الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلب ومواطن وحاوية!

ماهر علي دسوقي

2013 / 1 / 30
المجتمع المدني


كلب ومواطن وحاوية !
ماهر دسوقي

هي سطور ليست من وحي الخيال، أو من نصوص "الهزار أفسان" بل واقع أليم بتنا نحياه يومياً، وآخذ بالتكرار في أكثر من مدينة او حارة او زقاق ..

كانت بدايات النهار تعلن عن ذاتها، وبالكاد ترى مركبة او انساناً يتحرك، شارع متفرع عن خط أشبه بالعام، في منتصفه تقريباً حاوية نفايات من الحجم الكبير، احرق ما فيها اكثر من مرة إبان اضراب عمال النظافة المطالبين بتحسين أجورهم، فبانت "سيدة" تجميع النفايات بلا لون واضح.

زائر الحاوية لا يلتفت الى لونها ولا يعنى بالمنازل المحيطة وحدائقها المترفة، فجلّ ما يشد بصره ما بها من "مقتنيات" .

هو ذو ملامح قاسية عجنتها الأيام ، بجبهة عريضة وعيون جاحظة، لا يعير المارة على قلتهم صباحاً أي اهتمام، يحمل على كتفه كيساً من "الخيش" ، يمدّ يده بداية لداخل "المستطيل الحديدي" وكثيراً ما ينزل فيه، يقلّب ما بداخله، يبحث ، يتمتم .. ولا يردّ الصباح على أحد، بل يشيح بوجهه عن القلة المارة.

إعتدت على رؤيته يومياً تقريباً، وقبل أيام كانت الصاعقة المفاجأة ، لربما، كان قد اقترب من الحاوية وإذ بكلب ضخم في المكان، شعرت وأنه قال في قرارة نفسه ما الذي جاء به الى هنا، ألم يعلم بقدومي هذا اللعين؟

لم يهب، تقدم بخطى واثقة الى حيث يجب ان يكون، لم يحرك الكلب ساكناً وبقي متمسمراً مكشراً عن انيابه، وأخذ بالنباح، تقدم "صاحبنا" اكثر وأكثر حتى كاد يلامس الكلب.. لا هذا يتراجع ولا الكلب يتحرك، هيأت نفسي للحظة الخطر ولم اكن ادري بأن انياب الفقر ستنتصر على انياب الكلب..نزال لم اشهد له سابقة.

أدرك الكلب ان الرجل لن يتراجع، فتراجع الى مكان قريب .. ارتسمت على محيا الرجل ابتسامة سرعان ما ذابت وقفز الى داخل الحاوية.. سحب ، عبث، أخرج ما اراد وقفز ثانية الى الشارع.. وسار الى "حاوية اخرى" باحثاً عن بعض فتات او بقايا وليمة القى بها مترف.. في هذا الصباح بادر بإلقاء التحية !!

فأنشدت محرفاً قول الفرزدق:
هو الذي تعرف الحاوية وطأته والكلب يعرفه والخيش والقلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟