الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة العلمانية ؟ الجزء الرابع

عادل كنيهر حافظ

2013 / 1 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا يعوذ الإسلاميون بالله من كلمة العلمانية ؟
الجزء الرابع
يعتقد الإخوة الإسلاميين , أن ألمجتمع والدولة يجسدان علاقة دينية , إنطلاقاً من مفهوم أن الدين الإسلامي الحنيف هوَ دين ودولة . في الحال الذي هوَ ان نظام الدولة , يختص في إدارة شؤون المواطنين , وتسيير قضاياهم الحياتية اليومية , التي تخص عيشهم وما يتعلق به في الحياة الدنيا , وليس الحياة الآخرة . ومن هنا تكون علاقة الدولة بالمجتمع تجسيد لعلاقة اجتماعية وليست دينية , رغم ان الدولة ترعى بعض الشؤون الدينية مثل الأوقاف وغيرها , إلا إنها تندرج في إطار تنظيم حياة المجتمع . أما علاقة الدين بالمجتمع فهي علاقات روحية اخلاقية ادبية , تتجلى في حث الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وما تختزناه هذه الكلمات من معنى وتفاصيل . وبهذا المعنى تتمظهر علاقة الدين بالدولة والمجتمع كعلاقة خاصة ومستقلة . ولذلك يمكن القول ان المجتمع والدولة لا يجسدان علاقة دينية , وانمى يعبْران عن علاقة اجتماعية تتطلبها مقتضيات الحياة اليومية , وهنا تتكرس الخصوصية والاستقلالية لنظام الدولة بالمجتمع . وبما ان لكلا الدين والدولة علاقته الخاصة والمستقلة , بالمجتمع , يفترض مسعاهما للوصول إلى الانسان المثالي , أن يحترما خصوصية واستقلالية كل منهما , وبهذا الأمر تصبح علاقة الدين والدولة بالمجتمع ,علاقة تضامنية , لتجعل من الناس أكثر وعياً وإدراكاً لضرورات العيش المشترك , المبني على العدل والإخاء والمحبة ..... .
كما يعتقد الاخوة الإسلاميين , أن احكام الشريعة الإسلامية السمحاء , هي كافية لأن تسْير دولة حديثة المعالم , فيها مئات المؤسسات والدوائر الحكومية والأهلية , والتي تدار وفق شبكة معقدة من الأوامر والقوانين . نعم هناك بين 600 آية قرآنية , توجد بحدود 60 آية تتضمن أحكام شرعية , وهناك أيضاً أحاديث منقولة عن النبي ص , تخص الفصل في بعض الاشكاليات الاجتماعية , ومن هذه الآيات والأحاديث النبوية الشريفة تتكون عناصر الشريعة الإسلامية , بالرغم من أن الاحاديث المنقولة عن النبي ص , خاضعة لمن هو ناقلها , لأن الكثير من ناقلي الحديث , يصوغون الحديث حسب مصلحتهم , وربما تقتضي مصلحة راوي الحديث , التستر على امرٌ ما أو القرب وكسب ود الحاكم ... لذلك يمكن أن تقتطع بعض الكلمات , أو تضاف بعض الحروف او الكلمات , للحديث , كما فعل ذلك احدهم عندما دخل على الخليفة العباسي هارون الرشيد ,ووجده يداعب حمامة , ثم التفت اليه الرشيد متسائلاً , هل هناك شيء منقول بهذا الخصوص ؟ فأجابه الراوي على عجل , نعم يا سيدي سمعت عبد الله ابن سعيد عن ابن عباس عن ام المؤمنين عائشة رض ,قالت : أن الرسول الكريم كان يحب الحمام ويداعبه دائماً . فقال الخليفة للرجل ولله لقد كذبت , ولو لم تكن قريشياً لعزلتك عن وضيفتك كقاضي . المهم اولاً - أن الشريعة الإسلامية , كانت وما زالت تحظى بوافر الاحترام والتبجيل , ولكن الاحترام والتبجيل شيء , والقدرة التشريعية لتنظيم مجتمع عصري من اولى صفاته التعايش والعيش المشترك لكل مواطنيه , رغم اختلافهم في الانتماء الديني والطائفي والقومي , هوَ شيء آخر , لأن أحكام الشريعة الإسلامية , كانت تنظم العلاقات لمجتمع بدوي صغير لم يكن فيه حتى مكان خاص ليقضي المرء فيه حاجته وذلك قبل 1400 عام , حيث كانت يثرب {المدينة المنورة} عبارة عن قرى متناثرة في اليم , اما مكة المكرمة فهي سوق لبيع وشراء البضائع والخمور وحتى الاصنام , ولم يكن هناك حاكم أو جهاز إداري أو مسئول في تلك الأماكن , وإنما كانت عبارة عن محطات في الصحراء لقوافل التجارة , على الرغم من وجود بعض الأراضي الزراعية و بساتين قريبة من مكة من بينها بستان الأمام على ابن ابي طالب ع حيث كان الامام يمارس الفلاحة بنفسه , وعليه لم تكن حضارة في تلك الأماكن البدوية , من شأنها أن تعالج قضايا المجتمع والدولة الحديثة عالية المتطلبات .
ثانياً- لم يعطي ذلك الواقع أي ملكة من التجارب في إدارة الدولة والمجتمع ,تفيد في بناء الدولة الحديثة , وذلك بسبب بساطة الواقع بكل عناصره المكونة , حتى بعد سيادة الإسلام لم تتكون أي حضارة , تُأخذ كمثال في بناء الدولة والمجتمع العصري الراهن , رغم أن الإسلام كان قد استولى على حضارة اليمن والحضارة الفارسية وحضارة الشام وبلاد الرافدين , إلا انه ضل سلطة قرار فقط , لجمع ألأموال من تلك البلدان , ولم يستفيد من كيفية إدارة المجتمع وبناء الدولة , وحتى بناء الجيش لم يكن بالكيفية المعروفة عن الجيوش , حيث القادة المدربين ,ووحدات اختصاص , ومعسكرات , وتجهيزات عسكرية مختلفة و طبابة و اسعاف وحانوت , ورواتب و.... , و انما يتكون جيش المسلمين ,من رجال العشائر حيث يتحتم على كل عشيرة أن ترسل عدد من رجالها , ومن مجموع رجال العشائر و بأسلحتهم الشخصية , وعندما تنتهي المعركة او الغزو يعود المقاتلين يذهب كل منهم لداره . ولا يتقاضى راتباً او مكافئة , مقابل مساهمته في الحرب والقتال , لأنه لا توجد عند النبي محمد ص , اموال للجيش لتجهيز حملة عسكرية , لذلك دفع الخليفة عثمان ابن عفان من امواله الخاصة , تكاليف الحملة العسكرية على اليمن . ثالثاً- ومنذُ ذلك العهد حصل تطور هائل في كل مناحي الحياة ,وفي الطبيعة والمجتمع والعقل البشري . حيث تطورت الجيوش , ووسائل الحرب , و اصبحت العسكرية وضيفة , ثم انُشأت القوات الأمنية الأخرى من شرطة متعددة المهام أمن ومخابرات ومرور وغيرها , وتتالت المنشأة بالظهور حكومية وأهلية , تضم ملايين العمال والموظفين وتطورت الحياة كثيراً بعد اختراع الكهرباء وتأسست شركات البناء العملاقة التي شيدت ناطحات السحاب , والجسور العابرة للبحار , والفنادق الكبيرة ودور السينما والمسارح وملاعب الأطفال والمكتبات العامة والمدارس والجامعات والمستشفيات العملاقة , وشركات التأمين , وتوفر الماء الصالح للشرب , و انُشأت شبكات الصرف الصحي , والطرق الواسعة والجسور , لتسير عليها ملايين من وسائط النقل وتحقق حلم البشر بالسفر جواً وتطورت كثيرا وسائط النقل البحري الذي طور التجارة وتبادل البضائع بين الدول , ورافق كل ذلك التطور الهائل وحفزه تطور علوم الفيزياء والكيمياء والفلك و الميكانيك , مما انعكس ليس فقط على ظروف العيش وجعلها اكثر رفاهية , أيضاً في وعي الانسان , وجعله لا يؤمن الخرافات والجن والسحر , بفضل تطور تلك العلوم التي فسرت له كثير من الظواهر . لذلك جعل هذا التطور الهائل لمستوى الإنسان , ان لا يستوعب بل لا يقبل إجراءات وحدود الشريعة الإسلامية ,التي لا تقبل في اليهود والنصارى أن يسكنوا الجزيرة العربية , وتعطي اسامة ابن لادن مبرراً لضرب المؤسسات الغربية في السعودية واليمن وغيرها , او قطع يد السارق , ورجم الزاني والزانية حتى الموت ...., هذه وغيرها من الحدود , كانت ممكنة التطبيق قبل مئات السنين , ولكن مستحيلة الآن في ضل شرعة حقوق الإنسان التي ترفض محاكمة المتهم بدون محامي دفاع , وتطبيق شرعة حقوق الإنسان أصبحت تتباهى بتحقيقها الدول في كل اصقاع المعمورة . وباختصار شديد يمكن القول مما تقدم أن التجربة العملية و النظرية للدولة الإسلامية , مع الاحترام الشديد لها , لا يمكن أن تكون موضع اعتبار وإلهام في بناء الدولة العصرية وتسيير حياة الناس , ولكن باعتبارها تجربة من التراث الإنساني , يمكن ان تكون بعض عناصرها أحد مصادر التشريع في المجتمعات الإسلامية العربية , ولكن ليس مصدراً وحيداً للتشريع القانوني في دولة ألألفية الثالثة .
عادل كنيهر حافظ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج