الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللحية السفليّة تثير السخريّة ..

ماجد عبد الحميد الكعبي

2013 / 1 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


على هامش فتوى دار الافتاء المصرية : اطلاق اللحية عادة وليس من الشرع .. يمكن القياس على ذلك فنقول : ارتداء النقاب عادة أعرابية وليست من التعاليم الاسلامية .
قديما وحديثا .. كانت الثقافة الشكلية تشغل حيزا كبيرا من اهتمام الاعراب الذين اتخذوا الاسلام شكلا دون مضمون : لحية طويلة وجلباب قصير ولقلقة صوتية بعبارات الخير و الاحسان . لان الشكل يمثل ركنا مهما في الذائقة البدائية حيث الالوان الفاقعة والزاهية و الاشكال والهيئات والرسوم و الحجوم ، فهي التي تخطف البصر عندما لا يكون هناك مجال للتدبر او التفكر ، ويكون المرء حينها مثل الطفل ذي العقل الساذج الذي لا يميل الى التركيز على المفاهيم والمدركات العميقة ، لذلك يكتفي بملاحظة وملاحقة الاشياء و اشكالها فقط ، فهو يحتاج الى اشباع حواسه البصرية وليس لديه طاقة على تحمل الجهد الفكري او التدبر العقلي ، وهو – ايضا – يجنح الى الاشياء الواضحة والجلية ، لذلك دائما يطلب الدليل المادي المرئي والذي يمكن ان تشاهده العين بوضوح ، لانه يؤمن بما يراه عيانا وبما يُخيفه فقط ، ومن هنا فقد كثر النفاق والمنافقون بين الأعراب اكثر من غيرهم .
ان الاهتمام بالشكل يعد من السمات الواضحة للمنافقين الذين ( لا يفقهون من الدين إلا اسمه ولا من القران إلا رسمه). وهؤلاء و امثالهم ، هم المقصودون بقول الرسول الكريم (ص) : ( يخرج ناس يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ). اما في عصرنا الراهن ، فخير دليل على ذلك تلك الصيحات و التمجيدات التي تدعو الى تزكية ( رئيس ما ) وتطهيره من الذنوب ، ليس لشيء مهم و انما ( لانه ملتح ويصلي بعامة الناس جماعة ) ، فلا حديث عن عدله او قسطه ، عن فعله وعمله و ادائه ، المهم : شكله و لقلقته وتلاعبه بالجمل المكررة و الالفاظ المعتبرة ، والمحفوظة كابرا عن كابر من زمن المعلقات الجاهلية الى المدونات السايبرية.
ولقد نال هؤلاء القوم – قديما - حظهم من السخرية والتهكم عندما وقعوا فخا لألسنة الشعراء العباسيين في عصر ُيعلي من القيم الجمالية الشكلية ويسخط على المظاهر القبيحة للأشكال . يقول د. شوقي ضيف واصفا حال الشعراء : (ولعلهم لم يكثروا من التندير على شي كما اكثروا من التندير على الِّلحى ) . ومن اشهر الاشعار التي تهكّمت بهؤلاء قول مروان بن ابي حفصة :
- لقد كانت مجالسنا فساحا فضيَّقها بلحيته رباحُ
- مبعثرة الأسافل و الأعالي لها في كل زاوية جناحُ
وقد تفرّد ابو الحسن علي بن العباس الملقب بـ ( ابن الرومي) من بين الشعراء الهزليين بسخريته من اصحاب اللحى الطويلة فمرة يرسم صورا كاريكاتورية مضحكة جدا كما في قوله :
- ان تطل لحية عليك وتعر ض فالمخالي معروفة للحمير
- علَّق الله في عذاريك مخلا ة ولكنها بغير شعيــــــــــــر
وقوله :
- ولحــيةٍ يحمــــــلها مائــــــق مثل الشراعين اذا اشرعا
- لو غاص في البحر بها غوصة صـــــــاد بها حيتانه اجمعا
ومرة اخرى يصوّر مشهدا هزليا ، متخيلا صراعا يدور بين اثنين : صاحب اللحية الطويلة والحلاق المشمئز من منظر الشعر الطويل ، فقال :
- اِنْ انتَ صادفت أخا لحيةٍ قد جَلَّلَتْ من كِبَرٍ صدره
- فاقبض بيسراك على اصلها و ضَعْ على حلقومه الشفره
- فان خشيت الله في قتله وخفت منه سطـوة مـــرّه
- فثِبْ الى عثنونه ناتفاً فاتِ عليه شعرةً شعــــره
أمّا الشاعر العباسي الساخر ، ابو الحسن محمد بن محمد الملقب بـ ( ابن لنكك البصري ) فيوجز القول في وصف هؤلاء الشكليين السفليين ( ليس الروس طبعا !) ، ليفضح حقيقتهم التي غطتها الاشكال :
- لا تخدعنْك اللحى ولا الصور تسعة اعشار من ترى بقرُ
- تراهمُ كالسحاب منتشــــــراً وليــس فيه لــطالبٍ مطرُ
- في شجر السرو منهمُ مثلٌ له رواءٌ وما له ثمــــــــــرُ
انهم حمير و بقر في نظر الشعراء !!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن خلال حفل -شهر التراث اليهودي-: الحرب على غزة ليست -إبا


.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت




.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah