الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة للكرد!

نعمت شريف

2013 / 1 / 6
القضية الكردية


دولة للكرد؟
بقلم: ديفيد هيرست، عن جريدة لوس انجليس تايمز
4 كانون الثاني 2013

ترجمه عن الانكليزية: نعمت شريف

هل سيكون الخاسرون في المنطقة في الاضطرابات بعد الحرب العالمية الاولى، سيكونون الرابحين في الربيع العربي؟
جندي كردي يقف حارسا امام مقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في بغداد، العراق: (علي عباس، ا. ب. أ. ديسمبر 19 2012 )


نشرت جريدة الصباح البغدادية مقالا غريبا قبل بضعة اسابيع. أقترح محررها عبدالجبار الشبوط حل مشلكة قديمة بين عرب العراق واكراده بتأسيس دولة كردية. لم اسمع من قبل قط شيئا كهذا، والذي كان يعتبر هرطقة في وقت ما، ولم اسمع الافصاح عنه علنا في اي محفل عربي. وليس هذا محفلا عاديا: الصباح هو بوق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. استمر الشبوط في اقتراحه بالتفاوض "لانهاء الشراكة العربية الكردية بطريقة سلمية." اطلق الشبوط على اقتراحه هذا الخطة (ب)، حيث كانت الخطة (أ) "الحوار" بين حكومة العراق المركزية وحكومة الاقليم الكردية في شمال العراق والتي انبثقت بعد سقوط صدام حسين.

وقال أن الخطة (أ) لم تؤدي الى نتيجة. كانت الاختلافات حول القوة والسلطة، النفط والثروات الطبيعية، المناطق والحدود عميقة الى درجة افشال الحوار المرة تلو الاخرى. في ديسمبر، تقابل الطرفان، جيش العراق والبيشمركة الكرد في جو شديد التوتر، وحسب قول الشبوط، كان من الممكن ان يؤدي الى انفجار الوضع عسكريا في اية لحظة لاي خطأ بسيط في الحسابات.

ولكن ليس الشبوط وحيدا في هذا المنحى، فالمالكي انذر بنفسه، اذا اندلعت الحرب فأنها سوف لن تكون مجرد حرب بين الثوار الكرد وبغداد كما كان في الماضي ايام صدام حسين، ولكنها ستكون حربا "قومية بين العرب والكرد."

هل يمكن هذا ان تكون "المسألة الكردية" قد وصلت الى مرحلة حرجة اخرى في تاريخها، مرحلة مرتبطة عن كثب مع هزات الاحداث العظيمة التي تعصف بالمنطقة كلها، وهي احداث "الربيع العربي"؟

لقد كان مصير الكرد دائما اقل ارتباطا بنضالهم من ارتباطه بغياهب السياسات العالمية، والاحداث العظيمة التي تنتجها في الشرق الاوسط بين فترة واخرى. فمع سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، وعدت فرنسا وبريطانيا الكرد دولة خاصة بهم. ولكنهم خرجوا منها كأقليات مضطهدة بدرجات متفاوتة في اربع دول هي ايران والعراق وتركيا وسوريا، حيث تقاسمت هذه الدول اراضيهم الشاسعة. انتفضوا مرة بعد اخرى وخاصة في العراق، ولكن ثوراتهم كانت تسحق باستمرار، واخرها في عهد صدام حسين باستعماله الغازات في حرب ابادة.

ولكن الكرد لم يوقفوا قط حلمهم في دولة مستقلة. جاء اول انفراج لهم بعد اجتياح صدام حسين المصاب بجنون العظمة للكويت في عام 1990 حيث تم انشاء المنطقة الامنه للكرد بحماية دولية في شمال العراق، وهذا مكنهم من القيام باول خطوة لبناء الدولة المتمثلة في تأسيس برلمان الاقليم و درجة من الحكم الذاتي.

ومن ثم، وبعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003، وطد الكرد حكمهم الذاتي بسلطات تشريعية جديدة وصلاحيات اوسع، السيطرة على قواتهم المسلحة وبعض السيطرة على مصادر النفط العراقية. ولكن من البداية، قالوها بوضوح بانهم سيلتزمون "بالعراق الجديد" فقط عندما يعاملون على قدم المساواة كشريك. ولكن لم تستغرق وقتا طويلا عندما بدأت هذه الشراكة الديموقراطية على اسس قومية ومذهبية تظهر تقصيرا في ادائها، وتراكمت النزاعات التي خلقتها الى الحد الذي لايمكن حلها بالحوار. وبدأ الكرد يجمعون حقائق دستورية وسياسية ومناطقية واقتصادية وامنية من ارض الواقع، مصممة للتأكد من ان الدولة الكردية الوليدة تستطيع الوقوف على قدميها وتدافع عن نفسها.

ولهذا كله، هل ان كرد العراق هم الان على حافة المرحلة الثالثة، وربما الاخيرة، للاستقلال؟ هل يمكن ان يصبح اكبرالخاسرين بعد ان وضعت الحرب العالمية اوزارها، ان يصبح اعظم الرابحين في الربيع العربي؟ "ليس فقط ان كردستان العراق تمر باعظم فترة ازدهار، ولكن شعبها ايضا يعبرون في الوقت الحاضر عما لم يكن بالمقدور حتى التفكير به في الماضي وهيِ: ان اليوم الذي سيستطيعون فيه الانفصال عن العراق لقريب" يقول جوست هيلترمان في مجلة "فورن افيرز-Foreign Affairs”.
وقد اشارالرئيس الكردي مسعود بارزاني الى هذه الحقيقة علنا المرة تلو الاخرى حيث قال "لقد عانينا الكفاية من السلطات الدكتاتورية في بغداد."

ولكن يبدو انهم بحاجة الى تغيير قواعد اللعبة مرة واحدة اخرى لتحويل البيئة الجيوبوليتيكية لصالحهم، وهم هذه المرة يرجعون الى تركيا لاحداث التغيير. من وجهة النظر التاريخية، هذا حدث فوق العادة. كانت تركيا دائما قاسية في قمع الحركة القومية الكردية—في هذا العصر من حزب العمال الكردستاني (ب. ك. ك.) داخل حدودها، وخائفة دائما من اي انجاز كردي في دولة اخرى من ان تصبح نموذجا لهم في تركيا، وقد وضعت الحكومة في انقرة منذ امد طويل الختم على ابقاء العراق دولة موحدة، ويبقى الكرد جزءا متكاملا منه.

ولكن ومنذ عام 2008 وفي عكس تام لسياستها السابقة، تقوم حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان باتباع سياسة "التكامل الاقتصادي التام" مع كردستان العراق. وفي الوقت ذاته بدأت العلاقات التركية مع الحكومة المركزية في العراق بالتدهور المستمر، حيث اصبحت الحكومتان الان على طرفي نقيض في الصراع الاكبر للقوى في الشرق الاوسط والذي يتصارع فيه ايران الشيعية وعراق المالكي وسوريا بشار الاسد وحزب الله على طرف وضد ثوار سوريا، ومعظم الدول العربية السنية وتركيا نفسها. وتحت ضغط هذا الصراع، لقد صعدت تركيا تقاربها مع كرد العراق من مجرد علاقات اقتصادية الى علاقات سياسية وستراتيجية ايضا.

وفي الحقيقة لقد صعدت علاقاتها الى درجة يعتقد معها الكرد ان تركيا ستقطع علاقاتها قريبا مع نظام المالكي الشيعي في جوهره، وتتعامل بشكل بانفراد مع المكونين الاخرين في عراق على وشك الانفكاك، والمكونان هما العرب السنة والاخر الاهم الكرد. وفي مقابل هذا، يمكن ان تصبح كردستان المستقلة مصدرا مستقبليا ومعتمدا للنفط الذي هم بامس الحاجة له والمتواجد فيها بوفرة، كردستان المستقرة ستكون اكثر استجابة وتشكل منطقة حياد بين تركيا و جارتيها الاعداء العراق وايران. وبالرغم من انعكاس في السياسة فوق العادة كما هو لتركيا نفسها في تعاملها مع (ب. ك. ك.) في استيعابها له او في القتال معه.

وحتى قد قيل ان اردوغان قد ذهب بعيدا في وعده للبارزاني ان تركيا ستحمي دولته الكردية في طورالتكوين اذا قام الجيش العراقي باي هجوم عليها، ويعتقد ان هذا الهجوم سوف لن يحدث البتة اذا كان المالكي يفكر حقا بالخطة (ب)، والخطوة العظمى في اخلاء سبيك الكرد حسب رغبتهم وارادتهم الحرة.

ديفيد هيرست مراسل جريدة الغارديان في الشرق الاوسط لاربعين عاما، وهومؤلف كتاب "البندقية وغصن الزيتون: جذور العنف في الشرق الاوسط."

ترجمه عن الانكليزية: نعمت شريف
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط