الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سجال لاهوتي يُحدث إنقساماً في الكنيسة

عزت اسطيفان

2013 / 1 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


السيد رئيس التحريرالمحترم :
آمل موافقتكم على نشر هذا المقال
مع كل شكري
عزت اسطيفان

عزت اسطيفان
من كتاب صراعات الكنيسة وسقوط القسطنطينية٠٠للأستاذ نجيب اسطيفان
ــــــــــــــــــــــــــ
سجال لاهوتي يُحدث إنقساماً في الكنيسة

في بداية العقد الثاني من القرن الرابع أشعل آريوس رئيس كهنة الإسكندرية فتيل فتنة في الكنيسة وتسبب في إحداث شرخ فيها، بعد أن جمع حوله الكثير من المناصرين وكسب عدداً من اللاهوتيين إلى جانبه.كان آريوس رجل عالي الثقافة وتتلمذ على يد القديس بوكيان ألأنطاكي الذي اُستشهد إبان فترة إضطهاد المسيحيين.
تتناول مفاهيم آريوس علاقة المسيح بالإله الأب، وتتلخص بأن المسيح الإبن لم يكن مع الله منذ الأزل ، بل إن الله أرسله في فترة معينة كمُخَلص للبشرية ومطهِرها من خطيئتها الأصلية. إدعى آريوس بأن المسيح كائن متميز عن البشر وأعلى من مستواها ، لكنه لا يرتقي إلى مرتبة الله ، وإنه غير مساوٍ له في الجوهر، أي ألإثنين مختلفان. وذهب آريوس إلى القول بأن المسيح بطبيعة بشرية أكثر من كونها إلهية . بهذه المفاهيم يكون آريوس قد طعن العقيدة المسيحية بالصميم ووقف بالضد من قانون الإيمان الذي يشيرإلى أن المسيح " مولود غير مخلوق ومساوٍ للأب في الجوهر وإنه كان مع الله الأب قبل كل الدهور".بمفاهيمه هذه يكون آريوس قد أنكرألوهية المسيح.
عدّ بطريرك الإسكندرية مفاهيم آريوس انحرافاً خطيراً عن جوهر العقيدة المسيحية وإنها تشكل خطراً جدياً على وحدة الكنيسة الفكرية ، لذا وجب على الفور إجتثاثها من جذورها. دُعي آريوس إلى إجتماع كنسي
( سنودس ) سنة ٣٢٠حضره أكثر من مئة أسقف ورجل كنيسة من مصر وليبيا. ناقش المجتمعون مفاهيم آريوس وعدوها "هرطقة" لا يمكن القبول بها مطلقاً ،لذلك أدين آريوس وحُرّم من الكنيسة... لم تنتهِ المشكلة بإتخاذ ذلك الإجراء لأن التعاليم الأريوسية كانت قد إنتشرت على نطاق واسع بين اللاهوتيين والعامة ونالت إستحسان وتعاطف عدد غير قليل من المؤمنين بالمسيحة ، وخاصة في كنائس الشرق. في تلك ألأثناء نشر الأسقف ولفيلا ( Wulfila ) وهو من الأصول الغوطية المفاهيم الأريوسية بين أبناء قومه وترجم الإنجيل من اليونانية إلى لغته.
بدأت بعض آراء آريوس تظهر مكتوبة على الجدران أو على قطع الورق لتوزع هنا وهناك وإنقسم الشارع المسيحي بين من هو معها ومن هو ضدها.
لم يتمكن آريوس من المكوث في الإسكندرية بعد حرمانه من الكنيسة ، لذلك إلتجأ الى القيصرية وإلتقى ناللاهوتي ايسيبيوس( Eusebius) الذي تعاطف مع قضيته وتحمس لها. دعا ايسيبيوس إلى عقد سنودس "إجتماع كنسي " حضره أساقفة سورية ، ونال آريوس تأييد أغلبية الحاضرين واكتسب القوة والأرضية التي مكنته من العودة الى مصر. طلب آريوس إعادة المناقشة حول مفاهيمه ، لكن الأسكندر بطريرك الإسكندرية رفض تلبية الطلب ، وهذا ما تسبب في إندلاع أعمال شغب وإنتفاضات في الإسكندرية وشمال أفريقيا.
في تلك الظروف تحرك القيصر قسطنطين الأول مصمماً على وضع حد لتلك النزاعات والسجالات اللاهوتية قبل أن تستفحل وتخرج عن نطاق السيطرة. ورأى انه لامناص من إتخاذ إجراءات صارمة لبسط هيبة الدولة في كل البلاد ليعم الإستقرار فيها. أرسل قسطنطين الأسقف هوسيوس ، مستشاره في الأمور اللاهوتية إلى مصر لحسم النزاع هناك.
وبعد أن فشلت مساعي سنة كاملة ، أرسل قسطنطين رسالة الى الى البطريرك الأسكندروإلى آريوس ، أشارفي رسالته إلى أن السجالات اللاهوتية الشائكة لا تخصه ولا يقبل بأن تكون مسوغاً لمثل تلك الإنشقاقات والصراعات. ناشد القيصركل طرف طلب العفو من الآخروفتح صفحة جديدة من علاقات التفاهم والإنفتاح ، وأكد في رسالته أن لا أحد يستطيع إعطاء إجابات قاطعة وشافية ومقنعة لمثل تلك الأسئلة اللاهوتية المحيرة ، وليس لتلك النقاط صلة واضحة مع تعاليم الكتاب المقدس ، لذا لا يُسمح بإثارتها لتصل الى آذان البسطاء من الناس في الشارع وتؤدي إلى هيجان وإلى نزاعات بينهم وهم لا يفقهون كنه تلك السجالات.انتهت رسالة القيصر.
قرر القيصر قسطنطين حسم النزاع عن طريق الإجراءات التالية :
ــ أولاً عدم السماح بعقد أية إجتماعات محلية للأساقفة ، بل عقد مجمع كنسي شامل يجمع كل ممثلي رجال الكنيسة.
ــ ثانياً الدعوة الى عقد المجمع في مدينة نيقيا ( إيزنيك حالياً ) لسهولة الوصول اليها ولقربها من نيقوميديا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هرطقة آريوس
شاكر شكور ( 2013 / 1 / 29 - 18:20 )
تحياتي لك استاذ عزت ، أرجو ان تسمح لي بالتعقيب على عبارة (كان آريوس رجل عالي الثقافة) .... ان كان آريوس عالي الثقافة فعلا كيف فاته كثير من عبارات الأنجيل التي تشير بوضوح الى ازلية السيد المسيح ومن هذه الأشارات : يوحنا 8-58 أنا كائن قبل ابراهيم ، وفي يوحنا 1 في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله ، ويوحنا 6-69 فأجابه سمعان بطرس نحن آمنا بك وعرفنا أنك أنت قدوس الله (لم يقل المسيح لتلاميذه لستُ قدوس الله وقدوس الله هو الله الأزلي ) وفي رؤيا 21 - 7 قال المسيح وأكون له إلها ويكون لي أبناً...اذن آريوس كان مخطأً ولم يكن فاهم الأنجيل لذلك سقطت تعاليمه ولولا قيام القس ورقة بن نوفل بتبني افكار آريوس التي نقلت على شكل آيات مكية حول شخصية المسيح لما تذكر احد هرطقة آريوس ، تحياتي ومودتي

اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟