الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا أصدّق غزة -الإخوان المُسلمين-؟

محمد الصفطاوي

2013 / 1 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا لا أصدّق غزة "الإخوان المُسلمين"؟

كاذب ما ينسب ما يصير في غزة إلى الإحتلال أو الفقر أو المفاهيم التي نستخدمها في الإعلام لإثارة الشفقة على أنفسنا. غزة مُصابة بالوباء والوحل. غزة هي سوق للتجارة الحُرة، أقصد للتجارة بدماء الناس وأرزاقهم وأحلامهم، هي سوق لتجارة الجسد. غزة التي تلعب بالدين مثل أرجوحة تضيق وتتمدد حين الحاجة وتنشغل في جدلها العميق من هو الأنسب من خواصر الفتيات للحرمانية أو شكل الحجاب ومساحته المُمتدة من الرأس إلى أخمص القدم، وتستفيض بكل طاقتها في تحديد أفضلية موضع وصول الماء للمرفق قبل أو بعد ب1سم لتدخل الجنة! ولا تنسى الأهم على وجه الكرة الأرضية وهي صكوك الغفران المصدورة في غزة والتي لا يُشبه لها مثيل حتى في عمق تاريخ الخلافة المدنية.

غزة التي نسيت شكل الوطن والثورة. غزة صاحبة الموت والفقد الذي أصبح فيها عاديًا جدًا. غزة التي أتحدث عنها هي ليست المدينة، وهي ليست الحالة التي تأتي للشعراء في نشوتهم، وهي ليست الدهشة في عينيّ الطفل، بل أناسها الذين باتوا يأكلون بعضهم بعضًا... وأسوأهم الشيطان، أقصد تمامًا الساكت عن الحق.

إنّ ثورتنا المُمتدة عبر التاريخ والمُستمرة حتى آخر رمق في أنفاسنا لم تعد ثورتنا الطاهرة التي تخضبت بدماء الشُهداء وأنارت هذا الكون، بل تحوّلت إلى بحث صامت عن "لُقمة العيش" وكيفية حفظ الإنسان لروحه من الموت المُترامي بين الطُرقات، والخجل الأكبر حين يأتي هذا الموت من رفيق الدرب الذي تحمل وإياه السلاح للدفاع عن الوطن، أقصد للذي كان وطنًا!

من وجهة نظري، نجاح أمريكا في أفغانستان لم يكن ولا لمرة إنتصار عسكري، بل كان الإنتصار الأخطر والأكثر تأثيرًا وعمقًا والمتعلق في غرس ثقافة الضد، والشاهد على ذلك في أوروبا تجد عدد مهوول من الفتية الأفغان والذين يهربون يوميًا بالمئات من أفغانستان طالبين اللجوء، وحين تلتقي بهم تُشاهد المعنى الحقيقي للإنسلاخ عن الهوية والثقافة، والنقمة الداخلية على مفهوم الوطن، حتى الكينونة الأسرية التي نشأ بها ومدى الإنتماء لها، ناظرين مُعظمهم أنّ أوروبا هي الملجأ والحضن الأكثر دفئًا! هذا الحال هُو نسخة مُكررة لدينا حين نجحت اسرائيل وبذكاء مُطلق في نقل الصراع الأممي والحضاري إلى صراع فلسطيني فلسطيني داخلي، وهيّأت المُناخ المناسب، ليس ذلك وحسب بل انتقل دورها في المعادلة من طرف خصم إلى دور الحكم. ببساطة اللغة إنّ دورنا الحقيقي الذي نُمارسه الآن هُو حماية الدولة الإسرائيلية، وإن كان هُناك خلاف داخلي عميق بيننا كفلسطينين فالبتأكيد يتعلّق من منّا سيكون الأكثر إخلاصًا على أداء الدور بتفاني!

أمّا عن المُقارنات الفكرية والثقافية والعلمية التي وصلت إليها غزة والتي تُضاهي بها العالم أمثلتها كثيرة، ومنها كأن تقرأ ذات صباحٍ أغبر قرار جامعة الأقصى في قطاع غزة بعد مخاضٍ من التفكير العميق من رأس الخلافة المُتأسلمة بفرض الحجاب الشرعي، ولا يحقُّ لك على الإطلاق أن تستغرب، فغزة دائمًا تكسر كُل التوقعات ومن فرط الدهشة التي تصنعها بنا أن تُصاب بالجنون، ولا تُجرّب ولو لمرة أن تقوم بعقد مُقارنة، على الأقل لتبقى على قيد الحياة! ثم عن أي مُقارنة سوف تتحدث، عن الجامعات التي تنهمك بكل ما أوتيت من قوة لخلق برامج أكاديميّة عاليّة الجودة في مختلف فروع المعرفة، وتطوير ودعم البحوث بما يُسهم في إثراء المعرفة وتحقيق أهداف التنمية، وتخريج الكوادر البشريّة القادرة على المنافسة في ظِلّ الاقتصاد المعرفيّ والعولمة، والتي تسعى لبناء شراكة حقيقية مع المُجتمع، ولم تتوان للحظةٍ عن الإستعانة بخبراء دوليين لتطوير المناهج الدراسية بما تتناسب وكُل مرحلة، أمّا عن جامعات تتحول إلى مجلس فتاوى باسم الدين والأخلاق. إنّ من أصدر هذا القرار عليه أن يقال و أن يجلس في بيته خيرٌ له وأولى لكي يُمارس كبته الفكري والجنسي، وإن كان يحمل أي درجة علمية فيجب أن يُجرّد منها على أقل تقدير!
أمّا الذين ينساقوا وراء شكل اللغة وعواطفهم فإنني لا أحارب الحجاب من عدمه، والذي يُفكر ذلك فهو ذو نظرة ضيقة، فأمي وأخواتي وحبيبتي كُلهم مُحجبات وأفتخر جدًا، ولكن ما أريد الوصول إليه أنه لِما لا نُعطِّ الناس فرصة لتتعرف على الله، وتفكر وتتعرف ما هو الصواب والخطأ، لتختار ما تشاء ولتخطئ وتتذوق طعم الفشل والنجاح، ونترك ثقافة التلقين التي عهدناها، وننشغل في بناء هذه الحضارة الإنسانية!

بالمُناسبة، كُنت أأمل أن تنشغل جامعة الأقصى وبقية الجامعات بخلق برنامج خاص للموهوبين والمُتميزين كالطالبة أريج المدهون التي حصدت المرتبة الأولى عالميًا في مسابقة الذكاء العالمي، أريج هي ليست وحدها فهناك الكثير من المُبدعين، ولكن السؤال أين المساحة لهم؟ وأين دور المؤسسات والجهات الحكومية برعاية ذلك؟

أمّا عن آخر صيحات 2013 في غزة فهو الحدث الإعلامي الضخم الذي تضجُ به الأروقة "اختتمت وزارة التربية والتعليم بغزة الخميس فعاليات عام التعليم الفلسطيني ومخيمات الفتوة، حيثُ تمّ تدريبهم بالتعاون مع وزارة الداخلية، وفي حفل الختام الذي عُقد تمّ تخريج نحو 10 آلاف طالب من برنامج الفتوة، حيث أدى الطلاب خلال الاحتفال عدة عروض عسكرية مختلفة تتويجًا لما تعلموه خلال مخيمات (طلائع التحرير)" وأقول إنّ أقل ما يقال في حق وزارة التربية والتعليم الغزيّة تكريمًا على مجهودهم في بناء الأمّة ورفعتها وشأنها أن يتم مُحاكمتهم وطنيًا في منتصف المدينة على أعين الناس ومسمعهم لكن من فكّر أو شارك أو نفذ هذا المشروع، وحين تسألني عن السبب سأجيبك أنّ التاريخ سيخبرك حتمًا والدائرة تدور! أمّا ما الحل فسأقتبس مقولة الكاتب أنسي الحاج "والحلّ؟ تسألني. لا حلّ، أجيبك. نحن شعوبٌ حلولها مشاكل."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إزاى تحمى ابنك من الأفكار المتطرفة ؟.. داعية إسلامى يكشف الت


.. موجز أخبار السابعة مساءً - قوات الاحتلال تقمع آلاف المصلين ف




.. 60-Al-Aanaam


.. هوية وطنية وفطرة سليمة.. معا لمواجهة الإلحاد والتطرف والعلاق




.. 59-Al-Aanaam