الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العثمانيون وإبادة الارمن -3

طريف سردست

2013 / 2 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



الابادة في عهد عبد الحميد الثاني، اعوام 1894-1896
الابادة الجماعية للارمن في اعوام 1894-1896 قضت على بضعة مئات الالاف من الارمن، وجرت في ثلاثة موجات رئيسية. الموجة الاولى في ناحية ريزني من قضاء ساسونة والثاني في عدة مناطق من تركيا في شتاء وخريف عام 1895 والثالثة في منطقة ريزني العائدة لمدينة استانبول وآيالة وان. كانت احتجاجات الارمن هي الحجة للابادة. مسألة مدى تتدخل الاجهزة الحكومية في التخطيط والاثارة وحماية القائمين على المذابح لازالت موضع جدل كبير، على الاخص بسبب محاولات الحكومة التركية منع البحث في الارشيف وتدمير الوثائق. [8]

في قضاء ساسونة فرض شيوخ عشائر الاكراد خاوة على الارمن في ذات الوقت الذي طالبت فيه السلطات العثمانية دفع الجزية المتأخرة، والتي كانت، سابقا، قد سامحت السكان بها، بسبب نهب العشائر الكردية للقرى الارمنية. في السنة التالية اعاد شيوخ عشائر الاكراد والسلطات العثمانية مطالبهم المالية من الارمن غير ان الارمن رفضوا الدفع واعلنوا العصيان. ارسلت السلطات الجيش لقمع العصيان، وبنتيجة ذلك قتل 3000 شخص. طلبت روسيا وبريطانيا وفرنسا تشكيل لجنة للتحقيق بما جرى، غير ان الباب العالي رفض. [8]

أحتجاجا على عدم حل مشاكل الارمن قرر حزب غنتشاكيستي ، في سبتمبر من عام 1895، القيام بمظاهرة كبيرة، ولكن الجندرمة قامت بمحاصرة المظاهرة وأطلاق الرصاص عليها، وبنتيجة ذلك عشرات الارمن قتلوا والمئات جرحوا. أعتقلت الجندرمة الكثير من الارمن وقامت بتسليمهم الى طلاب المدارس الدينية في استانبول، الذين بدورهم قاموا بضربهم حتى الموت. هذه الحملة استمرت حتى 3 اكتوبر. [8][9] في 8 اكتوبر قام مسلموا طربزون بقتل وحرق آلاف الارمن. هذه الاحداث اصبحت تتواتر في العديد من مدن شرق تركيا، لتصبح سلسلة من الابادة الجماعية المنظمة تحت رعاية السلطة العثمانية، حيث تكررت في محافظات: ارزيرجانه، ارضروم، غوموشخان، بايبورت، اورفه وبيتليسه.[9]

وعلى الرغم من ان حزب داشناكتسوتون كان يتفادى ردود فعل علنية ضد شوفينية المتطرفون والقوميون الاسلاميون إلا أنه، وردا على مذبحة 1895، قام ، بتاريخ 26 اغسطس 1896، بإحتلال مبنى البنك المركزي العثماني في استانبول. لقد قاموا ايضا بأخذ رهائن من الموظفين الاوروبيين، وهددوا بتفجير البنك. بالمقابل كانوا يطالبون السلطات العثمانية بالوعد بإجراء إصلاحات سياسية. وبنتائج تفاوض الممثل الروسي ورئيس البنك مع المهاجمين، اتفقوا على اخلاء سبيل الرهائن ومغادرة المهاجمون للبنك، مع الضمان الشخصي لامنهم، مكتفين بإثارة إنتباه العالم الى القضية الارمنية. غير ان القوات العثمانية بدأت بالهجوم على القرى الارمنية حتى قبل خروج المهاجمون من البنك. على مدى يومين، وبتواطوء السلطة الواضح، قام الاتراك بقتل 6000 ارمني. [9][10]

ليس من الممكن احصاء أعداد القتلى في مذابح اعوام 1894-1986، ولكن، حتى قبل انتهاء اعمال القتل، قام المبشر اللوثري يوحنا ليبسيوس، والذي كان في تركيا في ذلك الوقت، بجمع اعداد الضحايا من المصادر الالمانية ومصادر اخرى. الاحصائيات التي جمعها تقول: قتل -88243، جرح-546000، القرى التي نهبت- 2493، القرى التي اجبرت على الاسلام-456، تهديم الكنائس والاديرة - 649، الكنائس والاديرة التي جرى تحويلها الى جوامع- 328. [9] أما بالنسبة للاعداد الاجمالية لضحايا مذابح تلك الاعوام، فأن التقديرات مختلفة بين مختلف المصادر، وهي تتراوح مابين 50 الف الى 300 الف. [6][7][8][9][10]

الابادة والتهجير في عهد " تركيا الفتاة"
في عام 1907 جرى نزع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش ونفيه الى مدينة سالونيك اليونانية، والتي كانت لاتزال في عهدة الخلافة العثمانية ( تحررت عام 1912). بعد ذلك صدرت قوانين جديدة انهت الامتيازات الكلاسيكية للمسلمين على الارمن. غير ان اتباع السلطان عبد الحميد في استانبول قاموا بإنتفاضة وفي اضنة قام الاصوليون بالهجوم على الارمن، والذين كانوا يشكلون ربع عدد سكان المدينة. تدخلت السلطة بعد يومين، بعد ان كان قد جرى قتل الفين ارمني على الاقل. مع وصول كتائب من الجيش الى المدينة قام المتظاهرون الغاضبون بالهجوم على الاحياء الارمنية واضرموا النار فيها. في ذات الوقت امتدت الانتفاضة الى مناطق محافظة قيليقية، لتصل الى مرعش وكيسيبه.[8][9]

بعد الثورة الدستورية عام 1908، والتحول الى الملكية الدستورية، ساعد اتباع " تركيا الفتاة" على شرعنة مصادرة اراضي الارمن التي جرت في عهد عبد الحميد، كما جرى منح الجوائز التشجيعية للاتراك الذين ينتقلون للسكن في مناطق الارمن. بعد القضاء على انتفاضة الموالين للسلطان عبد الحميد، بدأت حملات تهجير واسعة كما جرى منع انشاء التنظيمات ذات العلاقة بالاثنيات الغير تركية. بنتيجة حملات التهجير وإعادة التسكين جرى نقل 400 الف مسلم الى الاناضول، لتغيير الصبغة الاثنية والدينية في منطقة، في منتصف القرن الثامن عشر، كان الغير مسلمين يشكلون 56% من سكانها. مع هذه التطورات توجهت الاحزاب الارمنية طلبا للمساعدة الدولية. بنتيجة ذلك، وبتأثير مباشر من الامبراطورية الروسية، أجبرت الدولة العثمانية الضعيفة، في فبراير من عام 1914، على التوقيع على خطة تضمن الموافقة على انشاء منطقتين من ستة مناطق ارمنية في طربزون تقوم بإدارتها الدول الاوروبية، بموافقة الباب العالي.[8]

الحرب العالمية الاولى وتنظيم الابادة الجماعية
بعد ثورة الاتحاد والترقي في عام 1908، ظهرت امام الاتراك تحدي جديد تمثل في خلق الشخصية القومية التركية. الخلافة العثمانية كانت دولة المسلمين السنة، مقابل دولة الفرس الشيعية، حيث المسلمون وحدهم يتساوون في الحقوق، حسب الدستور، في حين لايملك الاتراك او اية قومية اخرى اية ميزة إنطلاقا من الاصل الاثني وحده. على العكس تقوم ايديولوجية جمعية الاتحاد والترقي على القومية التركية وتسعى لتوحيد الامة التركية وبناء الدولة العلمانية الحديثة. ضياء كوك الب، احد اكبر منظري الاتحاد والترقي وضع الاسس التي تضمن مشاركة تركيا في الحرب العالمية الاولى. بنتيجتها تقوم دولة الطورانيين، حيث الغير تركي يستثنى من السلطة ومن كافة حقوق المواطنة، الامر الذي اثار حفيظة الارمن والاقليات. الارمن الذين كانوا ينظرون الى انفسهم، بالدرجة الاولى من خلال المنظار الديني، كانوا يعتقدون خطأ ان التتريك اقل سوءاً من الاسلام. المفارقة انه في اثناء مجازر عام 1915 كان بعض القادة المسلمين ينبرون لانقاذ الارمن إنطلاقا من انهم أهل كتاب، في حين ان ذلك لم يحدث من جانب المؤمنين بالايديولوجيات القومية الفاشية.
في فترة حرب البلقان عام 1912، تعاطف غالبية الارمن مع انتمائهم العثماني، والوحدات الارمنية التي وصل عدد افرادها الى 8 الف جندي، لعبت دورا مهما في القوات التركية، حسب شهادة القنصل البريطاني. في ذات الوقت اخذت الاحزاب الارمنية مواقف معادية للعثمانيين. ممثلي حزب الطاشناق جهزوا وحدات ارمنية مسلحة للعمل ضد تركيا في حين ان حزب غناتشيكيان عرضوا التعاون العسكري على قيادة الجيش الروسي في الفقفاس. [5][9]

في 2 اغسطس من عام 1914، وقعت تركيا معاهدة سرية مع المانيا، تنص على تغيير الحدود الشرقية للامبراطورية لضم ممر للوصول الى القوميات المسلمة في روسيا. ذلك عنى بالطبع ضرورة تسريع استئصال وجود ابناء الشعب الارمني من المنطقة المعنية. هذه السياسة جرى نشرها والاعلان عنها بعد دخول تركيا الحرب الى جانب الالمان في 30 اكتوبر من عام 1914. في الاعلان جرى تبرير الامر ان " من الطبيعي" اتحاد جميع ممثلي العرق التركي.[5][9]

على الفور بعد توقيع الاتفاقية مع المانيا بدأت الدولة العثمانية عملية استملاك ممتلكات المسيحيين على نطاق واسع. في ينابر من عام 1914 اعلنت تركيا الجهاد لرفع المزاج المعادي للمسيحيين وسط السكان المسلمين. بأوامر من انور باشا وجمال باشا جرى استخدام المواطنين البريطانيين والفرنسيين في استانبول كدروع بشرية على الجبهات. وعلى نطاق واسع جرى استخدام اثارة نزاعات القبائل الاثنية، التي تحيا على اراضي العدو، ليس من طرف تركيا وحدها وانما حتى من طرف الحلفاء. مثلا توجهت تركيا الى المسلمين في روسيا للالتحاق بالجهاد ضد الروس. في ذات الوقت بريطانيا ساعدت المسلمين العرب للانتفاض على الاتراك ودعمت ثورتهم، في حين ان المانيا دعمت القوميين الاوكرانيين.
وتركيا العثمانية صارت تدفع حزب الطاشناق الارمني لتنظيم الارمن في القفقاس الروسي والقيام بثورة، على وعد انه في حال الانتصار ستقوم بتكوين مقاطعة ارمنية تحت الادارة التركية. غير ان الطاشناق اعلنت ان على كل ارمني ان يكون ولاءه للدولة التي يعيش فيها.[11]
غير ان هذا الرفض دفع الارمن ثمنه باهظا. لقد قام بهاء الدين شاكر، مدير " التشكيلات الخاصة" بأعطاء الاوامر برمي بعض قادة حزب الطاشناق، بالرصاص. في الجهة الثانية من الجبهة اقترح وزير خارجية الامبراطورية الروسية بأستخدام الارمن والكرد لتنظيم ثورة في تركيا. المسؤول العسكري للقفقاس، النبيل فرونتسوف داشكوف، دعى الارمن الى الوقوف الى جانب روسيا واعدا اياهم ان روسيا ستحافظ على عهدها بإقامة مقاطعات ارمنية ذات حكم ذاتي في تركيا، غير ان هذا الوعد كان خدعة. كانت خطة فرنتسوف داتشكوف تقوم بتشكيل وحدات ارمنية بقيادة روسية في القفقاس وارمينيا التركية وفي فارس. جرى تشكيل خمسة كتائب أرمنية، من أرمن سكنة المناطق التي انتزعتها روسيا من تركيا في عام 1878 إضافة الى الارمن الهاربين من تركيا. جرى تحشيد الكتائب الارمنية على الحدود مع تركيا على امل ان يؤدي ذلك الى انتفاضة في الطرف التركي. والارمن في الاناضول استعدوا لحماية انفسهم بعد ان حصلوا على مساعدات من متبرعين روس. الشئ نفسه جرى لشعوب القفقاس المسلم بمساعدة من تركيا، داعية اياهم للانتفاضة. جرت صدامات بين الاتراك والارمن غير انها كانت ذات طبيعة محلية ومحدودة. الاغلبية الارمنية لم تكن تؤيد سياسة معادية للعثمانيين كما ان محاولات الروس لاثارة الكرد ضد العثمانيين حصلت على نجاحات أقل. وفي النتيجة كان كلا من الروس والاتراك يتكلمون عن " الشعوب الشقيقة"، لتغطية حقيقة تحضيرهم هذه " الشعوب الشقيقة" للمفرمة بالنيابة عنهم.[8] من المفيد الاشارة الى ان مذابح الارمن حتى 15 اذار من عام 1915 كانت تحمل طابع التظاهرات العلنية والترهيبية التحذيرية، على العكس من المذابح اللاحقة والمنظمة التي جرت بتنظيم سري من قادة تركيا الفتاة. [8]

يتبع : حملة الابادة الاولى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي