمكان أن أكون محايداً في مقال -وظيفة القرآن- فلم أُلقِ الكلامَ على عواهنه.
محبتي


6 - حضرة الأستاذ محمد علي عبد االجليل المحترم
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 6 - 04:26 )
تحيّة معطّرة وبعد
نحن الآن بحاجة لتطبيق النظريات التي قدّمتموها على كل من الإنجيل والتوراة لكي نستطيع أن نقوم بتطبيقات مثيلة على القرآن فيما بعد ذلك
تقبّلوا وافر تقديرنا


7 - ما هو التطبيق المطلوب؟
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 6 - 08:35 )
الأستاذ سنان أحمد حقي المحترم،
تحية طيبة،
أشكرك على نقاشك واهتمامك الذي يُــثري الموضوع ويُــثريني.
اطَّلاعي على الدراسات الكتابية تؤكد لي أن النظريات مطــبَّــقة على الكتاب المقدَّس وقد أدَّى تطبيقُها إلى النظر إلى الكتاب المقدَّس ككتاب مكدَّس (أي مجموع من عدة مصادر كتبها بشر مثلي ومثلك).
يهمني أن أعرف أولاً كيف يتم تطبيق النظريات برأيك؟؟ أي ما هي الآليات التي يجب القيام بها حتى يقال أن النظرية مطبَّــقة؟ ثانياً، هل تطبيق نظرية على القرآن مشروط بتطبيقها على الكتب السابقة؟ إذا أرادت الأمةُ أن تعيد النظر في دستورها بتجرُّد لكي تتطور هي فلا تحتاج إلى أن تقول بأنها لن تعدِّل دستورها قبل أن تعدِّل الأممُ الأخرى دساتيرها. هذه مجرَّد حجج وأعذار. المسألة ليست -انتقد نفسكَ حتى أنتقد نفسي-. انتقادي لنفسي (عقيدتي وتراثي) غير منوط بانتقاد الآخرين لأنفسهم (عقيدتهم وتراثهم).
محبتي


8 - ليس الأمر كذلك
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 6 - 11:35 )
الأستاذ محمد علي عبد الجليل المحترم
تحيّة معطّرة وبعد
ليس الأمر كذلك ولا علاقة له بانتقادي لنفسي أو انتقادك لنفسك ولكن لأننا نعتقد أن مصدر الكتب السماويّة ( أو ما ندعوه نحن هكذا) هو مصدر واحد لذلك نريد أن نتعرّف على التطبيقات التي تمّت على التوراة والإنجيل لكي نرى مدى إمكانية تطبيق نفس المنهج من عدمه على القرأن وأن تبيّنوا لنا ما توصّل إليه الباحثون المشار إليهم من نتائج في تحديد مصادر كتابة التوراة والإنجيل وهل شارك بهذه الأبحاث عدد من اليهود والمسيحيين وهل تعرّضت الدراسات التي تشيرون لها إلى نقد ومعارضة ؟ وهل نستطيع الوصول إلى الآراء المعارضة عبر النت ؟
تقبّلوا وافر تقديرنا


9 - بعض نظريات ومدارس النقد الكتابي والنصي
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 6 - 19:02 )
تحية،
الإجابة على السؤال يحتاج إلى مقالات. ولكن باختصار شديد جداً: هناك مدرسة النقد التاريخي أو النقد الأعلى فرع من التحليل الأدبي الذي يحقق في أصول النص وخاصة الكتاب المقدس. ومن القضايا المركزية للنقد العالي الفرضية الوثائقية التي صاغها يوليوس فلهاوسن والتي تقول إن التوراة تألفت من مختارات من النصوص أحيانا متناقضة. وهناك مدرسة النقد النصي أو النقد السفلي وتهتم بالتعرف على أخطاء نصوص المخطوطات وإزالتها. وهناك معيار الإثبات المتعدد أو الإثبات المستقل وهي أداة يستعملها علماء الكتاب للمساعدة على تحديد ما إذا كانت أقوال وأفعال عيسى في العهد الجديد قد صدرت منه أو من الكنيسة اللاحقة. وهناك النقد الراديكالي الذي يعتبر أن المسيح شخصية غير تاريخية. وهناك مدرسة نقد الشكل التي ترى أن أسفار التوراة الخمسة كانت نتاج عملية جمع وليست من تأليف موسى. وهناك مدرسة التقاليد الشفهية (مدرسة أوبسالا) التي ترى بأن أسفار التوراة الخمسة لم يكتبها موسى في الأصل، ولكنها كانت مجموعة من المواد جُمعت على مر القرون، وتعهد بعض الأشخاص بكتابتها. وهناك نظرية التلقي الأدبي (هانز ياوس) وكتابات أمبرتو إيكو وتفكيكية دريدا.


10 - مصادر التوراة والإنجيل
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 8 - 10:09 )
تحيّة معطّرة وبعد
يُشير الأستاذ سامي تحديدا أن حاخاما يهوديا هو الذي كتب القرآن لمحمد فهل أنتم ترون أن التوراة مثلا كتبها شخص جاء من العراق مثلا أو كاهن فرعوني أو أن الإنجيل كتبه لعيسى أحد رجال معابد الصين القديمة؟
أمّا موقف الفلاسفة الكبار مثل نيتشة وغيره فهو معروف لدينا ولا يُشبه موقف الأستاذ سامي
بالنسبة لي شخصيّا مازلت أعتقد أن الظواهر الدينيّة هي ظواهر حاضرة في التاريخ الإنساني بقوّة ولا أجد لغايته دلائل صلبة يمكن أن تؤكّد لنا أنها من وضع أحد لا سيما إذا أخذنا بالإعتبار ليس فقط التوقعات والتنبؤات المستقبليّة ولا الإخبار عن أحداث الماضي فحسب بل كون النصوص الوارد ذكرها من قوة البيان والبلاغة وإمكانيّة تأويلها وفق منهج موحّد وكونها تُخاطب مختلف الشرائح بل مختلف الأشخاص بلغة مشتركة ما زلت أعتبره أمرا لم يحدث أن قام به أحد على طول التاريخ وعرضه ما سوى من ادّعوا أنه من مصدر غيبي
تقبّلوا تقديري


11 - مؤلف الكتب المقدسة
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 8 - 10:52 )
تحية طيبة،
تجعلني دراستي للنصوص المقدَّسة أميل للتأكيد بأن مؤلفها ليس فرداً واحداً بل مجموعة أفراد. فهي تشبه الفلكلور الذي تؤلفه الجماعة اللغوية أو العرقية أو الدينية. إن في جميع النصوص الدينية تفاوتاً واختلافاً في نوعية الخطاب والأسلوب وفراغات في النص تشير إلى أن هناك شيئاً ما ناقصاً. ناهيك عن غموض معنى بعض آيات النص والذي يشير إلى أن الناسخ قد وجدَه هكذا فكتبه كما وجده. لو سألتَ طوني حنا مثلاً عن معنى كلمة -دلعونا- قد لا يعرف مع أنه يغنيها كثيراً. هناك تأويلات كثيرة للكلمة. لماذا؟ لأنها من التراث الشفهي المنقول الذي كتبَه أكثر من شخص من الأجداد. وليس لدينا أي دليل على أنها من وضع أحد. وهكذا القرآن والإنجيل والتوراة. حتى المعاصرون لمحمد لم يفهموا بعض الآيات. ومن المستبعد أن يكون كتبة القرآن أو التوراة أو الإنجيل من الصين القديمة مثلا مثلما أنه مستبعد أن تكون أصل كلمة -دلعونا- صينية. الكتب المقدسة هي جمع للفلكلور الديني للجماعة ولهذا فإن تأثيرها لا يقل عن تأثير الفلكلور الغنائي. يؤكد بعض أبناء قريتي مثلاً (وهم مسلمون) أن الدلعونا والهوارة والعتابا تفوق القرآن بلاغةً وتأثيراً في نفوسهم.


12 - واضع التوراة والإنجيل
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 8 - 11:22 )
تحيّة معطّرة وبعد
إن ضربكم للدلعونا مثلا لا يستوي مع مخاطبة( فكريّة!) للناس والشرائح المختلفة وبمعاني مختلفة في آن واحد
ربّما يكون ما تظنّه من ظنون حول أن فولكلورا أضاف أو تصرف بالنصوص من جيل لآخر صحيحا حوا التوراة أو الإنجيل لأنها ظهرت للناس منذ زمن بعيد ولم نحصل على النصوص الأصليّة لكي نثبت العكس ولكن بالنسبة للقرآن فإن أحدا لم يستطع أن يُثبت أن تصرفا وتغيرا حدث في أحقاب مختلفة بالنسبة له وأنه إستطاع أن يحتفظ بنصوصه الأساسيّة رغم بعض الإفتراءات المتأخّرة والتي لا يمكن أن ننظر لها بعين الإعتبار بسبب كراهية أصحابها للقرآن ونظرتهم الهجوميّة غير المحايدة


13 - للاطلاع على دراسات حول القرآن
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 8 - 12:11 )
تحية طيبة،
مثال الدلعونا للإشارة فقط إلى أن مؤلف التراث الغنائي الشفهي يشبه مؤلف التراث الديني (الشفهي ايضا في بدايته). ولكن موضوع النصين وهدفهما مختلف طبعاً. أما المؤلف فنفسه. إن التراث الإسلامي مليء بالإشارات إلى الخلافات حول وضع القرآن وإلى التصرف به. (راجع كتابات محمد عابد الجابري حول الموضوع). التراث الشيعي مليء بأفكار مشابهة (مصحف علي الذي رفضه عثمان). التراث السني لا يخلو من هذه الإشارات الواضحة: إنكار ابن مسعود للفاتحة والمعوذتين ككقرآن، حديث ابن عمر بأنه ضاع قرآن كثير، حديث عائشة بأن الناسخ أخطأ في عدة مواضع في القرآن، إلخ... هناك دراسات لمسلمين عن إثبات التصرف والتغيير بالقرآن منها: كتاب -هل القرآن حقيقي- لمنذر صفار بالفرنسية على الرابط:
http://classiques.uqac.ca/contemporains/sfar_mondher/coran_authentique/coran_authentique.html
نقطة أخرى: دراسات المسلمين المدافعة عن القرآن ليست أكثر حيادية من دراسات المستشرقين الناقدة له. فالمحب للقرآن يعمى عن عيوبه والكاره له يعمى عن ميزاته. يجب علينا لكي نرى بوضوح أن نخلع معتقداتنا وننظر دون أفكار مسبقة كما يؤكد ذلك جدو كريشنامورتي.


14 - دراسة التاريخ تختلف عن دراسة العقائد
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 8 - 23:15 )
تحيّة معطّرة وبعد
أن ندرس مختلف الظواهر بدون نظرة مسبقة أقرّكم عليه مع أن دراسة التاريخ قد اتّفق كثيرون على أنها لا يمكن أن تحصل بدون تحيّز ولكن هناك علوم دينيّة كما هو الأمر بالنسبة للاهوت وسواه حلّلت المصاحف المختلفة وتوصّلت منذ العهود الأولى إلى أن هذا الذي بين أيدينا فيما بين دفتي الكتاب هو ما نزل على محمد ولا يوجد سواه وأن الطعون حدثت في فترات متأخّرة جدا ولم يختلف أصحاب الحديث والرواة في القرآن إنما اختلف معهم المناطقة أي الذين يُرجعون تحليل اللغة والآيات إلى التحليل المنطقي وهذا مطعون فيه لأن منطق من وضع القرآن أو كان القرآن كلامه هو إله فكيف نحاكم كلامه مع منطق كلام عباده؟
وعلى كل حال فإن معظم الإختلافات والطعون جاءت بعد عدة قرون مما يجعلها موضع شكوك وريب
وينسب بعضهم إلى بعض الصحابة أقوالا بعيدة ولكن كثيرا منها منحول وغير ثابت وأنتم تعلمون أن علم الحديث في الإسلام يضع لكل حديث صفة منها ما هو صحيح ومنها حسن ومنها ضعيف وهكذا فليس كل ما نسمعه يصح الإعتماد عليه هذا في الحديث امّا القرآن فهو ما بين أيديناولا غيره
تقبلوا تقديري


15 - الإسلام بنى نظاماً عقائدياً لتغطية تناقضاته
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 9 - 19:49 )
تحية
فكرة أن علوماً توصلت إلى أن ما بين دفتي الكتاب هو ما أنزل على محمد هي فكرة عقائدية غير دقيقة علمياً. لا يمكن علمياً إثبات أن القرآن كلام الله. ولكن الإسلام (السني خاصة) بنى نظاماً عقائدياً فكرياً يبدو متماسكاً لإثبات أن القرآن كلام الله المنزل على محمد وأن البخاري ومسلم صحيحان وأتلف بالمقابل جميع الأعمال النقدية (مثل ابن الرواندي) وقتل جميع المعارضين (راجع تاريخ التعذيب في الإسلام لهادي العلوي). أنت تنطلق من فكرة مسبقة هي أن القرآن كلام إله وبالتالي سيكون بنظرك كل النقد والطعن بالقرآن والحديث مشكوك فيه. لا يمكنك التقييم بموضوعية وأنت مبرمَج ومؤدلج. أرجوك بمحبة أن تنتبه إلى لعبة الذهن (راجع كتابات كريشنامورتي). الذهن قادر على تبرير أي شيء مهما كان باطلاً أو متناقضاً. هكذا فعل رجال الدين جميعاً. أما علم الحديث فهو مقبول عند السنة فقط. الشيعة مثلاً لا يعترفون برواة السنة. لكل مذهب رجاله الثقات وأسانيده الخاصة. وتظل المسألة مسألة إيمان وعقيدة (راجع مقالتي عن أثر العقيدة في معابر). قولك أن ما نسب لبعض الصحابة منحول قول غير صحيح لأنه موجود في البخاري ومسلم. هذا اعتقادك أنت وليست الحقيقة


16 - إيراد السند في الحديث فقط
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 10 - 14:09 )
حضرة الأستاذ محمدعلي عبد الجليل المحترم
إن إيراد السند مطلوب في علم الحديث فقط وغير مطلوب في القرآن لأنه لا خلاف عليه سوى بعض الآيات القليلة والمحدودة حسب علم القراءات وهو علم منفصل
ولا يُعتد بأي شئ يختصّ بالقرآن من غير الحديث لو ورد في البخاري أو سواه
هناك آراء شاذّة حول بعض الآيات ولكن يزول الإهتمام بها عندما تجتمع جميع المذاهب الإسلامية ويوقّعون تحريريا عبر ممثليهم بأن القرآن هذا الذي بين أيدينا ولا يوجد سواه,..وينتهي الموضوع هنا
إن قفزتكم من الحوار والإنتقاد العلمي والموضوعي مباشرة إلى الإتهام وخلع الصفات لا يدلّ على أية صفة موضوعيّة أو علميّة
أرجو أن لا تحوّل ما أسألكم فيه إليّ مرة أخرى فهذا منهج غير سليم في الحوار
أنا أسألكم عن تطبيقات ما أورتم على الإنجيل والتوراة بنفس الطريقة التي طبّقتم بها تحليلاتكم على القرآن
وأنتم تعودون من جديد للتركيز على تحليل ونقد صدق وصحة نزول القرآن وتجنّب الخوض في واضع الإنجيل أو التوراة وهل أن واضعه رجل فرعوني أو سومري أم إغريقي ؟
وتوجد كتب كثيرة سابقة للديانات الثلاث تدّعي أنها توجيهات ربّانيّة
مطلوب تطبيق على الإنجيل والتوراة
لكم تقديري


17 - واضعو التوراة والإنجيل
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 10 - 15:06 )
حضرة الأستاذ سنان أحمد حقي المحترم،
تحية طيبة،
لا شك في أن واضع التوراة والإناجيل الأربعة ليس شخصاً واحداً بل عدة أشخاص ينتمون لعدة عصور ولعدة جنسيات (إغريق ورومان وفراعنة وساميين...) ولهذا نجد تضارباً وتناقضات فيها. وإن النظرية التفكيكية التي طورها جاك دريدا والتي حاولتُ تطبيقَها على القرآن تنطبق على كل نص (ديني وغير ديني) وبالتالي تنطبق بالتأكيد وطُبِّقَت على التوراة والإناجيل. أصلاً المنهج التفكيكي لا يعطي أي اعتبار للمقدس بل للقارئ ويقوض مفهوم الحقيقة بالمعنى الميتافيزيقي. التوراة والإناجيل بحسب التفكيكيين هي نصوص لغوية بشرية كغيرها. يؤكد كثير من الباحثين على أن وضع التوراة والإناجيل كان بهدف سياسي وقومي وكذلك ترجمتها لجعل اللغة المترجَم إليها لغة رسمية. أما نظرة المتشددين فهي أن التوراة والإناجيل هي كلام الله ولكن رأي أكثر الباحثين هو أن كل النصوص الدينية بلا استثناء هي إنتاج بشري وقد وُضِعَت لغايات سياسية وسوسيولوجية بحتة.
شكري ومحبتي لك


18 - التحليل والأدلة
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 11 - 02:37 )
حضرة الأستاذ محمد علي عبد الجليل المحترم
إن ما جاء في تعقيبكم الأخير هو مجرّد نتيجة نهائيّة ولكن ما نسأل عنه هو التحليل التفصيلي على أن ما تقولون به هو الصواب، أي كما هو هيكل مقالكم أعلاه.مع الكيفيّة
إننا ليس بنا رغبة للحط من ألوهيّة الإنجيل ولا التوراة وما زلنا لغاية هذه الساعة نعتقد أنها كتب منزلة وليست من وضع بشر ولهذا نطلب الدليل على ما تفضلتم به من أسس وقواعد لإثبات أن الأنجيل والتوراة من وضع واضع وليست كتبا سماويّة ولا مقدّسة( حسب وجهت نظركم ) ويهمنا أن نتحرّى صدق وصواب ما توصّلتم إليه عبر إيمانكم بنظريات جاك دريدا أو غيره
تقبّلوا وافر تقديرنا واحترامنا


19 - التحليل يأتي لاحقاً
محمد علي عبد الجليل ( 2013 / 1 / 11 - 08:10 )
حضرة الأستاذ سنان أحمد حقي المحترم،
لا يمكن ذكر التحليل التفصيلي والأدلة في تعليق لا يتجاوز عدة أسطر. علماً أنني نوهتُ في تعليقات سابقة إلى بعض النظريات وإلى كتاب -هل القرآن حقيقي- بالفرنسية لمنذر صفار والذي يذكر أدلة لغوية وتاريخية ويثبت بالتحليل على أن القرآن صنع بشر. نظرية دريدا نفسها تثبت بأدلة فلسفية ولغوية أن النص لا يمكن إلا أن يكون بشرياً فلا تعترف بالمقدس. المقدس مسألة إيمانية شخصية وكذلك فكرة أن التوراة والأناجيل والقرآن كلام الله هي مسألة إيمانية. ولكن التعليقات لا تتسع لشرح النظرية التفكيكية. السؤال ليس: ما هو الدليل على أن الكتب المقدسة ليست سماوية؟ بل السؤال هو: ما هو الدليل العلمي (وليس العقائدي) على أن هذه الكتب هي سماوية؟ بمعنى آخر، ما الذي يميز لغة الكتب المقدسة عن غيرها حتى نقول أنها كلام الله؟ وكونها ليست كلام الله لا يحط من شأنها. الجواب على سؤالكم سيتم من خلال مقالات قادمة ومن خلال أطروحة الدكتوراه التي أعمل عليها الآن والتي من المفروض أن أنتهي منها في غضون ثلاث سنوات. يسرني التواصل معكم. أشكركم. محبتي


20 - أوليات منطقية
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 11 - 08:59 )
حضرة الأستاذ محمد علي عبد الجليل المحترم
لقد سألتكم مرارا عن كيفية التوصل إلى أن الإنجيل والتوراة ( العهد الجديد والعهد القديم) هما من وضع واضع بشري أو إنساني وتعود حضرتكم إلى الإستشهاد والإسترشاد بأن القرآن كذا وكذا وأعود لأسأل عن الإنجيل وتعود حضرتكم
!وتضيفون:
كتاب -هل القرآن حقيقي- بالفرنسية لمنذر صفار والذي يذكر أدلة لغوية وتاريخية ويثبت بالتحليل على أن القرآن صنع بشر.) وأنا أسأل عن الإنجيل!
ثم أنكم بعد أن نشرتم مقالكم أعلاهوالذي تطرحون فيه فكرتكم أن القرآن ليس منزلا ونسألكم لنناقشكم فيها تعودون لتسألوننا عن إثباتاتنا في كونه منزلا
ليس يصح هذا منطقيا يا أستاذنا العزيز
فأنتم بصفتكم من طرح هذه الأفكار ملزمون بالإجابة عن أسئلتنا لا طرح أسئلة علينافهذا دورنا في المناقشة
سننتظر ما تتوصلون إليه علميا بفارغ الصبر
أرجو أن تتقبّلوا منّا أزكى التحيات وأجزل الإحترام و شكرا مضافا على طول صبركم


21 - لا للاجترار
محمود قريص ( 2013 / 1 / 15 - 08:18 )
حضرة الأستاذ سنان أحمد حقي المحترم

باختصار ما هو الدليل العلمي (وليس العقائدي) على أن هذه الكتب هي سماوية؟


22 - خطأ منهجي !
سنان أحمد حقّي ( 2013 / 1 / 15 - 11:38 )
الأستاذمحمود قربص الموقّر
طرح الكاتب المحترم مقالا وادعي فيه أن القرآن كتاب ليس منزلا وأنه من وضع واضع
أنا إعترضت وسألت بضعة أسئلة
في نهاية المطاف تطالبوننا بتقديم دلائل على أن القرآن منزلأو سماوي!
أستاذنا الموقّر : أنتم من هو مطالب بتقديم الدلائل ؟ على أن القرآن ليس منزلا بل هو من وضع واضع وهذا هو ما طرحتموه وقد طلبنا منكم أن تقدّموا أو تطبّقوا منهجكم الذي تطرحونه عن القرآن أن تطبّقوه على الإنجيل والتوراة والكتب السماويّة الأخرىوبنفس التفصيل الذي ورد في المقال الأساسي
لكنكم تعودون إلى أفكاركم عن القرآن ولا تتطرقون للإجابة عن سؤالنا عن واضع الإنجيل والتوراة
فمن هو الذي يحترّ ؟ ويلفّ ويدور؟
تقبّلوا وافر تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال