الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاختصاص إلى الهامش مع منظمات المجتمع المدني

خلدون الشامي

2013 / 1 / 26
المجتمع المدني


ظاهرة تحول مؤسسات "العمل الاجتماعي" والمجتمع المدني، من هيئات تقوم على أجسام تطوعية الى "حراك متشابه"، عموده الرئيس صف وظيفي طويل يدور في حلقة مشروعات وامتيازات فندقية، هذه الظاهرة ليست الإشكال الأعمق في حراك يراوح القاسم الاكبر منه في دائرتي الحوت والجدي، "إدارة الفقر" وإدارة برامج "للتدريب والتاهيل" تستهدف فئتي الشباب واللاجئين خاصة (اشهرها الموجه للاجئين العراقيين ما بعد حرب الخليج الثانية)، والتي تعتبر البرامج الاوفر "تمويلا" في منطقة الشرق الأوسط وبعض دولها على دولها الخصوص (كالأردن ومصر).

إذا كنت حريصا على اختصاصك المهني او العلمي الذي يميز الافراد، فإن عامين إلى ثلاثة أعوام من التفرغ في "مشروعات" المجتمع المدني و"العمل الاجتماعي" كفيلة بإذابة الاختصاص الدقيق بل بتغييبه تماما. والبديل، "سكرتاريا مقنعة" بوجوه ومسميات مختلفة (coordinator, mobilizer, assistant, project manager) حيث يتشابه الجميع في ظل مشروعات متماثلة تهتم بالإعلان عن ذاتها في المقام الاول.

ميدانيا يهولك المشهد، الذين يعملون في هذه المواقع من خلفيات وتخصصات متنوعة، تغيب تماما عن واقعهم اليوم، في تخصصات التغذية والكمبيوتر والتمريض وعلم النفس واللغات الحديثة والمسرح والسياسة وغيرها من التخصصات الانسانية، والكارثي –بما تحمله الكلمة- ان هذه التخصصات استبدلت بمهارات "كتابة المقترحات لاستمالة التمويل"، واعداد التقارير وحجز القاعات وتنظيم الاجتماعات وبالزيارات "التفقدية" للمواقع!! عداك عن إعداد عروض مبالغ فيها غالبا، لتقدم أمام "مجتمعين" على قاعدة "نقل الخبرات"، التي لم تفلح اليوم رغم سنوات طويلة من دوران هذه المشروعات والهيئات في مغادرة مربعها الاول باتجاه التنمية على مستوى الافراد والمجتمع، في مشروعات "إدارة الفقر" ولازالت تراوح في إغاثة التجميع والتوزيع بابسط صورها.

على الجانب الآخر، برامج "التدريب والتأهيل"، والتي تدفع باتجاه ذوبان الاختصاص الدقيق وتسطيحه وإن كان بشكل أكثر قسوة، "فالمدربون والخبراء" هي مسميات حاضرة مؤخرا، في منطقة الشرق الاوسط، بامتياز وضحالة في آن معا، أفرزتها غالب مشروعات العمل الاجتماعي والمجتمع المدني، وعلى مدار السنوات العشرين الأخيرة، حيث ان إعادة تقديم برنامج تدريبي واحد بحذافيره من تلك التي تقدمها معظم المؤسسات والجمعيات (في حقوق الانسان واللاجئين والطفولة والجندر والمهارات القيادية والاتصالية والذاتية) كفيل بتعزيز حضور اختصاص جديد هو "مدرب"!! والعمل في برنامجين كفيل بادخالنا الى اختصاص "خبير"!! وفي معظم الحكاية -التي تكرر مئات المرات من قبل عشرات المدربين والمشروعات- لن تجد شيئا مختلفا أو تخصصا عضويا، فالمقدمات والمؤهلات التي صنعت هذا "الاختصاص" هي فقط مجموعة قفزات في الهواء في أحد مواقع "السكرتاريا المقنعة"!! والاختصاص العضوي الذي هو عجلة بناء الفرد ونهضة مجتمعات دول الشمال.. هذا الاختصاص الى الهامش!!

أصحاب هذه التخصصات سيجدون انفسهم بدون ميزة يحملونها بعد اقل من أربع سنوات من التفرغ في هذه الوظائف، والبديل تكرار وتشابه مقلق، (حيث الاختلاف شكلي) ويحتاج حسما ذاتيا من اصحاب التخصصات الدقيقة -خاصة اولئك الذين يجدون في انفسهم إضافة مختلفة- وذلك بعدم الحرص على التفرغ في هذه المشروعات والمواقع، والاصرار على الاختصاص والاختصاص الدقيق الذي يعرف به الفرد دون غيره ويحضر بحضوره، في مجتمعات أكثر ما تحتاجه اليوم ربما إعادة نظر في قائمة طويلة جدا من قطعياتها و"تقديسها" للتشابه والتكرار، و"حكيم اختصاص" في كل جانب من جوانب الحياة والعلوم ومهما بلغت درجة ادراك قيمته "أو مشروعيته" أو زمن الحاجة اليه.

وليبق "العمل الاجتماعي" في مكانة متقدمة، مصانا بروح التطوع وبجسم غير متفرغ غني بالعملانية، يحفظ الاختصاص الدقيق للأفراد والذي يبدو ضروريا بما يكفي لمغادرة "لحظية الإغاثة" الى حراك تنموي واجتماعي أكثر عضوية.

* أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة اليرموك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و