الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكفير التكفير

ابراهيم الجندي
صحفي ، باحث في القرآن

(Ibrahim Elgendy)

2013 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المشايخ ابو اسحاق الحويني وفوزى السعيد ووجدى غنيم وغيرهم ، كفّروا العلمانيين فى تصريحات علنية بالصوت والصورة وقالوا لا يوجد مسلم علماني ، مشايخ جماعة الجهاد كفّروا الرئيس الاخواني محمد مرسي ، اتباع مرسي من جماعة الاخوان كفّروا معارضيه !!

مشايخ الازهر كفّروا طه حسين ، و علي عبد الرازق وهو ازهري وطالبوه بارجاع شهادة الليسانس فأرسلها لهم و كتب عليها .. الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ، كفّروا محمد رشيد رضا ، الشيخ عليش كفّر الشيخ جمال الدين الأفغاني واتهمه بالإلحاد بسبب أفكاره العلمية ، كفّروا قاسم أمين بسبب دعوته المؤيدة للمرأة ، كفّروا الشيخ محمد عبده واتهموه بالزندقة لأنه أفتى بأن لبس البرنيطة حلال ، أحمد أمين .. زعماء الإصلاح ص111

الشيخ محمد عبده ندم على السنوات التي درسها في الأزهر، وانتقد اسلوب التعليم فيه ، قال له أحدهم .. ألم تتعلم في الأزهر وقد بلغت ما بلغت من طرق العلم وصرت فيه العلم الفرد ، فاجاب الامام .. ان كان لي حظ من العلم الصحيح الذي تذكر فانني لم أحصله الا بعد ان مكثت عشر سنوات أكنس من دماغي مما علق فيه من وساخة الأزهر، وهو الى الآن لم يبلغ ما أريده له من النظافة ، محمد عمارة ..الأمام محمد عبده ص 55 ، 56

التكفير سلاح قديم استخدمه رجال الدين لاخراج من اختلف معهم من الملة ، نميرى أعدم محمود محمد طه بذات السلاح ، سألته فى حوار لى معه ( منشور بمجلة نصف الدنيا ) وهو لاجىء سياسي بالقاهرة.. هل انت راض عن اعدامه .. اجابني باكيا .. لا ، لكن لم اكن املك انقاذه ، وطلب منى عدم نشر اجابته الا بعد وفاته !!

نحن الان في القرن الواحد والعشرين تصدر يوميا فتاوى التكفير من شيوخ الازهر لهذا المفكر أو ذاك المخرج بسبب مقال أو عمل فنى مبدع استخدم فيه عقله ، يعود التكفير الى اسباب جوهرية

أولها : تراجع الدول اقتصاديا وسياسيا و حضاريا ، مما يسمح لرجال الدين بالتدخل فيما ليس لهم فيه لملء الفراغ ، وبالتالى خلط الدين بالسياسية ، وهو ما حدث فى مصر مع تولى مبارك ومن بعده مرسي السلطة ، الدليل هو انتعاش حركة الترجمة والادب والشعر والفن والرقص فى عصر الدولة العباسية ( قديما ) ، وحصول المرأة على ثلث مقاعد مجلس الشورى فى السعودية ( حديثا ) وابتعاث الاف الطلاب سنويا الى الولايات المتحدة واوربا للحصول على درجة الدكتوراه فى العلوم التطبيقية كالطب والعلوم والهندسة بكل فروعها ، السبب هو قوة الدولة فى الحالتين

ثانيها : انتهاج وزارة التعليم عموما والازهر خصوصا سياسة الحفظ والتلقين بدلا من الفهم والتحليل ، فالازهر (وانا أحد خريجيه ) يجبر طلابه على حفظ القرآن بهدف ( الحفظ ) ، لم ينتهج بعد اسلوب الفهم والشرح للاجابة عما يدور من اسئلة فى وجدان الطلاب بخصوص الغيب ، أفهم ان حفظ القرآن ايام نزوله كان ضرورة بسبب تركيز المشركين على قتل الحفظة لمحو الدين الجديد ، أما الان وبعد انتشار وسائل الحفظ كالكتب و شرائط الكاسيت والسي دي ، و تكريم رؤساء الجمهورية المتعاقبين للحفظة ، فاننا نكسب شريط كاسيت اضافي مع كل حافظ جديد للقرآن ، ما يحفظ ينسى ، عكس ما يفهم من خلال الجدل والنقاش فانه يفتح افاقا رحبة امام العقل ، ويخلق اجيالا تعتمد فى طريقة تفكيرها على الخلق والابداع وليس الحفظ والاستظهار

ثالثها : أن اكثر من نصف شعوب العالم العربي يعاني الجهل والفقر والمرض ، بالاضافة الى الاجيال التى تخرجت من مدارس وجامعات الحفظ والتلقين ، مما يسهل مهمة رجال الدين باستغلال عواطفهم وتطويع عقولهم بسهولة من خلال شيخ كالشعرواي ، الذى ما زال نجما فى عيون العامة رغم ضحالة ما قدمه .

رابعا : أن رجال الدين ينتهجون اسلوب التكفير فيما بينهم ، ويعلنون عنه بتباهي فى وسائل الاعلام ، الخلاف بين السنة والشيعة خير مثال ، فما بين السنى والشيعى ( رغم انتماء كلاهما لنفس الاله والنبي والكتاب ) اعمق مما هو بين المسلم والمسيحي من خلاف !!

الصحيح والخطأ مسالة نسبية لا يملك ناصيتها أحد فى هذا الكون ، واذا اردنا للميزان ان يعتدل فعلينا بالتعليم والاعلام والقانون ، وذلك بتغيير مناهج التعليم ، والخطاب الاعلامي ، ونصوص القانون الخاصة بتكفير الاخر ، فقد اقترب العالم من انجاز خريطة الجينوم البشري ، وتوقف الاعلام فى الدنيا كلها عن مناقشة معتقدات و ضمائر وقلوب الناس ، و نصت قوانين الدول المتحضرة على تجريم التكفير بقوانين واضحة .

في الوقت الذي اخترع فيه العالم المتقدم سيارة تتحرك بالماء والكهرباء ، وأدوية لأمراض فتاكة ، ننتج نحن فتاوي تكفير الآخر، و العلاج ببول البعير ، ونحرم جلوس المرأة على الكرسي كونه زنا ، وتعليم الإنجليزية ، و دخول المراة على شبكة الإنترنت بدون محرم خشية الفتنة !!

اذا لم نعترف بتخلفنا وجهلنا و نلحق بركب الحضارة الحديثة التى تعتمد العلمانية منهجا بالفصل بين الدين والسياسة ، واحترام الانسان وعدم تكفيره ، فاننا خارج التاريخ لا محالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصر
احمد حسين البابلي ( 2013 / 1 / 24 - 15:47 )
الاستاذ ابراهيم المحترم
ان مقالتك واضحة وصريحة حول كل ما ذكرته من سلبيات الاديان وعداواتها لكل علم يفيد للبشرية..ان مصر كانت ولا زالت صرح الثقافة العلمية والان مصر هي الامل الباقي للعالم الاسلامي نحو التقدم العلمي.. وبعد ما حل بمصر هذه النكبة الاسلامية نرجوا ان يبدأ التحرير من مصر كما كان في كل العهود..اننا نعلم ان المواجهة سوف تكون ثفيلة الا اننا ننتظر من مصر الاشعاع والنور من اجل هذه الشعوب المبتلية بالجهل المتراكم والذي يتبناه الازهر وشيوخها الذين يتعطشون لدماء شعب مصر..

اخر الافلام

.. #شاهد بعد تدمير الاحتلال مساجد غزة.. طفل يرفع الأذان من شرفة


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تفاجئ الاحتلال بعمل




.. لبنان: نازحون مسيحيون من القرى الجنوبية يأملون بالعودة سريعا


.. 124-Al-Aanaam




.. المقاومة الإسلامية في العراق: إطلاق طيران مسير باتجاه شمال ا