الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة المرأة الظل في المجتمع العربي

محمد لفته محل

2013 / 1 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يبدو أن قوانين التطور قد كيفت المرأة العربية مع المجتمع العربي الذكوري الذي يستغلها ويستعبدها بحيث يجعل وجودها صعبا ما رفع حالات الانتحار والأمراض النفسية بين النساء في المجتمع العربي بسبب القمع والتعسف والاستعباد الذكوري لها، لهذا استطاعت المرأة أن تتكيف مع الرجل وتحكمه بموازاة سلطته، في الوقت الذي يعلن الرجل سيادته وتفوقه عليها! وهذا ما اسميه سلطة المرأة الِظل للرجل في مجتمع ذكوري أبوي! تسيطر عليه الموروثات والقيم والعادات التقليدية السلفية الذكورية خصوصا فيما يتعلق بدونية المرأة للرجل واستعبادها جسديا وجنسيا ونفسيا وعقليا له، لدرجة ربطت المرأة بالشرف والعرض حد المماهاة! وحقوقها دائما منقوصة رسميا ومهدورة شعبيا، وهي تابعة له أدنى منه منزلة اجتماعية في الأسرة والعمل والمجتمع، بحيث أصبحت شتيمة أن ُيلقب الرجل بالمرأة! ولدرجة لا تُسجّل في شجرة الأنساب العائلية ولا يسجل الأطفال باسمها بدل الأب، وهذه السلطة الِظل غالبا ما تكون غير معلنة وغير مباشرة باستخدامها للبكاء والتظلم أو الدلال والزعل أو الإيحاء والإلحاح أو الحيلة والكذب مستغلة عاطفة الرجل نحوها باعتقاده بضعف المرأة! التي حولت هذا الضعف المفترض إلى مصدر قوة تقود بهِ الرجل على إنه الحامي والمنقذ والفارس، وإنها الضعيفة والضحية التي تحتمي به، وتأتمن بوجوده، ولا تعيش بدونه، ولا تحيى إلا له، مُصورة نفسها على إنها المستغيثة في حين إنها المُحرضة والمُحركة له، والمشاكل التي تحدث بسبب تحريض المرأة للرجل لا تحصى في مجتمعنا العربي، وهذا ما يجعل الرجل يبرر هذه السلطة المنتقصة من رجولته وحفاظا على ماء وجهه، بالسحر والشعوذة التي تعملها المرأة ضده! لهذا توصف المرأة بالسحارة والفتنه والبلية والشيطان وذات كيد عظيم و(هجامت البيوت) وهناك مثل قديم (نعل الله قوم تقودهم امرأة)، واللغة العامية العراقية فيها مرادفات تكشف بطرقة غير مباشرة عن سلطة المرأة الظل حيث توصف الزوجة (وزارة الداخلية، الشرطي، الحكومة)، أو تكشف سلطة المرأة عبر المزاح والنكات بعبارات (اللي ما يخاف من زوجته مو رجال) (ما أبات بالبيت إذا زعلت) (امشيته بالنعال) (امسويته احصان) وكثيرا ما ُيتهّم الرجل من أهله بأنه يخاف من زوجته أو مسيطرة عليه بكلمة (راكبته) أو (يسمع كلام مرته)، والقصص الشعبية حافلة بالحكايات التي تجسد هذه السلطة ابتداء من أسطورة آدم وحواء، التي تدين المرأة بتحريض الرجل على عصيان ربه، واللغة تلجأ للتشفير والمرادفات والنكات والمزاح لأنها تعكس واقعا تحتيا مقموع غير مسموح للتعبير عنه بصراحة؟ وهذا الرجل التابع لقيادة المرأة سواء كانت زوجته أو أمه معلنة كانت أو مستترة هذه السلطة، يرفض أن يتهم بهذه التهمة حتى لو كان مقتنعا بالمساواة أو اعتقاده بصواب المرأة عليه، باعتبارها انتقاص من رجولته أمام المجتمع، والمرأة ذاتها تحتقر الرجل الذي تقوده هي أو تقوده امرأة أخرى بسبب النظرة الاجتماعية لتفوق الرجل وأهليته لقيادتها، وكنوع من الانتقام من هذا التفوق المزعوم، لهذا ترغب المرأة أن تكون ذكرا لانحياز القوانين والتشريعات له أو لأن فيها طاقات لا يسمح بها المجتمع إلا للذكر، ولعل خضوع الرجل للمرأة من الناحية النفسية يرجع لأسباب طفولية في السعي لاسترضاء الأم لنيل رغباته ورعايتها له، بسبب نمط التربية الذكوري الذي يحدد وظيفة المرأة بالأمومة دون مشاركة الرجل لها ما يجعل الطفل شديد التعلق بأمه، فيكون ضعيف الشخصية في المستقبل يبحث عن شخص أمه في المرأة التي يختارها للزواج ليخضع لها كما كان طفلا لأمه، وكثير من الرجال يُحب أن ترعاه زوجته كأحد أطفالها، والمرأة بحدسها تتقمص دور الأم في معاملة زوجها ليطيعها مقابل تحقيق رغباته، بالتالي فالمجتمع الذكوري الذي ينحاز لتفوق الرجل على المرأة هو الذي يربي رجال ضعاف الشخصية أمام النساء ويربي نساء تشعر بالدونية رغم مساواتها أو تفوقها على الرجل أحيانا، بسبب هذا النمط الأحادي من التربية. إلا أن إلى جانب سلطة المرأة الظل، هناك سلطة المرأة النفسية داخل الرجل تجعله ينحاز لها، ويتألم لانزعاجها منه، ويفرح برضاها عنه، ويطيع أوامرها بامتنان، ويشعر بتأنيب الضمير لو أنه خانها أو أخفى شيئا عنها، لهذا يحاول دائما ترضيتها والاعتذار منها بالهدايا، أو بالعكس يقوم الرجل بإخفاء أشياء وأمور كثيرة عن المرأة خوفا من زعلها أو غضبها عليه، دون علمه بالجذور الطفولية لهذا السلوك، ودون علمه بقيادة المرأة له أصلا! لهذا يستمر بالخضوع لها ورفض تهمة السيطرة عليه بصدق ضد متهميه، لأن شرط سيطرة المرأة على الرجل هو أن لا يعلم بهذه السلطة عليه مستخدمة معه وسائل الإقناع والإيحاء والدلع والدلال والأنوثة والإغراء والحيلة، أي تحكمه وهو جالس على عرشه.
طبعا هذا ليس هجوما على المرأة أو الرجل العربي، وإنما كشف وتحليل ظاهرة موجودة بالمجتمع العربي لا يتم الاعتراف بها رسميا حتى لا تجرح نرجسية الرجل العربي، فهي لولا أنها مظلومة حقا ومُستعبدة لما لجأت إلى هذه اللعبة التي يلجأ لها المستضعف فقط، ثم أن ليست كل النساء تستطيع أن تتقن هذه اللعبة بحذر، وليس كل الرجال طبعا خاضعين لزوجاتهم وإنما فقط الشخصيات الطفولية وضعفاء الشخصية والسذج و والمدللون، وبتعبير عالم النفس (سيغموند فرويد) عقدت أوديب السالبة حين يتماهى الطفل مع الأم بدلا من الأب فتتشكل شخصيته وطبعه على أساسها بالمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال