الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر العبثية ومجتمع يفقد وعيه

الشربيني المهندس

2013 / 2 / 9
المجتمع المدني


مصرالعبثية : مجتمعٌ يفقد وعيه
قد يثير الفن السريالي الاستغراب لكن الدهشة تأتي مع ربط فرشاة رسم بالألوان في ذيل قرد ليرسم لوحة سيريالية .. وإذا كانت السيريالية تعبير أدبي وفكري مبالغ فيه لتحرير الوعي أو التعبير عن اللاشعور بعيدا عن الواقع .. وهنا في الواقع قام جزار مصري بذبح زوجته بعد خلافات بينهما ..خبر تكرر بأكثر من صورة وحكاية للجانب السئ من طبائع العلاقات البشرية المرفوضة .. وتلك هي مأساة أما أن يقوم بعد ذلك بسلخها وتقطيعها وعرض لحمها في محل جزارته علي أنها لحم خروف قليل الدسم فتلك هي الملهاة ..
منمنمات الصورة في مصر الآن تعج بالصور العبثية التي يخجل منها القرود .. ويصف احد ضحايا مركز علاج الإدمان ضرب مشرفى المركز الشهير بمركز تعذيب المقطم _ الذي تم اكتشافه صدفة مع فعاليات الذكري الثانية لثورة يناير وشعار كرامة الإنسان ـ بأنه عامل زي ضرب الحكومة بيوجع ومبيعلمش فى الجسم . ويضيف محمود كنا بنتلف في بطانية نأكل ونتبول فيها .. نتوقف مع المفارقة وصاحب المركز عضو لجنة حقوق الإنسان وسؤال يتكرر عن العبثية في مصر .. قد تفقد كلماتٍ الغضب ومفاهيم الالتباس وتعبيرات المرارة وأشكال الفوضى معانيها وصفا للواقع المصري المعاصر والأحداث تتحرك بصورةٍ مذهلة للجميع ..المحللين ، المراقبين المشاركين في أحداثه الطاحنة الدامية وحتى حزب ألكنبه ألمسودي الوجوه من دخان نارها المستعرة، وتستمر الدهشة مع خبر صغير صادم وفاضح لما في النفوس لأنه غير لائق بمقام (الرئاسة) خصوصا في ظل الأزمة ، نحن لا نستنكر ترك الرئيس للبلد والسفر إلي ألمانيا ونتائجها شبه المعروفة ، ولكن انشغاله بتحويل مسئولية حراسة مقام خالد الذكر عبدالناصر إلي الجيش .. لا تستغرب مع قليل من التفكير والتأمل، لأنه صادر عن جماعة ضيقة الأفق وقد استنفدوا، كما يبدو كل أسلحتهم التي سخروها للنيل من شعبية وحضور جمال بعد الناصر، وزمنه، وفكره لكن هنا العبثية مع التراجع لماذا إحالة الأمر إلى الجيش..؟!
بداهة فإن الأحداث التي يعيشها أي شعبٍ هي نتاجٌ مباشرٌ للبيئة الاجتماعية والواقع بمجمل علاقاته المعقدة وتوازناتها...قد يتخطى ذلك الواقع فهمنا في لحظةٍ معينة لقصر النظر أو جهلنا بتفاصيل ومعلومات ضرورية أو قلة الثقافة والقدرة التحليلية، من شأنها أن توضح الصورة تماماً، إلا أن كل ذلك لا ينفي أن ما من شيءٍ ما غير طبيعي يحدث بالواقع إلمعاش...إن الأحداث الجارية في مصر الآن ما هي في حقيقة الحال سوى انعكاساتٍ الإخفاق المتكرر وتدور على نفس أرضية الواقع المتأزم والواقع الاجتماعي الحاد الذي لم تزده إحباطات الثورة المغدورة سوى حدةٍ وشراسة... فالحراك الثوري المصري الهادر سُرقت ثمرته أو لم يسمح لها بالنضج على أقل تقدير، فالجماهير العريضة التي اعتصمت وفقدت شباباً وعيوناً غاليةً وأطرافاً لم تر تحسناً قط في أي منحى من مناحي حياتها اليومية، فليس سراً أن الاقتصاد منهارٌ تماماً وأن الأمن مفقودٌ في الشارع الذي بات مستباحاً من قبل عصابات اللصوص وفيالق البلطجية التي فرضت حضورها وسلطانها على شارعٍ انسحبت منه قوى الأمن النظامية بصورةٍ تثير الريبة... والجماعة في الحكم فوق هذا وذاك لا تخفي انسياقها في نفس النهج الاقتصادي لمبارك وهي بلا منهج أو مشروع معلن ولا تحاول إخفاء انحيازها الفج لنفس الشريحة الاقتصادية التي دعمها مبارك، ناهيك عن الاستمرار في نفس نسق التحالفات والتربيطات الإقليمية مع قليل من التغيير تجاه إيران مثلا ؛ لذا فليس من عجبٍ أن نجد أنفسنا بصدد شعبٍ آخذٍ في التحلل إلى قطاعاتٍ متباينة الأهداف والمطامح ومتناحرة في أحيانٍ كثيرة، ينقسم الشارع إلى مؤيدٍ ومعارض وكتلة تشكل السواد الأعظم من الشعب، بعضها مؤيدٌ وبعضها معارضٌ وبعضها لم يعد يكترث كل ذلك بنسبٍ مختلفة حسب الظرف وما يتصادف أن يعلق بذهنه من طوفان التصريحات والـ توك شوز الإعلامية... وهناك الملل فالمزيد من الملل وفراغ الصبر يشكلان خلفية المشهد وقاسماً مشتركاً بين كل أطياف تلك الكـــتلة التي اعتدنا على تسميتها بـحزب الكنبة أو الصامتة .
تعددت الأحداث بصورة تفقدنا التواصل فعلى خلفية ما سبق ومع الذكرى الثانية للثورة وحكم المحكمة في قضية ألتراس المصري وضحايا الأهلي ببورسعيد وأعقبها بفترةٍ واقعة أو جريمة ضرب وسحل حمادة صابر الفضائحية.. الغريب في الأمر حالة التوهان التي يعيشها المجتمع وبديهيات الأخلاق العامة .. هل يختلف اثنان علي تجريم انتهاك حرمة الإنسان الذي كرمه الخالق .. العبثية في مصر اكثر وضوحا هنا بين الاستنكار والتبرير بل ومحاولة وصم المعتدي عليه باي شكل وعبثية لا يماثلها سوي السخرية من الاغتصاب الجماعي نهارا ووسط حشد جماهيري ويهرب الجناة وتتوه المسألة وتجريم المعتدي عليهن ولماذا خرجن إلي الميدان .. القرود في الغابة لا تفهم ما يحدث في مصر وتحت ستار التيار الإسلامي الذي انتهك أهله حرمته بأفظع من الفيلم المسئ ..
لماذا عاد أسلوب الداخلية في السحل والتعذيب .. ربما العجز .. ولماذا استمرار العنف وإشعال الحرائق وظهور الأقنعة السوداء وغيرها .. هل هو اليأس .. لماذا يتفرج القصر سعيدا بحالة العند وانفصام الشخصية الحاكمة عن الشعب .. هل هو غرور القوة .. لعن اللـه الشيطان فإن كل ما سبق يشير إلى مجموعة من الاستنتاجات المزعجة والجديرة بقرع كل نواقيس الخطر .
بين تضخم الإحساس بضعف الآخر أو ما يسمي بالمعارضة وغرور القوة يأتي العجز عن الإمساك بخيوط الشارع وعدم الإدراك بعجز نظرية وداوها بالتي كانت هي الداء لا يدل على أبسط قدرٍ من الخيال .. نرى شارعاً فائراً يموج بالسخط والغضب، غير أن الجديد والمثير للقلق في آنٍ معاً كونه شارعاً منفلتاً، يتحرك ويفور ويموج وفقاً لآلياته الخاصة، ولا يخضع لسيطرة أيٍ من الفصائل الموجودة على الساحة، ولا حتى جبهة الإنقاذ التي تدعمه وتسبغ عليه مشروعيةً لا ينتظرها ليتحرك ولا أحسبه يأبه بها .. أما الحديث عن مؤمرات في خيال صاحبها أو عن احترام أحكام القضاء و حياديته فيبدو مضحكاً ومغيظاً لجماهير تدرك أن القضاء بات مسيساً في معركة التيار الإسلامي وخصومه ، إذ كم رأوا من فقيهٍ دستوري يؤكد شرعية دستور الجماعة ومن آخر يراه رجساً من عمل الشيطان، ناهيك عن حصار أنصار التيار الإسلامي للمحكمة الدستورية العليا.
شارعٌ وبلدٌ يتمزقان مع سخرية لا تخفي حقد مكبوت وسط الشماريخ في الهواء وغباء التصرف في المكاتب وباقي الصورة العبثية مع الخرفان التي ذبحها أنصار الشيخ أبو إسماعيل أمام الإعلامية جهارا نهارا فقطعت شعرة معاوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم منح السلطة الفلسطينية


.. مشهد يوثق تكدس خيام النازحين في دير البلح بغزة




.. مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة يمزق الميثاق الأممي بأمريكا


.. بالأغلبية الساحقة.. 143 دولة تصوت بالأمم المتحدة تأييداً لعض




.. الرئيس الفلسطيني بعد التصويت بأحقية فلسطين بعضوية الأمم المت