الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما لانَجِد السعادة، فقد يعني ذلك أنها تنتظرنا في مُجتمع آخر

سيف البصري

2013 / 1 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الإختلافات بين مُجتمع و آخر و التبايُن في التقييم الأخلاقي و المنطقي، ظاهِرة مُثيرة للإهتمام بحد ذاتها!
لقد زرت أكثر من 12 دولة و مُجتمع، ما يُقارب الـ 6 ٪ من دول العالم فقط!، و من خلال هذه التجربة الخجولة و أنا مُندهِش من هذا التباين!
هناك مُجتمعات تجد عِندها إحترام الوقت و الإنضباط من القِيم الجوهرية، التي إذا ما دقّقت بتاريخها، تجدها قد مرّت بحروب عالمية، كوارث، تغيّرات ديموغرافية و إقتصادية، و لكنها مازالت صامِدة لأن المجتمع، هذا النسيج الذاتوي المُتكرّر و الذي لايتواصل مع بعضه بصورة مُباشرة، يُقدّر قيمتها كأحدى الشروط لضمان النجاح.

في حين تجد مُجتمعات أخرى لاتتميّز بذلك، و قد تكون فاشلة جداً، و أحياناً ناجحة، لكنها غير رصينة. هناك مُجتمعات مازالت في علاقة مع الماضي و غارِقة فيه، وهناك من تحاول الجمع بين الحاضر و الماضي، و هناك من طلّقت الماضي نهائياً و بدأت تتطلّع إلى الأمام فقط و تُفكر عقوداً من الزمن إلى الأمام! هذا الشيء ينعكس على العلوم، التقاليد، الفَن، الموسيقى، السياسة، الإقتصاد و المناهج الدراسية و حتى على شخصية الإنسان نفسه. هناك مُجتمع فيه الأب يطمح لأبنه أو إبنته أن يدخلا كليّة الطب أو الهندسة، فقط ليضمن لهما الدخل المادي الأمين، دون أخذ رغبتهما بعين الإعتبار، و هناك مُجتمع فيه التعليم شيئاً ثانوياً، و في مُجتمعِ آخر تجد فيه الأب يطمح لأبنه أن يدرس في مجال النانوتيكنولوجي، أو يتعلّم اللغة الصينية و أهميتها الإقتصادية، لأنه يُفكّر بصورة أبعد!
هناك مُجتمعات ثقافة العُنف و الموت فيها شيئاً طبيعياً، وهناك مُجتمعات فيها عقوبة الإعدام و الميول لها هوساً نفسياً مُضطرباً. هناك مُجتمعات لكي تحصل فيها على رُخصة سلاح، عليك أن تُقدّم فحصاً كاملاً لتاريخك و ملفّك عند الشرطة وثم بعدها تُكمل تحليلاً نفسياً، إن نجحت به، تمتلك رُخصة محدودة، في حين هناك مُجتمعات فيها حمل السلاح رمزاً من ثقافتها المحلية، بغض النظر عن التباين الإقتصادي أو الوضع السياسي.

هناك شُعوب تعشق التجديد، و هناك الأخرى التي تبغضه! حتى مفاهيم الرُجولة و الأُنوثة يمسخها الموروث الإجتماعي، بسلبياتهِ و إيجابياته. و هذا الأمر ينعكس على العلاقات العائلية و الإجتماعية العامة. فهنا تجد للعائِلة دورها الجوهري و المُهم في حياة هذا الفرد، و هناك تجدها محطّة مؤقّتة و يُكمل مسيره بعدها لوحده.

أينما بحثت، لن تَجِد المُجتمع المثالي، و لو مررت بِكُل مُجتمعات العالمَ، فستتمكّن من تحديد القيم و العادات التي تروق لك أنت كفَرد، لكنك، و أكاد أجزم، لن تجدها في مُجتمع واحد! هذا كله، و الفرد هو مُتغيّر في مُعادلة، ثقافته، معلوماته، عاداته و آرائه ليست مُطلقة! فقد تتمنى العيش كشاب في الدول الإقتصادية المُتقدّمة، لكنك لربما ستُفضّل العيش في الدول الإسكندنافية لو أصبحت أباً أو أصبحتِ أُمّاً، و من يعلم، لربما ترغب بقضاء أيام عُمرِك الأخيرة في جُزر الأرض الرائعة، في مُدن أوربا الفنية القديمة، أو في إحدى مزارع الريف. و المؤسف، أن الكثير لايمتلكون هذه الفُرصة أساساً، فلا يبقى لهم سوى الفَخر بأرض مسقط الرأس، و الموت فيه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة