الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاملات فى الشخصية المصرية : الابن العاق 2/2

هشام حتاته

2013 / 2 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تنويه : رجاء قراءة الجزء الاول من هذه الدراسة السريعة حتى يلم القارئ بالموضوع كاملا ، على الرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=335083
والتى تحدثنا فيها عن سببين لعقوق الابناء من خلال علم النفس ، الاول هو عقدة اديب والتى والتى ارجعها فرويد الى نمو رغبات الطفل الجنسية فى احضان امه وارتباطه بها حتى يتنامى لدية الشعور بأن والده يشاركه فى هذا الحب فتبدا الغيرة من الاب ، فى انتظار ان تصصح له الام هذه المفاهيم او تعمق لديه هذا الشعور ، والسبب الثانى يتمثل فى قتل الاب وتولى الابن الاكبر امور القبيلة او الجماعة بدلا منه فى الزمن البدائى الاول .

والان نذكر باقى الاسباب ولكن هذه المره من خلال علم الاجتاع والتغيرات التى طرات على المجتمع الانساني عبر مراحله التطورية وجدله مع الظرف الارضى والواقع المعاش منذ البدايات الاولى لخروجه الى المرحلة اليشرية ثم المرحلة الانسانية حتى المجتمعات الحديثة واثر ذلك على ظهور " الانا " الفردية علنا نكون استعرضنا جذور مشكلة عقوق الابناء التى تعانيها معظم الاسر المصرية .

*** فى البدايات الاولى لخروج البشر من الغابة ليبدأوا مسيرتهم نحو التطور عن باقى قروع الشجرة الداروينية ، كان من الطبيعى ان يعيشوا فى تجمعات بشرية للحماية من تقلبات الطبيعه ووحوش الغابات ، ورأينا هذه التجمعات حول الانهار فى المشتركات القروية الاولى وفى حمى القبيلة فى المجتمعات الرعوية الصحراوية .
وحتى خمسون عام مضت كان الارتباط بالقبيله او القرية هو السمه المميزة لهذه المجتمعات ( نتحدث الآن عن منطقة الشرق الاوسط ) ، حتى وان اضطررتهم ظروف الحياة للعيش فى المدينة الا ان الارتباط الوجدانى بالقرية او العائله - التى تكونت مع الايام فى القرى – اوالقبيلة لم ينقطع .
وكان النزوح من القرية الى المدينة فى بداية ستينات القرن الماضى ( نتحدث الآن عن مصر ) ولظروف ثورة 1952 ويداية مرحلة التصنيع التى تزعمها عبدالناصر – لينفى مقولة ان مصر دولة زراعية - بدات الهجرة من القرية الى المدينة ، وفى المدينة ومع ارتباط المصالح والتزاوج والانجاب تفجرت الاطر العائلية واصبحت القرية مجرد فلكلورا مزاريا فى الاعياد والمناسبات وتكونت الاسر الحضرية مع الاحتفاظ بالجذور القروية فى العادات والتقاليد ليبقى الاب رمز الاسرة ويلقى الاحترام من باقى افراد الاسرة وعلى رأسهم الزوجة – الا من رات متنفسا فى زوج ضعيف تمارس عليه القوامه –
كان التعليم الجامعى فيما ندر، وكان حاملى الاعدادية والدبلومات الثانوية يجدون لهم فرصا للعمل بعد ان التزمت الدولة بتعيين كل الخريجين عن طريق مكتب العمل . ليبدا الشاب بعدها رحلة الزواج والتى ساعد عليها قلة تكاليف زيجات هذه الايام التى لم نكن بعد نعرفت على مستلزمات المنزل العصرى بكل وسائل الرفاهية الموجودة حاليا .
كل هذا ساعد على الزواج المبكر للابناء وبناء حياتهم الشخصية بعيدا عن ذويهم فى مرحلة عمرية لاتتجاوز العشرين عاما (اذكر ان اخى الاكبر تزوج فى بداية السبيعينيات بتكلفة اجمالية بين الشقه والعفش والفرح بحدود مائه وخمسون جنيها وكان صافى راتبه وقتها حوالى خمسة عشر جنيها اى عشرة اشعاف راتبة ، الان ابنى الاصغر يعمل فى احد النوك الاستثمارية وراتبة حوالى اربعة آلاف جنية يحتاج الى شقة فقط بمالايقل عن مائتى الف جنية والشبكة ومستلزمات المنزل الحديث والفرح لاتقل عن ثلاثمائة الف بمعنى مبلغ اجمالى نصف مليون جنيه اى مائه وخمسة وعشرون ضعف راتبه ..... !! )

نعرف ان نزوع الانسان الى الذاتية والاستقلالية وبزوغ : الانا " الفردية تبدأ فى النمو بداية من العام الثامن عشر للشاب ، وساعدت الدولة الحديثة هذه النزعه الاستقلالية حين كفلت الحماية القانونية لكل افراد المجتمع ، وكان الزواج المبكر مع قله تكاليفه يساعد على نموالذات واستقلالها فى بيت جديد يمارس فيه حق الولاية على الزوجه والاولاد . ولم نسمع عن حالات العقوق من الابناء التى نراها الآن وبشده بين الشباب فى المجتمع المصرى .
ما الذى حدث ؟ وما ذا تغير فى التركيبة الاجتماعية التى ادت الى هذه الظاهرة المفزعه ؟
*** نستكمل رحلتنا مع علم الاجتماع لنرى انه ومنذ منتصف سبعينات القرن الماضى بدأ الرئيس السادات فى سياسة الانفتاح الاقتصادى موازيا مع ارتفاع اسعار النفط فى دول الخليج وليبيا كنتيجة لحرب اكتوبر 1973 ، فشد الرحال اليها البعض طلبا للرزق وتحسين ظروف معيشته ، ومن بقى فى مصر استفاد من الانفتاح الاقتصادى ، وهنا بدات تتكون طبقة جديدة لديها من الوفرة المالية ما ينقلها من طبقة البروليتاريا الى الطبقة البرجوازية ، ومع احلام الطبقة البرجوازية اتجه الجميع بابنائهم ال التعليم الخاص فى مدارس اللغات وفى هذه الحالة لم يكتفوا الا بالشهادات الجامعية ، ومع توافر قدر من الحريات السياسية وجد الشباب نفسه يعيش مع ابويه حتى الخامسة والعشرين فى بيت واحد ، وهنا يبدأ الصدام
الصدام الاول نتيجة ضغط " الانا " الفردية والرغبة فى الاستقلال بعامل النضج العمرى وعامل الحريات السياسية وعامل التعليم الراقى ، ووجود الاب – فى نظر الابناء – وتمسكه ببعض ( وليس كل ) الموروث القيمى يؤثر سلبا – فى رأيه - على نزوعة الى الاستقلال التام او الذاتية التامة .
اما الصدام الثانى فكان نتيجة زيادة عدد خريجى هذه المدارس الاجنبية والتعليم الجامعى الراقى مما لم يستوعبه سوق العمل مما جعل نسبة البطالة فى خريجى التعليم العالى اكبر من نسبتها فى التعليم المتوسط او لاصحاب المهن اليدوية ، ومع زيادة تكاليف الزواج بسبب متطلبات المنزل العصرى والمغالاه فى طلبات الزواج والعامل الجديد الذى طرأ فى ضمان حق الزوجه فيماسمى بقائمة المنقولات .... الخ كل هذا اوصل معظم الشباب الى نهاية العقد الثالث دون زواج ، لنرى فى البيت ابن تضغط عليه " الانا " الاستقلالية واب متمسك بموروث عائلى واجتماعى ودينى فيكون الصدام فى هذه الحاله حتميا .
ومع ام متمردة ومشتته مابين تعاليم الدين فى طاعه الزوج وبين ايمانها برياح الليبرالية التى بدات تهب على مجتمعاتنا نتيجة السماوات المفتوحة والانترنت ( كما وضحنا فى مقالتينا الاولتين ضمن هذه الدراسة عن : المراة المتمردة ) تغذى هذه النزعه وتوحى من طرف خفى تلميحا او تصريحا بأن الاب يقف عائقا امام هذه الرغبات .
وتتفكك الاسرة المصرية ... وتزداد حالات الطلاق سواء فى السنوات الاولى من الزواج او لزيجات استمرت لاكثر من ثلاثين عاما ... وتزداد حالات عقوق الابناء التى نسمع ونقرأ عنها ونراها يوميا فى حياتنا العامة .

يدعى الآن رجال الدين ان الاسرة المصرية تفككت بسبب الحريات التى منحت للمراة والقوانين التى صدرت لصالحها خلال رئاستى السادات ومبارك برعاية قرينتيهما جيهان وسوزان ، ويروا ان العودة الى استعباد المراة داخل البيت وعودتها الى قفص الحريم واحتياجها لانفاق الرجل هو الضامن لاعادة التماسك للاسرة المصرية . ولكنهم يتناسوا ان رياح التغيير ومجموعة الحقوق الليبرالية بدات فى الدروان ولن تعود الى الوراء .
الحل ياسادة هو حالة نمو اقتصادى شاملة تقوم الدولة بمقتضاها بتوفير اعانه شهرية دائمه تكفى لنفقات المراة المطلقة فى المسكن والاعاشه ( وليس مجرد نفقه عام ومؤخر صداق وحتى نفقة متعة ) حتى لاتكون رهينه داخل اسوار بيت لرجل لاتريد الحياه معه فتتآمر عليه ، وان توفر للشباب فرصا للعمل وسكنا مناسبا لتساعده على الزواج المبكر حتى لايعيش مع ابويه حتى الثلاثين من عمرة تتناطح فيها رغباته فى الاستقلالية والذاتية مع منطق احترام الاب واحترام انفاقه عليهم .
انه فى النهاية تطبيق النموذج الغربى ، فالعلمانية والليبرالية منظومة واحده متماسكه لاتقبل الانتقائية ، والدين ياساده منظومة واحده متماسكة لاتقبل ايضا الانتقائية . ولكننا وكما نمارس الديمقراطية كالغراب ، نمارس ايضا حياتنا الاجتماعية كالغراب الذى اراد ان يقلد كيف يمشى الطاووس فلم يسطيع وعندما اراد ان يعود الى مشية الحمامه لم يستطيع فسار كما نراه اليوم ( رجاءا قراءة مقالتى بعنوان : الديمقراطية بين الحمامة والغراب والطاووس ) على الرابط التالى :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=334310
والى الجزء الثالث من هذه الدراسة عن : الرجل الفهلوى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فينك يا استاذ هشام
عاشق للحرية ( 2013 / 2 / 16 - 12:49 )
اجمل تحية و وحشتنى قوى-اتمنى انك تكون بخير بعد فراقك لينا و طمننا على صحتك

بالنسبة للموضوع هنا (جزء تانى) معاك حق- احنا إبتلينا بكمية مشاكل أسرية فى المجتمع المصرى و كلً يغنى على ليلاه
اما طبعا اخواننا الملتحين إياهم حيجروا يتهموا الحريات و تحرر المرأة انها سبب المصائب-مفيش فايدة فى العقلية الذكورية و السلوكيات المنحرفة المسيطرة على الرجل الشرقى

تحياتى و انتظر المزيد و المزيد من موضوعاتك_وحرية حرية-مدنية مدنية

اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى