الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسلاخ من الطائفة الشيعية مع ضياء الشكرجي ونجاح محمد علي

مالوم ابو رغيف

2013 / 1 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتب الاستاذ ضياء الشكرجي مقالة عنونها بـ "أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا" واعقبه الاستاذ نجاح محمد علي بمقالة اخرى عنونها بـ "لست شيعيا"، كلا المقالتين تحملان نفس الفكرة، فكرة التنصل من الطائفة الشيعية، اذ ان كليهما لا ينتميان الى الطائفة السنية لينفيا ذلك عن نفسيهما.
عندما يدعي احد ما بانه ليس من هذه الطائفة او تلك، فان قوله هذا يحمل انتقادا ضمنيا وتناقضا فكريا اما مع الطائفة او مع المذهب او كليهما معا. وجملة ولست سنيا التي وردت في عنوان مقالة الاستاذ ضياء الشكرجي وضمنيا في مقالة الاستاذ نجاح محمد علي، اتت منعا للالتباس المحتمل حصوله في ذهن القاريء بان التسنن هو افضل من التشيع، لكن هذا التنويه هو لدرء الالتباس الضمني ليس إلا، اذ ان فكرة كلا الموضوعين هي الانسلاخ من الطائفة الشيعية. ورغم ان المقالتين متشابهتين من حيث الفكرة، الا ان نظرتا كلا الاستاذين مختلفة، فالاستاذ الشكرجي ينظر الى الشيعة بعين الرؤية السياسية بينما ينظر الاستاذ نجاح محمد علي بعين الرؤية الدينية الطقوسية { الشعائرية} الذي اجملها باللطم والتطبير، بينما يحاول الاستاذ الشكرجي القول بوجود اسلام خالص فوق المذاهب وفوق الطوائف وفوق السياسة، اسلام يفتخر الشكرجي بالانتماء اليه، فهل يوجد مثل هذا الاسلام؟
ياتي الجواب من الاستاذ نجاح حين يتطرق الى اسباب رفضه بان يكون شيعيا ويتخذ القرآن لا العقل مرجعا لكافة الاشكاليات فيقول:ـ
"رفضت أن أكون سُنّياً أقبل كل ما هو " متواتر" " وصحيح حتى " الدشداشة القصيرة "، إذ لا صحيح الا "كتاب الله"، كما رفضت أيضاً أن أكون شيعياً أقبل بكل ما قد يُصبح بالتقادم كالتطبير (وهو بالمناسبة حديث يعود الى الدولة الصفوية) من أركان المذهب"وبالتالي من أركان الدين"، قبل أن أعرضه على القرآن الكريم، فهو الوحيد الذي لم يحرف ،ولن يتعرض للتحريف ولن يُدس فيه ، لأن الله هو من تعهد بحفظ كتابه وقال تعالى " إنّا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون".
رأي السيد نجاح هنا لا يفيد كثيرا، فالمسلمون وعلى اختلاف مذاهبهم متفقون على تفسير اية "انا نحن انزلنا الذكر وانا له لحافظون" بانها تعني ما ذهب اليه السيد نجاح محمد علي بان القرآن مصان من التحريف ومن التدليس بقوة الحماية الالهية، وكذلك يتفق كبار رجال الدين على ان القرآن هو المرجع الاول. لكنهم، ولا نعتقد ان الاستاذ نجاح يختلف عنهم ايضا، غير متفقين على اسباب نزول الآيات وبحق مَن مِن الصحابة او ال البيت نزلت ايات القرآن هذه، كذلك يختلفون في التفسير، بما فيها طقوس الوضوء مثلما سيختلف السيد نجاح عنهم ان تولى التفسير بنفسه واتخذ القرآن مرجعا له. فهناك اختلافات لغوية وهناك اختلافات مذهبية وهناك اختلافات فرضها التقدم العلمي الذي حتم التفسير العلمي للقرآن لتبرير التناقض والفجوة الكبيرة بين معطيات العلم ومعطيات القرآن.
وحتى لو اتفقنا مع السيد نجاح باتخاذ القرآن مرجعية لأي اشكالية دينية او غير دينية، سنكتشف بان القرآن لا يجيب على كافة الاسئلة، بل ولا يوضح او يفصل حتى الطقوس التي يعتمدها المسلمون في اداء شعائر عبادتهم، مثل الصلاة والصيام ومناسك الحج، فهذه لم ترد تفاصيلها بالقرآن، لقد ورثها المسلمون من اسلافهم او اتبعوا ما كان ابائهم يفعلون! ثم ماذا عن المشاكل والمسائل المستجدة التي يطرحها التطور والتقدم العلمي والمعيشي والتقني والطبي التي لم يرد ذكرها لا في القرآن ولا في الحديث ولا في السنة. لا احسب ان كلا الاستاذين ضياء الشكرجي ونجاح محمد علي يمنحان نفسيها حق الفتيا او التشريع الديني بما هو مقبول او معقول لهما فقط، او انهما يعتبران ان صحيح اراء الفقهاء هو ما توافق معهما فيختاران من هذا الفقيه او ذاك الفقيه ما يلائم هوى نفسيهما اي اسلام انتقائي! وحتى في هذه الحالة سيجدان انفسهما مضطرين للرجوع الى اراء الفقهاء المختلفة وليس الى القرآن فقط ان قررا ان يبقيا مسلمان.
الاستاذ ضياء الشكرجي يعتقد بان من حق الشيعة والسنة الافتخار بتشيعهم اوتسننهم ان لم يكونوا متعصبين كما من حقه هو ان يفتخر كونه لا سنيا ولا شيعيا، الافتخار هنا مجرد افتراض مجازي، اذ لا يوجد من يفتخر بمذهبه، فكل المذاهب ليس فيهما ما يدعو الى الافتخار، على العكس من ذلك، في جميع المذاهب ما يستوجب الخجل والعيب، لذلك كان الدفاع عنها، اي عن المذاهب، الواجب الرئيس للمنتمي او المتدين، وهذا الواجب او الالتزام بالدفاع عن المذهب، هو احد اسباب البغض والتعصب. التعصب المذهبي في الدين لا يجد تعبيرا باحتكار الصواب فقط، لكن بالحقد على المخالف وبتسويفه وازدراءه والبحث عن ما يعيبه اكان في رموزه التاريخية او في المباديء المذهبية، لكن ليس ضمن منهج للبحث عن الخطا لاصلاحه بل لاحتقار وتصغير من يعمل وفقه، ومناظرات الاسلاميين التلفزيونية خير شاهد على على ذلك.
نقول ذلك لاننا لا نعتقد بقدرة المتدينين على الرجوع الى العقل لمناقشة المناسك وشعائر التعبد او طقوس الدين او كرمات الصحابة والاولياء وقدراتهم الفكرية او المقارنة العقلية لاراء الفقهاء في المسائل المختلف عليها، اذ ان الفكرة الدينية فكرة غير عاقلة، مرجعيتها الافتراض وليس الاثبات، فكرة مبنية على معطيات الخرافة وليس على قوانين الواقع ، مثل افتراض وجود الله ورحلة الاسراء والمعراج وافتراض وجود الشفاعة ووجود الحوض الذي يسقى البشرية من يوم خلقها الله الى يوم قيام الساعة، وافتراض وجود المعجزات والكرامات وافتراض وجود العقاب والثواب الاخروي وعذاب القبر، فالرجوع الى العقل العلمي يعني نهاية الدين .
لكنا دعونا نسأل الاستاذ ضياء الشكرجي ونطالبه بتوضيح لا يكتمل الانسلاخ من الطائفة الا به، اذ عدا ذلك سيجد السيد الشكرجي وكذلك محمد علي من يتهمها بالتقية المعمول بها في المذهب الشيعي والتي تعتبر من اساسيات المذهب وهي الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب,
فما الذي حمل الاستاذ الشكرجي على الانسلاخ من طائفته التي كان ناشطا في صفوفها ومنتميا لاحد احزابها ومثقفا باطروحاتها، وما هو التناقض او المآخذ على المذهب الجعفري التي جعتله يصرح علنا بانه لم يعد منتميا اليه، وان يفتخر بذلك؟
نقول ذلك لان الاستاذ الشكرجي اعطى الحق للشيعي بالافتخاران لم يكن متعصبا، وكان يكفيه، اي الاستاذ الشكرجي القول بانه يفتخر بانه ليس متعصبا دون الحاجة الى اعلان الانسلاخ من الطائفة، اذ ان ما يعاب على المذاهب الاسلامية هو تعصبها وانغلاقها وعدائيتها للمذاهب المختلفة، وهذا ما يفهم من ما جاء في مقال الاستاذ الشكرجي وليس ثقافتها الكهنوتية، الا اذا كان في اساسيات عقائد المذهب ما يستوجب الانسلاخ فما هي؟
واذا كان اللطم والتطبير ليس من اساسيات المذهب، والسؤال الى السيد نجاح محمد علي، فلماذا اعلن وبصريح العبارة بانه ليس شيعيا، فهناك الكثيرون من الشيعة من يرفضون ممارسة هذه الشعائر ويطالبون بجعلها رمزية ومع هذا لا يعلنون انهم ليسو بشيعة؟
في الختام او ان اشير الى الاختلاف بين مفهومي المذهب والطائفة، فالمذهب هو قناعات دينية بصحة اراء رجال الدين حيال مختلف المسائل والاشكاليات العقائدية مثل طقوس وشعائر وواجبات التعبد واجراءات الزواج والطلاق والتحريم والتحليل وغيرها، المذهب هو ما يذهب اليه فريق من رجال الكهنوت الديني في تفسير او تحليل او فتيا، هو رؤى دينية غالبا ما يسمى باسم مؤسسه كالمذهب الجعفري او المالكي او الحنبلي او الوهابي، بينما الطائفة هي تجمع لمواقف سياسية تجاه الاحداث التاريخية لا تهتم كثيرا باختلافات المذاهب، انما تناقش المواقف والاحداث والشخصيات التاريخية المؤثرة. غالبا ما يحاول كهان الدين نشر اساطيرهم وارائهم بين صفوف الطائفة لتغليب الدين على الصراعات الطبقية التاريخية واعتبارها السبب الوحيد للاختلافات السياسية، ان ذلك يخلق ما يسمى بالطائفيين، فالطائفي هو الذي يحاول ان يلبس الاحداث التاريخية السياسية لبوسا دينية متجاهلا بالكامل الاسباب الحقيقية للصراع. واعتقد ان كلا الاستاذين لم يكونا موفقين بالتفريق بين المذهب وبين الطائفة. فالتشيع ليس له علاقة بالتطبير ولا اللطم وليس له علاقة بالتعصب الديني، بل الانتماء الى معسكر المناهض للسلطات، لذلك كانت اغلب الثورات ضد انظمة الحكم الاسلامية الجائرة في اغلب الحقب التاريخية ثورات شيعية. كان على الاستاذين الاعلان عن الانسلاخ من المذهب الجعفري او الاثنى عشري وليس من التشيع واعتقد هذا ما كان يقصدانه ان لم يجانبني الصواب



















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احمد الخفاف: لا يوجد تسنن محمدي ولا تشيع علوي 1
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 1 / 20 - 11:58 )
الاخ احمد الخفاف المحترم
القول بوجود اسلام بدون مذاهب، هو قول لا ينسجم مع الواقع ولا مع الاسلام نفسه، اذ حتى في زمن النبي محمد كان الاسلام منقسما، فهناك اسلام ما كان يطلق عليهم المنافقين و المؤلفة قلوبهم الذين خصهم النبي محمد بالغنائم اكثر من غيرهم ليتقي اعمالهم المضادة، كذلك لا نحسب حروب ما يسمى بالردة الا نوع من الفهم الخاص للاسلام.. فالقول بالتشيع العلوي او التسنن المحمدي هو ضرب من التلاعب والهروب من الواقع ... وعندما نقول الشيعة او السنة فاننا لا نعني غير وصف هذا الواقع الآني المعاش، وعندما نقول اننا ليس شيعة وليس سنة بالمعنى المتعارف عليه فان هناك شيء ما يمنعنا من التصريح نحاول تغطيته بحجج مثل تلك التي يقول بها الاستاذ نجاح اي الستنن المحمدي والتشيع العلوي..التشيع تاريخيا لا يعني اي من هذه الطقوس او الشعائر او العبادات التي تختلف عن التسسن بالاداء او بالشكل او بالوقت، انها تعني الانحياز الى معسكر علي بن ابي طالب ضد معسكر الامويين، ففي زمن الخلفاء الراشدين لم يتخذ الصراع شكلا تناحريا انما شكل المحاججة والنقاش والمجادلة، لا يوجد تسنن محمدي ولا سنة محمدية


2 - احمد الخفاف: لا يوجد تسنن محمدي ولا تشيع علوي 2
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 1 / 20 - 12:00 )
اذ ان السنة ليست موقفا سياسيا بل تقليد واتباع لاحاديث وسلوكيات وطقوس النبي محمد، ولا يستطيع احد، سنيا كان او شيعيا الجزم بانها محمدية او غير محمدية، فليس هناك ديوان للتوثيق فكل شيء منقول ومنسوب ومكتوب بعد 150 سنة على وفاة النبي على اقل تقدير..
اننا امام واقع ليس فيه اي شيء مما يقول كلا الاستاذين نجاح محمد علي او ضياء الشكرجي..
وعندما يصرح الاستاذ نجاح بانه ليس شيعي، لا يفهم من قوله الا الانسلاخ من طائفته التي لا يمكن نعت جميع فرقها بالصفوية..
ينبغي ان اشير الى ان ما يسمى بمرحلة الخلفاء الراشدين ليست بالحقبة الذهبية التي شهدها الاسلام، فهي مثل غيرها من الاحقاب الاسلامية الاخرى ولا تختلف عنها سوى بالتقديس المفتعل، ففي اولها، خلافة ابي بكر قتل الاق الناس واغتصبت النساء وصودرت الاموال واستعبد الاطفال في حروب ما يسمى الردة، كذلك لم يكن لا الصحابة ولا المسلمين على انسجام، فهرب من الصحابة سعد بن عبادة حفاظا على حياته ثم تم اغتياله في زمن عمر بن الخطاب، وهوجم بيت فاطمة بنت محمد وفي زمن عمر كان عام الرمادة حيث احالت المجاعة وجوه الناس الى ما يشبه لون الرمادة وتم غزو البلدان واذلال اهلها


3 - احمد الخفاف: لا يوجد تسنن محمدي ولا تشيع علوي 3
مالوم ابو رغيف ( 2013 / 1 / 20 - 12:01 )
وتم غزو البلدان واذلال اهلها ولاول مرة اجاز الخليفة لنفسه تاديب الناس بالعصا واهانة الجميع في العلن وفي عهد عثمان كان الظلم هو اساس الملك الى ان تم محاصرة عثمان بن عفان في بيته وتم قتل واهانة جثته ثم مواراة جسدة في مقبرة اليهود وفي عهد علي ابن ابي طالب تقاتل الملسمون فيما بينهم مثلما يتقاتلون اليوم وكان معركة الجمل وصفين والنهروان وتشكلت الفرق الارهابية الاولى وهي فرق الخوارج التي تشبه الفرق الوهابية المساة القاعدة..
ما اود ان اقوله ان المسألة المختلف عليها الان ليس طقوس الدين، بل السياسة، وتهرب الاستاذ نجاح محمد علي من الاجابة على استمارة التعارف بانه شيعي هو موقف سياسي وليس موقف ديني..
تحياتي

اخر الافلام

.. لمن سيصوت يهود أميركا في الانتخابات الرئاسية؟


.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم




.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah