الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعونا نلعب كرة قدم

شاكر الناصري

2013 / 1 / 19
المجتمع المدني


لم يفز المنتخب العراقي بكأس خليجي 21 ولكنه فاز بحب العراقيين أو فئات وشرائح منهم على أقل تقدير، وهذا فوز عظيم في بلد نتحسر فيه على التنافس واثبات القدرة والمهارة فما بالك بالفوز. مباراة نهائي كأس خليجي 21 وعلى الرغم من النتيجة، أعاد إلى الأذهان ما حصل في عام 2007 عندما فاز المنتخب العراقي بكأس آسيا في مباراة مثيرة وتحمل الكثير من التفسير والتأويل. لقد أعاد الروح او التشبث بها، اقصد روح الانتماء او الإحساس بها والتعبير عن ذلك بصوت عال، فالجميع تذكر ان له وطنا يسمى العراق حينذاك. أعادها الى أناس كثيرين وفئات كثيرة كانت قاب قوسين او أدنى من الشك بمدى صحة انتمائها ويقين ضياعها. كانت تتقاتل وتتغنى بموت العدو "الآخر" أبن بلدها وجلدتها.

في عام 2007 كان للحرب الطائفية وطأتها وكان للموت المجاني حضوره الرهيب وكان الإنسان أو المواطن العراقي يخرج من داره وهو لا يعلم ان كان سيعود إليها ثانية ام لا. كان الانقسام على أشده وقادة المليشيات هم سادة الموقف. هم الحكم في كل ما يتعلق بحياة هذا القسم من العراقيين او ذاك. كانوا يقتسمون الموت و الرعب والتهجير ويوزعونه علانية وبكل فخر كأنهم يقتسمون غنيمة صيد، لكن ما حققه شباب منتخب العراق في بطولة آسيا قد أعاد اللحمة ولجم زعيق الموت وأعاد الجميع الى رشدهم ووضعهم أمام السؤال الذي يجب ان نعيد طرحه دائما وأبدا، هل نحن شركاء؟ شركاء في هذا الوطن وهذا البلد وهذه الحياة؟ هل نعيش معا أم نعلنها حربا للإبادة، إبادة الجميع وحرب الجميع ضد الجميع؟

يوم أمس خسر المنتخب العراقي في المباراة النهائية لكأس خليجي 21 امام المنتخب الإماراتي. جهود كثيرة تضافرت حتى يخرج المنتخب العراقي خاسرا في هذه المباراة. أولها انه يلعب في بيئة ليست صالحة أصلا، اقصد التنظيم والتعامل مع المشجعين والتحكيم و..الخ . بيئة تعمل المستحيل حتى يتم إقصاء العراق من هذه البطولة التي لم تحظ باعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" ولا يلوح في الأفق انه سيعترف بها لمناقضتها قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم أصلا. ولكن العراق متشبث بها ولا احد يعرف لماذا؟ ربما لأنها تعتبر من ضمن دعاية إعادة العراق إلى ساحته ودوره الإقليمي.

خسارة المنتخب العراقي في نهائي بطولة معينة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة حتما لأننا امام لعبة كرة قدم تحتمل الفوز و الخسارة وليس هناك من فائز أبدا. لكن هذه الخسارة وحدت الكثير من العراقيين وجعلت الساسة أمام وطأة السؤال الأزلي : لماذا ينجح لاعبوا المنتخب الوطني في توحيد العراقيين واعادة الروح اليهم ولماذا تفرقونهم انتم؟ لماذا نتسمر أمام الشاشات ما ان نعلم ان المنتخب العراقي سيلعب أمام دولة ما مهما كان حجمها ووضعها ؟ ولماذا نهرب من أمامها ما ان نعلم ان احدا منكم سوف يطل علينا ايها السياسيون؟

أجواء الاحتفال بالمنتخب العراقي رغم خسارته في نهائي خليجي 21 أعادت الى الأذهان أجواء ما حققه فوز المنتخب العراقي في نهائي آسيا امام السعودية في عام 2007 .كان احتفالنا احتفال فوز او احتفال من يتشبث بقشة النجاة. لأننا كنا نخوض في دماء تنزف بفعل الحقد الطائفي الأهوج آنذاك ولأننا الآن نشم رائحة الدم والجثث الموعودة بالقتل والانتهاك وبالتهجير فإننا نعلم حجم الكارثة القادمة. نعلم ان لا أحد من ساسة العراق يمكنه ان يعلن لنا طريق نجاة ولا طريق حق ولا طريق شتات حتى. نعلم ان الساسة يخوضون في مجالسهم ويعدون مكاسبهم مثلما يحصون انتصاراتهم وأولها أنهم أذلونا.

في عام 2007 كان الجميع يعلن براءته من الانتماء الطائفي وكان الجميع يتمسك بالعراق بلدا ودولة وانتماءا .وها نحن في عام 2013 نعلن براءتنا من الانتماء الطائفي ونعلن تمسكنا بالعراق. ها نحن، إذن أمام حالة متفردة ولعلها تخصنا وحدنا كعراقيين. فحين نلعب كرة القدم فإننا نشعر بعظم الانتماء والشراكة والإخوة والمواطنة السليبة.

دعونا نلعب كرة قدم اذن، لنلعب كرة القدم. سنضحك وسنفرح وسنبني الآمال وربما نحلم وسنحلم كثيرا وسنشعر إننا ننتمي لوطن اسمه العراق وسنحقق الفوز ولكن لن نتقاتل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دفع غرامة وكفيل.. حياة المهاجرين تزداد صعوبة في مصر


.. المدير التنفيذي للوكالة الأمريكية للاجئين شون كارول: تم إغلا




.. جمهوريون: عقوبات على -الجنائية الدولية- إذا صدرت أوامر اعتقا


.. تفاقم معاناة النازحين في رفح بعد سيطرة إسرائيل على المعبر وت




.. أعداد الشهداء الفلسطينيين تتزايد جراء الهجوم على غرب رفح.. و