الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علمانية أم قرآنية

غالب محسن

2013 / 1 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 44


على ضفاف الساحل الغربي ، وفي مدينة يتبوري السويدية ، أستضاف البيت الثقافي العراقي وبالتعاون مع جمعية المرأة العراقية والأي بي أف ليلة الأحد 12 كانون الثاني /يناير الرابطية والنصيرة الشيوعية السيدة هيفاء الأمين العضوة الجديدة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي للحديث عن واقع المرأة العراقية عموماً وبالخصوص منذ سقوط النظام وحتى الآن .

لست بصدد تقييم الأمسية لكن يمكن القول أن السيدة هيفاء تميزت بالبساطة التي تقترب من العفوية والتلقائية مما منح ، دون جهد مضاعف ، مصداقية في حديثها الذي لم ينقصه شجاعة في التعبير ، خصوصاً تعليقاتها على الوضع المأساوي الذي تعيشه المرأة العراقية منذ سقوط النظام المقبور وفي ظل ظروف أسلمة المجتمع بالكامل .

وقد توجهت السيدة هيفاء ، أم ريما ، للحاضرين بدعوتهم لتقديم المقترحات والأفكار لمساعدة الحزب في أيجاد أفضل السبل التي يمكن أن تساعده في تعبئة قدرات المرأة العراقية وأشراكها في الكفاح من أجل حقوقها . وفعلاً قدّم العديد من الحاضرين مداخلات وتعليقات أغنت الأمسية ، بدون صخب مفتعل ، بل منحت دفئاً رغم برودة الطقس . وما يهمني هنا هو التعليق على فكرة تردد صداها بين الحاضرين بمن فيهم السيدة هيفاء بل وكأنها ، الفكرة ، عبرت حدود المكان وتَخَفّْت في ثياب بعض المتحمسين .

مفاد هذه الفكرة أننا يجب أن نتعلم الدين الأسلامي (والقرآن كما ورد نصاً) وبذلك ، ومن خلاله ، نستطيع الوصول للجمهور . وعلينا ، كقوى شيوعية ، تحديداً ، التركيز على الجوانب الأيجابية في التعاليم الأسلامية وأعتمادها حججاً في مناقشة الجماهير وكسبها الى جانبنا . وأخذت النشوة البعض للدعوة أيضاً من أجل خوض مناظرات فكرية في الدين والفقه والشريعة الأسلامية ، ومنها نستطيع إيصال أفكارنا وسياستنا بما فيها قضايا الصراع الطبقي والعدالة الأجتماعية والديمقراطية والمساواة بين البشر الى أوسع القطاعات (الأضافة الأخيرة مني ).

ما أبسط هذه الفكرة ووضوحها وسهولة تقبلها . وهذا هو الأخطر فيها ! لكن بماذا سنقنع الجمهور الغير مسلم ؟ هل علينا ، أيضاً ، تعلم أناجيلهم وأسفارهم ومزاميرهم ؟ الحليم لا تفوته الأجابة .

من يعتقد بأمكانية خوض حوارات فكرية ، في الدين الأسلامي وتأريخه وتراثه بل وفي القران والشريعة والفقه ، والفوز بها إنما هو في وهم مطبق . فالحوار هنا قتال . ثم من يدلني على هؤلاء المفكرين عندنا من أمثال المرحوم فرج فودة ، نصر حامد أبو زيد أو سيد القمني ؟

أذن دعونا نبحث مع الدكتور زغلول النجار والداعية الأسلامي خالد الجندي وصحبهم عن الإعجازات العلمية والأجتماعية في القرآن (مع الأول) وتأويلات جديدة تتماشى مع روح العصر (مع الثاني) نتسلح بها لخوض الصراع الطبقي والسياسي. والدين الأسلامي وتأريخه (وهذا شئ لا يخفى على أحد ) ملئ بالقضايا والعبر والتجارب الإيجابية في محاربة الظلم والأستغلال والقهر والعبودية وحقوق المرأة بالذات وهذه هي ما ينبغي أن نسلح الرفاق والنساء بها قبل توجههم لساحات الوغى . وهكذا نستطيع كسب الجماهير الى صفوفنا فنحن نخاطبهم بلسانهم .

لكن عليّ الأعتراف ، وتكرار ، أن ليس في هذا شئ جديد تماماً . هكذا كان وما زال عمل الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه وحتى اليوم . وكان على الدوام يخاطب الجمهور حسب " مستواه " الفكري ، لو كان فلاحاً أو طالباً جامعياً ، وكان يستلهم الدروس والعبر والحكم من التراث الديني أيضاً . ليس هناك شئ جديد ، كما قلت ، لكن الحزب ما زال يعاني من أفتقار الجماهير . أليس هذا مدعاة للتساؤل على الأقل وهو أضعف الأيمان .

لم يقل أصحاب هذه الفكرة أن الصراع والقتال في التأريخ الأسلامي ، كما هو معروف حتى لطلبة المدارس الأبتدائية ، منذ بداية الدعوة وحتى يومنا هذا كان بالأساس ليس بين المسلمين وغيرهم بل بين المسلمين أنفسهم (أنظر كتب التأريخ أو في تأملاتي السابقة أو لنقل أنظر حواليك فحسب) .

لكن ، مرة أخرى ، أية مرجعية أو مدرسة فكرية أو أمامية ستتبع يا أخي المكافح ؟ فالمسلم المؤمن نفسه محتار!

ما معنى العلمانية والدولة المدنية والمواطنة وغيرها كثير من المصطلحات الشائعة هذه الأيام ليس بين العوام بل بين النخب السياسية والمثقفة عموماً بمن فيهم ممن ينتمي للأسلام السياسي؟ بأختصار ودون تنظير متعمد إنما تعني فصل الدين عن الدولة وهذه لا تعني سوى فصل الدين عن السياسة هكذا ببساطة وبدون حذلقة .

لكن ، مرة ثالثة ، أليست هذه الفكرة دعوة صريحة ومباشرة لأستغلال الدين في السياسة ؟

بالطبع يجري أحياناً خلط أو تجاهل متعمد للفرق من جهة بين أحترام المعتقدات الدينية (وغيرها) وحريتها والتي يضمنها الدستور ومن جهة أخرى بين أستغلال هذه لأغراض سياسية . لست مُعترِضاً أو شاكياً لو كان بين أعضاء ل م للحزب الشيوعي أو اية قوة ديمقراطية علمانية غيرها من هو حجي أو إمام أو فقيه أو قس ، فهذه تدخل ضمن الحرية الشخصية . بل ربما قلت أن هذه " ظاهرة " إيجابية وطبيعية ، بمعنى أن الحزب لا يقيم سياسته ولا بناءه التنظيمي على أساس المعتقدات الدينية أو الطائفية . لكن ينبغي الوضوح ، من جهة اخرى ، في أن الدعوة للدين والتثقيف به تتم في الجوامع والكنائس والحسينيات لا في الأجتماعات السياسية والحزبية . أكاد أشعر بعذابات ماركس وهو يتقلب في قبره .

لا ينقص القوى الديقراطية الشجاعة والجرأة ، فمن يعيش ظروف العراق الحالية لا تنقصه تلك الخصال ، لكن عليها أن تتحلى بالقدرة على التفكير الجديد ، وتمييز موقفها العلماني بدون مساومة ، قد ينفع ذلك بعد أن تأكدت العامة من تمام أنتشار وأنتصار الفساد والأستغلال والظلم والغش والخداع والنهب لكامل المجتمع ، ليس بعيداً عن استغلال الدين ، فهذا ربما يؤدي الى نتائج أفضل عندما لم تنفعنا عمامة السيد ولا التخفي تحت عباءته ، لا أن نتجه لتعلم القرآن والفقه وبالتالي الأنضمام لتلك الجوقة . أذا كان هذا هو الحال ، فلن يمر وقت طويل قبل أن نرى لدى القوى الديمقراطية مختصة الفقه وأصدار الفتاوى !

أن من بين أخطر المهمات التي تواجهها القوى الديمقراطية هي النضال من أجل بناء الدولة المدنية وإبعاد الدين عن مؤسسات الدولة بما فيها الدراسية والحرص على بقاءه ضمن حدود الحرية الشخصية والتثقيف بقيم المواطنة والحد من الطابع الديني المهيمن على المجتمع . أما تعلم ودراسة القرآن والتنظير له وأستغلاله كأحدى أدوات النضال فهذه مكانها الحزب الشيوعي الأسلامي العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حزب توده الأيراني فشلت في نفس المساومة
حميد كركوكي ( 2013 / 1 / 19 - 12:11 )
التاريخ القريب 1979! الثورة {الشيعية الشيوعية } الأيرانية! نعم هكذا ركب الملالي القمّيون{الحوزة الشيعية في مدينة قم} بالركوب على ظهور الحمير الشيوعية واليسارية في إيران، وثم قتلهم و تفليشهم من قبل محاكمات الخلخالي المشهورة ، نعم كان هنالك رئيس اللجنة المركزية لحزب تودة “المفلوش” -آغاي ناطق نوري-كان متحمسا للأسلام ، في إجتماعاته يذكر الآيات والأحاديث أكثر من الملالي الشيعة حتى أصبح يسمى( آيةالله ناطق نوري ) هذه شيمة الأحزاب الشيوعية الشرق الأوسطية، منافقة و مغازلة للدين الأسلامي ‘الرجعي ‘الأمپريالي’ حتى النخاع ،والمدعوم من قبل أوسخ و أقبح وأبشع البشر على وجه الأرض{السعود و شيوخ مضخات النفوط الخليجية } ، فليكن درسا وعبرة يارفقائي و يا شيوعي العراق والساكنون في أسكندناڤيا!! لذلك ليس لكم جماهير، الجماهير بحاجة إلى شجعان لا منافقون ! ❊يرتلون الآيات الشيطانية ترتيلا❊! ويملأون السجون والمعتقلات مرعوبا وذليلا❊!! ويفرون الادبار وكيدهم سجيلا❊ صدق الله الحميد الكركوكي!!!


2 - كلام قيادية شيوعية قد يسهل حربا اهلية طائفية !!!
طلال الربيعي ( 2013 / 1 / 19 - 14:46 )
استغرب اشد الاستغراب كيف يصدر كلام غير مسؤول كهذا من قبل السيدة هيفاء الأمين العضوة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي. ان كلامها يعني في المحصلة ان على كل شيوعي ان يحفظ القران واحاديث السلف الصالح والطالح والتفاسير ويصبحوا دعاة لأسلام انتقائي ارادوي يقف الى صف المرأة وحقوق الانسان. ولكن اين هو هذا الاسلام؟ يجب ان يخلق اولا. وهل هذه هي مهمة الشيوعيين؟
ان مشروعا كهذا يحيل اعضاء الحزب الشيوعي الى رجال دين مسلمين يدعون الشيوعية بهتا وزورا. ان اعتناق الدين والايمان به قضية شخصية, والدولة كيان اعتباري لا دين لها كما يؤكد الاستاذ السيد القمني, فهي لا تصلي ولا تصوم ولا تحج, وانما من يؤدي هذه الفرائض او لايؤديها هو شخص بعينه وليس الدولة.
فواجب الدستور هو حماية حق كل شخص في ممارسة طقوسه الدينية بحيث لا تؤثر سلبا على المصلحة العامة او تؤذي حياة البشر, كما في طقوس عاشوراء حيث العطلة الاجبارية وتحميل الدولة مصاريفا هائلة. هل لهذا اية علاقة بالدين من قرآن او حديث؟
يتبع


3 - كلام قيادية شيوعية قد يسهل حربا اهلية طائفية !!!
طلال الربيعي ( 2013 / 1 / 19 - 14:49 )
ما موقف اذن السيدة هيفاء من مواكب عاشوراء التي لا تتبع ما جاء في القرآن او احاديث النبي محمد؟ وكبف تفصل الدين عن اعراف او عادات تلبست لباس الدين؟
ثم عن اية اسلام تتحدث هي؟ نحن نعلم ان هنالك العشرات من الطوانف والنحل المتعارضة في تفاسيرها للقرآن والاحاديث النبوية, وحتى ان بعضها يكفر البعض الأخر. ان ما تقترحه السيدة هيفاء سيؤدي لا محالة الى سكب الزيت عل السعير الطائفي وتقريب ساعة الحرب الطائفية الكارثية بكل المقاييس , لانها لا يمكن ان تتكلم باسم اسلام -محايد- لا طائفي, كما هو واقع الحال ألآن. ومهنا اجتهدت هي او غيرها فان افكارهم تبقى مجرد اراء شخصية لا تأثير لها يذكر بسبب وجود الهرمية التراتبية للطوائف وما يجب اعتماده كآراء تمثل رأي الطائفة, وهذا يجئ من داخل الطائفة ولا يمكن ان يقحم عليها من خارجها
ان ما تتناساه السيدة هيفاء, وهذا اثم آخر مبين لمن يتحدث باسم الشيوعية ويضعه على النقيض منها, ان الاسلام السياسي ما هو الا غطاء ايديولوجي لتثبيث سلطة ومصالح طبقات الجشع والاستغلال من قوى رجعية ومافيات سياسية مستعدة لحرق العراق كله من
اجل مصالحها
يتبع


4 - كلام قيادية شيوعية قد يسهل حربا اهلية طائفية !!!
طلال الربيعي ( 2013 / 1 / 19 - 14:51 )
وما هم الا امتداد لعولمة متوحشة اوصلت بهؤلاء الى السلطة.
لماذا لا تدعو السيدة هيفاء بدلا من ذلك الى العلمانية بفصل الدين عن السياسة وتحريم استغلال الدين في السياسة؟ اليس مطلب الديموقراطيين واليساريين هو تشريع قانون انتخاب جديد يحرم الاحزاب الدينية والاثنية؟
كشيوعية فاني آمل منها ان تقدم تصورات ماركسية مشبعة بافكار لنسويات اغنين الفكر البشري في معالجتهن لأوضاع المرأة مثل الكاتبة الكبيرة سيمون دي بفوار وخاصة في كتابها -الجنس الآخر, الذي يعتبر -انجيل- الحركة النسوية. فهل قرأت هي السيدة دي بوفوار وما رأيها بما قرأته؟ وماذا عن شيوعيات عظيمات مثل روزا لوكسمبورغ وافكارهن الرائعة بخصوص نيل المرأة حقوقها, او الاقرب والاحدث د. نوال السعداوي؟
ان افكار السيدة هيفاء قد تكون مدفوعة بحسن نية, ولكننا نعلم ان الطريق الى جهنم معبد بحسن النيات. اذن لا غرابة ابدا ان ينكمش حجم الحزب الشيوعي العراقي ويتضائل تأثيره السياسي والجماهيري والفكري بوجود قيادات كهذه. لكن الاخطر بكثير ان كلاما كهذا سيزيد, عند التطبيق, من حدة الشد الطائفي و حتى يسهل حدوث حرب اهلية طائفية تقضي على الاخضر واليابس

اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-