الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل العدو..اسرائيل الصديق

جمال الهنداوي

2013 / 2 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كعود ثقاب في جو عاصف, سرعان ما انطفأ الخبر الذي لوحت به النيابة العامة المصرية عن ضبط "مخطط إسرائيلي" يستهدف تخريب شركات البترول والمواقع الحيوية في مصر في حوزة احد الشباب المتهمين بالانتماء لحركة "بلاك بلوك" المناوئة لحكم الاخوان المسلمين في المحروسة, فبعد اقل من يوم من ذلك الاعلان المدوي, اظهرت التحقيقات الأولية أن المتهم مجرد لص ضبط اثناء محاولته سرقة إحدى الشقق داخل عقار يطل على ميدان التحرير، وان "المخطط الاسرائيلي"لم يكن الا "مجموعة من المقالات والتدوينات القديمة المتاحة أمام الكافة"..
وهنا قد يكون هناك الكثير من التجني في ممارسة النقد واللوم للجهات الرسمية في سرعة توجيهها مثل الاتهامات الخطيرة بناء على معطيات بهذه الخفة ..ولا في مسارعة الاعلام الداعم للاخوان, وخصوصا الخليجي في الترويج للحالة, فمن الانصاف ان نقر بان مثل هذه الاخطاء قد تكون من الامور الاعتيادية-حد البداهة- في مثل الظروف المعقدة التي يكثر فيها الضجيج وتختلط الامور وتتشوش الرؤية..ولسنا ايضا في مجال التشكيك بالرواية الرسمية رغم صعوبة بلع الكشف عن تلك المؤامرة الكبرى التي تستهدف الحكم الرشيد بعد سويعات من قرار النائب العام المصري ملاحقة أعضاء المجموعة المذكورة باعتبارها "إرهابية".فلقد تعودنا في بلداننا ان يسقط اعداء النظام دائما وفي جيوبهم كل المخططات التي تستهدف الامن والاستقرار وتثبت فيها-بالارقام- جميع التفاصيل المتعلقة بتخابرهم مع الدوائر الاستخبارية للقوى المناهضة لمشروع النهضة الوطنية الموعود,وعادة ما تكون"اسرائيل" الاحتمال الاول الذي يطرأ على ذهن الجهات الامنية عند محاولة التعرف على هوية الجهة المجندة للمناهضين لسياسة النظام..
ولا نلوم احد في ذلك, فاسرائيل ,كما تؤكد ادبيات قوى الاسلام السياسي,هي الكيان المصطنع الذي زرع في ارض المسلمين والتي لن يقر للامة قرار الا باقتلاعها من الجذور ورميها في اقرب لجة من البحر , وهي من تئن من وطأة الخطر والضرر والثبور, كما تردد نفس الادبيات, حد زرع "الغرقد" على الارصفة وزوايا الشوارع وسطوح المنازل, فمن الطبيعي ان يقوم هذا الكيان باستهداف النظام ومواقعه الحيوية من خلال الدفع بـ"جماعة منظمة تمارس أعمال تخريب وإتلاف وترويع الامنين واعتداء على الاشخاص والممتلكات"كما اشارت النيابة المصرية هذه المرة.
ولكن ما يثير الاستغراب هنا هو تزامن هذا التوجس الامني والتصعيد الاعلامي مع قيام الطيران الحربي لذلك "الكيان الغاصب" بمهاجمة "هدف داخل الأراضي السورية، وعلى مقربة من الحدود مع لبنان"، والذي كان اشارة لانطلاق حملة اعلامية ضخمة تبنتها الوسائل الداعمة والمروجة لنفس قوى الاسلام السياسي للتهليل بالضربة الاسرائيلية المباركة للجهد الذي قد"يغير قواعد اللعبة"في المنطقة..
فرغم الصمت الاسرائيلي المعتاد في مثل هذه الحوادث, فان الاعلام الجهادي تبرع بالدفاع عن الهجمات باعتبار انها كانت تستهدف شحنات من الصواريخ الروسية المتطورة المضادة للطائرات والتي كان وقوعها في أيدي حزب الله سيؤدي إلى نزع سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي على الإجواء اللبنانية(لا سمح الله).
وهنا-مع بعض الظن الحسن- نجد انفسنا ايضا في موقع المتفهم لحاجات ومخاوف الدول الداعمة لقوى الاسلام السياسي ,خصوصا في الخليج, من حيث ان اختلال "قواعد اللعبة" في شمال اسرائيل, قد يقيد من فرص توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية الى ايران , وهو الهدف الاسمى الذي من اجله تضحي تلك الدول حتى بعلاقاتها الاقليمية وجوارها العربي, حيث ان تلك الدول تجادل بان ايران تهدد دول الخليج, في حين ان اسرائيل غير معنية بذلك , وان هناك الكثير من المخاوف التي تثيرها التصريحات المتواترة عن القيادة الايرانية املقلقة والمنذرة بوقوع حرب عالمية ثالثة مما يحتم تحالف كل القوى لدرء الخطر الذي يتهدد ملايين العرب في الخليج .
وهنا قد نكون مضطرين للتخلي عن الظن الحسن لنطالب القوى التي تحتكر خارطة الطريق الى الجنة بان تحل لنا معضلة سوء الفهم والارتباك الذي قد يصيب المواطن البسيط تجاه تحصل اسرائيل على صفة العدو والصديق في نفس الوقت..وان كان الكلام عن اسرائيل العدوة مما لا يصح ان يتداول في العلن هذه الايام لاعتبارات كثيرة, فمن حقنا ان نتسائل عن السبب الذي يجعل الانظمة العربية, خصوصا من يحكم منها باسم الحق الالهي, والتي تربط مستقبل الامة ومصيرها باستقرار وامن اسرائيل, تستمر في اجترار احاديث النضال والحق السليب في ظل كل ذلك"العناق الاستراتيجي الجديد"بين الانظمة العربية واسرائيل, ولماذا ما زالت مواردنا ترتهن وحرياتنا تستلب باسم القضية المركزية ما دامت اسرائيل هي الحليف الذي يدعم استقراره بالضرورة تقليص نفوذ "العدو المشترك"في المنطقة, ولماذا ما زالت فلسطين تتصدر قممنا وتطرز اناشيدنا و يعتلي –بسببها وتحت لواءها- ظهورنا كل جبار عنيد..
هل هي الشجاعة فقط ما ينقص الحكم المؤيد من السماء لكي يعلن ان اسرائيل هي حليف يجب ان نراعي جيرته وتشاركه مع دعاتنا وجباههم المعلمة حلم الانبياء بالدولة الخالصة لوجه الاخوان..
والى متى يبقى ولاة الامر يدمغون معارضيهم بالعمالة لمن ينادوه بالصديق ويعقدوا معه العقود والمواثيق الغلاظ.
وهل سيأتي اليوم الذي يكف فيه العاربة عن التناقض ما بين النوم في سرير الدولة العربية وملء الارض بما رحبت بالحناجر الزاعقة بالويل والثبور لـ"القردة والخنازير" وبالدعاء بلن يعجزوك
والاهم , هل ستكتفي تلك الاشياء بالاعتراف باسرائيل والتخلي عن مشروع حرق الارض لطمآنتها وتأمين عمقها الاستراتيجي بالقفر اليباب ودماء الشعوب.
اسئلة كثيرة نأمل ان نجد اجابة عليها يوما ما لنعرف على الاقل أي اسرائيل هي العدوة واي هي الصديق, وبأيها نقتدي لنهتدي, وبايها تبرأ ذمتنا وتطمئن نفوسنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah