الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفارقات مدخن ومدخن اخر

حمزة مفيد عرار

2013 / 2 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


جون رولف ،جان نيكوت ، بونساك ،سيجموند فرويد، البرت اينشتاين ،محمود درويش، يوسف شاهين ، تشي جفارا ،صدام حسين ، جمال عبد الناصر ، فيدل كاسترو،الفرد ادلر،خليل جبران ، شاكر السياب ،خليل بيدس...الخ الخ الخ

صور على جدراننا ،كتبنا ،لبسنا....الخ ، وغيرنا من المجنون بأحدهم ،عمل إطار لها وبصدر جلساتهم وضعها ، بالعموم ، كل من سبق مدخنون ،غليون أو سيجارة ،او ممن تعاطوا الأفيون وغيره لكبت فضول تولد في ثنايا روحهم ، ومنهم من هو مؤسس ومروج للتبغ ، الكل اجمع على ضرره في 120 سنة الماضية ، ولكن قبل ذلك كان سلوك لعبادات ، وشكر لرب ، وطقس من طقوس الأفراح والمناسبات ، ولست بصدد عمل بحث عن التدخين وتسلسله ومحاريبه وأضراره ، ولكن لطرح فكرة من المفارقات بين المدخن الجميل ، المدخن الذي يضفي طقسا جميلا ، ورونقا خاصا ، غير ذلك الشرس الشره ، بالمقابل .

أم كلثوم ، في كل أخر شهر لها حفلة ، الجمهور الأنيق بملبسه وحركاته ، مداعبين نفسهم بالأرستقراطية الجميلة ، لا تفتىء وأنت تلقي بنظرك بأرجاء صالتها ، إلا ويشد انتباهك النسبة الكبرى أنها مدخنة ،يتلذذون ، ولكن كيف يتلذذون ؟! إن التلذذ لو سالت احدهم لقال لك : الصوت والقهوة والسيجارة ، وكأنه الثالوث المقدس ، ولا يختلف الحال في وجودك بصالتها ، أم باسطوانة لها ، أو لغيرها ، من أصحاب الذوق العالي موسيقى او طرب .

مدرستنا ، لكل مدرسة غرف صحية "حمامات" ، الطقس الجميل بها ،تناوب الأدوار ، ما بين المراقبة وبين السحبة "المجّة" على شفاه سيجارتهم المغصوبة ، يكشفون ربما ، ولا يتأسون إلا على مصادرة لفافاتهم ، في المساء إن وبخهم ولي أمرهم ، أو لم يوبخهم ، النية مبيتة ، الموعد محدد والسيجارة مشحونة في ارض "غفرة دفرة" والمكان هو مسرح المدرسة "حماماتهم" ، أيتها الحمامات كم من ذكريات فيك محصورة ؟!.

التوجيهي"الثانوية العامة" ، الأربعين يوم "فترة قبل الامتحانات النهائية"، فترة الإعداد ، فترة يحس الفرد بها بمتعة ، هو بالبيت وغيره برحاب مدرسته او"متيسته" على حد تعبير احدهم ، الجو الخالي ، المفسدة الحقيقية ، الجو الذي سيعبر به عن كل شيء حرمته المدرسة أن يفعله ،المكان الذي تستطيع أن تشعل سيجارة وأنت ضامن لبضع ساعات قليلة قادمة ،" فقط لأصحاب البيوت الفارغة في الصباح " ، لا شك أن علماء النفس والاجتماع اجمعوا على أن التدخين وسيلة لتعبير عن التمرد والمخاطرة التي تهاجم كيان المراهق ، الجو فرغ ، سيجارة يشعلها في وسط البيت ، تمرد على قوانين الدولة ، يجلس قبالة التلفاز ولا يأبه بأي شي بعد أن اعد كاس كبيرة من القهوة ، يجلب بعض الأصدقاء "المرحلين" إلى بيته يجلسهم معه ، يتحدث معهم بأمور تتعلق بكل شيء إلا الثانوية العامة ،واضح انه يداعب غريزة التمرد والمخاطرة والتقليد لسلطة البيت ، ولكن ، يفزعه عقرب الساعة ، تمرده في مهب الريح ذهب ، مخاطرته أصبحت خوفا من خطر وشيك ، يفتح الشباك ، يرش العطور ، يغسل أسنانه ، يمضغ العلكة أو الليمون "مرشح يا حرام " أو النعناع ، وتدخل أمه عليه وهو مشعل البخور"جو إيماني مبارك" ، الله يرضى عليك "ناحت حالوه يا مسخمة " .

ووقت الشاي نحكي عن فلسطين ، الشاي ليس بالشاي بقدر الجمعة"اللمة" ، أشخاص يجتمعون ، الكل يفتي ، الكل يبرهن ،الكل يستفيض حتى يفيض ، سياسة ودين ، دين وسياسة ، الكلام الذي يستطيع الكل أن يتحدث فيه دون تخصص ، الجو يحمى ، بركان ثائر ، السجائر تتطاير ، وعجلات المشاعل تدور دون توقف ، صوتها غدا جزء من الفوضى ، القهوة ،لا بد منها ، يحرق علبته ويخرج ،مرتاح اذا كان حسم الموقف لصالحه وغير ذلك ان كان غير ذلك .

الشبكة العنكبوتية ،فيس بوك ،تويتر،ماي سبيس ،يوتيوب ،صحف ،...الخ، من الجماليات الرونقية في التصفح على "الانترنت " فنجان القهوة الذي لا يفرغ ، علبة السجائر المنوي وئدها ، سحبة بكل معلومة ، أو متابعة فيديو مع سيجارة وأخرى بعدها ،الدخان الجميل المعكوس عليه أنوار شاشتك "بوابة العالم"، طقطقة من هنا ،وإشعال لسيجارة من هناك ،والتناغم بينهما بشرب القهوة .

المثقفون العابسون ، الغليون ، واللفافات ، القهوة المرة ، هي من طقوس وحيهم ، الغليون هو الناثر للحروف على ورقهم ، والسيجارة ، هي المدقق لبحر عروضهم ، أهي خدعة ابتكرها أول الجيل منهم ، وقلده غيرهم بعدهم؟! ، أم هي طقس لشخص فعلا ، اشتهر بحبه لتلك السيجارة أو ذاك الغليون ، فقلد بطبيعة الحال من محبيهم؟! ، أم دعاية تجارية اضطر لان يقوم بها مثقف ليس بجيبه قرش ليأكل ، وصوروه و كأنه الوحي لإلهامهم ، وخدعوا بذلك غيره منهم ؟ّ!، كالبيبسي لنانسي ،لا اعرف اسألوهم؟!.
صور أخرى تزعجني بعكس ما سبق ، يزعجني من إذا جلس بجانبي في سيارة ،كانت السيارة سيارة الإسعاف لي ، من إذا تكلم معي في مصعد ،غدا المصعد رافعة روحي لبارئها ، من إذا صلى بجانبي ،افقدني خشوعي لربي ، وبدل الدعاء ، دعوت عليه ، يزعجني من يتذمر من قلة العمل والمال ويحرق ماله أمامي ، من يتعامل مع التدخين بشراهة وشراسة وكان التدخين خسة يأكلها ، يا أخي : التدخين كالمكسرات ،لا يجوز ان تشبع ،ولا يجوز أن تسرف ، وله فن وطريقة "بروتوكول" لتعامل مع هذا الشيء"لا أريد أن احدد ماهيته".

مفارقة ، تبخيس ، تفضيل ، يدخل المدخن للبقال ، أولى طلباته علبة سجائره ، يحاول أن يتذكر طلبات زوجته خلال معمعة إخراج سيجارة وإشعالها ،وان تذكر لا يتكلم إلا بعد السحبة الأولى ، يشتري علبة السردين لأولاده بثمن 3 قروش لان العلبة التي بسعر 3.5 غالية جدا ، وسعر علبه سجائره 100قرش !!!!!، يقول بان الاتصالات ثمنها باهض ،ويبخس أن يكلم أخته ، عمته ، رحمه بالعموم ، بصوم يوم واحد بآخر الشهر عن التدخين!!!!!!!.

واقع ،وماذا بعد ، من مكونات صديقنا الذي نتكلم عنه ، مكونات مخدرة ، مكونات تصبح من مكونات الدم ، يؤدي ذلك للإدمان عليه ، يعني انه إذا استسلمت لإرادة جسدك ،ستكون السيجارة ملازمة لك ، وبالإضافة إلى الأمراض المختلفة ،ففرويد مثلا ،ساعده طبيبه على الانتحار بسبب سرطان الفم من لفافات تبغه ، إن الشراهة هي التي تجعل المرض ،فإذا ما أخذتها باعتدال سيكون الوقع عليك اخف ، لا أبريء التدخين وأنزهه ، فمن الجو العادي تشرب رئتيك سموما ما هب ودب ، ولكن ، كل إرادة تكسرها إرادة النفس ،فالترك له صعب ، واردة النفس كما يقال : هي لها .
للعرب فقط ، تحذير : لقد أثبتت البحوث العلمية أن التدخين يقلل من الإخصاب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دخان ..وزمان وموت !!
ماجد ( 2013 / 2 / 12 - 00:06 )
اخي الكاتب المحترم ..لامناص لنا من التدخين وبأكثر من المعتاد في ظل هذا الزمن الذي نعيشه على الاقل انه يخفف من توتراتنا النفسية من مسائل لا تعد ولا تحصى او على الاقل اننا نتصور هكذا فهو عامل مخفف لشجوننا والسيكارة افضل من ابسط انواع المخدرات صحيا ..الاغنياء والاثرياء الجدد والاشخاص الذين وصلوا الم مناصب لم يكونوا يحلموا بها لاهم ولا عوائلهم هم الذين يخشون على صحتهم وربما يتركون التدخين لاطالة اعمارهم في زمنهم السعيد هذا اما البقية فهم مستعدين لتلقي المرض والموت ..شكرا لمقالتك وانسانيتك ..

اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟