الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة بدين خامل

مالوم ابو رغيف

2013 / 1 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان يمكن حلها بالحوار والمفاوضات، فهي وعلى عكس ما شط به المالكي وصورها بانها خلافات قومية، هي خلافات على الحدود وعلى صلاحيات حكومة الاقليم، هي اختلافات في الرؤى والتصورات بين حكومتين وليس بين شعبين. فالعربي عندما يذهب الى كوردستان العراق لا يشعر باي مظهر من مظاهر العداء والجفاء ولا تداهمه الهواجس والتوجس، بل على العكس، سيشعر انه اكثر امنا وسلامة منه في بغداد او الموصل مثلا. بينما في الانبار يصرح احد قادة المظاهرات بان الشيعي الذي يرمز له باسم عبد الزهرة يحرم عليه دخول الانبار لانه لا يحترم الصحابة.
الخلافات السياسية مهما كان تعقيدها وصعوبتها الا انها تبقى غير مستعصية اذ يمكن الوصول الى تفاهمات وحلول لها.
لكن الخلافات الطائفية، اكانت بوجهها السياسي او الديني او الايدلوجي، كتلك التي تميز العلاقات بين الاسلاميين الشيعة وبين الاسلاميين السنة، يكون من الصعب حلها، وحتى لو تم التوصل لحل او توافق حولها، سيكون هذا الحل وقتيا، وسوف لن يشكل نقطة للعودة في حالة تأزم سياسي لاحق ، بل دائما ما تكون العودة الى نقطة الصفر وكان المشكلة بدأت للتو وللحظة.
اذ ان الخلافات والتناحرات السياسية بين احزاب الاسلام او بين المرجعيات الدينية ليست خلافات آنية او افرازات لتوازنات او تنافس المصالح فحسب، انما لها ابعادا واسبابا ماضوية ومستقبلية. فعندما يتحدث الاسلاميون عن صراعات الماضي وقصصة الدموية، يصورونها وكانها حدثت اليوم وليس حوادث وقعت في ماضي ولى وانقضى ولم يبقى منه الا تخاريف الرواة. ويجند الاسلاميون انفسهم واتباعهم في فرق وافواج والوية واحزاب لمقاتلة بعضهم البعض الاخر، فتجد جيش معاوية وجيش عمر وجند الوليد وانصار السنة وجيش محمد وانصار الحق وجيش المهدي، حتى تكاد تسمع صليل السيوف وصهيل الخيل وصراخ الضحايا، ويتحدث الاسلاميون عن المستقبل وكانهم قد حسموا المعركة لصالحهم وانهوا العدو فكرا وعددا وابادوهم عن بكرة ابيهم، الاعداء بالطبع هم الاسلاميون من الطوائف الاخرى او العلمانين.
وتزداد المشاكل تعقيدا عندما تحاول الاحزاب الاسلامية المتقاتلة البحث عن عمق لها، ليس في داخل الوطن، انما في خارجه حيث الاجندات الاقليمة والصراعات الدولية ومخططات التآمر واسواق بيع وشراء الذمم والضمائر، فيضعف الانتماء الى الشعب والى الوطن ويقوى شعور الانتماء الى الطائفة ودينها، العراق مصر سوريا ادلة واضحة على ذلك.
ان مشكلة العراق اليوم هي ان النظام والعملية السياسية كلاهما قد بنُيا على تصورات دينية اسلامية، وعندما وضعت القوانين والانظمة ومن ضمنها الدستور، كان الطائفة ودينها دائما في ذهن المشرع والمحاور وفي ذهن المعترض والمعارض ايضا.
الاسلام لا يصلج لا للحكم، لانه لا يتوافق مع تطورات العصر وقوانينه ومستجداته ولا يمكن له مواكبة التطور العقلي والعلمي عند الانسان المعاصر، هو ايضا منهج رجعي يعيق التقدم العلمي والتقني اذ يرهن اي بحث، ادبيا،علميا كان او تاريخيا بموافقة المرجعيات الدينية. ولا يصلح الاسلام كقاعدة او اساس لبناء اي علمية سياسية او حقوقية، اذ ان الاسلام عقائد متناقضة وطوائف متحاربة صراعها الفكري ينتهي بالتكفير واعتراضاتها محكوم باللعن والشتائم ودبلوماسيتها التآمر والاغتيالات واساليب نضالها التفخيخ والتفجير.
ان كل عملية سياسة تبنى على اساس ديني سيكون مصيرها الفشل، اذ ان الصراع وفق الادلوجية الدينية، هو صراع بين الاله وبين الشيطان، دور الاله يتقمصه الحزب الاسلامي او المرجع الديني، بينما الشيطان يكون دائما غير الموافق او غير المتفق.
في المجتمعات الطائفية، يكون الشيطان دائما دين الطائفة الاخرى التي يجب محاربتها في شخوص رجال دينها وفي شخوص رموزهم التاريخية. وفي المجتمعات من المذهب المذهب الواحد، فان الدين سيقسم الناس الى مؤمنين وغير مؤمنين وسيحارب الشيطان في شخوص العلمانيين والمثقفين والمفكرين والفنانين خصوصا.
على العراقيين ان لا يخدعوا انفسهم قبل غيرهم بان الوحدة الاسلامية هي الكفيلة بحل مشاكل العراق السياسية والاجتماعية والثقافية والمعيشية، اذ ان الوحدة الاسلامية ما هي الا خدعة كبرى واحتيال فاضح، فمنذ تأسيس الدولة الاسلامية وعلى مر العصور كان الصراع الاسلامي هو ما يميز كل العهود بدون استثناء، اكان في عهد دولة الخلفاء الراشدين او في عهد الامويين او العباسيين. كما ان كل المجتمعات التي تحكمها الاحزاب الاسلامية، مثل مصر وتونس والعراق وغيرها، او تلك التي تهيمن عليها الشريعة برجالها او بقوانينها، مثل ايران والسعودية، هي مجتمعات غير مستقرة لا من الناحية السياسية ولا من الناحية المعيشية ولا من ناحية العلاقات التي تربطها بجيرانها او التي تربطها بالعالم. ولو افترضنا حدوث الوحدة الاسلامية، فانها ستكون وحدة ضد الشعب، سيكون الشعب بنظرهم هو الشيطان الذي ستطارده ملائكة الاله بالسياط وقوانين الشريعة وفتاوى الجهلة.
ان الحل لازمة العراق سوف لن تتنتهي حتى لو صار الى انتخابات مبكرة، اذ ومهما كانت النتائج، وفي ظل نفس العملية التي بنيت على مباركة المرجعية الشيعية واعتراضات المرجعية السنية بشخوص رجال دينها في الداخل او في الخارج، ستعود الازمة من جديد الى الاشتعال، اذ ان وقود الازمة، وكما اسلفنا، هي خلافات الماضي الديني بكل تشعباته والحاضر بكل ارهاصاته والمستقبل بكل توقعاته. اقول ان الحل هو ان يكون العراق دولة ان لم تكن بلا دين ، فلتكن دولة بدين خامل غير فاعل، يستفاد منه لمناسبات الاعياد وعقود الزواج واحياء المواليد والاشراف على الاضرحة والمزارات.
كما يجب ان لا يجاز اي حزب اسلامي الاشتراك بالعملية السياسية اوالترشيح للانتخابات.
فاذا كان الرأسمالية هي التي تنتج المجتمعات الطبقية المتناحرة، فان الاسلام السياسي هو الذي ينتج المجتمعات الطائفية المتناحرة والمتصارعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صريح
نيسان سمو الهوزي ( 2013 / 1 / 5 - 19:03 )
كلام واضح وصريح ومعروف علمياً وسياسياً وفلسفياً ولكن ( عند المسلمين ) غير معروف وغير معترف به وهذه هي المشكلة والمعضلة المعقدة والمدمرة للأنسان .. تحية


2 - تحيه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 1 / 5 - 19:40 )
تهنئه بالعام الجديد وامنيات بتمام العافيه
العزيز مالوم
الاحتلال واذنابه والمصفقين له والتابعين له داخليا وخارجيا دمروا بلد وشعب حاضرا و مستقبلاً
من يريد ان يعرف حال العراق اليوم عليه ان يكون على سطح ارض العراق لانه سيرى ما يجري تحته و فوقه من خلال انعكاساتها على السطح
العراق كان فيه بعض حياة عطلوه بالحصار والاحتلال التدميري المتعمد وسلّموه الارجاس الى ارجاس ليكون العراق اليوم بلد تالف بكل ما تعنيه هذه الكلمه من معنى
كل المشتركين اليوم في العمليه السياسيه من الرئاسه الى اصغر مستشار في كل المواقع والبلدات هم فاسدين ماليا وسياسيا و وطنياً من يمارس الفساد و من يتستر عليه و من يقايضه و من يبيضه و من يدعمه و من يتغافل عنه و من يساوم لذلك فالكل مشمول بذلك ولن يستطيع احد النأي بنفسه
الوضع خطير جدا واجتاز حافة الهاويه بالاتجاه اليها ولن يكون احسن مما كان لا بالانتخابات ولا بالمفاوضات و لا بالتنازلات و لا باللقأات الجانبيه
سيبقى هكذا الى لحظة الانفجار الرهيب التي ستعيد للعراق استقراره بعد انهار دماء يتحمل مسؤوليتها رجال الدين وقادة الكتل والاحزاب والرؤساء الاربعه بالتساوي
اكرر التحيه


3 - الأستاذ مالوم أبو رغيف المحترم
ليندا كبرييل ( 2013 / 1 / 6 - 07:59 )
لن أضيف بتعليقي على ما تفضلت به . ولو افترضنا أن الإسلام السياسي وصل إلى سدة الحكم ، فإن الرجال الذين اجتمعت أياديهم اليوم لن يلبثوا أن يستديروا لطعن بعضهم البعض، فالاختلافات بين الفرق في الدين الواحد تكاد ترقى لأن تكون ديناً مستقلاً بذاته تحت اسم الإسلام ، ونحن نشهد الصراعات فلم يغضون البصر عنها؟

تفضل أستاذنا العزيز التمنيات الصادقة بنجاحات كبيرة في العام الجديد مع دوام الصحة والعافية وكل عام وحضرتك بخير


4 - الاخ نيسان سمو:الجهل واحزاب الاسلام
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 1 / 6 - 21:40 )
الاخ نيسان سمو المحترم
شكرا لك على المشاركة وعلى الاتفاق في الرأي، اعتقد ان الاحزاب السياسية، واغلبها احزاب اسلامية، لا تريد تغيير الواقع المتخلف الذي تعيشه الناس، اذ ان التخلف هو البيئة الملائمة لسيسة الاسلام السياسي ومقولاته ، كذلك الجهل وضياع الهدف، يمكن الاحزاب الاسلامية من السيطرة على مشاعر الناس، ان اغلب الاصوات التي تحصل عليها الاحزاب الاسلامية في الانتخابات هي اصوات الاميين، وانت تعرف كم تبلغ نسبية الامية في العراق، ليس عدم القدرة على القراءة والكتابة فقط، بل ايضا الامية المعرفية والامية السياسية والحقوقية وامية الادراك
تحياتي


5 - الاخ عبد الرضا جاسم: حول خطورة الوضع وتدني الوعي
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 1 / 6 - 21:53 )
الاخ العزيز عبد الرضا حمد جاسم المحترم
تقبل امنياتي بعام سعيد
اتفق معك بسوء وخطورة الوضع في العراق
انا اعتقد ان السبب هو امية الشعب العراقي وانقياده الاعمى لمشاعره الدينية، لا اتحدث عن الشيعة فقط، بل عن السنة ايضا
لو كان الشعب يدرك خطورة الوضع لعبر عن عدم رضاه بشتى الافعال، لكنك ترى ان الشعب يقاد مثل ما تقاد القطعان، يسوقه رجال الدين بمواكبهم الدينية والارهابيين بفرق الموت والانتقام
والسياسين بمظاهرات الاحتجاج او التأييد
مظاهرات اليونان وفرنسا او احتلوا وول تسريت، هي مظاهرات عفوية، تعبير شعبي عن عدم الرضا، اما ما يحدث عندنا، ولتدني الوعي، لا يقام اي تجمع او تظاهر الى بفعل حزب او مرجعية دينية
انعدام عفوية الاحتجاج والفعل يمكن السياسيين الفاسدين بالعبث بكل شيء بما فيها حرية الانسان، انا اعتقد ان تدني الوعي يزيد من خطورة الاوضاع
تحياتي


6 - الاخت ليندا كبرييل: حول الفرق الاسلامية
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 1 / 6 - 22:10 )
المحترمة الاخت العزيزة ليندا كبرييل

) شكرا لك على التحية ، اتمنى لك ولعائلتك الصحة والسعادة
اتفق تماما معك بان هذه الفرق الاسلامية هي اديان ولم تعد طوائف ولا فرق، اآئمتها وكبار رجال دينها اصبحوا بمنزلة الرسل ولم يعودوا مجرد علماء دين يحتلون مناصب دينية: حتى اصبح يشار اليهم بالعلماء الربانيين، كما ان هذه الفرق والطوائف لم تعد تسمي نفسها بالاسلام، بل بعناوين رؤساء مذاهبها، فهذا جعفري وآخر وهابي وثالث حنبلي ومالكي
ولم يعد القاسم المشترك بين هذه المذاهب هو الدين والعبادة، انما العداء لبعضها البعض وبغضها للتطور، هي لا تتوحد بشعائر دينها انما في عدائها وبغضها للحياة العصرية التي تعني ان يشعر الانسان اولا بانسانيته قبل ان يشعر بعبوديته للاله
اكرر لك التحية وتمنيات بالصحة والسعاة

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran