الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظريتى حول -شروط نشوء الحضارات-

غادة عبد المنعم

2013 / 2 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



تتوفر شروط نشوء الحضارات (وحضارة هنا تشير لتقدم حقيقى متسارع فى النمو والتنمية داخل بلد ما أو بين مجموعة من البشر) فى تصورى بتحقق ثمانى عناصر هامة هى:-
1- تواجد أفراد يعيشون فى مجتمع واحد ويرغبون بالتعاون سويا لتسهيل حياة بعضهم بعضا.

2- توفر إمكانية الإبداع الخلاق والإكتشاف وهى تتوفر عند إمتلاك ما أسمية بقدر الذكاء المؤهل للإبداع وهو فى تصورى بداية العبقرية حيث أختلف مع مصنفى الذكاء فى هذه النقطة وأصنف كل مبدع ومبتكر كعبقرى.

3- توفر إمكانية وجود فائض ذلك أن الفائض يتحقق بالتخصص والإنتاج الغزير وتوفرالإنتاج كاملا أو معظمه على الأقل لدى منتجه الأصلى ويترك أثرا قويا فى تسارع النمو الحضارى، حيث يمكن للبشر ممن لديهم فائض كبير من الغذاء التفرغ لبناء بيوت أكثر جمالا وإبداعا، والتفرغ لإنتاج أدوات أكثر فاعلية، مما يوفر بدوره المزيد من الفائض، وهكذا تتوالد أشكال التحضر بعضها من بعض، وأنا أعتبر الحضارة هى ناتج للفائض فى الأساس.

4- إختفاء أنظمة تحويل المال، وهى الأنظمة الإجتماعية والإقتصادية والتى يتم معها الإستيلاء على كل الفائض أو معظمه من إنتاج المنتج لصالح غير المنتج، بحجج الضرائب ونسب الحكام وغير ذلك، وهى تؤدى لتدمير إمكانية نشوء حضارة حيث لا تنشأ الحضارة بغير تمتع المنتج بناتج عمله وإنتاجه كاملا أو معظمه على الأقل.

5- إنتشار التعاطف، حيث لا يمكن إستثمار فائض الإنتاج جيدا بغير شيوع التعاطف بين البشر فالأنانية عند شيوعها بين طائفة من البشر تدمر إمكانيات زيادة الإنتاج وكذلك تمنع المنتج من التمتع بالناتج الحقيقى الكامل لعمله، وتمنعه من التفرغ لمزيد من الإبداع وبذلك تمنع شيوع الإبداع والإبداع كما نعلم هو سبب الترقى، وتمنع كذلك إمكانية تطوير الإبداعات وتؤدى لهلاك الكثيرين - بلا سبب - فى صراعات غير مجدية مما يعتبر إهدار للطاقة البشرية ومعطل لتسارع إنتاج الحضارة.

6- شيوع الإبداع ومساهمة الجميع فى تطوير الإبداعات والإبتكارات والكشوف أو بمعنى آخر عدم إحتجاز الحضارة، فعندما يبدع البعض ويحتفظون بأسرار إنتاجهم المبدع دون إشاعتها لا يتعلم الآخرون ولا يطورون الإبداع الذى تم، ونحن نلاحظ أن حضارتنا المعاصرة تعانى من وباء إحتجاز الحضارة حيث تشيع قيم إخفاء العلوم وأسس الإختراعات والكشوف ولذا فنحن نعانى من تناقص حاد فى التسارع الحضارى.

7- تضخيم الفائض بمعنى إستمرار الإنتاج مع وجود فائض، ذلك أنه عندما يتوفر وجود بشر أذكياء لا يتوانون عن العمل المستمر، رغم حصولهم على ناتج ممتاز لعملهم، ووجود فائض كبير لديهم، ينتج عن ذلك توفر المزيد من الفائض - فائض ضخم- ، ومع رغبتهم القوية فى مزيد من العمل وإستثمار هذا الفائض تنشأ حضارة متميزة، حيث يستحيل أن تنشأ الحضارة مع الكسل أو الكفاف أو الرضا بما تم إنتاجه والكف عن إنتاج المزيد، فالمزيد دائما هو ما يؤدى لإبتكار طرائق أكثر رقيا وتحضرا للحياة، وبالتالى فبدون الرغبة فى العمل الدؤوب المستمر لن يترقى البشر أبدا ولن يحققوا حضارة متميزة، بل سينتجون لفترة ثم يكفون عن العمل لفترة تالية وحتى يستهلكون ما ينتجون، وهذه الوتيرة تحقق الإستقرار ولا تحقق الترقى والنمو.

8- العطاء الإختيارى لبعض الفائض للآخرين، فعند توفر كل الفائض لدى منتجه الحقيقى، ودون إغتصابه من قبل غير المنتج له (الحاكم أو الشخص الأقوى عضليا أو صاحب رأس المال، أو الوسيط أو التاجر، أو السمسار) ينشأ لدى المنتج رغبة فى العطاء للآخرين ناتجة عن تضخم ممتلكاته، فالتضخم الناتج عن عمل اليد وعن الإبداع (أى المتحقق نتيجة عمل الشخص الذكى المبدع) يؤدى لرغبة فى العطاء، ذلك أن كل ذكى هو كريم وعطوف بطبعه – كما تؤكد تحليلاتى لعمل الدماغ – وكل غبى أنانى هو شخص بخيل بطبعه، وبالطبع فكل مغتصب لجهد المنتج الذكى (من حاكم فاسد جشع أو جالب ضرائب جشع أو سمسار أو تاجر جشع) هو شخص أنانى يغتصب جهد الآخين ولا يملك من التعاطف ما يدعوه للعطاء إختياريا.

وهذه الرغبة أو هذا الكرم الإختيارى لدى الذكى – وغير الموجود لدى الغبى والأنانى ممن كسب ماله من الإستيلاء على جهد الذكى - يؤدى لإدخال المزيد من البشر فى عجلة الإنتاج المتفوق لأنه يحقق لهم مستوى الكفاف على الأقل، وهو ما يتيح لهم القدرة على الإنتاج المتميز.

والعطاء الإختيارى الذى يتم بناء على رغبة شخصية ودرجة من التعاطف يختلف عن السلب المنظم بالقوانين المجبرة التى تضطر أشخاص للعمل لكى ينفقوا على غير العاملين (كجهاز الدولة مثلا) لأن أى عامل متميز وأى ذكى ومبدع يشعر بالغبن للأخذ منه ومنح جهده لغير العامل وعلى العكس يشعر بالرضا والفرح للمنح بناء على إختياره للفقراء أو للجنود للدفاع عن وطنه عند ظهور تهديد أو لعمال الخدمات لبناء طريق له أو لحفر ترعة تصل بالمياه حتى حقله.

وأنا أفسر نشوء حضارة مصر الفرعونية بإعتبارها ناتج تحقق هذه الشروط الثمانية ونتيجة هذا التحقق الذى لم يختل خللا يؤدى لتوقف الحضارة إستمرت حضارة مصر الفرعونية متسارعة النمو لمدة ما يقرب – طبقا لتقديرات غربية 13 ألف عام- ونتيجة إختلال تحقق ستة من هذه الشروط الثمانية، أى تحقق شرطى الذكاء والتعاطف وإختلال تحقق باقى الشروط تم تعطيل النمو الحضارى بواسطة المصريين على مدى ثلاثة آلاف عام تقريبا أى منذ بداية إحتلال مصر على يد الإغريق وحتى الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طبيب يدعو لإنقاذ فلسطين بحفل التخرج في كندا


.. اللواء الركن محمد الصمادي: في الطائرة الرئاسية يتم اختيار ال




.. صور مباشرة من المسيرة التركية فوق موقع سقوط مروحية #الرئيس_ا


.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي




.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط