الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السنة الامازيغية أكذوبة العصر

عقبة بن سعد

2013 / 2 / 3
المجتمع المدني


إن التقويمات الزمنية التي ابتكرها الإنسان اتخذها منذ فجر التاريخ لتعود عليه بالمنافع، لكنه حرص في نفس الوقت على أن تكون سهلة التداول كأن تربط بحدث ذي أهمية دينية أو قومية، كميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام بالنسبة للسنة الميلادية أو هجرة الرسول (ص) بالنسبة للسنة الهجرية، لان الناس في تلك الأزمنة كانت تربط الأحداث البسيطة التي عاشتها بالأحداث العظمى التي حلت بأوطانها، إذن التقويمات الزمنية التي وضعت لم توضع عبثا أو تزيينا لكتب التاريخ أو تنميقا للكلام، بل كانت لها أسبابها الواقعية ثم ما لبثت هذه التقويمات الزمنية أن استعملها المؤرخون كوسيلة علمية.
طبعا التقويمات الزمنية لها منافعها و دوافعها لكن ليس من العيب أن تكون لها أهداف أخرى، و من حق الشعوب أن تجعل لكل مناسبة أهداف متعددة لان هذه المفاهيم وضعت لخدمة البشر و سعادتهم لا العكس، مثلا التقويم الميلادي له أهداف دينية فهو يربط البشرية برسول كريم، الذي هو عيسى عليه السلام، و يجعل الناس تتذكره و تسلم عليه كما أن هذا التقويم يمثل تمجيدا للمسيحية، أما التقويم الهجري فمنافعه دينية إسلامية لأنه يذكر بهجرة الرسول (ص) و منافعه قومية عربية لان شهوره و عدته كانت معتمدة من طرف العرب قبل الهجرة و منذ غابر الزمان.
في العصر الحديث ظهر تقويم جديد على الأسماع، ألا وهو السنة الامازيغية، ومما لا شك فيه أن هذه السنة هي مبدئيا مرحب بها و أي عاقل يستسيغها لأنها من نتاج التفكير البشري كمثيلتها السنة الميلادية و الهجرية، شريطة أن تكون مبنية على أساس صادق و جاد و موضوعي كمثيلاتها تماما، لكن الواقع للاسف يقول غير ذلك، فهذه الفكرة مبنية على الكذب والدجل و لم يستعملها الامازيغ الاوائل و الذين هم اكثر امازيغية منا نحن، حيث أعطي لها امتداد تاريخي بعيد و يزعم المروجون لها أنها ابتدأت باحتلال مصر من طرف الملك الامازيغي شيشنيق، لكن عندما تبحث في التاريخ الامازيغي لا تجد أي اثر لهذا التقويم حيث كانت الأحداث التي عاشها الشمال الإفريقي كلها مؤرخة إما بالتقويم الميلادي أو الهجري، فأي تقويم هذا الذي يمتد إلى زمن شيشنيق و لا يعتمده احد منذ ذلك الزمان!!؟ إن كانت هذه السنة لها كل هذا الامتداد فلماذا لم يستعملها الملوك الامازيغ ابتداءا بماسينيسا و يوغرتا إلى المعز بن باديس إلى يوسف بن تاشفين!!؟ لو بحثنا في كتب التاريخ كلها لما وجدنا أي اثر لهذه السنة الخرافية إطلاقا!!!! فضلا على أنها لا تشمل شهورا تعبر عن دلالات معينة، فأي سنة هذه التي لا شهور و لا عدة فيها!!!! أما الحدث الذي اختاره المروجون لهذه السنة العجيبة فهو يوم الرابع عشر من شهر جانفي و الذي يجعله الجزائريون يوم فرحة و سرور بما تدره الأرض بفضل الله من خيرات و منتوج زراعي ليس إلا، لو لاحظنا لوجدنا أن هذا اليوم يتوسط فصل الشتاء حينما ترتوي الأرض بالمياه و يتضح للمزارع إلى أي مدى ستكون السنة الزراعية وفيرة و مباركة و ليس لهذا اليوم أية علاقة لا بالتاريخ و لا بالملك شيشنيق و لم يستعمله الجزائريون للتقويم الزمني إطلاقا!!
فرغم هذا تجد أجهزة الإعلام الجزائرية من تلفزة و راديو و جرائد تروج لهذه السنة و التي لم يسمع بها أجدادنا، في وسط صمت تام للاكادميين و علماء الاجتماع و خبراء التاريخ حيث تركت ثقافة الشعب الجزائري في يد شذاذ الآفاق، يعبثون بها كيفما شاءوا و بطريقة فيها استغباء واضح للمثقف الجزائري، هؤلاء المروجون لهذه الخرافة و المنخدعون بها للأسف استعملوا نفوذهم في الإدارة الجزائرية فداسوا على مبادئهم و ضمائرهم و انغمسوا في هذه الدعاية التي شوهت التاريخ الامازيغي و ألحقت الأذى بالثقافة الجزائرية.
نسوا بان الهوية الامازيغية لا تصنع بالكذب بل تصنع بالصدق.
ولا حول ولا قوة الا بالله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام في الصميم
عبد الله اغونان ( 2013 / 2 / 3 - 22:56 )
شكرا الأخ عقبة بن سعد
هذا الموضوع السنة الأمازيغية مفروغ منه علميا تاريخيا وبالوثائق اذ لاأصل له
الاحتفال بالموسم الفلاحي شيئ ثابت لكن ليس له اصل في البعد العنصري الذي يثيره البعض لاحد لمطالبهم اذ هي في الحقيقة انفصالية عنصرية بل صادمة للهوية الاسلامية التي يتبناها الشوفينيون الى حد اعتبار الاسلام غزوا والعرب مستعمرين
أنا أمازيغي كشخص ومثقف لم أجد لهذه السنة المزعومة سندا اجتماعيا وعلميا تاريخيا ووثائقيا
العلامة السوسي المغربي المختار السوسي في كتبه كافة لم يشر اليها
راجعوا موسوعته المعسول وغيرها ليس فيها أدنى اشارة
لكن الأمر ليس علميا انه صراع ايديولوجي


2 - نحن باحثون على الحقيقة
عقبة بن سعد ( 2013 / 2 / 5 - 15:10 )
أشكرك على التفاعل
على أي حال نحن باحثون على الحقيقة ليس إلا، فعندما رأينا أن السنة الامازيغية لا جذور لها في التاريخ ، قلنا قولتنا التي نرى بأنها حق، أما لو أراد هؤلاء المتحمسون للهوية الامازيغية أن يضعوا سنتا تعبر عن خصوصية الامازيغ تبتدئ بحدث من أحداث العصر الحالي و تعطى لها أسس و قواعد من طرف خبراء فهذا يوم المنى، و أنا شخصيا يسرني ذلك ما دام الأساس صادق و خال من الخلفيات و سياسة الأمر الواقع، لان الثقافة ارث بشري يشترك فيه كل البشر و الله اعلم

اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين