الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( مبارك شعبي مصر ) بين النص المقدس و الواقع المؤلم

جورج فايق

2013 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كالعادة عندما يتكلم رجال الدين المسيحي عن مصر فأنهم يتكلمون عنها بوصفها أرض مباركة من الله فعلاً و نصاً
من جهة الفعل لأن العائلة المقدسة جاءت لمصر هرباً من هيردوس الذي كان يريد أهلاك يسوع فأمر الملك يوسق النجار بأن يأخذ الصبي و أمه و يهرب لمصر و يقال أنهم مكثوا في مصر 3 سنوات و نصف

أما من جهة النصً :- لأن الله في سفر أشعياء توجد أية في نهاية أصحاحه ( فصله ) التاسع عشر جزء من أية يقول ( مبارك شعبي مصر )

من جهة البركة على الأرض فبنظرة موضوعية نجد انه ليس من الطبيعي أن تكون مصر بلد مباركة من الله و يكون بها كل هذا القدر من الفساد الممنهج والذي يضع مصر في أعظم مراتب الأمم فسادا
ً كما أن مصر بالنسبة لليهود كانت رمز للعبودية و قهر شعب الله و ذلهم وكثيراً ما كان الله يذكرهم كيف أنه أنقذهم و أخرجهم منها بعد أن ذلهم المصريين
عندما زارت العائلة المقدسة مصر وتشرفت مصر بهذه الزيارة و لكن هذا لا يعني أنها أصبحت أرض مباركة و أرض مقدسة
فمثلاً أن كان لديك أرض خربة و مظلمة و بها كم كبير من المخلفات و طفح المجاري تزكم الأنوف و تجعل الجميع يشمئز من حالها و يعمل كل جهده لتركها ثم زارها ملك عظيم هو و عائلته و مكث بها فترة ثم رحل و انت لم تقم بأي شيء لإزالة الخراب من هذه الأرض وتعميرها و تنويرها و تنظفيها لكنك أكتفيت بتعليق لافتة كبيرة عليها مكتوب بها
( هذه الأرض مقدسة و مباركة لأن ملك الملوك زارها و مكث بها ) فهل سيصدقك أحد ؟ و هل تلوم أحد على التشكيك في كلامك و أن كان الله المتجسد زار مصر يوماً فالله موجود في كل مكان و لا يخلو منه مكان و هذا ليس سبب للأدعاء أن جميع الأماكن مقدسة

أما من جهة مباركة الله لمصر نصاُ و حتى فترة قريبة كنت لا أهتم بالبحث عن موقع هذه الأية و لا سياقها و لا موقعها بين الأيات التي تسبقها رغم رؤيتي ما تعانيه في مصر من تخلف ورجعية و فساد و أنحدار على كافة المستويات و ..... مما جعلها في مركز متميز في قائمة الدول الفاشلة على كافة المستويات و التي تنافس على قمة هذه الدولة بشراسة و منطلقة للقمة بسرعة الصاروخ
و هذا ما جعلني أتسأل أن كانت هذه البركة فما هي اللعنة ؟؟؟؟
و صراحة كنت أتمنى لبلدي مصراً قدراً من لعنة أمريكا أوأوربا أو حتى الصين لتتقدم بلدي بعض الشيء أقتصادياً و علمياً مثل هذه البلاد الملعونة التي لم يذكر يخصوصها نص يباركها في أي دين
و حين قامت ثورة 25 يناير الملعونة التي عجلت بخراب مصر أكثر ما كانت عليه أنتشرالأصحاح التاسع عشر من سفر أشعياء في كل المنتديات القبطية بحثاً عن مصير مصر لأن هذا السفر يتكلم عن نبوات تخص مصر و عندما قرأت الأصحاح رأيت أن أية البركة ( مباركي شعب مصر ) موجودة في نهايته بعد العديد من الويلات و الخراب الذي ينتظر مصر والواردة في بداية هذا السفر و لم يذكرها أحد
و رغم أفتراضي حسن نية رجال دين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في الحديث عن مصر و بركاتها المزعومة بقصد زرع الأمل أو أثبات الوطنية و الحب لمصر
الا أنهم كان يجب عليهم أن يوضحوا الجانب الأخر من النبوات حتى أن يوماً أستخدم شعبهم عقله الذي تم تدميره لا يشك في مواعيد و نبوات الله عندما يروا حديث عن بركة مصر و شعبها و لا يرون في الواقع الا كل لعنة على هذه الأرض و شعبها
وسبب أخر كان من أجله يجب أن يذكروا أباء الكنيسة باقي النبوات و الويلات حتى يوضحوا الصورة كاملة لأنهم في حروبهم العقائدية مع الطوائف الأخرى لا يكلون و لا يملون من التذكير بخطورة الأية الواحدة رغم أنهم كثيراً ما يستخدمون الأية الواحدة لدعم مواقفهم و ممارستهم

و تستطيع أن تعرف رد أي رجل دين قبطي عند سؤاله عن مصر لأن الأجابة بمثابة أكليشه جاهز يتم وضعه في كل حوار وهو في الغالب خليط من أيات البركة المزعومة و قول البابا شنودة المتنيح ( أن مصر ليست و طناً نعيش فيه أنما مصر وطن يعيش فينا )
و لهذا عندما تكلم البابا تواضروس الثاني لمحرر بوابة الأهرام عند سؤاله عن هجر ة بعض الأقباط من مصر بعد الثورة
قال قداسته :- بلادنا مبروكة، باركها السيد المسيح والقديسة العذراء مريم ومكثوا فيها 3 سنوات ونصف، والعبارة والوعد المشهور المكتوب في الإنجيل (مبارك شعبي مصر) مصر فيها وعد، أنه لن يكون فيها حرب، ولا قتال، ومصر تعيش في سلام، وفي سفر أشعياء في العهد القديم يقول النص (مبارك شعبي مصر، وفي ذلك اليوم يكون مذبحا للرب في وسط أرض مصر وعمودا عند تخومها)
و هنا أتسأل لماذا ذكرت يا قداسة البابا هذه الأية فقط و تجاهلت باقي أيات السفر؟
أنها نفس الأية التي تستخدم منذ عقود لكي يوهمون الجميع أن مصر مباركة حتى انه يقال تم أستخدامها يوماً لتأييد مبارك في أستفتاء كان فائز به لا محالة كعادة فمصر لا تقول صناديق أستفتاءتها ( لا ) لأحد من حكامها و هذا أيضاً نوع من أنواع البركة
لماذا لم تذكر يا قداسة البابا الكثيرة من الويلات المنتظر حدوثها لمصر
( أكثر ما بها من ويلات بالفعل ) و هي واردة في نفس السفر بل و في نفس الأصحاح و لكن قداسته كعادة رجال الدين لدينا أقتص هذه الأية من سياقها لتسويق أن الله بارك مصر و هذا غير حقيقي و لا يصدقه الكثير من المصريين الذين يرون تدهور أحوال مصر من سيء للأسواء على يد أنظمة تتنافس على السلطة من أجل السلطة تعمل على الأنفراد بها دون أن يمس نظام الفساد الكائن في كل أركان مصر و للحق هذا التدهور لا يتحمله الأخوان وحدهم لكن في عهدهم التدهور أسرع و أشمل و للحق أيضاً أن نظام الفساد في مصر أصبح أقوى من أي نظام حكم قائم أو قادم
و كثير من المصريين الذين يستخدمون عقولهم لا يصدقون تسويق أية البركة هذه فليس من المنطقي أن تكون مصر بلد مباركة و بها كل هذا الكم من الفساد و الدمار على كافة المستويات مما جعلها أقرب للجحيم منها لبلد جعلت كثيرين يحلمون بالخلاص منها بالسفر و الهجرة و يسموها تارة خرابة أو غابة و هي للأسف أحوالها تفوق كل هذه المسميات فهي مزيج من الخراب و الغاب
أما بخصوص البركة المذكورة في السفر فربما أتت في عصر ما في الماضي السحيق أو ربما سوف تأتي في المستقبل البعيد و ربما البركة كان مختص بها شعب الله قديماً ألا وهو شعب بني إسرائيل في مصر فيقول الكتاب المقدس
(مبارك شعبي مصر ) و لا يقول ( مبارك شعب مصر ) فهناك ياء الملكية و أنتهى الأمر بخروجهم من أرض مصر
و ربما أي شيء أخر غير أن مصر و شعبها مبارك الأن
و لا أدري من أي فصل من الكتاب المقدس أتى البابا تواضروس الثاني بتصريحاته المتضمنة مصر فيها وعد، أنه لن يكون فيها حرب، ولا قتال، ومصر تعيش في سلام أن كان الفصل التاسع عشر من سفر أشعياء يقول ( وأهيج مصريين على مصريين فيحاربون كل واحد اخاه وكل واحد صاحبه مدينة مدينه ومملكة مملكة .وتهراق روح مصر داخلها )
فهل نصدق كلام البابا تواضروس الثاني عن أنه لن يكون هناك حرب بل سلام أم نصدق كلام الله على لسان أشعياء
وأهيج مصريين على مصريين فيحاربون كل واحد اخاه
تهراق روح مصر داخلها وافنى مشورتها فيسالون الاوثان والعازفين واصحاب التوابع والعرافين
اغلق على المصريين فى يد مولى قاس فيتسلط عليهم ملك عزيز يقول السيد رب الجنود
وتنشف المياه من البحر ويجف النهر وييبس.وتنتن الانهار وتضعف وتجف سواقى مصر ويتلف القصب والاسل.والرياض على النيل على حافة النيل وكل مزرعة على النيل تيبس وتتبدد ولا تكون

و أن سلمنا بأجابة البعض بأن الحروب و الويلات كانت في الماضي و أنتهت فأين هما البركة و السلام لمصراللذان تعيش فيهما مصر الأن ؟
و كيف تكون مصر مباركة وهذا هو حالها ؟
أما أن البركة هي الأخرى كانت في عهد سابق و أنتهت ؟
نصحت بأن أقراء تفاسير و لكنني لن أفعل فما تعيشه مصر من واقع مؤلم و محزن لن يجدي معه تفاسير و تأويل لاهوتية لفسلفة أنهيار مصر

كلامي هذا ليس كرهاً لمصر وطني انما هو حزن على حالها و على ما صارت عليه فالعيب ليس عيب البلد أو الأرض فهذه الأرض يوماً ما أخرجت حضارة أبهرت العالم كله و مازالوا يكتشفون في أسرارها حتى الأن و لكن هذا الشعب المصري الذي أنتج الحضارة و برع في العلوم و الفنون و ..... أنقرض و أصبح يعيش عليها الأن شعب مهجن باصول عربية و تركية و ..... و جميعها سلالات غير نقية حتى من يزعمون أنهم أصل مصر كالنوبة و الأقباط فأعتقد ان الأنسان المصري المنتج للحضارة أنقرض مع هذه الحضارة
.
وها هو موقع الأصحاح التاسع عشر من سفر أشعياء و يتكلم فيه عن ويلات كثيرة تنتظر مصر و ينهي السفر بـ ( بها يبارك رب الجنود قائلا: مبارك شعبي مصر، وعمل يدي أشور، وميراثي إسرائيل )

http://st-takla.org/pub_oldtest/Arabic-Old-Testament-Books/27-Isaiah/Sefr-Ash3eya-Chapter-19.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أصبت ولكن..
محمد بن عبد الله ( 2013 / 1 / 6 - 18:08 )
منذ زمن وأنا أنبه من سوء الفهم هذه الآية لدى العامة..
مما لا شك فيها أن هذه الآية المقتطعة من سياقها تستغل بأبشع صورة لخدمة السياسة (غيرها آيات كثيرة تقتطع لتستغل بفجاجة أهمها_ها أن العذراء تحبل وتلد ابنا..)

لكن دعني أبين كيف تفهم الكنيسة هذا السفر
في رأيي المتواضع يبدو أن الكوارث والمصائب التي تنبأ بها النبي لمصر هي ما نعيشه وتعيشه البلاد منذ قرون عديدة..وكما قال إشعيا فإن البركة لن تحل إلا بعد تصالح شعب مصر مع الله (ونفهم ضمنا الدخول في المسيحية)
هذا ما يعنيه دون أن يصرح به رجال الدين
يؤمن هؤلاء أنه في نهاية المطاف ستنفض مصر البدع والأديان الكاذبة لتعود إلى المسيح يتطلب ذلك أن تحفظ مصر ككيان ويحفظ شعبها طوال أجيال وأجيال لأن له مكان في البناء الإلهي المستقبلي في نهاية المطاف
فهل تريد أن يصرّح البابا بمثل تلك التفاصيل للعامة؟؟!


2 - اللُّؤْلُؤَة الثمينة هي الحياة الأبديَّة
أشورية أفرام ( 2013 / 1 / 7 - 18:06 )
مبارك شعبي مصر,لا يقصد بها فقط البركات المادية الزمنية الزائلة ,ولكن الأهم البركات الروحية التي بها ننال حياة أبدية خالدة ,لأن كنيسة مصر هي القلب ذاك العضو الفعال في جسد المسيح ,ويأتي بعدها باقي الكنائس كأعضاء مكملة لجسد المسيح ... وفيها الأصالة وجذور الأيمان الحقيقي الثابت ... الكنيسة في مصر هي أم لكل كنائس الشرق الأوسط ولكنائس الغرب أيضا وهي الأساس... فقامـة المسـيح لم يصل لها ألا رجال الله العمالقة في مصر... وكشعب أيضا يختلفوا كثيرا عن شعوب أوطاننا, شعب مؤمن ومحب وكادح يتحمل كل الصعوبات ولا تهزه الصعوبات...تحمُّلَ الأضطهادات والصعوبات في سبيل الحياة الأبديَّة أمر هين مقابل المجد الأبدي الذي أعدَّه الله لنا(البركات الروحية): - وأَرى أَنَّ آلامَ هذه الدنيا لا تُوازي المجدَ الذي سيتجلَّى فينا. - (رومة 8/18)...

اخر الافلام

.. المسلمون في الهند يؤدون صلاة عيد الأضحى


.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه




.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك


.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟




.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع