الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة كتاب -سجون العقل العربي- تأليف طارق حجي (الطبعة العربية الثالثة).

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2013 / 1 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هذا الكتاب "سجون العقل العربي" هو محور رسالتي الفكرية والثقافية. فرحلة أربعة عقود مع الفكر والتجربة (ومن أهم مكوناتها التجربة الإدارية العملية) والمراقبة والسفر (لأكثر من مائة دولة) والتعامل المعمق مع الثقافات الأخري ، كل ذلك جعلني شديد (ولا أقول ابدا "مطلق") الإيمان بأن التقدم ظاهرة إنسانية ، وأن عوامل حدوثها هى بالمثل عوامل مؤنسنة تماما. وواكب ذلك إعتقاد يزداد رسوخا بأن العلم (كله ، بما فى ذلك العلوم الإجتماعية وعلوم وتقنيات الإدارة الحديثة) هى كلها إنسانية او كونية وانها ثمرة مسيرة التمدن الإنساني. وعليه ، فإن الزعم بوجود آليات يهودية او مسيحية او اسلامية او بوذية (او غير ذلك) للتقدم هو محض "هراء" لم يقل به الا أصحاب العقول الصغيرة والمحاصيل المعرفية المحدودة والمنمطة والمؤدلجة والموجهة والمؤسسة على الطاعة والتقليد والإتباع. فنحن نعيش فى ظل حضارة انسانية واحدة وثقافات عدة. وقد برهنت لي تجربتاي فى عوالم "المعرفة" و "العمل الدولي" على صحة القول بأن آليات تقدم مجتمعات مثل المجتمعات الأوروبية والأمريكية الشمالية واستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وهونج كونج وتايوان وسنغافورة وماليزيا وتركيا واسرائيل كلها كانت هى هى ذات الآليات التى هى ثمار رحلة ومسيرة التمدن والتقدم الإنسانيين. ففي كل هذه المجتمعات سار على التوازي أمران : أولهما هو التوظيف الواسع لثمار العلوم الحديثة ومن بينها علوم الإدارة الحديثة وتقنيات ادارة الموارد البشرية ، وثانيهما أيجاد مؤسسات تعليمية تبث قيم التقدم واهمها : قيمة الوقت والعقل النقدي والتعددية والغيرية (قبول الآخر قبولا غير مشروط) والنسبية وقيمة النقد والتعليم الحر وحقوق المرأة والديموقراطية والإتقان والعمل الجماعي ... وغيرها من قيم التقدم. واليوم ، فإن مصر (والمصريين) فى لحظة فارقة فى تاريخهم. فقد أسقطوا بإرادتهم الحكم المطلق. ولكنهم يواجهون قوة كبيرة تسعي للمروق على مسيرة التقدم الإنساني بزعم ان لديها قيما وآليات أخري مستمدة من تراثها . وهو محض عبث صرف. فكل التجربة الإنسانية منذ بداية الثورة الصناعية تؤكد عدم وجود آليات نابعة من أية أيدولوجيات. وأن الأليات الوحيدة التى نجحت فى ظل ثقافات مختلفة (ألمانيا ... كوريا الجنوبية ... ماليزيا ... الصين ... تركيا ... اسرائيل) هى ذات الآليات التى أفرزتها وطورتها مسيرة التقدم والتمدن الإنسانيين عبر قرون ما بعد الثورة الصناعية. وهذا الكتاب الذى صدر حتى الآن بالعربية (فى مصر) وبالإنجليزية (فى بريطانيا والولايات المتحدة) وبالفرنسية (فى فرنسا) وبالإيطالية (فى إيطاليا) بهدف لتوعية القاريء له بأن أية محاولات لإدعاء وجود آليات تقدم غير التى أثبتت نجاحها ما هى إلا محاولات تشبه تجربة الإتحاد السوفيتي : فى طبيعتها وفى مصيرها (السقوط المروع) . وكلي أمل أن يعي قاريء هذا الكتاب أن كل من يستعمل مصطلحات ومفاهيما ايدولوجية (و دينية) فى سلوكه السياسي إنما هو طرف إختار أقوي أدوات السيطرة على غير او أنصاف المتعلمين وضعيف (او أحادي) التكوين الثقافي ... ولكنه لم يختر أكثرها فعالية ، فأدوات وأليات وقيم التقدم الأكثر فعالية هى التى طورتها مسيرة التمدن الإنساني وأثبتت التجربة الإنسانية (لا الخطابية) نجاحها ... طارق حجي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما شكل المقاربة الأمريكية للدفع باتفاق سياسي لإنهاء الحرب في


.. خلافات معلنة بين بايدن ونتنياهو.. ما تأثيرها على الانتخابات




.. واحات جنوب المغرب -الساحرة- مهددة بالزوال!! • فرانس 24 / FRA


.. السفينة الأميركية -ساغامور- تحمل أولى شحنات المساعدات من قبر




.. #متداول.. مستوطنون يقطعون الطريق بالحجارة أمام شاحنات المساع