الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
كلاب بافلوف
محمد ماجد ديُوب
2013 / 1 / 20العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما أجرى العالم الفيزيولجي الروسي الشهير بافلوف تجرتبه على الكلاب لتبيان ماسمي الفعل المنعكس الشرطي وأهميته على صعيد المادة الحية لم يكن تخطر في باله على أظن ( وإن بعض الظن إثم )أن يكون لهذه التجرية تأثيرات عميقة جداً على منهجية التفكير الإنساني بحيث أنها أضحت واحدة من أساسات المنهج العلمي في التفكير
تقول التجربة بإختصار أنه عندما نربط فعلين أحدهما مشروط بالآخر كحلة ربط سقوط المطر بحالة وجود الغيم وهو مايسمى في علم الإحتمال :الإحتمال المشروط أي أن حدوث حالة ما ( سقوط المطر ) هي حالة مشروطة بحالة (وجود الغيم )فبدون حدوث الحالة الثانية يستحيل حدوث الحالة الأولى لكن وهنا ما هو هام فإن حالة حدوث غيم ليس بالضرورة أن ينتج عنها حال سقوط المطر
إن تجربة بافلوف على قدرٍ من الأهمية يفوق ما يتوقعه الإنسان العادي البسيط إذ يترتب عليها من النتائج ما هو على قدرٍ من الأهمية والخطورة معاً
كيف ذلك ؟
ولماذا ذلك ؟
كيف ذلك ....يتبين من التجربة أهمية أن تكون المادة الحية مستلبة الإرادة تحت شروطٍ معينة فتقوم مثلاً الغدد الهضمية في المعدة بإفراز عصارتها لمجرد أن إنطلق عمل مؤثر ما ...وكما في التجربة صوت الجرس وذلك على الرغم من عدم ظهور الطعام وهنا يتبدى بوضوح عمل الذاكرة للكائن الحي إذ تم التخزين فيها لحالتين إحداهما مشروطة بالأخرى (وتبدوان كأنهما حالة واحدة )حالة صوت الجرس وحالة ظهور اللحم (الطعام ) مما يعني أن أن هناك الكثير من الأحداث المشروطة في المختزنة في الذاكرة ومع غياب إحاداهما يبدأ الثانية بالظهور لمجرد أن بدأ المؤثر الدال على الأولى بالعمل
مثلاً حالة الخوف التي تظهر تلقائياً فور سماع صوت إنفجار وهمي في نفس إنسان خُزن في ذاكرته حالة إنفجار سيارة مفخخة مثلاً وهو يمر في شارعٍ ما في زمنٍ ما
الآن لماذا ذلك ...
إن من الخصائص الرائعة للمادة الحية هي مقدرتها على الإحتفاظ بكل الحوادث التي تمر عليها طيلة حياتها وهذه الحوادث تُخزن في الذاكرة على شكل إشارات كهربائية تعمل على النظام الرياضي (0_1)والذي هو نفسه الذي يستخدم في الحواسيب المختلفة وهذه المواد المُخزنة في الذارة للمادة الحية منها ماهو قصير المدى كالحالة مادة ثانوية تُدرس فقط من أجل الإمتحان ومنها ماهو متوسط المدى كأغلبية ذكرياتنا للحياة اليومية ومنها ماهو بعيد المدى ويحفر عميقاً في الذاكرة كتجربة الألم مثلاً
وكما تُخزن كل الحوادث التي تمر في حياة اللإنسان أو المادة الحية بلا إستثناء كذلك هي الأفكار التي يتشربها الإنسان على مدى سني حياته
منها أفكار لاتهمه فتخضع لعملية تخزينٍ قصيرة المدى ومنها أفكار تتوقف عليها حياته وإستمرارها فتخزن على النمطين المتوسط المدى والبعيد المدى أما الأفكار التي ترتقي في حياة الإنسان إلى مرتبة القداسة فهذه تُخزن وفق النمط البعيد المدى والذي وإن نسي نهائياً في حياة إنسانٍ ما لكنه وبسبب قدسيته المحفورة على جدار الخوف في ذاكرته هذا الخوف الذي تعمل عليه كل المقسات البشرية سيعود بقوة إلى ساحة التذكر الشديد كأن يكون هناك رمزُُ مقدسُُ حفر في ذاكرة إنسانٍ ما في طفواته خلال أعوامه التي تسبق سن الخمس سنوات فتراه وإن كان منسياً تماما يعود للظهور وبقوة عندما يتعرض هذا الرمز المقدس للإهانة من قبل شخصٍ ما في حوارٍ ما لأن ما حفر في عمق الذاكرة يصبح من ممتلكات اللاوعي في العقل البشري والذي لاسلطان عليه من قبل العقل الواعي
صادفتني في حياتي العملية الكثير من المواقف المحرجة مع أصدقاء أعرف تماماً أنهم لايرتبطون من حيث الظاهر برمزٍ مقدسٍ ما لكن ما إن أتعرض له بكلمة مسيئة ما حتى أرى هذا الصديق وقد إحمر وجهه وكأنه فوجىء وهو المهذب بإمرأة تدعوه إلى ممارسة الجنس صراحةً وبدون مقدمات وأمام الأصدقاء مما يوحي لي فوراً بأنني قد مسست مقدساً لديه ولو كان شخصُُ آخر هو الذي مسٌ بهذا المقدس لكانت النتيجة معركة ً لايمكن التكهن بنتائجها
إن تجربة كلاف بافلوف تقود إلى الإنسان من حيث تكوينه النفسي والثقافي والقداسي هو كائن مرهون لبيئته الأولى (العائلة )وأما ما يحدث من تطورات على تقافته و
مستوى تفكيره ورقيه النفسي فلايعدو كونه قناعُُ يخبىء إلى حين مقدسه العميق والذي هو الأساس في كل مايتصرفه أو يقوم به
أوضحت الحركات التي سميت الربيع العربي زوراً وبهتانا ًوالتي إجتاحت وماتزال البلدان العربية أن هذا الربيع ماهو في حقيقته إلا ربيع المقدسات والتي أرى من وجهة نظري أنها مقدمة لتفتيت البلدان التي كانت قائمة وحدتها بفعل عوامل قوة السلطات الحاكمة أو بفعل عوامل قوى دولية ضاغطة من أجل مصالح هذه الدول
هل يصح علينا القول أننا مازلنا كلاب بافلوف ؟
إنه مجرد سؤال
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. قوات الاحتلال تعتدي على مصلين حاولوا الوصول إلى المسجد الأقص
.. أسوياء مع مصطفى حسني - نفسي فداك يا رسول الله ..وتعرض أبو بك
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها
.. 92-Al-Aanaam
.. تُسع ثقافات أنجبت سومر، ماهي ؟