الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الشهيد الذي أراه

رائد محمد نوري

2013 / 2 / 7
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



الحفاوة والتكريم والتقديس هي تيجان الغار التي تستقبل بها الأمم شهداءها معظمةً، وكيف لا وهم الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل تحرر أممهم من القيود التي تكبّلها، وبذلوا دماءهم رخيصةً ؛ للذبّ عن ثرواتها البشريّة والطبيعيّة والفكرية.
فأنت ترى المبدعين يتسابقون إلى محاريب تلك الجراح العبقة؛ تسابق النحل إلى الورد في تدبيج قصائد، وكتابة قصصٍ ورواياتٍ، وبناء نصبٍ، ونحت تماثيل تمجّد مواقف الشّهداء البطوليّة، وتخلّد ذكراهم.
ولقد دأبت الأمم /ما خلا عراق المحاصصة الطائفيّة والعرقيّة؛ المولود بعد التاسع من نيسان عام 2003- على جعل أيام استشهاد أبطالها العظام أياماً وطنيّةً؛ فيها تقف الشعوب بخشوعٍ في محراب الشّهادة بين يدي فدائيّة أولئك الأشاوس؛ تستذكرهم، وتستلهم أسمى معاني الحبّ والوفاء من قدسيّة تضحياتهم*
كلّ شيءٍ ملتبسٌ في عراق المحاصصة الطّائفيّة والعرقيّة و غير واضح، أو هكذا يراد له أن يبدو من قبل الرّجعيين؛ ليحلوا لهم أن يضعوا عدّة تفاسير للشيء الواحد؛ تتماشى كلّها مع ميولهم الفاسدة، وتتناغم مع أهوائهم الشاذّة.
فلا غرابة في أن تغيب أو في أن تُغَيّب فكرة اختيار يومٍ مرتبطٍ بعظم وقدسيّة تضحية فذٍّ من أفذاذ الأمّة العراقيّة /وما أكثرهم عبر تأريخنا المعاصر- ليكون يوماً للشهيد العراقي.
ولربما يكون من المثقفين الوطنيين الدّيمقراطيين من فكّر بيومٍ للشّهيد العراقي؛ غير أنه لم يفكّر بصوتٍ عالٍ خشية أن توظّف أفكاره توظيفاً رجعيّاً.
أجل، فواقعنا الاجتماعيّ مضطربٌ، تكاد الفوضى تحكم كلّ تفاصيله؛ ثقافيّاً واقتصاديّاً وسياسيّاً؛ الأمر الذي ينعكس سلباً حتى على تحديد مفهوم الشّهدة، وبالتالي على تحديد يوم للشّهيد العراقي.
نحن /إذن- بإزاء تعدّد الرّؤى، وتباين المفاهيم. فللمتديّنين /سواءٌ كانوا مسلمين أم مسيحيين أم صابئةً أم يهوداً أم إيزيديين- رؤاهم التي تعتبر الشّهيد هو من يُقْتَلُ في سبيل قيم ومقدّسات ومبادئ دينه.
وللماركسيين مفهومهم عن الشّهادة الذي يتناغم مع أفكارهم ورؤاهم حول الصّراع الطّبقي، ونضال الطّبقات المُسْتَغَلّةِ ضدّ الطّبقات المُسْتَغِلَةِ.
أمّا اللبراليّون، فمفهوم الشّهادة عندهم مرتبطٌ بمن يضحّي بروحه في سبيل الحرّية، والنّزعة الفرديّة.
وأما القوميّون /سواءٌ كانوا عرباً أم كرداً أم تركماناً أم سرياناً أم آشوريين- فمفهوم الشّهادة عندهم ينسجم مع نضالهم في سبيل الدفاع عن هويّتهم القوميّة*
كلّ المفاهيم /آنفة الذكر- موضع تقديس وتبجيل عندي؛ لأنّها مرتبطةٌ بأبطالٍ ضحّوا بأرواحهم في سبيل ما يؤمنون به من معتقداتٍ وقيمٍ، ولأنّها في النّهاية تصبّ في سبيل الإنسان ؛ غير أنّ السؤال الملحّ في العراق الذي يولد من جديدٍ، العراق الذي أصوات الهويّات الفرعيّة فيه أعلى من صوت هويّة الوحدة الوطنيّة هو:- أيّ تلك المفاهيم المذكورة أعلاه أقرب لهويّتنا العراقيّة؟
سماؤنا زاخرةٌ بالنّجوم الزّاهرة التي كتبت بدمائها الطّاهرة أناشيد ملحمة نضالنا ضدّ قوى القهر والظّلم والاستبداد، وأرضنا المعطاء مليئةٌ بالقلوب المؤمنة بالحب والإيثار، بالقلوب المستعدّة دائماً لاستكمال المسيرة.
أفلا تستحقُّ دماء الضّحايا الأحرار التي سالت وتسيل على هذه التّربة المباركة منّا وقفة وفاءٍ تكون لنا عيداً نطرق أبوابه كلّ عامٍ بخشوعٍ، ولأرواحهم الطّاهرة حرماً نؤدي معهم فيه الصّلاة لعراقيّتنا؛ ولجراحهم النّازفة في سبيلها، ونستنير فيه بالشّموع التي أشعلوها بتضحياتهم الغالية في دربنا نحو عراقٍ مؤمنٍ بأهله، وبقدرتهم على صنع الحياة؟
من هنا، فأنا أدعو العراقيين لأن يلتفتوا للتاسع من شباط من سنة 1963، يوم أجهض المجرمون الفاشست الحلم؛ لمّا سفكوا دم الزّعيم الخالد عبد الكريم قاسم، الرّجل الذي لا يزال الأكثر قرباً لقلوب النّاس /ولا سيما أبناء الطّبقات المضطهدة المستغَلة- من بين كلّ أولئك الذين حكموا ويحكمون العراق.
فهل يعرف العراقيّون في تأريخهم المعاصر حاكماً أكثر نبلاً وطيبةً ونزاهةً ووطنيّةً من الشّهيد عبد الكريم قاسم؟
وهل يعرفون عنه في الأربع سنواتٍ ونصف السّنة التي كان فيها ثائراً قائداً لحلمهم الأجمل أنّه كان طائفيّاً، أو حزبيّاً منظماً من أولئك الذين تضيّق انتماءاتهم عليهم أفق الرؤية؛ فيصيرون أسارى الجمود والتّعصب؟
وهل يعرفون له انتماءً غير انتمائه لإنسانيّته، ولعراقيّته؟
على هذا، لمَ لا نكون أوفياء مع الثّائر الذي كان وفيّاً لعراقيّته؟
لمَ لا نحفظ له مكانته التي يستحقّها؟
لمَ لا يكون مطلبنا اعتبار يوم استشهاده يوماً للشّهيد العراقيّ؟
لقد أحبَّنا الزّعيم الخالد عبد الكريم قاسم؛ وأسكننا في قلبه، فأسكنّاه في قلوبنا.
إذن، فليكن يوم استشهاده يوماً للشّهيد العراقي*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية و تقدير
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 2 / 8 - 05:53 )
ولد الزعيم الراحل في يوم21/12/1914
ومرت الذكرى 99لميلاده والذين تذكروه مجموعه صغيره عند ما وقفوا تحت النصب المقام له في بغداد وكانوا يرفعون لافته كتب عليها
ليجل ساسة اليوم من نزاهتك
اتمنى انتتنامى الجهود من اليوم الى21/12/2013 للقيام بفعالية مناسبه في ذكرى ولادته المائه
هل تساعدني في ذلك
اتمنى وعليك ان رغبت ان تنشرهذا الخبر و تحسب الايام

اخر الافلام

.. - الغاء القوانين المقيدة للحريات ... آولوية -


.. أليكسي فاسيلييف يشرح علاقة الاتحاد السوفييتي مع الدول العربي




.. تضامناً مع غزة.. اشتباكات بين الشرطة الألمانية وطلاب متظاهري


.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ




.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -