الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى الدين (3) زرادشت

داود روفائيل خشبة

2013 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كل الأديان التى نعرفها، سواء ما هو قائم منها فى وقتنا هذا مثل الهندوكية والشنتوية واليهودية أو ما اندثر منها خلال الألف أو ألفى عام الأخيرة، كلها ترجع لأصول فى عصور ما قبل التاريخ. وليس بين كل من نعرفهم بوصفهم "مؤسّسين" لبعض من هذه الأديان من هو بالفعل مؤسّس لدين جديد تماما، إنما كل منهم عمل فى إطار تراث دينى سابق.
هكذا كان حال زرادشت الذى عاش فى بلاد الفـُرس (إيران) نحو منتصف القرن السابع قبل الميلاد أو قبل ذلك، وصارت تعاليمه ديانة رسمية لإمبراطوريات فارسية متعاقبة على مدى عدة قرون حتى أخذ الإسلام يحل محلها بدءًا من النصف الثانى من القرن السابع الميلادى، حتى انحصرت فى الوقت الحالى فى طائفة محدودة العدد تتمركز أساسا فى أنحاء من الهند وقلة لا تتجاوز عشرات الآلاف بقيت فى إيران.
كان زرادشت إذن فى الأساس مصلحا لتراث دينى نشأ فى ظله وتشبّع بتعاليمه ومعتقداته. كان الفـُرس يؤمنون بوجود عديد من الآلهة، بعضها يأتى بالخير وبعضها يأتى بالشرّ، وليس هذا بالأمر المستغرب، فنحن نرى قوى الطبيعة، التى لا مجال للشك فى سطوتها وجبروتها، تأتينا بخير كثير لكنها أيضا تـُنزل بنا الكوارث والهلاك وتأتينا بالكثير من البلاء والشقاء.
انشغل زرادشت بمسألة الخير والشر ورأى أن هناك صراعا متأصّلا فى الطبيعة بين الخير والشرّ، وكان فى هذا متـّفقا مع تراثه الدينى، لكن أصالة فكر زرادشت تبدّت فى أنه أعلن أن خير الإنسان وقيمة الإنسان تتمثـّل فى أن يعمل على غلبة الخير على الشرّ. على الإنسان أن يختار الانحياز لإله الخير، أهورا مازدا، وأن ينال صحبة الإله بالعمل على أن يكون شبيها بالإله. واتـّساقا مع هذا كان زرادشت نصيرا للفقراء والمساكين والمغلوبين على أمرهم، وكان يدين كل أعمال القهر والاستبداد.
كتاب الزرادشتية المقدّس يسمّى الـ "أڤيستا" ويتضمّن أقوال زرادشت وبعض الترانيم التى تسمّى الـ "جاثا"، وفى العصور اللاحقة، وكما يحدث فى كل الأديان، أضيف الكثير للكتاب الأصلى، وأصبح أتباع الدين منقسمين بين من يلتزمون بالأصل القديم ومن يرون أن كل ما وصل إليهم مقدّس ومن وحى السماء. وكذلك نشأت بعد موت زرادشت حكايات مختلقة عن معجزات وخوارق أحاطت بمولده، وهذا أيضا شىء نراه يتكرّر فى كل الأديان.
وكان فى تراث الديانة الفارسية، سواء فى ماضيها السابق على زرادشت أو ما بعد ذلك، الكثير من المفاهيم والمعتقدات التى انتقلت إلى ما جاء بعدها من ديانات، مثل مفاهيم الشيطان، والنعيم والجحيم، والميلاد من عذراء، والبعث، وحساب يوم الدينونة. لكنى لن أسترسل فى هذا هنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ


.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا




.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟


.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف




.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي