الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام و المزز

مها الجويني

2013 / 1 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


كنت أقوم بحوار صحفي مع أحد الإعلاميي العرب ، و ما إن أنهيت الحوار و تحدثت على تجربتي في التدوين الصحفي و العمل النضالي و ذكرت ما قرأته على روزا لكسمبورغ و جون جوراس و في قلب فخري بنضالات الحركة الطلابية في تونس ,,,, قال لي ذلك السؤال الوجودي : كيف لبنت مثلك أن تقضي وقتها في العمل الميداني ؟ إستغربت السؤال و قلت في نفسي هل لي إعاقة جسدية ؟ أو ربما كنت مختلة عقليا فرفع الله عني القلم و لا حرج عليا أن لم ألبي نداء الوطن .
أجببته بأنني مؤمنة بقضية الحرية فأجابني الزميل الإعلامي : ما تتحدثين عنه مخالف لطبيعتك كأنثي و أعذرني كفتاة "مزة" ... و ما إن قال تلك الكلمة مزة إشتعل تنور بداخلي و هجت و مجت و صرخت أنا مش مزة ....أنا زميلتك . فأجابني : مادهاك ؟ أنا قلت ما رأيت أنت رائعة و أستغرب أن يضيع عمرك في الحديث عن الثورة و السياسة هذه مواضيع تؤرق أنوثتك ...
إبتسم وغير الموضوع ، و في ضحكته رأيت إنتصارات إستضعاف الشرق للنساء . رأيت وجه أمي و هي تنتظر الإذن من أبي للخروج من البيت ، رأيت بكاء أختي عندما يتم منعها من الخروج ... نظر في في عيناي.... و لكنني لا أعرف الخجل ، لم أغير إتجاه نظراتي بل إبتسمت و إعتبرتها مجاملة في غير محلها و واصلت حديثي معه .
وزاد يقينني بأن الوسط الإعلامي العربي لا يراني كإنسانة و لي الحق في أن أشارك و أرفض و أعارض ..فالوسط يستنكر لو تحدثت أنثى عن الواقع و ذكرت المستقبل ... فأنا في نظر المشاهد و الزميل و العامل ذات جسد مثير، إعلامية برتبة مزة .
و تقسيم البرامج يكون دائما حسب شكل المذيعات ، مثال حسب الصدر المتستدير وجب عليها أن تقدم برامج حول المبيعات و المحلات ، ومع أحمر شفاهها فهي تقوم بإعلانات تجارية .. أما التقارير خفيفة في دائما متماشية مع أنغام تحرك خصرها.
يعود ذلك لطبيعة صوت النساء الذي يعتبر نشاز في برامج الفكر و السياسة و الأدب و الثورة ، فالأنثى يناسبها أن تكون خفيفة الظل ، صورة للجمال و للحياة ، وجودها للتسلية فقط ، من أجل ذلك توكل إليها مهمة مراسلة في المؤتمرات الفخمة لتلبس ذلك الكعب العالي و تتبختر مع الكاميرات و لتعطي إبتسامة لأحد المسؤولين ليقدم لها تصريحا و ينتهي الأمر أو تكون مقدمة برامج أطفال ، أو معدة في برنامج إجتماعي بحت .
سمعت مرة أحد الزملاء يقول :" النساء خلقنا سكنا لنا" فرد أخر : "هن زينة الحياة الدنيا " فإستغربت التناقض .. هم نفس الأشخاص الذيين يصدعون أذاننا بالحديث عن نصف المجتمع و المساواة و التفاخر بالمشاركة السياسية للمرأة ...
الأقنعة خلف الكاميرات و الأستوديوات الفخمة تسقط جميع الأقنعة و فتظهر الوجوه الحقيقة و ينسدل الستار عن شرق إصطياد النساء ...
في الكواليس يكثر الحديث عن "بروفيل " المذيعات .. و في ذكر البروفيل لا يقصد طبعا السيرة الذاتية أو الكفائات المهنية أو ربما الحضور أمام الشاشة ... الحديث يدور حول الأجساد و الروح الخفيفة و أحمر الشفاه و طلاء الأظافر و الخلفية التي تتمحور حولها أغلب النقاشات و الأراء والمقترحات ... فهي زاوية المصور و مطلب المشاهد و هي أساس بطاقة هوية المزة .
ألا يقال أن لكل نجمة إعلامية خلفية ؟ إلإجابة : أه طبعا . و في عالمنا العربي لا يقصد بالخلفيات المراجع الفكرية و المدارس السياسية: إسلامية أو ليبيرالية أو قومية أو تروتسكية ,,, الخلفيات هي أشياء مستديرة .. مربعة .. مستطيلة .. يقسمها خط يظهر مع البنطلون ، و لكل بنت حواء خلفية تتميزبها. .
و إعلامنا العزيز يسلط الضوء على الخلفيات من أجل ذلك نرى الجميلات هن أنجح الإعلامايات و هن على صفحات المجلات و لا أقصد هنا ان كل إعلامية حققت نجاحات بفضل خلفيتها و إستدارة صدرها .
نعود للمزة ... التي لا تمنح لها الفرصة إلا في كتابة تقارير عن القطط و الكلاب و أخر موديلات اللباس و ما تشتهيه الأنثى و ما يلزم الطفل الرضيع و ما يجب أن يقدم من نصائح في برامج صباح الخير يا وطن و نشرة قناتنا الفنية و إلى أخره من برامج المنوعاتية التي تأتي على هامش الجدول .
تجد الفتاة نفسها متورطة في غرفة المكياج و أمام مصمم الأزياء , فهي حاملة لصورة القناة التي تعمل فيها بين تنورة قصير و فحتة في الصدر و بياض في الوجه تتحول البنت إلى مزة و تتقدم إلى الأستوديو حيث تتواصل مع المعد الذي يلقنها الأسئلة و يقول لها متى تبتسم و متى تضحك و كيف تستدير للشاشة.
و بوجهي الأسمر و شعري الأشعث و بطلوني الجينز و جذائي الرياضي أناضل ضد صفة المزة ، حتى لا تتسلط عليا تلك السلطة الرابعة ... و تجعل مني جزءا من الديكور .. و تغير تقاسيم وجهي .. إني أحمل عرق الكادحات و على يدي أثر حقيبىة سفري .. تعب الإغتراب الذي يحمل وجع شعبي و أغاني تونس الخضراء ... لتبقى قرطاج عصية أمام صيادي الغزلان ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أعتقد ....والله....أعلم...!!!!!؟؟؟؟
عدلي جندي ( 2013 / 1 / 24 - 20:15 )
أعتقد ...أن المرأة العربية أصبحت لها رسالة سامية أخري بخلاف الولادة وتربية النشء وهي تقويم سلوك وفكر الرجل الشرقي حتي يأخذ مكانة إنسان سوي مبتدأ وسط الأمم المتحضرة

اخر الافلام

.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد


.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد




.. فتحية السعيدي ناشطة نسوية وأخصائية في علم الاجتماع


.. المحامية بركة بودربالة




.. عضو البرلمان السابقة وأمينة المكتب السياسي لتيار الحكمة الوط