الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثوابت الإسلام أم ثبات المواقف؟

امال قرامي

2013 / 1 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حرصت الأغلبية على تضمين توطئة الدستور عبارة وتأسيسا على ثوابت الإسلام ومقاصده.. ولئن أشار بعض النواب إلى أن ثوابت الإسلام تعنى القرآن والسنة وموضّحا أن «الشريعة» قد تسلّلت إلى التوطئة فإن التنصيص على عبارة «ثوابت الإسلام» يثير فى نظرنا، إشكاليات عدة تتجاوز مسألة ارتباط الدلالة بالشريعة.


فبالعودة إلى آراء «العلماء» فى «الثوابت» ندرك تباين وجهات النظر. فقد أصر البعض على اعتبار القرآن والسنة أصلين للتشريع بينما ذهب آخرون إلى القول إن القرآن والسنّة من بين المصادر الأساسية للتشريع. ورأت فئة أن السنة النبوية يجب الأخذ بها بينما ذهب آخرون إلى أن الطعن فى عدد من الأحاديث الموضوعة واجب. ولم تتوان طائفة عن إضفاء صبغة القداسة على الصحابة فى حين اعتبر آخرون أنهم لم يكونوا معصومين. أما فيما يتعلق ببناء العلاقات فقد ألح العلماء على أنه لابد «أن يعادى أهل الإيمان أهل الكفران، بينما ذهبت طائفة إلى القول بأن موازين القوى اقتضت فى عدّة حالات، التعامل مع «أهل الكفر»، وعقد التحالفات معهم وهدايتهم إلى السبيل بالموعظة الحسنة.


يتضح من خلال عرض بعض هذه الآراء تعدد القراءات وعدم تحقق الإجماع حول هذه «الثوابت» التى توهمنا الأغلبية داخل المجلس التأسيسى، بأنها جلية. ولئن ارتبطت بعض الأصول التى تحيل عليها عبارة الثوابت بسياق تاريخى ثقافى اتسم بالنزاع الداخلى والصراع بين المسلمين وغيرهم فإن الإبقاء على عبارة «الثوابت» فى توطئة دستور صيغ فى بداية هذا القرن يشير إلى مدى ارتباطها بمقولة جهاد «الكفار» من الداخل أو من الخارج، من جهة، وتعارضها مع ما ورد فى التوطئة من إشارة إلى مبدأ المواطنة واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية والقيم الكونية من جهة أخرى.


وثمة تعارض آخر قائم بين «الثوابت» و«المتغيرات» التى يفرضها الواقع المعيش فى عالم سمته التحول غير أن الأغلبية داخل المجلس التأسيسى رأت أن تستأنس بآراء فئة تقول: «يحتم الاجتهاد المقاصدى المعاصر العمل على تأكيد الثوابت الإسلامية، وجعلها غير قابلة للتغيير والتعديل تحت ضغوط الواقع المعاصر».


إن التنصيص على «ثوابت الإسلام» له صلة، فى نظرنا، بما طرح من آراء تدعو إلى تجريم الاعتداء على المقدسات. فإخضاع بعض الأحاديث والنصوص الواردة بشأن الصحابة على سبيل المثال، لقراءة نقدية يعد فى نظر البعض من قبيل التشكيك فى «الثوابت» والنصوص القطعية الدلالة، وهو شكل من الاعتداء على المقدّسات. فلا غرابة، والحال هذه أن يثير «فرسان الثوابت الإسلامية» جدلا حول الحريات، وهكذا ننتقل من جدل حول المقدسات إلى جدل حول «استهداف الثوابت».



لقد أضحت عبارة «ثوابت الإسلام» حمّالة أوجه فى الأدبيات المعاصرة فقد «تدلّ على شموليّة الإسلام» أو «مراعاة حقوق الإنسان». فبأى رأى نأخذ، ونحن نصوغ توطئة دستور نريد أن يكون دقيق العبارات، واضح الدلالات، ومعبرا عن جميع التونسيين؟


بقى أن نتساءل، ونحن على أبواب انتخابات، حول طبيعة الثوابت وملامح المتغيرات داخل حزب النهضة، وحجم الأمور المختلف عليها بين أفراد الجماعة الذين لا يمثلون وحدة منسجمة. وفى اعتقادنا إن تسلل مطلب اعتماد الشريعة من خلال عبارات عديدة فى الدستور يكشف النقاب عن نوسان حزب النهضة بين إرضاء «الحداثيين» من جهة، والسلفيين من جهة أخرى، وعسر الحسم بصفة واضحة.


بيد أن وضع موازين القوى بعين الاعتبار، ومراعاة الضغوط، والوعى بالسياق، تقتضى تنازل الكتلة الممثّلة للأغلبية وأن تكون قاعدة التنازلات المتبادلة عاكسة لإرادة صادقة، وأن تكون مقرونة بجهد فكرى وميدانى بل «ورياض» يجعل كل طرف يعى أهمية تقديم التنازلات وخصوصية مجال التفاوض السياسى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدستور ليس له حق التدخل فى طريقة المعيشه
حكيم العارف ( 2013 / 1 / 29 - 00:55 )
انا مش فاهم ليس المساله عويصه جدا للمتأسلمين..

اللى عايز يعمل حاجه يعملها بشرط عدم الاضرار بالغير ... هذا فى رائ هو الدستور الكامل لاى بلد ...

الدستور ليس له حق التدخل فى طريقة المعيشه او اللغه او المذهب .

الدستور هو اداه لبسط قانون للدوله ... يتم تعديل القانون ليس بالاهواء ولكن لتضييق الزمام على المخالفين ...

الشعب هو مصدر السطات لرئيس البلاد ... لذلك الشعب الثائر من حقه تغيير الاداره متى شاء ...


2 - من من حقه وضع الدستور؟
عبد الله اغونان ( 2013 / 1 / 29 - 23:05 )
الأغلبية ديموقراطيا هي المؤهلة للاشراف على وضع الدستور باستشار كافة الفرقاء لمصلحة البلد ويمكن الأخذ تدريجيا تطبيق الشريعة التي لابد من توفير شروط
في الدول الدمقراطية يستأثر الحزب الفائز بتشكيل الحكومة دون الخضوع لضغوط أو ابتزازات


3 - من من حقه وضع الدستور؟
عبد الله اغونان ( 2013 / 1 / 29 - 23:05 )
الأغلبية ديموقراطيا هي المؤهلة للاشراف على وضع الدستور باستشار كافة الفرقاء لمصلحة البلد ويمكن الأخذ تدريجيا تطبيق الشريعة التي لابد من توفير شروط
في الدول الدمقراطية يستأثر الحزب الفائز بتشكيل الحكومة دون الخضوع لضغوط أو ابتزازات

اخر الافلام

.. #شاهد بعد تدمير الاحتلال مساجد غزة.. طفل يرفع الأذان من شرفة


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تفاجئ الاحتلال بعمل




.. لبنان: نازحون مسيحيون من القرى الجنوبية يأملون بالعودة سريعا


.. 124-Al-Aanaam




.. المقاومة الإسلامية في العراق: إطلاق طيران مسير باتجاه شمال ا