الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كسيلة بن لمزم بين الشخصية المذكورة والشخصية المصنوعة

عقبة بن سعد

2013 / 1 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كسيلة بن لمزم ملك امازيغي دانت له مناطق شاسعة من افريقية، وبالأخص قبيلة أوربة التي ينتمي إليها والتي تعتبر إحدى أهم قبائل البرانس الامازيغية، انتقل الملك إليه من سابقه الملك سكرديد الذي ذكره المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون، إلا انه لم يذكر طريقة انتقال هذا الملك هل بالوراثة كأن يكون سكرديد له صلة قرابة مع كسيلة ؟ أو بطريقة أكثر ديمقراطية عن طريق التوافق والإجماع بين أعيان القبائل ؟ أو عنوتا وغصبا كما ألفته أمم كثيرة في ذلك الزمان؟

كسيلة بن لمزم، هذا الرجل الذي لا نعرف عنه لا عام ولادته؟! ولا مكان ولادته؟! ولا نسبه؟! هل كان له أبناء أم لا؟! و هل نشئ على مكارم الأخلاق أم نمى على مفاسد الطباع؟ هل كان من خيرة القوم أم من توافههم؟ فرغم ما بذله ابن خلدون من مجهود في تدوين تاريخ القبائل الامازيغية إلا انه لم يصلنا الكثير عن هذه الشخصية رغم أهميتها وأثرها على الأجواء الجيوسياسية لافريقية في القرن الأول الهجري، في الحقيقة أن هذه الظاهرة ليست وحيدة و لا غريبة فهناك شخصيات تاريخية كثيرة لم يصلنا من حياتها إلا القليل، كما أن هناك حضارات و أمصار عمرت لقرون لكننا وللأسف لا نعرف الكثير عنها بالمقارنة مع ماتركت من آثار وأطلال شاهدة على الوجود، مثل حضارة المايا و الازتيك و اليابان القديم وغيرهم.

لكن ما هو مثير للاستغراب فيما يتعلق بهذه الشخصية ليس توفر اليسير من الشواهد والمعلومات بل الكم الهائل من الاستنتاجات والتفسيرات التي دأب كتاب و مثقفون كثيرون على صياغتها حول هذه الشخصية بما لا يتناسب مع شح المعلومات التاريخية، مما دفع القراء إلى التشكيك في هذه الاستنتاجات والتفسيرات ،لاسيما هذا السيل الجارف من الكتب والمقالات الصحفية و مقالات الانترنت والتي نسجت قصص بطلها كسيلة بن لمزم، قصص متقاربة الغايات لكن بأساليب أدبية مختلفة وبلغات متعددة، مجهودات ضخمة كرست للحديث عن قصة هي أصلا مقتضبة، رغم أن الروايات المقتضبة تبقى في نظر الأمناء و النزهاء صعبة الفهم وتشوبها الضبابية، لكن تجرأ هؤلاء المثقفون على الاستفاضة في هذه القصة و أطلقوا العنان لخيالهم الواسع في صياغة استنتاجات ذاتية لا يلبث القارئ أن يكتشف فيها أمارات الاديولوجية أكثر من بصمات الاستدلال التاريخي.

بينما أتصفح ما كتبه هؤلاء الكتاب على شخصية كسيلة، أجد الرجل شخصا ساءه وأغضبه ما فعله الولاة الأمويون من ظلم و احتقار للاما زيغ فقاد مشروعا لمقاومة الظلم، لكن عندما أفكر قليلا أقول بأنه يحتمل أن تكون مقاومته كانت من اجل استرداد الملك فهذا ليس غريب لا في ذلك الزمان ولا في زماننا هذا، أو ربما إعادة البلاد إلى الكفر لاسيما أن كسيلة بعد تربعه على عرش افريقية لم يذكر انه خطب في الناس مبتدءا بالصلاة على الرسول (ص) والثناء عليه أو انه صلى بالناس في مسجد القيروان كعادة الحكام المسلمين في ذلك الزمان، كما أنني لا اجزم بذلك فهي تبقى احتمالات، لكن من المؤكد انه لا توجد مراجع أو روايات تصرح بان غايته كانت رد الظلم و الاستبداد عن البلاد لان هذه غاية نبيلة والغاية النبيلة تحتاج لعبارات صريحة تدل صراحتا عليها، في حين أن هذه المراجع أجمعت صراحتا على أن كسيلة قاد حملة تمرد انتقاما لشخصه و كبرياءه بعد تعرضه للإساءة من طرف الفاتح عقبة بن نافع (رض) ، مما يؤكد أن مقاومة الظلم والاستبداد ماهي إلا أكذوبة أريد بها إلباس كسيلة ثوب البطولة والنخوة، لسنا ندري لماذا تتعرض الروايات التاريخية للي العنق بهذه الطريقة!!؟ و لمصلحة من !!؟ كما أن التاريخ هو ملك للبشرية كافة فلا يجوز لأحد أن يلبسه استنتاجات و تفسيرات لا يتحملها.

إن الذين يعتبرون خروج كسيلة على عقبة بن نافع (رض) مقاومة للظلم والاستبداد، يستدلون بالحروب التي ذكرت في المراجع التاريخية والتي قادها عقبة بن نافع (رض) ضد المدن والقبائل الامازيغية، والتي لم تكن إلا جهادا في سبيل الله، فصورها هؤلاء الكتاب للقارئ كأعمال قتل و إبادة مخالفة لنص الإسلام، في حين أن نفس المراجع التاريخية التي ذكرت هذه الحروب اثنت على عقبة بن نافع (رض) و الفاتحين و مدحتهم في نفس السياق، فتجد مع كل ذكر لغزوة أو فتح لمدينة عبارات إعجاب وثناء على الفاتحين وإذا استشهد احدهم ترحم عليه المؤرخون بما ضحى بحياته من اجل أن تنعم بلاد المغرب بنعمة الاسلام، فالأجيال المتعاقبة من قراء المراجع و الكتب تتساءل أي إبادة هذه التي يمدحها المؤرخون!!؟ وأي ظلم هذا الذي مارسه عقبة بن نافع (رض) ثم يترحم عليه المؤرخون!!؟ وان كانت كلمة الإبادة والظلم تنطبقان على الفاتحين فلماذا لم يذكرهما المؤرخون و هما كلمتين بسيطتين!!؟ أو بالأحرى، أي تحليل هذا الذي يستدل بعبارات و يتجاهل عبارات أخرى!!؟

لو حاولنا البحث عن كل الروايات التي تطرق فيها المؤرخون لحياة كسيلة لما استطعنا أن نكتب صفحتا واحدة حولها، و رغم هذا جعلها كتاب و مثقفون جزائريون معلما ذا رمزية أخلاقية فذة، تمثل كل شيم البطولة و النخوة والمقاومة، و لسنا ندري من أي مادة صنعوا هذا البطل التاريخي و الذي لم يتفطن له جهابذة المؤرخين مثل بن خلدون و الطبري والذهبي و.. و..الخ. صنعوا شخصية بأكملها بالتفسيرات و الاستنتاجات، لا لسبب إلا لحقدهم على العرب والمسلمين، فمن من غير كسيلة من قتل زهاء ثلاث مائة من المجاهدين البواسل!؟ من الذي أشفى غليل هؤلاء العنصريين من غير كسيلة!؟ لو أعطوا هذه الرمزية لطارق بن زياد الامازيغي الذي آزر العرب لكان ذلك أكثر إنسانية واقل شماتة و أكثر عز للإسلام، لكن هذا هو ديدنهم منذ استقلال الجزائر عام 1962، فكل من حارب العرب هو ولي حميم وكل من آخى وآزر العرب يبقى نكرة في نظرهم مهما صال وجال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كسيلا بن لمزم
عبد الفتاح أحمد ( 2013 / 12 / 27 - 17:03 )
مَوقف كسيلة بن لَمَزْم من الفتح الإسلامي للمغرب
[ 53- 69هـ = 672- 688 م]
جمال رحموني
أستاذ بالمرحلة الثانوية لمادة العلوم الفيزيائية
بسكرة - الجزائر-
تناول البحث تعليقا على ما جاء في رسالة الأستاذ محمد بن ناصر بن أحمد الملحم في تعريفه بـ -كسيلا -. ووضع كسيلا والبربر قبل الفتح الإسلامي كما تناول موقف كسيلا من أبي المهاجر دينار و موقف عقبة بن نافع منه ، وألقيت الضوء على دور كسيلا والبربر في الفتح الإسلامي ، ووضّحت موقف عقبة بن نافع من كسيلا ،وموقعة تهوذة، وموقف مسلمي افريقيا من هذه الموقعة ، وأشرت إلى انسحاب الجيش الأموي من القيروان ، ورعاية كسيلا لها بعد ذلك ، وبينّت موقف زهير بن قيس من كسيلا في واقعة ممس وذيّلت البحث بخاتمة أوضحت فيها أهم النتائج التي تم التوصل إليها.
الحمد لّله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين سيّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين ، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد :
قرأت بحثا بعنوان - موقف كسيلا من الفتح الاسلامي للمغرب- للباحث محمد بن ناصر بن أحمد الملحم من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية قسم الجغرافيا. عند قراءتي للمقدمة و التي جاء فيها:
بعض

اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام